المنشورات

الْحسن بن زيرك

كَانَ طَبِيبا فِي مصر أَيَّام أَحْمد بن طولون يَصْحَبهُ فِي الْإِقَامَة فَإِذا سَافر صَحبه سعيد بن توفيل
وَلما توجه ابْن طولون إِلَى دمشق فِي شهور سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وامتد مِنْهَا إِلَى الثغور لإصلاحها وَدخل أنطاكية عَائِدًا عَنْهَا أَكثر من اسْتِعْمَال لبن الجواميس فَأَدْرَكته هيضة لم ينجع فِيهَا معاناة سعيد ابْن توفيل وَعَاد بهَا إِلَى مصر وَهُوَ ساخط على سعيد بن توفيل
فَلَمَّا دخل الْفسْطَاط احضر الْحسن ابْن زيرك وشكا إِلَيْهِ سعيدا فسهل عَلَيْهِ ابْن زيرك أَمر علته وأعلمه أَنه يَرْجُو لَهُ السَّلامَة مِنْهَا عَن قرب
وَخفت عَنهُ علته بالراحة والطمأنينة واجتماع الشمل وهدوء النَّفس وَحسن الْقيام
وبر الْحسن بن زيرك
وَكَانَ يسر التَّخْلِيط مَعَ الْحرم فازدادت علته ثمَّ دَعَا بالأطباء فأرهبهم وخوفهم وكتمهم مَا أسلفه من سوء التَّدْبِير والتخليط واشتهى على بعض حظاياه سمكًا قريصا فأحضرته إِيَّاه سرا فَمَا تمكن من معدته حَتَّى تتَابع الإسهال فأحضر الْحسن بن زيرك وَقَالَ لَهُ احسب الَّذِي سقيتنيه الْيَوْم غير صَوَاب
قَالَ لَهُ الْحسن بن زيرك يَأْمر الْأَمِير أيده الله بإحضار جمَاعَة أطباء الْفسْطَاط دَاره فِي غَدَاة كل يَوْم حَتَّى يتفقوا على مَا يَأْخُذهُ كل غَدَاة وَمَا سقيتك إِلَّا أَشْيَاء تولى عجنها ثقتك وجميعها تنهض الْقُوَّة الماسكة فِي معدتك وكبدك
فَقَالَ أَحْمد وَالله لَئِن لم تنجحوا فِي تدبيركم لَأَضرِبَن أَعْنَاقكُم فَإِنَّمَا تجربون على العليل وَلَا يحصل مِنْكُم على شَيْء فِي الْحَقِيقَة
فَخرج الْحسن بن زيرك من بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يرعد
وَكَانَ شَيخا كَبِيرا فحميت كبده من سوء فكره وخوفه وتشاغله عَن الْمطعم وَالنَّوْم فاعتراه إسهال سريع وَاسْتولى الْغم عَلَيْهِ فخلط وَكَانَ يهذي بعلة أَحْمد بن طولون حَتَّى مَاتَ فِي غَد ذَلِك الْيَوْم















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید