المنشورات

زَكَرِيَّا بن الطيفوري

قَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم حَدثنِي زَكَرِيَّا بن الطيفوري قَالَ كنت مَعَ الأفشين فِي مُعَسْكَره وَهُوَ فِي محاربة بابك فَأمر بإحصاء جَمِيع من فِي عسكره من التُّجَّار وحوانيتهم وصناعة رجل رجل مِنْهُم فَرفع ذَلِك إِلَيْهِ
فَلَمَّا بلغت الْقِرَاءَة بالقارئ إِلَى مَوضِع الصيادلة قَالَ لي يَا زَكَرِيَّا ضبط هَؤُلَاءِ الصيادلة عِنْدِي أولى مَا تقدم فِيهِ فامتحنهم حَتَّى نَعْرِف مِنْهُم الناصح من غَيره وَمن لَهُ دين وَمن لَا دين لَهُ
فَقلت أعز الله الْأَمِير إِن يُوسُف لقُوَّة الكيميائي كَانَ يدْخل على الْمَأْمُون كثيرا وَيعْمل بَين يَدَيْهِ
فَقَالَ لَهُ يَوْمًا وَيحك يَا يُوسُف لَيْسَ فِي الكيمياء شَيْء فَقَالَ لَهُ بلَى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا آفَة الكيمياء الصيادلة
قَالَ لَهُ الْمَأْمُون وَيحك وَكَيف ذَلِك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الصيدلاني لَا يطْلب مِنْهُ إِنْسَان شَيْئا من الْأَشْيَاء كَانَ عِنْده أَو لم يكن إِلَّا أخبرهُ بِأَنَّهُ عِنْده وَدفع إِلَيْهِ شَيْئا من الْأَشْيَاء الَّتِي عِنْده وَقَالَ هَذَا الَّذِي طلبت
فَإِن رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يضع اسْما لَا يعرف وَيُوجه جمَاعَة إِلَى الصيادلة فِي طلبه ليبتاعه فَلْيفْعَل
فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون قد وضعت الِاسْم وَهُوَ سقطيثا وسقطيثا ضَيْعَة تقرب من مَدِينَة السَّلَام
وَوجه الْمَأْمُون جمَاعَة من الرُّسُل يسألهم عَن سقطيثا فكلهم ذكر أَنه عِنْده وَأخذ الثّمن من الرُّسُل وَدفع إِلَيْهِم شَيْئا من حانوته فصاروا إِلَى الْمَأْمُون بأَشْيَاء مُخْتَلفَة
فَمنهمْ من أَتَى بِبَعْض البزور وَمِنْهُم من أَتَى بِقِطْعَة من حجر وَمِنْهُم من أَتَى بوبر
فَاسْتحْسن الْمَأْمُون نصح يُوسُف لقُوَّة عَن نَفسه وأقطعه ضَيْعَة على النَّهر الْمَعْرُوف بنهر الكلبة فَهِيَ فِي أَيدي ورثته وَمِنْهَا معاشهم
فَأن رأى الْأَمِير أَن يمْتَحن هَؤُلَاءِ الصيادلة بِمثل محنة الْمَأْمُون فَلْيفْعَل
فَدَعَا الأفشين بدفتر من دفاتر الأسروشنية فَأخْرج مِنْهَا نَحوا من عشْرين اسْما وَوجه إِلَى الصيادلة من يطْلب مِنْهُم أدوية مُسَمَّاة بِتِلْكَ الْأَسْمَاء فبعضهم أنكرها وَبَعْضهمْ أدعى مَعْرفَتهَا وَأخذ الدَّرَاهِم من الرُّسُل وَدفع إِلَيْهِم شَيْئا من حانوته فَأمر الأفشين بإحضار جَمِيع الصيادلة فَلَمَّا حَضَرُوا كتب لمن أنكر معرفَة تِلْكَ الْأَسْمَاء منشورات أذن لَهُم فِيهَا بالْمقَام فِي عسكره وَنفى البَاقِينَ عَن الْعَسْكَر وَلم يَأْذَن لأحد مِنْهُم فِي الْمقَام ونادى الْمُنَادِي بنفيهم وباباحة دم من وجد مِنْهُم فِي مُعَسْكَره
وَكتب إِلَى المعتصم يسْأَله الْبعْثَة إِلَيْهِ بصيادلة لَهُم أَدْيَان وَمذهب جميل ومتطببين كَذَلِك فَاسْتحْسن المعتصم ذَلِك وَوجه إِلَيْهِ بِمَا سَأَلَ













مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید