المنشورات

ضِيَاء الدّين بن البيطار

هُوَ الْحَكِيم الْأَجَل الْعَالم أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد المالقي النباتي وَيعرف بِابْن البيطار
أوحد زَمَانه وعلامة وقته فِي معرفَة النَّبَات وتحقيقه واختياره ومواضع نَبَاته ونعت أَسْمَائِهِ على اختلافها وتنوعها
سَافر إِلَى بِلَاد الأغارقة وأقسى بِلَاد الرّوم وَلَقي جمَاعَة يعانون هَذَا الْفَنّ وَأخذ عَنْهُم معرفَة نَبَات كثير وعاينه فِي موَاضعه وَاجْتمعَ أَيْضا فِي الْمغرب وَغَيره بِكَثِير من الْفُضَلَاء فِي علم النَّبَات وعاين منابته وَتحقّق ماهيته وأتقن دراية كتاب ديقوريدس إتقانا بلغ فِيهِ إِلَى أَن لَا يكَاد يُوجد من يجاريه فِيمَا هُوَ فِيهِ وَذَلِكَ أنني وجدت عِنْده من الذكاء والفطنة والدراية فِي النَّبَات وَفِي نقل مَا ذكره ديسقوريدس وجالينوس فِيهِ مَا يتعجب مِنْهُ
وَأول اجتماعي بِهِ كَانَ بِدِمَشْق فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَرَأَيْت أَيْضا من حسن عشرته وَكَمَال مروءته وَطيب أعراقه وجودة أخلاقه ودرايته وكرم نَفسه مَا يفوق الْوَصْف ويتعجب مِنْهُ
وَلَقَد شاهدت مَعَه فِي ظَاهر دمشق كثيرا من النَّبَات فِي موَاضعه وقرأت عَلَيْهِ أَيْضا تَفْسِيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدس فَكنت أجد من غزارة علمه ودرايته وفهمه شَيْئا كثيرا جدا
وَكنت أحضر لدينا عدَّة من الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي الْأَدْوِيَة المفردة مثل كتاب ديسقوريدس وجالينوس والفافقي وأمثالها من الْكتب الجليلة فِي هَذَا الْفَنّ فَكَانَ يذكر أَولا مَا قَالَه ديسقوريدس فِي كِتَابه بِاللَّفْظِ اليوناني على مَا قد صَححهُ فِي بِلَاد الرّوم ثمَّ يذكر جمل مَا قَالَه ديسقوريدس من نَعته وَصفته وأفعاله وَيذكر أَيْضا مَا قَالَه جالينوس فِيهِ من نَعته ومزاجه وأفعاله وَمَا يتَعَلَّق بذلك وَيذكر أَيْضا جملا من أَقْوَال الْمُتَأَخِّرين وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ ومواضع الْغَلَط والاشتباه الَّذِي وَقع لبَعْضهِم فِي نَعته
فَكنت أراجع تِلْكَ الْكتب مَعَه وَلَا أَجِدهُ يُغَادر شَيْئا مِمَّا فِيهَا
وأعجب من ذَلِك أَيْضا أَنه كَانَ مَا يذكر دَوَاء إِلَّا ويعين فِي أَي مقَالَة هُوَ من كتاب ديسقوريدس وجالينوس وَفِي أَي عدد هُوَ من جملَة الْأَدْوِيَة الْمَذْكُورَة فِي تِلْكَ الْمقَالة
وَكَانَ فِي خدمَة الْملك الْكَامِل مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَة المفردة والحشائش وَجعله فِي الديار المصرية رَئِيسا على سَائِر العشابين وَأَصْحَاب البسطات
وَلم يزل فِي خدمته إِلَى أَن توفّي الْملك الْكَامِل رَحمَه الله بِدِمَشْق
وَبعد ذَلِك توجه إِلَى الْقَاهِرَة فخدم الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب بن الْملك الْكَامِل وَكَانَ حظيا عِنْده مُتَقَدما فِي أَيَّامه
وكاننت وَفَاة ضاء الدّين العشاب رَحمَه الله بِدِمَشْق فِي شهر شعْبَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة فَجْأَة
ولضياء الدّين بن البيطار من الْكتب
كتاب الْإِبَانَة والأعلام بِمَا فِي الْمِنْهَاج من الْخلَل والأوهام
شرح أدوية كتاب ديسقوريدس
كتاب الْجَامِع فِي الْأَدْوِيَة المفردة وَقد استقصى فِيهِ ذكر الْأَدْوِيَة المفردة وأسمائها وتحريرها وقواها ومنافعها وَبَين الصَّحِيح مِنْهَا وَمَا وَقع الِاشْتِبَاه فِيهِ وَلم يُوجد فِي الْأَدْوِيَة المفردة كتاب أجل وَلَا أَجود مِنْهُ وصنفه للْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب بن الْملك الْكَامِل
كتاب الْمُغنِي فِي الْأَدْوِيَة المفردة وَهُوَ مُرَتّب بِحَسب مداواة الْأَعْضَاء الآلمة
كتاب الْأَفْعَال الغريبة والخواص العجيبة















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید