المنشورات

مما ينقشه أهل الهوى على خواتيمهم

من كثُرت لحظاته دامت حسراته. من تداوى بدائه لم يصل إلى شفائه. من قدّم هواه دام أساه. العقل عند الهوى أسيرٌ والشوق عليهما أميرٌ. إذا كثُر الجفاء قلّ الوفاء. إذا صحّ الظفَر وقعت الغِيَر. إذا صحت القلوب اغتُفرتِ الذنوب. قلّ من سَلا إلا استفزّه الهوى. من مُنِع من النظر اقتصر على الأثر. من مُنع من الوِصال قَنع بالخيال.
وفي ضرب آخر
الحين خيرٌ من البَين. القبر أفسح من الهَجر. الموت خيرٌ من الفوت. غُصَص الفراق شرٌّ من السياق. كأس الهجر أمرُّ من الصبر. طول الجفاء يُكدّر الصفاء. حُسن الوفاء رُكنُ الإخاء. آفة الحبيب نظر الرقيب. آفة الغَزَل سُرعة المَلَل. الهوى ثوب الضّنى. ذهب الفِراق بحيلة العشّاق.
وفي صرب منه آخر حَفِيَ فَلفي. ألِف فتلِف. جنّ فأنّ. حظي فَرَضي. عشقَ فزهقَ. هوي فضنيَ. صُرِم فظُلم. صدّ فجدّ. صبر فقَدَر. مُنعَ فجزِع. نال فاستطال. باح فاستراح. سَلا فقال. مَلَكَ ففتَكَ. عدَلَ فقتَلَ. عفّ فكفّ.
وكان الحسن بن وهب تعشّق جاريةً يقال لها ناعمُ، فنكس اسمها ونقش على خاتمه: مُعان، وذكر ذلك في أبياتٍ يقول فيها:
نَقَشتُ مُعاناً على خاتمي ... لكيما أُعان على ظالمي
كذا اسم من هام قلبي به ... وأصبحَ في حالة الهائمِ
نكستُ الهجاء فأعلنتُهُ ... بطَرفي ليخفى على الحازِمِ
وكان محمد بن عبد الملك الزيّات يحبّ بعض جواري القِيان، ثم تنكّر لها فكتبت على خاتم لفظاً تُعرّض له فيه بالعِتاب، فبلغه ذلك فكتب على خاتمه ضدّ ما كتبت، فبلغها، فمحت ما كان على خاتمها وكتبت ضدّ ما كتب، فبلغه ذلك فمحا ما كان على خاتمه، وكتب ضدّ ذلك في أبياتٍ يقول فيها:
كتبَت على فَصٍّ لخاتمها: ... من ملّ أحبابه رَقدا
فكتبتُ في فصّي ليبلُغها: ... من نام لم يَشعرْ بمن سَهِدا
فمحته واكتتبت ليبلُغني: ... ما نام من يهوى ولا هَجَدا
فمحوته ثم اكتتبتُ: أنا ... والله أوّل ميّت كَمَدا
قالت: يُعارضُني بخاتَمه ... والله لا كلّمتُه أبدا












مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید