المنشورات
أفلاطون
يُقَال فلاطن وأفلاطن وأفلاطون
قَالَ سُلَيْمَان بن حسان الْمَعْرُوف بِابْن جلجل فِي كِتَابه أفلاطن الْحَكِيم من أهل مَدِينَة أثينيا رومي فيلسوف يوناني طبي عَالم بالهندسة وطبائع الْأَعْدَاد وَله فِي الطِّبّ كتاب بَعثه إِلَى طيماوس تِلْمِيذه وَله فِي الفلسفة كتب وأشعار وَله فِي التَّأْلِيف كَلَام لم يسْبقهُ أحد إِلَيْهِ استنبط بِهِ صَنْعَة الديباج وَهُوَ الْكَلَام الْمَنْسُوب إِلَى الْخمس النّسَب التأليفية الَّتِي لَا سَبِيل إِلَى وجود غَيرهَا فِي جَمِيع الموجودات المؤتلفات
فَلَمَّا أحَاط علما بطبائع الْأَعْدَاد وَمَعْرِفَة الْخمس النّسَب التأليفية استشرف إِلَى علم الْعَالم كُله وَعرف مَوَانِع الْأَجْزَاء المؤتلفات الممتزجات باخْتلَاف ألوانها وأصباغها وائتلافها على قدر النِّسْبَة فوصل بذلك على علم التَّصْوِير فَوضع أول حَرَكَة جَامِعَة لجَمِيع الحركات ثمَّ صنفها بِالنِّسْبَةِ العددية وَوضع الْأَجْزَاء المؤتلفة على ذَلِك فَصَارَ إِلَى علم تَصْوِير التصويرات
فَقَامَتْ لَهُ صناعَة الديباج وصناعة كل مؤتلف بِهِ
وَألف فِي ذَلِك كتابا
وَله فِي الفلسفة كَلَام عَجِيب وَهُوَ مِمَّن وضع لأهل زَمَانه سننا وحدودا
وَله كتاب السياسة فِي ذَلِك وَكتاب النواميس
وَكَانَ فِي دولة داربطو وَهُوَ وَالِد دَارا الَّذِي قَتله الْإِسْكَنْدَر فَكَانَ بعد أبقراط فِي دولة وَالِد الْإِسْكَنْدَر فيليبس
وَكَانَت الْفرس يَوْمئِذٍ تملك الرّوم واليونانيين
وَقَالَ المبشر بن فاتك فِي كتاب مُخْتَار الحكم ومحاسن الْكَلم معنى أفلاطون وَتَفْسِيره فِي لغتهم العميم الْوَاسِع
وَكَانَ اسْم أَبِيه أرسطن وَكَانَ أَبَوَاهُ من أَشْرَاف اليونانيين من ولد اسقليبيوس جَمِيعًا وَكَانَت أمه خَاصَّة من نسل سولون صَاحب الشَّرَائِع
وَكَانَ قد أَخذ فِي أول أمره فِي تعلم علم الشّعْر واللغة فَبلغ فِي ذَلِك مبلغا عَظِيما إِلَى أَن حضر يَوْمًا سقراطيس وَهُوَ يثلب صناعَة الشّعْر فأعجبه مَا سمع مِنْهُ وزهد فِيمَا كَانَ عِنْده مِنْهُ وَلزِمَ سقراط وَسمع مِنْهُ خمس سِنِين
ثمَّ مَاتَ سقراط فَبَلغهُ أَن بِمصْر قوما من أَصْحَاب فيثاغورس فَسَار إِلَيْهِم حَتَّى أَخذ عَنْهُم وَكَانَ يمِيل فِي الْحِكْمَة قبل أَن يصحب سقراط إِلَى رَأْي ايرقليطس وَلما صحب سقراط زهد فِي مَذْهَب ايرقليطس وَكَانَ يتبعهُ فِي الْأَشْيَاء المحسوسة وَكَانَ يتبع فيثاغورس فِي الْأَشْيَاء المعقولة وَكَانَ يتبع سقراطيس فِي أُمُور التَّدْبِير
ثمَّ رَجَعَ أفلاطن من مصر إِلَى أثينية وَنصب فِيهَا بَيْتِي حِكْمَة وَعلم النَّاس فِيهَا
ثمَّ سَار إِلَى سيقليا فجرت لَهُ قصَّة مَعَ ديونوسيوس المتغلب الَّذِي كَانَ بهَا وبلي مِنْهُ بأَشْيَاء صعبة ثمَّ تخلص مِنْهُ وَعَاد إِلَى أثينية فَسَار فيهم أحسن سيرة وأرضى الْجَمِيع وأعان الضُّعَفَاء
وراموه أَن يتَوَلَّى تَدْبِير أُمُورهم فَامْتنعَ لِأَنَّهُ وجدهم على تَدْبِير غير التَّدْبِير الَّذِي يرَاهُ صَوَابا وَقد اعتادوه وَتمكن من نُفُوسهم فَعلم أَنه لَا يُمكنهُ نقلهم عَنهُ وَأَنه لَو رام نقلهم عَمَّا هم عَلَيْهِ لَكَانَ يهْلك كَمَا هلك أستاذه سقراط
على أَن سقراط لم يكن قد رام استكمال صَوَاب التَّدْبِير
وَبلغ أفلاطون من الْعُمر إِحْدَى وَثَمَانِينَ سنة وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق كريم الْأَفْعَال كثير الْإِحْسَان إِلَى كل ذِي قرَابَة مِنْهُ وَإِلَى الغرباء متئدا حَلِيمًا صبورا
وَكَانَ لَهُ تلاميذ كَثِيرَة وَتَوَلَّى التدريس بعده رجلَانِ أَحدهمَا بأثينية فِي الْموضع الْمَعْرُوف بأقاديميا وَهُوَ كسانوقراطيس وَالْآخر بلوقين من عمل أثينية أَيْضا وَهُوَ أرسطوطاليس
وَكَانَ يرمز حكمته ويسترها وَيتَكَلَّم بهَا ملغوزة حَتَّى لَا يظْهر مقْصده لِذَوي الْحِكْمَة
وَكَانَ درسه وتعلمه على طيماوس وسقراطيس وعنهما أَخذ أَكثر آرائه
وصنف كتبا كَثِيرَة مِنْهَا مَا بلغنَا اسْمه سِتَّة وَخَمْسُونَ كتابا وفيهَا كتب كبار يكون فِيهَا عدَّة مقالات
وَكتبه يتَّصل بَعْضهَا بِبَعْض أَرْبَعَة أَرْبَعَة يجمعها غَرَض وَاحِد ويخص كل وَاحِد مِنْهَا غَرَض خَاص يشْتَمل عَلَيْهِ ذَلِك الْغَرَض الْعَام وَيُسمى كل وَاحِد مِنْهَا رابوعا وكل رابوع مِنْهَا يتَّصل بالرابوع الَّذِي قبله
وَكَانَ رجلا أسمر اللَّوْن معتدل الْقَامَة حسن الصُّورَة تَامّ التخاطيط حسن اللِّحْيَة قَلِيل شعر العارضين ساكتا خَافِضًا أشهل الْعَينَيْنِ براق بياضهما فِي ذقنه الْأَسْفَل خَال أسود تَامّ الباع لطيف الْكَلِمَة محبا للفلوات والصحاري والوحدة
وَكَانَ يسْتَدلّ فِي الْحَال الْأَكْثَر على مَوْضِعه بِصَوْت بكائه وَيسمع مِنْهُ على نَحْو ميلين فِي الفيافي والصحاري
وَمن خطّ إِسْحَاق بن حنين عَاشَ أفلاطون ثَمَانِينَ سنة
وَقَالَ حنين بن إِسْحَاق فِي كتاب نَوَادِر الفلاسفة والحكماء كَانَ مَنْقُوشًا على فص خَاتم أفلاطون تَحْرِيك السَّاكِن أسهل من تسكين المتحرك
مصادر و المراجع :
١- عيون الأنباء في طبقات
الأطباء
المؤلف: أحمد بن
القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى:
668هـ)
المحقق: الدكتور
نزار رضا
الناشر: دار
مكتبة الحياة - بيروت
20 يوليو 2024
تعليقات (0)