المنشورات

مقَالَة أرسطوطاليس

قَالَ حنين بن إِسْحَاق هَذَا بعض مَا وجدت من حِكْمَة أرسطوطاليس فِي ذَلِك الْيَوْم لبارئنا التَّقْدِيس والإعظام والإجلال وَالْإِكْرَام
أَيهَا الأشهاد الْعلم موهبة الْبَارِي وَالْحكمَة عَطِيَّة من يُعْطي وَيمْنَع ويحط وَيرْفَع
والتفاضل فِي الدُّنْيَا والتفاخر فِي الْحِكْمَة الَّتِي هِيَ روح الْحَيَاة وعمادة الْعقل الرباني الْعلوِي
أَنا أرسطوطاليس بن فيلوبيس الْيَتِيم خَادِم نطافورس ابْن الْملك الْعَظِيم حفظت ووعيت وَالتَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس لمعلم الصَّوَاب ومسبب الْأَسْبَاب أَيهَا الأشهاد بالعقول تتفاضل النَّاس لَا بالأصول
وعيت عَن أفلاطون الْحَكِيم الْحِكْمَة رَأس الْعُلُوم والآداب تلقيح الأفهام ونتائج الأذهان
وبالفكر الثاقب يدْرك الرَّأْي العازب وبالتالي تسهل المطالب وبلين الْكَلم تدوم الْمَوَدَّة فِي الصُّدُور
وبخفض الْجنَاح تتمّ الْأُمُور وبسعة الْأَخْلَاق يطيب الْعَيْش ويكمل السرُور
وَبِحسن الصمت جلالة الهيبة وبإصابة الْمنطق يعظم الْقدر ويرتقي الشّرف وبالإنصاف يحب التواصل وبالتواضع تكْثر الْمحبَّة وبالعفاف تزكو الْأَعْمَال وبالأفضال يكون السؤدد وبالعدل يقهر الْعَدو وبالحكم تكْثر الْأَنْصَار وبالرفق تستخدم الْقُلُوب وبالإيثار يسْتَوْجب اسْم الْجُود وبالإنعام يسْتَحق اسْم الْكَرم وبالوفاء يَدُوم الإخاء وبالصدق يتم الْفضل وَبِحسن الِاعْتِبَار تضرب الْأَمْثَال وَالْأَيَّام تفِيد الحكم يسْتَوْجب الزِّيَادَة من عرف نقص الدُّنْيَا وَمن السَّاعَات تتولد الْآفَات وبالعافية يُوجد طيب الطَّعَام وَالشرَاب وبحلول المكاره يتنغص الْعَيْش وتتكدر النعم وبالمن يكفر بِالْإِحْسَانِ وبالجحد للإنعام يجب الحرمان
صديق الملول زائل عَنهُ السيء الْخلق مخاطر صَاحبه الضّيق الباع حسير النّظر الْبَخِيل ذليل وَإِن كَانَ غَنِيا والجواد عَزِيز وَأَن كَانَ مقلا
الطمع هُوَ الْفقر الْحَاضِر الْيَأْس الْغنى الظَّاهِر لَا أَدْرِي نصف الْعلم
السرعة فِي الْجَواب توجب العثار التروي فِي الْأُمُور يبْعَث على البصائر الرياضة تشحذ القريحة الْأَدَب يُغني عَن الْحسب
التَّقْوَى شعار الْعَالم والرياء لبوس الْجَاهِل
مقاساة الأحمق عَذَاب الرّوح
الاستهتار بِالنسَاء فعل الفوكي
الِاشْتِغَال بالفائت تَضْييع الْأَوْقَات
المتعرض للبلاء مخاطر بِنَفسِهِ التَّمَنِّي سَبَب الْحَسْرَة الصَّبْر تأييد الْعَزْم وَثَمَرَة الْفرج وتمحيق المحنة
صديق الْجَاهِل مغرور المخاطر خائب من عرف نَفسه لم يضع بَين النَّاس
من زَاد علمه على عقله كَانَ علمه وبالا عَلَيْهِ
المجرب احكم من الطَّبِيب
إِذا فاتك الْأَدَب فَالْزَمْ الصمت
من لم يَنْفَعهُ الْعلم يَأْمَن ضَرَر الْجَاهِل
من تأنى لم ينْدَم من افتخر ارتطم من عجل تورط من تفكر سلم وَمن روى غنم من سَأَلَ علم من حمل مَا لَا يُطيق ارتبك
التجارب لَيْسَ لَهَا غَايَة والعاقل مِنْهَا فِي زِيَادَة للْعَادَة على كل أحد سُلْطَان
وكل شَيْء يُسْتَطَاع نَقله إِلَّا الطباع وكل شَيْء يتهيأ فِيهِ حِيلَة إِلَّا الْقَضَاء
من عرف بالحكمة لحظته الْعُيُون بالوقار
قد يكْتَفى من حَظّ البلاغة بالإيجاز
لَا يُؤْتى النَّاطِق إِلَّا من سوء فهم السَّامع
وَمن وجد برد الْيَقِين أغناه عَن الْمُنَازعَة فِي السُّؤَال وَمن عدم دَرك ذَلِك كَانَ مغمورا بِالْجَهْلِ ومفتونا بعجب الرَّأْي ومعدولا بالهوى عَن بَاب التثبت ومصروفا بِسوء الْعَادة عَن تَفْصِيل التَّعْلِيم
الْجزع عِنْد مصائب الإخوان أَحْمد من الصَّبْر وصبر الْمَرْء على مصيبته أَحْمد من جزعه
لَيْسَ شَيْء أقرب إِلَى تَغْيِير النعم من الْإِقَامَة على الظُّلم
من طلب خدمَة السُّلْطَان بِغَيْر أدب خرج من السَّلامَة إِلَى العطب
الارتقاء إِلَى السؤدد صَعب والانحطاط إِلَى الدناءة سهل
قَالَ حنين بن إِسْحَق وَهَذَا الصِّنْف من الْآدَاب أول مَا يُعلمهُ الْحَكِيم للتلميذ فِي أول سنة مَعَ الْخط اليوناني ثمَّ يرفعهُ من ذَلِك إِلَى الشّعْر والنحو ثمَّ إِلَى الْحساب ثمَّ إِلَى الهندسة ثمَّ إِلَى النُّجُوم ثمَّ إِلَى الطِّبّ ثمَّ إِلَى الموسيقى ثمَّ بعد ذَلِك يرتقي إِلَى الْمنطق ثمَّ الفلسفة وَهِي عُلُوم الْآثَار العلوية فَهَذِهِ عشرَة عُلُوم يتعلمها المتعلم فِي عشر سِنِين
فَلَمَّا رأى أفلاطون الْحَكِيم حفظ أرسطوطاليس لما كَانَ يلقى إِلَى نطافورس وتأديبه إِيَّاه كَمَا أَلْقَاهُ سره حفظه وطبعه وَرَأى الْملك قد أَمر باصطناعه فاصطنعه هُوَ وَأَقْبل عَلَيْهِ وَعلمه علما علما حَتَّى وعى الْعُلُوم الْعشْرَة وَصَارَ فيلسوفا حكيما جَامعا لما تقدم ذكره
أَقُول وَمن كَلَام أرسطوطاليس وَهُوَ أصل يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الصِّحَّة عجبت لمن يشرب مَاء الْكَرم وَيَأْكُل الْخبز وَاللَّحم ويقتصد فِي حركته وسكونه ونومه ويقظته وَأحسن السياسة فِي جمَاعَة وتعديل مزاجه كَيفَ يمرض











مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید