المنشورات
زيادة المعنى حُسنا بزيادة لفظ.
هي من سنن العرب كما تقول: زَيْدٌ لَيْثٌ إنَّما شَبَّهْتَهُ بليثٍ في شَجاعته. فإذا قال: زيدٌ كاللَّيثِ الغَضبان فقد زاد المعنى حُسناً وكسا الكلامَ رونقا كما قال الشاعر: [من الهزج]
شَدَدْنا شِدَّةَ اللَّيثِ ... عَدا واللَّيثُ غَضبانُ.
وكما قال امرؤ القيس: [من الطويل]
مهفهفة2 بيضاء غير مفاضة3 ... تَرائِبُها مَصْقولَةٌ كالسِّجَنْجَلِ.
فلم يزد على تشبيهها بالمرآة. وذكر ذو الرُّمَّة أخرى فزاد في المعنى حيث قال: [من الطويل]
لها أذن حشر وذفرى أسيلة ... ووَجْهٌ كمِرآةِ الغَريبةِ أسْجَحُ4.
لأنَّ الغريبة لا يكون لها من يُعْلمها مَحاسِنها من مَساويها فهي تحتاج إلى أن تكون مِرآتُها أصفى وأنقى لِتُريها ما تحتاج إلى رؤيته من محاسِن وَجهِها ومساويه. ومن هذا المعنى قول الأعشى: [من الطويل]
تروح على آلِ المُحَلِّق جَفْنَةٌ ... كَجابِيَةِ الشَّيخ العِراقيِّ تَفْهَقُ.
فَشَبَّهَ الجَفْنَةَ بالجابية وهو الحوض وقيَّدها بذكر العِراقيِّ لأنَّ العِراقيّ إذا كان بالبرّ ولم يعرِف مواضع الماء ومواقع الغيث فهو على جمع الماء الكثير أحْرصُ من البَدوي العارف بالمناقِع والأحْساء. وقال ابن الروميّ: [مِنْ الخفيف]
مِنْ مُدامٍ كأنَّها دَمْعَةُ ... المَهجُورِ يَبْكي وعَيْنُهُ مَرْهاءُ.
فَشَبَّهها بدمعة المهجور في الرِّقَّةِ وزاد في الرَّفَّة بأن وصف عينه بالمَرَه وهو طول العهد بالكحل لِيكون الدَّمع مع رِقَّتِهِ أصْفى وأسلم مما يَشوبُهُ وهذا من لطائف الشعراء.
مصادر و المراجع :
١-فقه اللغة وسر العربية
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
المحقق: عبد الرزاق المهدي
الناشر: إحياء التراث العربي
الطبعة: الطبعة الأولى 1422هـ - 2002م
11 سبتمبر 2024
تعليقات (0)