المنشورات

مهذب الدّين بن النقاش

هُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي عبد الله عِيسَى بن هبة الله النقاش مولده ومنشؤه بِبَغْدَاد
عَالم بِعلم الْعَرَبيَّة وَالْأَدب وَكَانَ يتَكَلَّم الْفَارِسِي
واشتغل بصناعة الطِّبّ على الْأَجَل أَمِين الدولة هبة الله بن صاعد بن التلميذ ولازمه مُدَّة واشتغل بِعلم الحَدِيث
سمع بِبَغْدَاد من أبي الْقَاسِم عمر بن الْحصين وَحدث عَنهُ
سمع مِنْهُ القَاضِي عمربن الْقرشِي وروى عَنهُ حَدِيثا فِي مُعْجَمه
وَكَانَ أَبُو عبد الله عِيسَى بن هبة الله بن النقاش بزازا أديبا
قَالَ عماد الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الْأَصْبَهَانِيّ الْكَاتِب فِي كتاب الخريذة أَنْشدني مهذب الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن النقاش لوالده
(إِذا وجد الشَّيْخ فِي نَفسه ... نشاطا فَذَلِك موت خَفِي)
(أَلَسْت ترى أَن ضوء السراج ... لَهُ لَهب قبل أَن ينطفي) المتقارب
قَالَ وَأَنا لقِيت أَبَا عبد الله بن النقاش بِبَغْدَاد وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي الْعشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة بهَا بعد مسيري إِلَى أَصْبَهَان قَالَ وقرأت بِخَط السَّمْعَانِيّ أَنْشدني أَبُو عبد الله النقاش لنَفسِهِ
(رزقت يسارا فوافيت من ... قدرت بِهِ حِين لم يرْزق)
(وأملقت من بعده فاعتذرت ... إِلَيْهِ اعتذار أَخ مملق)
(وَإِن كَانَ يشْكر فِيمَا مضى ... بذا فسيعذر فِيمَا بَقِي) المتقارب
قَالَ قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا من قِطْعَة
(وَكَذَا الرئيس فَإِنَّهُ عِنْدِي ... كمجرى الرّوح يجْرِي)
(أنْكرت فِي دلف عَلَيْهِ ... تهتكا من بعد ستر)
(كَيفَ السلو وَقد تملك ... مهجتي من غير أَمْرِي)
(قمر ترَاهُ إِذا اسْتمرّ ... كَمثل أَرْبَعَة وَعشر)
(يرفو بنجلاوين يسقم ... من سقامهما ويبري)
(وَإِذا تَبَسم فِي دجا ... ليل شهِدت لَهُ بفجر)
(وبورد وجنته وَحسن ... عذاره قد قَامَ عُذْري) الْكَامِل
أَقُول وَلما وصل مهذب الدّين بن النقاش إِلَى دمشق بَقِي بهَا يطب وَكَانَ أوحد زَمَانه فِي صناعَة الطِّبّ وَله مجْلِس عَام للمشتغلين عَلَيْهِ
ثمَّ توجه إِلَى الديار المصرية وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة
ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَلم يزل مُقيما إِلَى حِين وَفَاته
وخدم بصناعة الطِّبّ الْملك الْعَادِل نور الدّين مَحْمُود ابْن زنكي وَكَانَ يعاني أَيْضا كِتَابَة الْإِنْشَاء وَكتب كثيرا لنُور الدّين المراسلات والكتب إِلَى سَائِر النواحي وَكَانَ مكينا عِنْده
وخدم أَيْضا فِي البيمارستان الْكَبِير الَّذِي أنشأه الْملك الْعَادِل نور الدّين بِدِمَشْق وَبَقِي بِهِ سِنِين
وَكتب الْأَمِير مؤيد الدولة أَبُو المظفر أُسَامَة بن منقذ إِلَى مهذب الدّين ابْن النقاش يستهدي دهن بِلِسَان
(ركبتي تخْدم الْمُهَذّب فِي الْعلم ... وَفِي كل حِكْمَة وَبَيَان)
(وَهِي تَشْكُو إِلَيْهِ تَأْثِير طول الْعُمر ... فِي ضعفها وَطول الزَّمَان)
فلهَا فاقة إِلَى مَا يقويها ... على مشيها من البلسان)
(كل هَذَا علالة مَا لمن جَازَ ... الثَّمَانِينَ بالنهوض يدان)
(رَغْبَة فِي الْحَيَاة من بعد طول الْعُمر ... وَالْمَوْت غَايَة الْإِنْسَان) الْخَفِيف
فَبعث إِلَيْهِ مَا أَرَادَ من ذَلِك وَلم يزل فِي خدمَة نور الدّين إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله
وَكَانَت وَفَاة نور الدّين فِي شَوَّال سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق
وخدم مهذب الدّين بن النقاش أَيْضا بصناعة الطِّبّ بعد ذَلِك للْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب
لما ملك دمشق
وحظي عِنْده
وَكَانَ مهذب الدّين بن النقاش كثير الْإِحْسَان محبا للجميل يُؤثر التخصص
وَلم يتَّخذ امْرَأَة وَلَا خلف ولدا وَكَانَت وَفَاته رَحمَه الله بِدِمَشْق فِي يَوْم السبت ثَانِي عشر محرم سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَدفن بهَا فِي جبل قاسيون











مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید