المنشورات

وَصِيَّة أول اللَّيْل

قد انْقَضى نهارك بِمَا فِيهِ وَأَقْبل عَلَيْك هَذَا اللَّيْل
وَلَيْسَ لَك فِيهِ فعل بدني ضَرُورِيّ فاعطف على مصلحَة نَفسك بالاشتغال فِي الْعلم والفكر فِي الإطلاع على الْحَقَائِق
وَمهما اسْتَطَعْت الْيَقَظَة فِي ذَلِك فافعل
فَإِذا أردْت النّوم فَاجْعَلْ فِي نَفسك مُلَازمَة مَا أَنْت فِيهِ لتَكون رُؤْيَاك من هَذَا الْجِنْس وَافْعل مَا تحاسب نَفسك عَلَيْهِ عِنْد الصَّباح
واحرص أَن تكون فِي غدك أفضل من يَوْمك المنقضي
وَإِيَّاك أَن تجدبك الطباع إِلَى الْفِكر فِيمَا عاينته فِي نهارك من أَحْوَال أَرْبَاب الدُّنْيَا فتضيع وقتك وتنفتح لَك أَبْوَاب الخداع والحيل وَالْمَكْر فِي تَحْصِيل أُمُور الدُّنْيَا وتظلم نَفسك وتفسد حالك وتبعد عَن الْحَقَائِق وتكتسب الْأَخْلَاق المذمومة ويعسر تخلصك مِنْهَا
لَكِن اعْلَم أَن هَذِه أعرض زائلة لَا فَائِدَة فِيهَا وَإِن ضرورات الْإِنْسَان قَليلَة جدا وفكر فِيمَا يعود على نَفسك نَفعه
وتهيأ للقاء الله فَإِن علمك بموتك مَتى يكون مَسْتُورا عَنْك وَمَا جاؤوك فِي أَن يَأْتِي يَوْم آخر عَلَيْك أقوى من وهمك أَن تَمُوت فِي هَذِه اللَّيْلَة فودع بالثبات على مَا تنْتَفع بِهِ بعد الْمُفَارقَة
وَالسَّلَام
وَقَالَ احترم الْمَشَايِخ وَلَو سكتوا عَن جَوَاب سؤالك فَلَعَلَّ ذَلِك لبعد الْعَهْد وكلال القوى أَو لِأَنَّك سَأَلت عَمَّا لَا يَعْنِيك أَو معرفتهم بعجز فهمك عَن الْجَواب
وَاعْلَم أَن فوائدك مِنْهُم أَكثر من ذَلِك
وَقَالَ اشْتغل بِكَلَام الْمَشْهُورين الجامعة أَولا فَإِذا حصلت الصِّنَاعَة فاشتغل بالكتب الْجُزْئِيَّة من كَلَام كل قَائِل عَارِيا عَن محبَّة أَو بغضة ثمَّ زنه بِالْقِيَاسِ وامتحنه إِن أمكن بالتجربة وَحِينَئِذٍ أقبل الصَّحِيح
وَإِن أشكل فأشرك غَيْرك فِيهِ فَإِن لكل ذهن خاصية بمعان دون معَان
وَقَالَ إِذا أقدمك الأفاضل تقدم وَإِلَّا تَأَخَّرت
وَقَالَ أطلب الْحق دَائِما تحظ بِالْعلمِ لنَفسك وبالمحبة من النَّاس
وَقَالَ طابق أعمالك الْجُزْئِيَّة مَا فِي ذهنك من القانون الْكُلِّي يتَيَقَّن علمك وتجود تجربتك وتتأكد تقدمة معرفتك وتكثر منافعك من النَّاس
وَقَالَ اشْتغل من الْكَلَام بِمَا قصد قَائِله التَّعْلِيم فَإِذا حصلت الصِّنَاعَة فأكدها بالاشتغال بِكَلَام محبي الْحق مبطلي الْبَاطِل فَإِذا تبرهن علمك وتيقن بِحَيْثُ لَا تقدح فِيهِ الشكوك لَا يَضرك حِينَئِذٍ فِي بعض أوقاتك مطالعة كتب المتشككين والجدليين
فَإِن قصدهم إِظْهَار قوتهم فِيمَا يَدعُونَهُ سَوَاء كَانُوا يعلمونه علما يَقِينا أم لَا وَسَوَاء كَانَ مَا يَدعُونَهُ حَقًا أم بَاطِلا
وَقَالَ إِذا تطببت فَاتق الله واجتهد أَن تعْمل بِحَسب مَا تعلمه علما يَقِينا فَإِن لم تَجِد فاجتهد أَن تقرب مِنْهُ
وَقَالَ إِذا وصلت إِلَى رُتْبَة المعلمين فَلَا تمنع مُسْتَحقّا وَهُوَ الْعَاقِل الذكي الْخَيْر الْحَكِيم النَّفس وامنع من سواهُ
وَقَالَ إِذا رَأَيْت أدوية كَثِيرَة لمَرض وَاحِد فاختر أوفقها فِي حَال حَال
وَقَالَ الْأَمْرَاض لَهَا أَعمار والعلاج يحْتَاج إِلَى مساعدة الأقدار
وَأكْثر صناعَة الطِّبّ حدس وتخمين وقلما يَقع فِيهِ الْيَقِين
وجزآها الْقيَاس والتجربة لَا السفسطة وَحب الْغَلَبَة ونتيجتها حفظ الصِّحَّة إِذا كَانَت مَوْجُودَة وردهَا إِذا كَانَت مفقودة وَفِيهِمَا يتَبَيَّن سَلامَة الْفطر ودقة الْفِكر ويتميز الْفَاعِل عَن الْجَاهِل وَالْمجد فِي الطّلب عَن المتكاسل والعمال بِمُقْتَضى الْقيَاس والتجربة عَن الْمُحْتَال على اقتناء المَال وعلو الْمرتبَة
وَقَالَ إِن بِالْعلمِ من الطول وعسر الْحُصُول وَلَو سلك فِيهِ الإيجاز وَالْبَيَان جهد الْإِمْكَان مَعَ طول الْأَعْمَار ودقة الأفكار وتعاون الْبشر وسلامة الْفطر مَا يعجز النَّاظر ويذبذب الخاطر
وَقَالَ انْظُر إِلَى أَفعَال الطبيعة إِذا لم يعقها عائق واقتد بهَا فِي أفعالك
وَقَالَ مَا أحسن الصَّبْر لَوْلَا أَن النَّفَقَة عَلَيْهِ من الْعُمر
وَقَالَ كلما انْتظر الشَّيْء استبعد زَمَانه واستقل مِقْدَاره
وَقَالَ الْخَيْر منتظر فالظن فِيهِ قَلِيل
وَقَالَ الظُّلم فِي الطباع وَإِنَّمَا يتْرك خوف معاد أَو خوف سيف
وَقَالَ لَا تتمّ مصلحَة إِلَّا بمفاسد
وَقَالَ القاصدون مصالحهم أَكثر من المشفقين على مخلوقات الله تَعَالَى بأضعاف مضاعفة وَقَالَ إِن شِئْت الْمقَام بَين النَّاس مَظْلُوما فاحترز مِنْهُم أَو غير مظلوم فأظلمهم
وَأما الْحَال الْوُسْطَى فَلَا تطمع بهَا
وَقَالَ الِانْقِطَاع أفضل أَوْقَات الْحَيَاة وَقَالَ الِانْقِطَاع أفضل السّير وَقَالَ الِانْقِطَاع نتيجة الْحِكْمَة
وَقَالَ الإردباء يطْلبُونَ مَعَ من يفنون نهارهم فِي الحَدِيث وَاللَّهْو والبطالة وَأَنَّهُمْ مَتى خلوا بِأَنْفسِهِم تألموا مِمَّا يجدونه فِي أنفسهم من الرداءة والأخيار على خلاف ذَلِك لأَنهم يأنسون بِأَنْفسِهِم
وَقَالَ أصل كل بلية الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا
وَقَالَ طالما يلبث النَّاس عَن مصالحهم لتشبثهم بالدنيا ففاتتهم
وَقَالَ عجبي لمن لَا يعلم مَتى يَمُوت ويعتقد سَعَادَة وشقاء على أَي حَال كَانَت كَيفَ يركن إِلَى الدُّنْيَا ويهمل المهم من أمره
وَقَالَ مَا أَكثر الملتذين بالآمال من غير الشُّرُوع فِي بُلُوغهَا
وَقَالَ الآمال أَحْلَام الْيَقظَان
وَقَالَ لكل وَقت أشغال كَثِيرَة فَلْيفْعَل فِيهِ أهمها
وَقَالَ كَيفَ حَال من يهمل مهماته فِي أَوْقَاتهَا مؤملا أَن ستأتي أَوْقَات أُخْرَى لَهَا مدافعا من كل وَقت إِلَى غَيره إِلَى أَن يَمُوت مؤملا
وَقَالَ مادمت فِي حَال تقدر على تَدْبِير جسدك ورياضة نَفسك بِحَسب استعدادهما غير مقتر وَلَا مُسْرِف فَلَا تنْتَقل إِلَى غَيره
فَإِن لَك محركا لَو رمت السّكُون لما أمكنك
وَكم من متنقل إِلَى حَال خالها أفضل ألفاها أخس
وَقَالَ لَا تُعَاد السعيد فضد السعيد الشقي
وَقَالَ إِن القى كل من عدوين همته على الآخر فأسعدهما جدا يقهر عدوه
وَلذَلِك أَمر بِإِجْمَاع الهمم عِنْد طلب الْأُمُور الْعَظِيمَة لتقوم مقَام الهمة الْوَاحِدَة المعانة بالتأييد السماوي
وَقَالَ احرص على اتِّخَاذ النَّاس إخْوَانًا وَإِيَّاك وسهام الهمم فَإِنَّهَا صائبة
وَقَالَ احْذَرُوا أذية الْعلمَاء فَإِنَّهُم آل الله
وَقَالَ مَا ظلم ذُو علم حَقِيقِيّ إِلَّا كشف الله ظلامته وَنَصره وخذل ظالمه قَرِيبا
وَقَالَ إِن لله أحبابا يحرسهم بِعَيْنِه الَّتِي لَا تنام هم الْعلمَاء
وَقَالَ الْعلمَاء هم السُّعَدَاء على الْحَقِيقَة
وَقَالَ سعداء الدُّنْيَا على اصْطِلَاح الْجُمْهُور مَا لم تصدر عَنْهُم الْخيرَات فهم الأشرار
وَقَالَ قد ينْطق إِنْسَان فِي وَقت مَا بالحكمة فَإِذا طلب من نَفسه ذَلِك فِي وَقت آخر لم يجده
وَقَالَ من صَاحب الْجُهَّال على جهالاتهم وجذبه حب الدُّنْيَا إِلَى الْحُضُور فِي مجَالِسهمْ فناله شرهم فليسلم نَفسه
وَقَالَ أصلح الْمِيزَان ثمَّ زن بِهِ
وَقَالَ إِذا صرت ذَا عقل هيولاني صرت إنْسَانا بِالْفِعْلِ بقول مُطلق
وَقَالَ ثق بعلمك إِذا لم يقْدَح فِيهِ الِاعْتِرَاض
وَقَالَ نعم الرَّأْي الْوَاحِد
وَقَالَ نعم الرَّأْي المتناسب
وَقَالَ الْعَمَل فِي الرَّأْي بِحَسب غَايَة تصدر بِهِ لَا بِحَسب الْمصلحَة الْمُطلقَة
وَقَالَ نعم الرَّأْي الْحَادِث بَين المستشير الصَّادِق والمستشار الْأمين الْعَاقِل
وَقَالَ لَا تثق إِلَّا بمعتقد فِي شَيْء مَا يرجوه ويخافه مُتَيَقن أَنه لَا حق إِلَّا اعْتِقَاده
فَأَما الشاك فِيمَا يَعْتَقِدهُ أَو من لَا يعْتَقد شَيْئا أَلْبَتَّة فَلَا تثق بِهِ وَلَا تتخذه صاحبا
وَذَلِكَ المعتقد الْمُتَيَقن اعْتِقَاده إِن كَانَ غير أهل ملتك فاحذره أَيْضا لِأَنَّهُ يعْتَقد فِيك الْكفْر بمعتقده فيتخذك عدوا فيفعل بك فعل الْأَعْدَاء
وَقَالَ ثق بِالدّينِ من أهل دينك
وَقَالَ تَيَقّن أَن صِحَة الِاعْتِقَاد سَبَب لملازمة الْأَعْمَال الدِّينِيَّة وملازمة الْأَعْمَال الدِّينِيَّة قد تكون دَلِيلا على تَيَقّن صِحَة الِاعْتِقَاد وَقد يَفْعَلهَا فاعلها تَابعا لغيره غير عَالم بِشَيْء آخر وَقد يَفْعَلهَا تقية وعلامتها إِذا كَانَت تَابِعَة لتيقن صِحَة الِاعْتِقَاد ظُهُور الْآثَار الإلهية عَلَيْهَا وَعدل سَائِر سيرة فاعلها من نَفسه مَعَ جَمِيع الْمَخْلُوقَات
وَقَالَ الْحُرِّيَّة نعم الْعَيْش
وَقَالَ القناعة بَاب الْحُرِّيَّة
وَقَالَ من قدر على الْعَيْش الكفاف بِحَسب ضروراته ثمَّ ملك نَفسه لغير رَغْبَة فِي فضول الْعَيْش فَهُوَ أَحمَق الحمقاء
وَقَالَ مَا أقل ضرورات الْإِنْسَان لَو انصف نَفسه
وَقَالَ
اجْتنب الْألف بِأَهْل الدُّنْيَا فأنهم يشغلونك إِن وَجَدتهمْ ويحزنونك إِن فقدتهم
وَقَالَ أصحب عِنْد ضجرك من تبعدك صحبته مِمَّا كنت فِيهِ
وَقَالَ فقد الْخَلِيل مُؤذن بالرحيل
وَقَالَ الْحَكِيم إِن اسأت إِلَيْهِ أَو توهم أَنَّك أَسَأْت إِلَيْهِ وَإِن لم تسئ فقد تنْتَفع عِنْده بالتنصل إِن كنت بَرِيئًا وبالاعتذار إِن كنت مسيئا
فَأَما الحقود فَمَتَى أشعرت بِأَنَّهُ توهم مِنْك إساءة عدم نفع أَو مُخَالفَة أَمر فاحذره فَإِنَّهُ لَا يزَال فِي خاطره التَّدْبِير فِي أذيتك
وَقَالَ الأصدقاء كَنَفس وَاحِدَة فِي أجساد مُتَفَرِّقَة
وَقَالَ الطَّبِيب مُدبر لبدن الْإِنْسَان من حَيْثُ هُوَ مُقَارن لنَفسِهِ لَا من حَيْثُ هُوَ بدن إِنْسَان بالْقَوْل الْمُطلق
وَهَذَا التَّرْكِيب من أشرف التراكيب فَيَنْبَغِي أَن يكون مَعَانِيه من أشرف النَّاس
وَقَالَ المَال مغناطيس أنفس الجهلاء وَالْعلم مغناطيس أنفس الْعُقَلَاء
وَقَالَ رَأَيْت الجهلاء يعظمون أَرْبَاب الْأَمْوَال مَعَ تيقنهم أَنهم لَا ينيلونهم مِنْهُ شَيْئا إِلَّا ثمن مَتَاع أَو أُجْرَة صناعَة كَمَا ينالونه من الْفُقَرَاء
وَقَالَ خير الْعلمَاء من ناسب علمه عقله
وَقَالَ إِذا أمكن الِانْقِطَاع عَن النَّاس بِأَقَلّ المقنعات فَهُوَ أفضل الْأَحْوَال
وَقَالَ إِذا كنت تشفق على مَالك فَلَا تنْفق شَيْئا مِنْهُ إِلَّا فِي المهم فأحرى أَن تفعل ذَلِك فِي عمرك
وَقَالَ الْحِكْمَة الِاقْتِدَاء بِاللَّه تَعَالَى
وَقَالَ إِنَّمَا يطلع الْإِنْسَان على عُيُوب نَفسه من إطلاعه على عُيُوب النَّاس
وَقَالَ إِذا لَزِمت نَفسك الْخلق الْجَمِيل فكأنك أكرمتها غَايَة الْكَرَامَة وَذَلِكَ أَنَّك إِذا لم تغْضب مثلا وَالنَّاس كلهم يغضبون فَأَنت أفضل النَّاس من هَذَا الْوَجْه
وَقَالَ بِقدر مَا لكل ذَات من الْكَمَال لَهَا من اللَّذَّة بِقدر مَا فِي كل ذَات من النَّقْص فِيهَا من الْأَلَم
وَقَالَ أَكثر من مطالعة سير الْحُكَمَاء واقتد مِنْهَا بِمَا يُمكن الِاقْتِدَاء بِهِ فِي زَمَانك
وَقَالَ قو نَفسك على جسدك
وَقَالَ أصلح كَيْفيَّة الْغذَاء واقتصد فِي كميته
وَقَالَ اكتف من غذَاء الْجِسْم بِمَا يحفظ قواه وَإِيَّاك وَالزِّيَادَة فِيهَا واستكثر من غذَاء النَّفس
وَقَالَ غذَاء النَّفس بالعلوم على التدريج فابتدئ بالسهل الْقَلِيل وتدرج فَإِنَّهَا تشتاق حِين تقوى وتعتاد إِلَى الصعب الْكثير فَإِذا صَار لَهَا ملكة سهل عَلَيْهَا كل شَيْء
قَالَ الْمعدة القوية تهضم جَمِيع مَا يرد إِلَيْهَا من أَنْوَاع الأغذية وَالنَّفس الفاضلة تقبل جَمِيع مَا يرد عَلَيْهَا من الْعُلُوم
وَقَالَ مَا لم تطق التوحد فَأَنت مُضْطَر إِلَى مصاحبة النَّاس
وَقَالَ صَاحب النَّاس بِمَا يرضيهم وَلَا تطرح جَانب الله تَعَالَى
وَقَالَ كتب بَعضهم إِلَى شَيْخه يشكو تعذر أُمُوره فَكتب إِلَيْهِ إِنَّك لن تنجو مِمَّا تكره حَتَّى تصبر عَن كثير مِمَّا تحب وَلنْ تنَال مَا تحب حَتَّى تصبر على كثير مِمَّا تكره
وَالسَّلَام
وَقَالَ اشكر المحسن وَمن لَا يسيء واعذر النَّاس فِيمَا يظْهر مِنْهُم وَلَا تلمهم فَلِكُل من الموجودات طبع خَاص
وَقَالَ اسْتحْسنَ للنَّاس مَا تستحسنه لنَفسك واستقبح لنَفسك مَا تستقبحه لَهُم
وَقَالَ لَا تخل فعلا من أفعالك من تقوى الله تَعَالَى
وَقَالَ أطع الله محقا يطعك النَّاس
وَقَالَ لَا شَيْء أنجع فِي الْأُمُور من الهمة الصادقة
وَقَالَ خُذ من كل شَيْء مَا يوصلك إِلَى الْغَايَة الَّتِي وضع من أجلهَا
وَقَالَ كل مَا يحصل بِالْعرضِ فَلَا تثق بِهِ
وَقَالَ اخضع للنَّاس وخاصة الْعلمَاء والمشايخ وَلَا تزدر أحدا فطالما كتم الْعَالم علمه ليتخير لَهُ من يودعه إِيَّاه كَمَا يتَخَيَّر الْفَلاح الأَرْض
وَقَالَ اشْتغل من كل علم بِكَلَام أربابه الأول
وَقَالَ استكثر من الْعِنَايَة بالكتب الإلهية الْمنزلَة فَفِيهَا كل حِكْمَة
وَقَالَ أَكثر من صُحْبَة الْمَشَايِخ فَأَما أَن تستفيد من علمهمْ وَأما من سيرتهم
وَقَالَ إِذا تَأَمَّلت حركات الْفُضَلَاء وسكناتهم وجدت فِيهَا حكما جمة
وَقَالَ رَأَيْت الْهم عِنْد أَكثر النَّاس مَا يجتلبون بِهِ المَال
وَقَالَ مَا أَكثر مَا يسمع النَّاس الْوَصَايَا النَّبَوِيَّة والحكمية وَلَا يستعملون مِنْهَا إِلَّا مَا يجتلبون بِهِ المَال
وَقَالَ مَا أَشد ركون النَّاس إِلَى اللَّذَّات الجسمانية
وَقَالَ لَا تخل وقتك الْحَاضِر من الْفِكر فِي الْآتِي
وَقَالَ من لم يفكر فِي الْآتِي أَتَى قبل أَن يستعد لَهُ
وَقَالَ القناعة سَبَب كل خير وفضيلة
وَقَالَ وبالقناعة يتَوَصَّل إِلَى كل مَطْلُوب
وَقَالَ القانع مساعد على بُلُوغ مآربه
وَقَالَ اقصد من الْكَمَال الإنساني الْغَايَة القصوى فَإِن لم يكن فِي قوتك الْوُصُول إِلَيْهَا فَإنَّك تصل إِلَى مَا فِي قوتك أَن تصل إِلَيْهِ وَإِذا قصدت الْكَمَال التَّالِي لكمالك آملا إِذا وصلته أَن تقصد مَا يَلِيهِ فَرُبمَا ركنت إِلَى الرَّاحَة وقنعت بِدُونِ مَا تستحقه
وَقَالَ احرص على أَن لَا تخل بِشَيْء من الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة فَإِنَّهَا نعم الْمعِين الْموصل إِلَى الْعِبَادَات النفسانية
وَقَالَ كفى بالوحدة شرفا أَن الله تَعَالَى وَاحِد
وَقَالَ كلما تمحضت الْوحدَة كَانَت أشرف لِأَن وحدة الله تَعَالَى لَا يشوبها كَثْرَة من وَجه أصلا
وَقَالَ اعْتصمَ بِاللَّه تَعَالَى وتوكل عَلَيْهِ وثق بِهِ محقا يحرسك وَيَكْفِيك كل مؤونة وَلَا يخيب لَك ظنا
وَقَالَ اجْعَل الْملَّة عضدك وَأَهْلهَا إخوانك وَلَا تركن إِلَى الدول فَإِن الْملَل هِيَ الْبَاقِيَة
وَقَالَ عود نَفسك الْخَيْر علما وَعَملا تلق الْخَيْر من الله تَعَالَى وَمن النَّاس عَاجلا وآجلا
وَقَالَ لَا تطمع بالانقطاع مَا دَامَ لَك أدنى طمع
وَقَالَ لَو وقف الضَّعِيف عِنْد قدره لأمن كثيرا من الأخطار
وَقَالَ لَيْت شعري بِمَا أعْتَذر إِذا علمت وَلم أعمل أَرْجُو عَفْو الله تَعَالَى
وَمن شعره وَهُوَ مِمَّا سمعته من لَفظه رَحمَه الله فَمن ذَلِك قَالَ
(يَا صَاحِبي سلا الْهوى وذراني ... مَاذَا تريدا من مشوق عاني)
(لَا تسألاه عَن الْفِرَاق وطعمه ... إِن الْفِرَاق هُوَ الْمَمَات الثَّانِي)
(نَادَى الحداة دنا الرحيل فودعوا ... ففجعت فِي قلبِي وَفِي خلاني)
(وسرت ركائبهم وَقد غسق الدجى ... فأضاء مِمَّن سَار فِي الأظعان)
(مَا كنت أعلم أَن بعْدك قاتلي ... حَتَّى فعلت وغرني سلواني)
(وبكيت وجدا بعد ذَاك فَلم أجد ... إِنِّي وَقد صَار اللِّقَاء أماني) الْكَامِل 
وَقَالَ فِي صفة مجْلِس
(سقيا ليَوْم تمّ السرُور بِنَا ... فِيهِ وكأس الشُّمُول تجمعنا)
(والدهر ولت عَنَّا حوادثه ... وَنحن فِي لَذَّة ونيل مني)
(بِمَجْلِس كَامِل المحاسن لَو ... بِهِ يحل الجنيذ لافتتنا)
(فكاهة بَيْننَا وَفَاكِهَة ... وكاس رَاح وراحة وغنا)
(بَين ندامى مثل الشموس لَهُم ... علم وَفضل ورفعة وسنا)
(حَدِيثهمْ لَا يمل سامعه ... لطيبه الْعين تحسد الإذنا)
(إخْوَان صدق صفت ضمائرهم ... أولو عفاف لَا يضمرون خنا)
(أهل سماح مَا أَن يزَال لَهُم ... صنع لَهُ فِي الْأَنَام طيب ثَنَا)
(ننشد أغزالنا ونلغزها ... باسم غزال أضحى يغازلنا)
(فِي يَوْم دجن تهمي سحائبه ... كَأَنَّهَا كف رب منزلنا)
(وَعند منقل تلألأ فِي ... أرجائه النَّار فَهِيَ تدفئنا)
(تجاهه شاد وَفِي يَده ... طير كصب لَدَيْهِ ذاب ضنا)
(كَأَنَّهُ إِذْ غَدا يقلبه ... فِي النَّار قلبِي الَّذِي قد أرتهنا)
(ظلت كؤوس المدام طاردة ... للهم حَيْثُ السرُور عكرنا)
(نسر مَا بَيْننَا الحَدِيث وَلَا ... نبديه خوف الوشاة تسمعنا)
(فَمَا تَرَانَا عين لذِي بصر ... إِلَّا عُيُون الْحباب ترمقنا)
(فاطيب الْعَيْش مَا نكتمه ... خوفًا وَإِن كَانَ سرنا علنا)
(يَا يَوْمنَا هَل نرَاك ثَانِيَة ... ببعلبك أم تعود لنا) المنسرح
وَقَالَ أَيْضا
(يَا صَاح ضَاعَ نسكي ... مذ صرت فِي بعلبك)
(وَكَيف يسلم ديني ... بعد افتتاني وهتكي)
(بِكُل أهيف لدن ... القوام للبدر يَحْكِي)
(يرنو بصارم لحظ ... ماسل إِلَّا لفتكي)
(كَأَن فِي فِيهِ خمرًا ... شيبت بشهد ومسك)
(جذلان يضْحك تيها ... إِذا رَآنِي أبْكِي)
(وَلَا يرق إِذا مَا ... خضعت عِنْد التشكي)
(وَزَادَنِي زور واش ... وشى إِلَيْهِ بإفك)
(مَا راقب الله لما ... سعى إِلَيْهِ بهلكي)
(فَصَارَ فِي مَذْهَب الْحبّ ... مالكي وَهُوَ ملكي) الْبَسِيط
وَقَالَ أَيْضا
(سر الْمُحب بدمعه إعلان ... فَمَتَى يكون مَعَ الورى كتمان)
(أرأيتما يَا صَاحِبي فَتى تذل ... لَهُ الْأسود تذلة الغزلان)
(مَا كنت مِمَّن يسترق فُؤَاده ... عشق وَلَكِن الْهوى سُلْطَان)
(مولَايَ إِن الهجر بعد تواصل ... ورجاؤنا قد أمه الهجران)
(هَل ترحم الصب الكئيب بزورة ... يَا من جَمِيع فعاله إِحْسَان)
(تلقى فَتى رحب الفنا ذَا عفة ... طلق الْمحيا قلبه ولهان) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا
(أفدي رَشِيق الْقد لَيْسَ لَهُ ... فِي الْحسن وَالْإِحْسَان من ند)
(وَسنَان مَا لجفون عاشقه ... من رائد التسهيد من بُد)
(وَكَأن ريقته مُعتقة ... مشمولة بِالْمَاءِ والند)
(لكنه أضحى يعارضني ... بالهجر والإعراض والصد)
(فلأصبرن على ملالته ... فَعَسَى عَلَيْهِ تصبري يجدي) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا
(قد رق لي ورق الْحمى فِي لعلع ... بالنوح فِي الدوح فَفَاضَتْ أدمعي)
(ناحت مراء من حنين قَلبهَا ... ونحت نوح ثاكل مفجع)
(ودعتهم ثمَّ رجعت عادما ... قلبِي وهم يَا خيبة الْمُودع)
(وَقلت يَا روحي بيني فَلَقَد ... بانوا وَإِن لم يرجِعوا لَا تَرْجِعِي) الرجز
وَقَالَ أَيْضا
(أسفت وَمَا يجدي التأسف والوجد ... ونحت على نجد وَقد اقفرت نجد)
(وَسَار بِمن أَهْوى الركاب وأدمعي ... تفيض وَقَالُوا مت فَهَذَا هُوَ الْفَقْد)
(حرمت لذيذ الْعَيْش بعد فِرَاقه ... وبالرغم مني أَن يطول بِهِ الْعَهْد) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
(أتبخل بالتحية وَالسَّلَام ... فديتك لم وَأَنت أَبُو الْكِرَام)
(أَتَى رَمَضَان فافعل فِيهِ خيرا ... لتضحي فِيهِ مَقْبُول الصّيام)
(وَلَا تشهر حسام اللحظ فِيهِ ... وَلَا تهزز بِهِ رمح القوام)
(أما تخشى من الرَّحْمَن يَا من ... يحل الْقَتْل فِي الشَّهْر الْحَرَام) الوافر
وَقَالَ لغزا فِي أَبُو الْكِرَام
(يَا سائلي عَمَّن لعَيْنِي حلا ... فكر فقد جئْتُك بالمشكل)
(ذُو تِسْعَة تعد لَهَا شَاءَ فِي ... أعدادها فَافْهَم وَلَا تغفل)
(وثامن الأحرف كالرابع ... الْمَعْرُوف وَالرَّابِع كَالْأولِ)
(وَالسَّابِع التَّاسِع فِي خَمْسَة ... وَعشرَة السَّادِس فأظهره لي)
(وَعشر ثَانِيَة إِذا كَانَ فِي ... خامسه كالثالث الْأَفْضَل)
(هَذَا اسْم من أَهْوى فَإِن كنت ذَا ... معرفَة فَأخْبر وَلَا تمطل) السَّرِيع
وَقَالَ لغزا فِي أَبُو الْكِرَام
(يَا سائلي عَن حبيب لَا أُسَمِّيهِ ... خوف الرَّقِيب وَلَكِنِّي أعميه)
(مركب الِاسْم من سِتِّينَ قد ضربت ... فِي نصف سدس لَهَا فَافْهَم مَعَانِيه)
(وَخمْس سابعه ضعف لسادسه ... وَعشر سادسه مَال لثانيه)
(وثالث الِاسْم فِي هَاء كخامسه ... وَالرَّابِع الأول الْمَعْرُوف بحكيه)
(هَذَا اسْم سؤلي فَلَا تفصح بأحرفه ... إِنِّي فديتك مهما عِشْت أخفيه) الْبَسِيط
وَقَالَ أَيْضا لغزا فِيهِ
(فديت من نصف اسْمه جذر قَاف ... وخمسه لَام وياء وكاف)
(وسادس الأحرف فِي نصفه ... وربعه مثل الثمان الظراف)
(وَضعف ثَانِي الِاسْم فِي خَمْسَة ... كَنِصْف أنهاه قِيَاسا كفاف)
(وَالسَّابِع الثُّلُثَانِ وَالثَّالِث ... الْخمس وَالرَّمْز كَاف)
(وَالرَّابِع الأول يَا سَيِّدي ... هَذَا الَّذِي أورث جفني الرعاف)
(وَهُوَ على قسمَيْنِ إِحْدَاهمَا ... أقصده مِنْهُ وَقسم مُضَاف)
(هَذَا اسْم من أَهْوى فَهَل عاشق ... أُوتِيَ على مثل افتناني عفاف) السَّرِيع
وَقَالَ لغزا فِي أتش
(يَا سائلي عَن الأقمار تحكيه ... مهلا فَإِنِّي طول الدَّهْر أخفيه
(مركب الِاسْم من تَاء وَمن ألف ... وَسدس ثالثه نصف لثانيه)
(وَأول الِاسْم عشر الْيَاء فاصغ لما ... أَقُول واكتمه أَنِّي لَا أُسَمِّيهِ) الْبَسِيط
وَقَالَ
(حرم بعد الْقَوْم آرابه ... صب غَدا ينْدب مَا صابه)
(ودع من يهواه ثمَّ انثنى ... يعالج الْمَوْت وأسبابه)
(قَالَ لَهُ صَاحبه هَكَذَا ... جَزَاء من فَارق أحبابه) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا
(سيرتي كالمرآة يبصر مِنْهَا ... شبهه ذُو الْجمال والقبح حَقًا)
(فيسر الْجَمِيل حسن يوافي ... ويسوء الْقَبِيح قبح يلقى)
(فيديم الْجَمِيل رُؤْيَته فِيهَا ... وينأى عَنْهَا الْقَبِيح الأشقى)
(وَكَذَا لَا يلم بِي من بني الدُّنْيَا ... سوى الأكرمين طبعا وخلقا) الْخَفِيف
وَقَالَ أَيْضا
(ثَلَاثُونَ عَاما من حَياتِي مَضَت وَمَا ... يئست وَلَا نولت بعض مطالبي)
(تعاندني الْأَيَّام عمدا وإنني ... صبور على الْبلوى منيع الجوانب)
(تقربت من حظي بِكُل فَضِيلَة ... وَفضل فجاراني بِضيق الْمذَاهب)
(إِلَّا أَن يأس النَّفس أوفق للفتى ... وَأطيب من نجوى الْأَمَانِي الكواذب) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
(هِيَ الدُّنْيَا فَلَا تغتر مِنْهَا ... بِشَيْء أَنه عرض يَزُول) الوافر
ولعمي رشيد الدّين عَليّ بن خَليفَة من الْكتب كتاب الموجز الْمُفِيد فِي علم الْحساب أَربع مقالات أَلفه للْملك الأمجد صَاحب بعلبك وَذَلِكَ فِي شهر صفر سنة ثَمَان وسِتمِائَة وهم فِي المخيم بِالطورِ
كتاب فِي الطِّبّ أَلفه للْملك الْمُؤَيد نجم الدّين مَسْعُود بن الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَقد استقصى فِيهِ ذكر الْأُمُور الْكُلية من صناعَة الطِّبّ وَمَعْرِفَة الْأَمْرَاض وأسبابها ومداواتها
كتاب طب السُّوق أَلفه لبَعض تلامذته وَهُوَ يشْتَمل على ذكر الْأَمْرَاض الَّتِي تحدث كثيرا ومداواتها بالأشياء السهلة الْوُجُود الَّتِي قد اشْتهر التَّدَاوِي بهَا
مقَالَة فِي نِسْبَة النبض وموازنته إِلَى الحركات الموسيقارية
مقَالَة فِي السَّبَب الَّذِي لَهُ خلقت الْجبَال ألفها للْملك الأمجد
كتاب الاسطقسات
تعاليق ومجريات فِي الطِّبّ














مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید