المنشورات

زيهم في الشراب الذي يتخيّره ذوو الألباب

أما ما عليه الظرفاء، وأهل المروّة والأدباء، فإنهم لا يشربون من الشراب أسوده، ولا يشربون إلا أجوده، مثل المشمّس، والزّبيبي، والمعسَّل، والمطبوخ، والطلاء، والمعدَّل، ولا يقربون ما لاءمه الخثَرُ، ولا ما خالطه الكَدَر؛ ولا يشربون إلا ما صفا من الشراب، ويتجاللون عن المسحوري الدوشاب، إذ هو من شراب العامّة والرَّعاع، وشُرب السوقة والأتباع؛ ولا يتنقّلون على شرابهم بالأشياء الزَّذْلة مثل الباقلي والبلّوط، والبُسر المقلوّ، والقَريثاء، والحنطة، والغُبيراء، والشاهْبَلوط، والخُرنوب الشامي، وما أشبه من الأنفال.
وأكثر ما يتنقّل به المتظرّفون، ويعبث به المُتزيّكون، مملوح البُندق، ومقشَّر الفستق، والملح النِّفطي، والعود الهندي، والطين الخراساني، والملح الصَّنعاني، والسَّفرجل البلخي، والتفّاح الشامي، ويتّخذون من كل شيء من الآنية أسراه، ومن الزجاج أجوده وأنقاه.
وأما ما اجتنبوه من الهدايا، وتخوّفوا من هديته البَلايا، فأشياء يكثُرُ بها العَدد، ويطول بها الأمد؛ وأنا أذكر من يسيرها ما يُستدلّ به على كثيرها.











مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید