المنشورات

أَبُو نصر الفارابي

هُوَ أَبُو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أوزلغ بن طرخان مدينته فاراب وَهِي مَدِينَة من بِلَاد التّرْك فِي أَرض خُرَاسَان وَكَانَ أَبوهُ قَائِد جَيش وَهُوَ فَارسي المنتسب
وَكَانَ بِبَغْدَاد مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى الشَّام وَأقَام بِهِ إِلَى حِين وَفَاته
وَكَانَ رَحمَه الله فيلسوفا كَامِلا وإماما فَاضلا قد أتقن الْعُلُوم الْحكمِيَّة وبرع فِي الْعُلُوم الرياضية زكي النَّفس قوي الذكاء متجنبا عَن الدُّنْيَا مقتنعا مِنْهَا بِمَا يقوم بأوده يسير سيرة الفلاسفة الْمُتَقَدِّمين
وَكَانَت لَهُ قُوَّة فِي صناعَة الطِّبّ وَعلم بالأمور الْكُلية مِنْهَا
وَلم يُبَاشر أَعمالهَا وَلَا حاول جزئياتها
وحَدثني سيف الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي عَليّ الْآمِدِيّ أَن الفارابي كَانَ فِي أول أمره ناطورا فِي بُسْتَان بِدِمَشْق وَهُوَ على ذَلِك دَائِم الِاشْتِغَال بالحكمة وَالنَّظَر فِيهَا والتطلع إِلَى آراء الْمُتَقَدِّمين وَشرح مَعَانِيهَا
وَكَانَ ضَعِيف الْحَال حَتَّى أَنه كَانَ فِي اللَّيْل يسهر للمطالعة والتصنيف ويستضيء بالقنديل الَّذِي للحارس
وَبَقِي كَذَلِك مُدَّة
ثمَّ إِنَّه عظم شَأْنه وَظهر فَضله واشتهرت تصانيفه وَكَثُرت تلاميذه وَصَارَ أوحد زَمَانه وعلامة وقته
وَاجْتمعَ بِهِ الْأَمِير سيف الدولة أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الله بن حمدَان التغلبي وأكرمه إِكْرَاما كثيرا وعظمت مَنْزِلَته عِنْده وَكَانَ لَهُ مؤثرا
ونقلت من خطّ بعض الْمَشَايِخ أَن أَبَا نصر الفارابي سَافر إِلَى مصر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وثلثمائة وَرجع إِلَى دمشق وَتُوفِّي بهَا فِي رَجَب سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلثمائة عِنْد سيف الدولة عَليّ بن حمدَان فِي خلَافَة الراضي وَصلى عَلَيْهِ سيف الدولة فِي خَمْسَة عشر رجلا من خاصته
وَيذكر أَنه لم يكن يتَنَاوَل من سيف الدولة من جملَة مَا ينعم بِهِ عَلَيْهِ سوى أَرْبَعَة دَرَاهِم فضَّة فِي الْيَوْم يُخرجهَا فِيمَا يَحْتَاجهُ من ضَرُورِيّ عيشه
وَلم يكن معتنيا بهيئة وَلَا منزل وَلَا مكسب
وَيذكر أَنه كَانَ يتغذى بِمَاء قُلُوب الحملان مَعَ الْخمر الريحاني فَقَط
وَيذكر أَنه كَانَ فِي أول أمره قَاضِيا فَلَمَّا شعر بالمعارف نبذ ذَلِك وَأَقْبل بكليته على تعملها وَلم يسكن إِلَى نَحْو من أُمُور الدُّنْيَا الْبَتَّةَ
وَيذكر أَنه كَانَ يخرج إِلَى الحراس بِاللَّيْلِ من منزله يستضيء بمصابيحهم فِيمَا يَقْرَؤُهُ
وَكَانَ فِي علم صناعَة الموسيقى وعملها قد وصل إِلَى غاياتها وأتقنها إتقانا لَا مزِيد عَلَيْهِ
وَيذكر أَنه صنع آلَة غَرِيبَة يستمع مِنْهَا ألحانا بديعة يُحَرك بهَا الانفعالات
وَيذكر أَن سَبَب قِرَاءَته الْحِكْمَة أَن رجلا أودع عِنْده جملَة من كتب أرسطوطاليس فاتفق أَن نظر فِيهَا فَوَافَقت مِنْهُ قبولا وتحرك إِلَى قرَاءَتهَا وَلم يزل إِلَى أَن أتقن فهمها وَصَارَ فيلسوفا بِالْحَقِيقَةِ
ونقلت من كَلَام لأبي نصر الفارابي فِي معنى اسْم الفلسفة قَالَ اسْم الفلسفة يوناني وَهُوَ دخيل فِي الْعَرَبيَّة وَهُوَ على مَذْهَب لسانهم فيلسوفا وَمَعْنَاهُ إِيثَار الْحِكْمَة
وَهُوَ فِي لسانهم مركب من فيلا وَمن سوفيا ففيلا الإيثار وسوفيا الْحِكْمَة
والفيلسوف مُشْتَقّ من الفلسفة وَهُوَ على مَذْهَب لسانهم فيلسوفوس
فَإِن هَذَا التَّغْيِير هُوَ تَغْيِير كثير من الاشتقاقات عِنْدهم وَمَعْنَاهُ الْمُؤثر للحكمة
والمؤثر للحكمة عِنْدهم هُوَ الَّذِي يَجْعَل الوكد من حَيَاته وغرضه من عمره الْحِكْمَة
وَحكى أَبُو نصر الفارابي فِي ظُهُور الفلسفة مَا هَذَا نَصه قَالَ إِن أَمر الفلسفة اشْتهر فِي أَيَّام مُلُوك اليونانيين وَبعد وَفَاة أرسطوطاليس بالإسكندرية إِلَى آخر أَيَّام الْمَرْأَة
وَأَنه لما توفّي بَقِي التَّعْلِيم بِحَالهِ فِيهَا إِلَى أَن ملك ثَلَاثَة عشر ملكا وتوالى فِي مُدَّة ملكهم من معلمي الفلسفة اثْنَا عشر معلما أحدهم الْمَعْرُوف بأندرونيقوس
وَكَانَ آخر هَؤُلَاءِ الْمُلُوك الْمَرْأَة فغلبها أوغسطس الْملك من أهل رُومِية وقتلها واستحوذ على الْملك
فَلَمَّا اسْتَقر لَهُ نظر فِي خَزَائِن الْكتب وصنعها فَوجدَ فِيهَا نسخا لكتب أرسطوطاليس قد نسخت فِي أَيَّامه وَأَيَّام ثاوفرسطس وَوجد المعلمين والفلاسفة قد عمِلُوا كتبا فِي الْمعَانِي الَّتِي عمل فِيهَا أرسطو
فَأمر أَن تنسخ تِلْكَ الْكتب الَّتِي كَانَت نسخت فِي أَيَّام أرسطو وتلاميذه وَأَن يكون التَّعْلِيم مِنْهَا وَأَن ينْصَرف عَن الْبَاقِي
وَحكم أندرونيقوس فِي تَدْبِير ذَلِك وَأمره أَن ينْسَخ نسخا يحملهَا مَعَه إِلَى رُومِية ونسخا يبقيها فِي مَوضِع التَّعْلِيم بالإسكندرية وَأمره أَن يسْتَخْلف معلما يقوم مقَامه بالإسكندرية ويسير مَعَه إِلَى رُومِية
فَصَارَ التَّعْلِيم فِي موضِعين وَجرى الْأَمر على ذَلِك إِلَى أَن جَاءَت النَّصْرَانِيَّة فَبَطل التَّعْلِيم من رُومِية وَبَقِي بالإسكندرية إِلَى أَن نظر ملك النَّصْرَانِيَّة فِي ذَلِك وَاجْتمعت الأساقفة وَتَشَاوَرُوا فِيمَا يتْرك من هَذَا التَّعْلِيم وَمَا يبطل
فَرَأَوْا أَن يعلم من كتب الممطق إِلَى آخر الأشكال الوجودية وَلَا يعلم مَا بعده لأَنهم رَأَوْا أَن فِي ذَلِك ضَرَرا على النَّصْرَانِيَّة وَأَن فِيمَا أطْلقُوا تَعْلِيمه مَا يستعان بِهِ على نصْرَة دينهم فَبَقيَ الظَّاهِر من التَّعْلِيم هَذَا الْمِقْدَار وَمَا ينظر فِيهِ من الْبَاقِي مَسْتُورا إِلَى أَن كَانَ الْإِسْلَام بعده بِمدَّة طَوِيلَة فانتقل التَّعْلِيم من الْإسْكَنْدَريَّة إِلَى أنطاكية وَبَقِي بهَا زَمنا طَويلا إِلَى أَن بَقِي معلم وَاحِد فتعلم مِنْهُ رجلَانِ وخرجا ومعهما الْكتب فَكَانَ أَحدهمَا من أهل حران وَالْآخر من أهل مرو
فَأَما الَّذِي من أهل مرو فتعلم مِنْهُ رجلَانِ أَحدهمَا إِبْرَاهِيم الْمروزِي وَالْآخر يوحنا بن حيلان
وَتعلم من الْحَرَّانِي إِسْرَائِيل الأسقف وقويري وَسَار إِلَى بَغْدَاد فتشاغل إِبْرَاهِيم بِالدّينِ وَأخذ قويري فِي التَّعْلِيم وَأما يوحنا بن حيلان فَإِنَّهُ تشاغل أَيْضا بِدِينِهِ وَانْحَدَرَ إِبْرَاهِيم الْمروزِي إِلَى بَغْدَاد فَأَقَامَ بهَا
وَتعلم من الْمروزِي مَتى ابْن يونان وَكَانَ الَّذِي يتَعَلَّم فِي ذَلِك الْوَقْت إِلَى آخر الأشكال الوجودية
وَقَالَ أَبُو نصر الفارابي عَن نَفسه أَنه تعلم من يوحنا بن حيلان إِلَى آخر كتاب الْبُرْهَان
وَكَانَ يُسمى مَا بعد الأشكال الوجودية الْجُزْء الَّذِي لَا يقْرَأ إِلَى أَن قرئَ ذَلِك وَصَارَ الرَّسْم بعد ذَلِك حَيْثُ صَار الْأَمر إِلَى معلمي الْمُسلمين أَن يقْرَأ من الأشكال الوجودية إِلَى حَيْثُ قدر الْإِنْسَان أَن يقْرَأ
فَقَالَ أَبُو نصر أَنه قَرَأَ إِلَى آخر كتاب الْبُرْهَان
وحَدثني عمي رشيد الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن خَليفَة رَحمَه الله أَن الفارابي توفّي عِنْد سيف الدولة بن حمدَان فِي رَجَب سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَكَانَ أَخذ الصِّنَاعَة عَن يوحنا بن حيلان بِبَغْدَاد فِي أَيَّام المقتدر وَكَانَ فِي زَمَانه أَبُو المبشر مَتى بن يونان وَكَانَ أسن من أبي نصر وَأَبُو نصر أحد ذهنا وأعذب كلَاما
وَتعلم أَبُو المبشر مَتى من إِبْرَاهِيم الْمروزِي وَتُوفِّي أَبُو المبشر فِي خلَافَة الراضي فِيمَا بَين سنة ثَلَاث وَعشْرين إِلَى سنة تسع وَعشْرين وثلثمائة
وَكَانَ يوحنا بن حيلان وَإِبْرَاهِيم الْمروزِي قد تعلما جَمِيعًا من رجل من أهل مرو
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو سُلَيْمَان مُحَمَّد بن طَاهِر بن بهْرَام السجسْتانِي فِي تعاليقه أَن يحيى بن عدي أخبرهُ أَن مَتى قَرَأَ ايساغوجي على إِنْسَان نَصْرَانِيّ وَقَرَأَ قاطيغورياس بارمينياس على إِنْسَان يُسمى روبيل وَقَرَأَ كتاب الْقيَاس على أبي يحيى الْمروزِي
وَقَالَ القَاضِي صاعد بن أَحْمد بن صاعد فِي كتاب التَّعْرِيف بطبقات الْأُمَم أَن الفارابي أَخذ صناعَة الْمنطق عَن يوحنا بن حيلان المتوفي بِمَدِينَة السَّلَام فِي أَيَّام المقتدر فبذ جَمِيع أهل الْإِسْلَام فِيهَا وأربى عَلَيْهِم فِي التحقق بهَا
فشرح غامضها وكشف سرها وَقرب تنَاولهَا وَجمع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ مِنْهَا فِي كتب صَحِيحَة الْعبارَة لَطِيفَة الْإِشَارَة منبهة على مَا أغفله الْكِنْدِيّ وَغَيره من صناعَة التَّحْلِيل وأنحاء التعاليم
وأوضح القَوْل فِيهَا عَن مواد الْمنطق الْخمس وَأفَاد وُجُوه الِانْتِفَاع بهَا وَعرف طرق اسْتِعْمَالهَا وَكَيف تصرف صُورَة الْقيَاس فِي كل مَادَّة مِنْهَا
فَجَاءَت كتبه فِي ذَلِك الْغَايَة الكافية وَالنِّهَايَة الفاضلة
ثمَّ لَهُ بعد هَذَا كتاب شرِيف فِي إحصاء الْعُلُوم والتعريف بأغراضها لم يسْبق إِلَيْهِ وَلَا ذهب أحد مذْهبه فِيهِ
لَا يَسْتَغْنِي طلاب الْعُلُوم كلهَا عَن الاهتداء بِهِ وَتَقْدِيم النّظر فِيهِ
وَله كتاب فِي أغراض فلسفة أفلاطون وأرسطوطاليس يشْهد لَهُ بالبراعة فِي صناعَة الفلسفة والتحقق بفنون الْحِكْمَة وَهُوَ أكبر عون على تعلم طَرِيق النّظر وتعرف وَجه الطّلب اطلع فِيهِ على أسرار الْعُلُوم وثمارها علما علما وَبَين كَيفَ التدرح من بَعْضهَا إِلَى بعض شَيْئا شَيْئا
ثمَّ بَدَأَ بفلسفة أفلاطون فَعرف بغرضه مِنْهَا وسمى تآليفه فِيهَا
ثمَّ اتبع ذَلِك بفلسفة أرسطوطاليس فَقدم لَهُ مُقَدّمَة جليلة عرف فِيهَا بتدرجه إِلَى الفلسفة
ثمَّ بَدَأَ بِوَصْف أغراضه فِي تآليفه المنطقية والطبيعية كتابا كتابا حَتَّى انْتهى بِهِ القَوْل فِي النُّسْخَة الْوَاصِلَة إِلَيْنَا إِلَى أول الْعلم الإلهي وَالِاسْتِدْلَال بِالْعلمِ الطبيعي عَلَيْهِ
وَلَا أعلم كتابا أجدى على طَالب الفلسفة مِنْهُ فَإِنَّهُ يعرف بالمعاني الْمُشْتَركَة لجَمِيع الْعُلُوم والمعاني المختصة بِعلم علم مِنْهَا
وَلَا سَبِيل إِلَى فهم مَعَاني قاطيغورياس وَكَيف هِيَ الْأَوَائِل الْمَوْضُوعَة لجَمِيع الْعُلُوم إِلَّا مِنْهُ
ثمَّ لَهُ بعد هَذَا فِي الْعلم الإلهي وَفِي الْعلم الْمدنِي كِتَابَانِ لَا نَظِير لَهما أَحدهمَا الْمَعْرُوف بالسياسة المدنية وَالْآخر الْمَعْرُوف بالسيرة الفاضلة عرف فيهمَا بجمل عَظِيمَة من الْعلم الإلهي عل مَذْهَب أرسطوطاليس فِي مبادئ السِّتَّة الروحانية وَكَيف يُؤْخَذ عَنْهَا الْجَوَاهِر الجسمانية على مَا هِيَ عَلَيْهِ من النظام واتصال الْحِكْمَة
وَعرف فيهمَا بمراتب الْإِنْسَان وَقواهُ النفسانية وَفرق بَين الْوَحْي والفلسفة وَوصف أَصْنَاف المدن الفاضلة وَغير الفاضلة واحتياج الْمَدِينَة إِلَى السِّيرَة الملكية والنواميس النَّبَوِيَّة
أَقُول وَفِي التَّارِيخ أَن الفارابي كَانَ يجْتَمع بِأبي بكر بن السراج فَيقْرَأ عَلَيْهِ صناعَة النَّحْو وَابْن السراج يقْرَأ عَلَيْهِ صناعَة الْمنطق
وَكَانَ الفارابي أَيْضا يشْعر
وَسُئِلَ أَبُو نصر من أعلم أَنْت أم أرسطو فَقَالَ لَو أَدْرَكته لَكُنْت أكبر تلاميذه
وَيذكر عَنهُ أَنه قَالَ قَرَأت السماع لأرسطو أَرْبَعِينَ مرّة وَأرى أَنِّي مُحْتَاج إِلَى معاودته
وَهَذَا دُعَاء لأبي نصر الفارابي قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك يَا وَاجِب الْوُجُود وَيَا عِلّة الْعِلَل قَدِيما لم يزل أَن تعصمني من الزلل وَأَن تجْعَل لي من الأمل مَا ترضاه لي من عمل
اللَّهُمَّ امنحني مَا اجْتمع من المناقب وارزقني فِي أموري حسن العواقب
نجح مقاصدي والمطالب يَا إِلَه الْمَشَارِق والمغارب
رب الْجوَار الكنس السَّبع الَّتِي انبجست عَن الْكَوْن انبجاس الْأَبْهَر هن الفواعل عَن مَشِيئَته الَّتِي عَمت فضائلها جَمِيع الْجَوْهَر
أَصبَحت أَرْجُو الْخَيْر مِنْك وأمتري زحلا وَنَفس عُطَارِد وَالْمُشْتَرِي
اللَّهُمَّ ألبسني حلل الْبَهَاء وكرامات الْأَنْبِيَاء وسعادة الْأَغْنِيَاء وعلوم الْحُكَمَاء وخشوع الأتقياء
اللَّهُمَّ أنقذني من عَالم الشَّقَاء والفناء واجعلني من إخْوَان الصفاء وَأَصْحَاب الْوَفَاء وسكان السَّمَاء مَعَ الصديقين وَالشُّهَدَاء
أَنْت الله الْإِلَه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت عِلّة الْأَشْيَاء وَنور الأَرْض وَالسَّمَاء
امنحني فيضا من الْعقل الفعال يَا ذَا الْجلَال والأفضال هذب نَفسِي بأنوار الْحِكْمَة وأوزعني شكر مَا أوليتني من نعْمَة أَرِنِي الْحق حَقًا وألهمني اتِّبَاعه وَالْبَاطِل بَاطِلا واحرمني اعْتِقَاده واستماعه هذب نَفسِي من طِينَة الهيولى إِنَّك أَنْت الْعلَّة الأولى
(يَا عِلّة الْأَشْيَاء جمعا وَالَّذِي ... كَانَت بِهِ عَن فيضه المتفجر)
(رب السَّمَوَات الطباق ومركز ... فِي وسطهن من الثرى والأبحر)
(إِنِّي دعوتك مستجيرا مذنبا ... فَاغْفِر خَطِيئَة مذنب ومقصر)
(هذب بفيض مِنْك رب الْكل من ... كدر الطبيعة والعناصر عنصري) الْكَامِل
اللَّهُمَّ رب الْأَشْخَاص العلوية والأجرام الفلكية والأرواح السماوية غلبت على عَبدك الشَّهْوَة البشرية وَحب الشَّهَوَات وَالدُّنْيَا الدنية
فَاجْعَلْ عصمتك مجني من التَّخْلِيط وتقواك حصني من التَّفْرِيط إِنَّك بِكُل شَيْء مُحِيط
اللَّهُمَّ أنفذني من أسر الطبائع الْأَرْبَع وأنقلني إِلَى جنانك الأوسع وجوارك الأرفع
اللَّهُمَّ اجْعَل الْكِفَايَة سَببا لقطع مَذْمُوم العلائق الَّتِي بيني وَبَين الْأَجْسَام الترابية والهموم الكونية وَاجعَل الْحِكْمَة سَببا لِاتِّحَاد نَفسِي بالعوالم الإلهية والأرواح السماوية
اللَّهُمَّ طهر بِروح الْقُدس الشَّرِيفَة نَفسِي وَأثر بالحكمة الْبَالِغَة عَقْلِي وحسي وَاجعَل الْمَلَائِكَة بَدَلا من عَالم الطبيعة أنسي
اللَّهُمَّ ألهمني الْهدى وَثَبت إيماني بالتقوى وبغض إِلَى نَفسِي حب الدُّنْيَا
اللَّهُمَّ قو ذاتي على قهر الشَّهَوَات الفانية وَألْحق نَفسِي بمنازل النُّفُوس الْبَاقِيَة وَاجْعَلْهَا من جملَة الْجَوَاهِر الشَّرِيفَة الغالية فِي جنَّات عالية
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ سَابق الموجودات الَّتِي تنطق بألسنة الْحَال والمقال إِنَّك الْمُعْطِي كل شَيْء مِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحقّه بالحكمة وجاعل الْوُجُود لَهَا بِالْقِيَاسِ إِلَى عدمهَا نعْمَة وَرَحْمَة
فالذوات مِنْهَا والأعراض مُسْتَحقَّة بآلائك شاكرة فَضَائِل نعمائك وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَا تفقهون تسبيحهم
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَعَالَيْت إِنَّك الله الْأَحَد الْفَرد الصَّمد الَّذِي لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد
اللَّهُمَّ إِنَّك قد سجنت نَفسِي فِي سجن من العناصر الْأَرْبَعَة ووكلت بافتراسها سباعا من الشَّهَوَات
اللَّهُمَّ جد لَهَا بالعصمة وَتعطف عَلَيْهَا بِالرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ بك أليق وبالكرم الفائض الَّذِي هُوَ مِنْك أجد وأخلق وامنن عَلَيْهَا بِالتَّوْبَةِ العائدة بهَا إِلَى عالمها السماوي وَعجل لَهَا بالأوبة الي مقَامهَا الْقُدسِي واطلع على ظلمائها شمسا من الْعقل الفعال وامط عَنْهَا ظلمات الْجَهْل والضلال وَاجعَل مَا فِي قواها بِالْقُوَّةِ كامنا بِالْفِعْلِ وأخرجها من ظلمات الْجَهْل إِلَى نور الْحِكْمَة وضياء الْعقل
الله ولي الَّذين آمنُوا يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور
اللَّهُمَّ أر نَفسِي صور الغيوب الصَّالِحَة فِي منامها وبدلها من الأضغاث برؤيا الْخيرَات والبشرى الصادقة فِي أحلامها وطهرها من الأوساخ الَّتِي تأثرت بهَا عَن محسوساتها وأوهامها وأمط عَنْهَا كدر الطبيعة وأنزلها فِي عَالم النُّفُوس الْمنزلَة الرفيعة
الله الَّذِي هَدَانِي وكفاني وآواني
وَمن شعر أبي نصر الفارابي قَالَ
(لما رَأَيْت الزَّمَان نكسا ... وَلَيْسَ فِي الصُّحْبَة انْتِفَاع)
(كل رَئِيس بِهِ ملال ... وكل رَأس بِهِ صداع)
(لَزِمت بَيْتِي وصنت عرضا ... بِهِ من الْعِزَّة اقتناع)
(أشْرب مِمَّا اقتنيت رَاحا ... لَهَا على راحتي شُعَاع)
(لي من قواريرها ندامى ... وَمن قراقيرها سَماع)
(واجتني من حَدِيث قوم ... قد أقفرت مِنْهُم الْبِقَاع) الْبَسِيط
وَقَالَ أَيْضا
(أخي خل حيّز ذِي بَاطِل ... وَكن للحقائق فِي حيّز)
(فَمَا الدَّار دَار خُلُود لنا ... وَلَا الْمَرْء فِي الأَرْض بالمعجز)
(وَهل نَحن إِلَّا خطوط وقعن ... على كرة وَقع مستوفز)
(ينافس هَذَا لهَذَا على ... أقل من الْكَلم الموجز)
(مُحِيط السَّمَوَات أولى بِنَا ... فكم ذَا التزاحم فِي المركز) المتقارب
وَلأبي نصر الفارابي من الْكتب شرح كتاب المجسطي لبطليموس
شرح كتاب الْبُرْهَان لأرسطوطاليس شرح كتاب الخطابة لأرسطوطاليس شرح الْمقَالة الثَّانِي وَالثَّامِنَة من كتاب الجدل لأرسطوطاليس
شرح كتاب المغالطة لأرسطوطاليس
شرح كتاب الْقيَاس لأرسطوطاليس وَهُوَ الشَّرْح الْكَبِير
شرح كتاب باريمينياس لأرسطوطاليس على جِهَة التَّعْلِيق
شرح كتاب المقولات لأرسطوطاليس على جِهَة التَّعْلِيق
كتاب الْمُخْتَصر الْكَبِير فِي الْمنطق
كتاب الْمُخْتَصر الصَّغِير فِي الْمنطق على طَريقَة الْمُتَكَلِّمين
كتاب الْمُخْتَصر الْأَوْسَط فِي الْقيَاس
كتاب التوطئة فِي الْمنطق
شرح كتاب ايساغوجي لفرفوريوس
إملاء فِي مَعَاني ايساغوجي
كتاب الْقيَاس الصَّغِير وَوجد كِتَابه هَذَا مترجما بِخَطِّهِ
إحصاء القضايا والقياسات الَّتِي تسْتَعْمل على الْعُمُوم فِي جَمِيع الصَّنَائِع القياسية
كتاب شُرُوط الْقيَاس
كتاب الْبُرْهَان
كتاب الجدل
كتاب الْمَوَاضِع المنتزعة من الْمقَالة الثَّامِنَة فِي الجدل
كتاب الْمَوَاضِع المغلطة
كتاب اكْتِسَاب الْمُقدمَات وَهِي الْمُسَمَّاة بالمواضع وَهِي التَّحْلِيل
كَلَام فِي الْمُقدمَات المختلطة من وجودي وضروري
كَلَام فِي الْخَلَاء صدر لكتاب الخطابة
شرح كتاب السماع الطبيعي لأرسطوطاليس على جِهَة التَّعْلِيق
شرح كتاب السَّمَاء والعالم لأرسطوطاليس على جِهَة التَّعْلِيق
شرح كتاب الْآثَار العلوية لأرسطوطاليس على جِهَة التَّعْلِيق
شرح مقَالَة الْإِسْكَنْدَر الإفروديسي فِي النَّفس على جِهَة التَّعْلِيق
شرح صدر كتاب الْأَخْلَاق لأرسطوطاليس
كتاب فِي النواميس
كتاب إحصاء الْعُلُوم وترتيبها
كتاب الفلسفتين لفلاطن وأرسطوطاليس مخروم الآخر
كتاب الْمَدِينَة الفاضلة وَالْمَدينَة الجاهلة وَالْمَدينَة الفاسقة وَالْمَدينَة المبدلة وَالْمَدينَة الضَّالة ابْتَدَأَ بتأليف هَذَا الْكتاب بِبَغْدَاد وَحمله إِلَى الشَّام فِي آخر سنة ثَلَاثِينَ وثلاثمائة وتممه بِدِمَشْق فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وحرره ثمَّ نظر فِي النُّسْخَة بعد التَّحْرِير فَأثْبت فِيهَا الْأَبْوَاب
ثمَّ سَأَلَهُ بعض النَّاس أَن يَجْعَل لَهُ فصولا تدل على قسْمَة مَعَانِيه فَعمل الْفُصُول بِمصْر فِي سنة سبغ وَثَلَاثِينَ وَهِي سِتَّة فُصُول
كتاب مبادئ آراء الْمَدِينَة الفاضلة
كتاب الْأَلْفَاظ والحروف
كتال الموسيقى الْكَبِير أَلفه للوزير أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْكَرْخِي
كتاب فِي إحصاء الْإِيقَاع
كَلَام لَهُ فِي النقلَة مُضَافا إِلَى الْإِيقَاع
كَلَام فِي الموسيقى
مُخْتَصر فُصُول فلسفية منتزعة من كتب الفلاسفة
كتاب المبادئ الإنسانية
كتاب الرَّد على الرَّازِيّ فِي الْعلم الإلهي
كتاب الرَّد على جالينوس فِيمَا تَأَوَّلَه من كَلَام أرسطوطاليس على غير مَعْنَاهُ
كتاب الرَّد على ابْن الراوندي فِي أدب الجدل
كتاب الرَّد على يحيى النَّحْوِيّ فِيمَا رد بِهِ على أرسطوطاليس
كتاب الرَّد على الرَّازِيّ فِي الْعلم الإلهي
كتاب الْوَاحِد والوحدة
كَلَام لَهُ فِي الحيز والمقدار
كتاب فِي الْعقل صَغِير
كتاب فِي الْعقل كَبِير
كَلَام لَهُ فِي معنى اسْم الفلسفة
كتاب الموجودات المتغيرة الْمَوْجُود بالْكلَام الطبيعي
كتاب شَرَائِط الْبُرْهَان
كَلَام لَهُ شرح المستعلق من مصادرة الْمقَالة الأولى وَالْخَامِسَة من إقليدس
كَلَام فِي اتِّفَاق آراء أبقراط وأفلاطن
رِسَالَة فِي التَّنْبِيه على أَسبَاب السَّعَادَة
كَلَام فِي الْجُزْء وَمَا لَا يتَجَزَّأ كَلَام فِي اسْم الفلسفة وَسبب ظُهُورهَا وَأَسْمَاء المبرزين فِيهَا وعَلى من قَرَأَ مِنْهُم
كَلَام فِي الْجِنّ
كَلَام فِي الْجَوْهَر
كتاب فِي الفحص الْمدنِي
كتاب السياسات المدنية وَيعرف بمبادئ الموجودات
كَلَام فِي الْملَّة وَالْفِقْه مدنِي كَلَام جمعه من أقاويل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير فِيهِ إِلَى صناعَة الْمنطق
كتاب فِي الخطابة كَبِير عشرُون مجلدا
رِسَالَة فِي قواد الجيوش
كَلَام فِي المعايش والحروب
كتاب فِي التأثيرات العلوية
مقَالَة فِي الْجِهَة الَّتِي يَصح عَلَيْهَا القَوْل بِأَحْكَام النُّجُوم
كتاب فِي الْفُصُول المنتزعة للاجتماعات
كتاب فِي الْحِيَل والنواميس
كَلَام لَهُ فِي الرُّؤْيَا
كتاب فِي صناعَة الْكِتَابَة
شرح كتاب الْبُرْهَان لأرسطوطاليس على طَرِيق التَّعْلِيق أملاه على إِبْرَاهِيم بن عدي تلميذ لَهُ بحلب
كَلَام لَهُ فِي الْعلم الإلهي
شرح الْمَوَاضِع المستغلقة من كتاب قاطيغورياس لأرسطوطاليس وَيعرف بتعليقات الْحَوَاشِي
كَلَام فِي أَعْضَاء الْحَيَوَان
كتاب مُخْتَصر جَمِيع الْكتب المنطقية
كتاب الْمدْخل إِلَى الْمنطق
كتاب التَّوَسُّط بَين أرسطوطاليس وجالينوس
كتاب غَرَض المقولات
كَلَام لَهُ فِي الشّعْر والقوافي
شرح كتاب الْعبارَة لأرسطوطاليس على جِهَة التَّعْلِيق
تعاليق على كتاب الْقيَاس
كتاب فِي الْقُوَّة المتناهية وَغير المتناهية
تَعْلِيق لَهُ فِي النُّجُوم
كتاب فِي الْأَشْيَاء الَّتِي يحْتَاج أَن تعلم قبل الفلسفة
فُصُول لَهُ مِمَّا جمعه من كَلَام القدماء
كتاب فِي أغراض أرسطوطاليس فِي كل وَاحِد من كتبه
كتاب المقاييس
مُخْتَصر كتاب الْهدى
كتاب فِي اللُّغَات
كتاب فِي الاجتماعات المدنية
كَلَام فِي أَن حَرَكَة الْفلك دائمة
كَلَام فِيمَا يصلح أَن يذم الْمُؤَدب
كَلَام فِي المعاليق والجون وَغير ذَلِك
كَلَام فِي لَوَازِم الفلسفة
مقَالَة فِي وجوب صناعَة الكيمياء وَالرَّدّ على مبطليها
مقَالَة فِي أغراض أرسطوطاليس فِي كل مقَالَة من كِتَابه الموسوم بالحروف وَهُوَ تَحْقِيق غَرَضه فِي كتاب مَا بعد الطبيعة
كتاب فِي الدعاوي المنسوبة إِلَى أرسطوطاليس فِي الفلسفة مُجَرّدَة عَن بياناتها وحججها
تعاليق فِي الْحِكْمَة
كَلَام أملاه على سَائل سَأَلَهُ عَن معنى ذَات وَمعنى جَوْهَر وَمعنى طبيعة
كتاب جَوَامِع السياسة مُخْتَصر
كتاب بايريمنياس لأرسطوطاليس
كتاب الْمدْخل إِلَى الهندسة الوهمية مُخْتَصرا
كتاب عُيُون الْمسَائِل على رَأْي أرسطوطاليس وَهِي مائَة وَسِتُّونَ مَسْأَلَة
جوابات لمسائل سُئِلَ عَنْهَا وَهِي ثَلَاث وَعِشْرُونَ مَسْأَلَة
كتاب أَصْنَاف الْأَشْيَاء البسيطة الَّتِي تَنْقَسِم إِلَيْهَا القضايا فِي جَمِيع الصَّنَائِع القياسية
جَوَامِع كتاب النواميس لفلاطن
كَلَام من أملائه وَقد سُئِلَ عَمَّا قَالَ أرسطوطاليس فِي الْحَار
تعليقات أنالوطيقا الأولى لأرسطوطاليس كتاب شَرَائِط الْيَقِين
رِسَالَة فِي مَاهِيَّة النَّفس
كتاب السماع الطبيعي
















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید