المنشورات
قوى الدِّمَاغ
(وَفِي ضَرَر القوى الثَّلَاث) من قوى النَّفس التخيل والفكر وَالْكر والمقوية لَهَا والضارة بهَا وبالدماغ وبالذهن وَفِي سوء مزاج الدِّمَاغ وجمل من أمره ونقصانه وزيادته وَمَا ينفع الذِّهْن وَالْعقل وَمَا يضربهما وَمَا يفْسد الرُّؤْيَا ويعين على صِحَّتهَا.
الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الآلمة قَالَ كَانَ ارجيجانس يداوى ذهَاب الذّكر بغاية التسخين حَتَّى بالمحاجم ودواء الْخَرْدَل قَالَ إِذا تعطل الذّكر أَو ضعف فَفِي الدِّمَاغ سوء مزاج بَارِد وَيجب أَن يسخنه إِلَّا أَنه لَا يجب ضَرُورَة أَن يجفف أَو يرطب لَكِن ينظر إِلَى مَا تقدم من التَّدْبِير وَإِلَى مَا يسيل من الْأنف وَإِلَى النّوم فَإِن كَانَت زايدة يَبِسَتْ مَعَ ذَلِك وَإِن كَانَت نَاقِصَة رطبت وَإِن كَانَت معتدلة سخنت وَلم تجفف وَلم ترطب ألف فَإِنِّي أعرف رجلا من الفلاحين ورجلاً من الفلاسفة عرض لَهما نُقْصَان الذّكر وَكَانَ تَدْبِير كل وَاحِد مِنْهُمَا لطيفاً فِيمَا مضى وَكَانُوا الرَّابِعَة قَالَ جَمِيع أَنْوَاع اخْتِلَاط الْعقل ثَلَاثَة إِمَّا أَن يكون الْحس فَاسِدا والفهم صَحِيحا مثل من يرى على ثِيَابه تنينا يحْتَاج إِن لَهُ أَشْيَاء أمثل هَذَا النَّحْو لَا حَقِيقَة لَهَا ومعرفته بهَا صَحِيحَة وَمثل الرجل الَّذِي كَانَ يسمع فِي نَاحيَة بَيته زمارين لَا ينظرُونَ لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَإِمَّا أَن يكون الْحس صَحِيحا فيخيل الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ والفكر فَاسد مثل الرجل الَّذِي رمى للبساط الصُّوف من السَّطْح وبجميع الْأَوَانِي إِلَى مَا كَانَت هُنَاكَ فَإِن هَذَا كَانَ تخيله صَحِيحا وَذَاكَ إِنَّه كَانَ يُسمى كل وَاحِد مِنْهُمَا باسمه ثمَّ يقْصد إِلَيْهِ إِلَّا أَنه كَانَ لم ينظر أَنه يفهم أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يرْمى بهَا إِلَى أَسْفَل لي وَجَمِيع من يخلط إِنَّمَا يخلط فِي تَخْلِيط الْكَلَام لَا فِي الْأَسْمَاء المفردة وَإِمَّا أَن يجتمعا لي هَذَا صَعب يستعان بالثالثة وجوامعها من الْأَعْضَاء الآلمة.
جَوَامِع الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الآلمة قَالَ اسْتدلَّ على سوء المزاج الْحَار فِي الدِّمَاغ باختلاط الذِّهْن وعَلى سوء المزاج بتعطل الْأَفْعَال النفسية وَذَهَاب الْحس وَالْحَرَكَة وَيَنْبَغِي أَن يكون بذهاب الْحس وَالْحَرَكَة وعَلى يبوسته بالأرق وعَلى رطوبته بالسبات وعَلى حره ويبسه باختلاط الْعقل مَعَ الأرق وعَلى برودته ورطوبته باختلاط الْعقل مَعَ نوم وعَلى برده ويبسه بتعطل الْحَرَكَة والسهر وَإِذا كَانَت هَذِه الْأَصْنَاف بِلَا مَادَّة لم يجر حِينَئِذٍ من الْأنف والحنك وَالْأُذن شَيْء وَإِذا كَانَ مَعَ)
مَادَّة جرى مِنْهَا حِينَئِذٍ أخلاط مرارية وَإِمَّا بلغمية.
قَالَ وتعطل الذّكر ونقصانه يكون دَائِما من الْبرد إِلَّا أَنه إِن كَانَ مَعَ سبات فمعه رُطُوبَة وَإِن كَانَ مَعَ ارق فمعه يبس.
الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ الْخمر ردىء للذهن.
من كناش بولس قَالَ الذِّهْن إِنَّمَا يشحذه ويقويه الْيَقَظَة وتلطيف التَّدْبِير لَا النّوم وملأ الْبَطن.
قَالَ وَقد أجمع النَّاس على إِنَّه لَا يتَوَلَّد عَن الْبدن الغليظ ذهن لطيف. الْعَادَات قَالَ من اعْتَادَ أَن يحْتَفظ قدر عَلَيْهِ أَكثر لِأَن ذَلِك ألف للذهن بِمَنْزِلَة الرياضة فَكَمَا أَن من اعْتَادَ أَن يروض بدنه هُوَ أقوى على الرياضة كَذَلِك من رَاض بعض قوى نَفسه أَي قُوَّة كَانَت على فعلهَا صَارَت أفضل فِي ذَلِك الْفِعْل.
من قوى النَّفس قَالَ الرُّطُوبَة تبلد النَّفس واليبس يشحذها وجدت إِنَّه لَيْسَ بخلط الْإِنْسَان عَن رُتْبَة الْمَلَائِكَة فِي الْفَهم إِلَّا الرُّطُوبَة لِأَن النَّفس ارتبطت بجوهر رطب قَالَ وَالدَّم الْكثير الغليظ الْكثير الْحَرَارَة يفعل الْقُوَّة وَالْجَلد أَكثر وَالدَّم الْأَكْثَر لطافة الْأَكْثَر برودة يفعل الْحس والفهم أَكثر لي ينظر فِيهِ قَالَ وَقلة الدَّم أعون على الْفَهم وَلذَلِك صَارَت الْحَيَوَان الَّتِي لَا دِمَاء لَهَا أفهم مِمَّا هُوَ على خلاف ذَاك وأفضلها كلهَا مَا كَانَ حَار الدَّم لطيفه صَافِيَة فَإِن هَذَا أفضل فِي الْفَهم لي كَانَ هَاهُنَا مناقصة فَانْظُر قَالَ وَالْحَيَوَان الَّذِي دَمه أرق والطف أسْرع حسا.
طيماوس الْمقَالة الأولى قَالَ إِنَّمَا أمرت الْأَطِبَّاء بِتَقْدِير الْغذَاء لِئَلَّا يكثر الدَّم فِي الْبدن لِأَن كَثْرَة الرطوبات فِي الْبدن تذْهب الْفَهم ويستدل على ذَلِك مرَارًا كَثِيرَة إِن من كثرت رطوبته كسل وبلد وَيكثر نَومه وهاجت بِهِ الْأَمْرَاض إِلَى أَن يفقد مَعهَا حس الذِّهْن وَإِذا رطب الدِّمَاغ ذهب الذِّهْن كالحال عِنْد السكر لي اليبس أبدا يَجْعَل النَّفس أَشد حركات وأسرع وَمَا يجده فِيمَن يغلب عَلَيْهِ اليبس إِنَّمَا هِيَ حركات قد جَاوَزت مِقْدَار سرعتها الْحَال الطبيعية للنَّاس فإمَّا أَن يكون اليبس مضرا بالذهن نَفسه فَلَا بل هُوَ زايد فِيهِ أبدا لَكِن أَفعَال النَّفس عندنَا بِحَدّ لَا يزِيد يُجَاوِزهُ اليبس الْغَالِب يجوز بهَا ذَلِك الْحَد ضربا يحْتَاج إِلَى أَن يعالج مِنْهُ إِذا فرط.
السَّادِس عشر من الْعِلَل والأعراض قَالَ سوء المزاج الْحَار الْمُفْرد فِي الدِّمَاغ يحدث وسواسا فَإِن كَانَ مَعَ يبس حدث مَعَ ذَلِك سهر فَإِن السهر خَاص باليبس وَالنَّوْم بالرطوبة وَأما برودة الدِّمَاغ مُفْردَة فَإِنَّهُ يحدث البلادة فَإِن كَانَ مَعَ رُطُوبَة أحدث سباتا ثقيلاً والمزاج الْحَار الرطب يحدث)
سهرا مُخْتَلفا بالوسواس والسبات وَأما سوء المزاج الْبَارِد الْيَابِس فَإِنَّهُ يحدث عَنهُ عدم الْبدن للحركة وَأَن يبْقى شاخصا وَهُوَ قاطوخس.
الْخَامِسَة من السَّادِسَة من ابيذيميا ألف قَالَ الْعِلَل الَّتِي تضعف فِيهَا الْفِكر وَالذكر ينفع مِنْهَا أَن يبصر العليل وَأَن يسمع مَا يغمه شَدِيدا أَو يلجأ إِلَى الْفِكر فِيهِ وَيصير ذَلِك سَببا لمراجعة الْخَامِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة قَالَ الافتيمون والمر والميعة السائلة والزعفران ضارة للدماغ يحدث فِي الرَّأْس ثقلا وَحَالَة شَبيهَة بالسكر وَكَذَلِكَ كلما أورث بعقب أكله من الأغذية سدرا وثقلا فِي الرَّأْس فَإِنَّهُ ردى للدماغ والأشياء الضارة لفم الْمعدة تضر الدِّمَاغ بالمشاركة.
الْيَهُودِيّ قَالَ مِمَّا جربت إِنَّه لَيْسَ شَيْء خير لاختلاط الْعقل والأمراض الْبَارِدَة فِي الدِّمَاغ جملَة من أَن يعْطى العليل كل يَوْم دانقا من الثبادريطوس غدْوَة وَمثله عَشِيَّة ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَإِنَّهُ يبرؤه الْبَتَّةَ ونفعه من الفالج أَيْضا أَي نفع.
الطبرى قَالَ قد يكون ضروب من ذهَاب الْحِفْظ عَن اليبوسة إِلَّا أَن أَكْثَره يكون عَن الرُّطُوبَة وينفع للْحِفْظ أَن يُؤْخَذ ثَلَاثِينَ كندر وَعشرَة دَرَاهِم فلفل فيدقان وَيشْرب مِنْهُ على الرِّيق كل يَوْم مِثْقَالا إِلَى مثقالين أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يُؤْخَذ وَج فيغمز بِسمن الْبَقر ويدفن فِي الشّعير أَرْبَعُونَ يَوْمًا يصب عَلَيْهِ غمرة عسل يدْفن أَيْضا فِي الشّعير عشْرين يَوْمًا ثمَّ يُؤْكَل مِنْهُ كل يَوْم قِطْعَة فَإِنَّهُ عَجِيب لذهاب الخفظ لي يَنْبَغِي أَن يُؤْكَل وَج مربى بالعسل بِلَا سمن وينفع للْحِفْظ غَايَة النَّفْع هَذَا المعجون لي يُؤْخَذ كندر وزن خمسين درهما فلفل عشرَة دَرَاهِم وَج عشرَة دَرَاهِم سعد عشرُون درهما اهليلج أسود زنجبيل عشرُون عشرُون درهما عسل البلادر عشرَة دَرَاهِم عسل مثل الْجَمِيع.
شرك الْبرد يصحح الذِّهْن ويطيب النَّفس. اهرن عالج من ذهَاب الذِّهْن خَاصَّة والسهر وَالنِّسْيَان يالبلادرى خَاصَّة وبالغراغر الجالية للبلغم فَإِن عتق هَذَا الدَّاء أَعنِي ذهَاب الذّكر فاكوه فِي الأخدعين والقفا وَمَا كَانَ من ضروب فَسَاد الدِّمَاغ مَعَ مَادَّة فاستفرغ تِلْكَ الْمَادَّة وَمَا كَانَ بِلَا مَادَّة فقابلها بالضد لي قد تحدث علل فِي الدِّمَاغ من أجل نُقْصَان كميته وَلذَلِك تنقص عقول الهرماء لِأَن الدِّمَاغ والمخ ناقصين وأوفر الأدمغة الْحَيَوَان الْقَرِيب الْولادَة.
وعلامة الْعِلَل الْحَادِثَة ألف عَن نُقْصَان الدِّمَاغ مَعهَا دَلَائِل سوء المزاج وَيكون الْعقل مَسْرُورا كالحال فِي الْمَشَايِخ الهرماء.
وَمِمَّا يقلل الدِّمَاغ ومخ الْعِظَام التَّعَب وَالتَّدْبِير الملطف فِي الأغذية)
الملطفة والباه والسهر وَمِمَّا يزِيد فِيهِ أضداد هَذِه والاستحمام وَأكل اللبوب بالسكر والفالوذج وَنَحْوه من الأغذية اللذيذة الْكَثِيرَة الْغذَاء والبندق واللوز خَاصَّة إِذا أكلا بالسكر.
ابْن ماسويه فِي كِتَابه الموسوم بالأدوية المنقية قَالَ ينفع من النسْيَان أكل الْخَرْدَل وطلاء مُؤخر الرَّأْس بِهِ مَعَ الجندبيدستر قَالَ وَأكل البصل إِذا أَكثر وأدمن يفْسد الْعقل وَيُورث النسْيَان وَقَالَ الزم لصَاحب النسْيَان الانقرويا كل يَوْم درهما بِمَاء حَار على الرِّيق وَاجعَل غذاءه لُحُوم الطير الْيَابِسَة الْخَفِيفَة قَليلَة السّمن كالعصافير والشفانين والقنابر والطيهوج وَشَرَابه مَاء الْعَسَل.
ابْن سرابيون قَالَ إِذا فسد مزاج الْبَطن الْمُؤخر من الدِّمَاغ فسد الْحِفْظ فَإِن فسد من الرُّطُوبَة كَانَ مَعَه سبات ونوم كثير وسيلان من الْأنف والفم وبالضد فَإِن فسد من الرُّطُوبَة فَعَلَيْك بِالتَّدْبِيرِ الملطف وَالْقعُود فِي مَوضِع مضيء ليكْثر التَّحَلُّل لي يَنْبَغِي أَن يكون موضعا يَابسا وأسهلهم بإيارج والشحم مَعَ جندبادستر واسطوخودوس وَنَحْوهَا ثمَّ بعد الْإِكْثَار من الاستفراغ أعطهم الانقرويا وأدلك الرَّأْس حَتَّى يحمر الْوَجْه والثافسيا والجندبادستر والافربيون وأدلكه بِزَيْت عَتيق ونطرون وَاسْتعْمل الْغرُور فِي الْحلق وشمهم الْمسك والجوزبوا والمرزنجوش وَإِذا كَانَ فَاسد الذّكر من الْبرد واليبس فأدلك الرَّأْس بدهن خيرى ودهن سوسن واسقهم شرابًا وينطل وَاجعَل أغذيتهم مرطبة مَعَ اسخان واسقهم الْخمر وَأكْثر نطل الرَّأْس بالمسخنات المرطبات.
من الْمسَائِل الطبية لارسطاطاليس قَالَ الْإِنْسَان أَكثر فهما من الْحَيَوَان لِأَن روحه ألطف لي يكون روحه ألطف لِأَن دَمه ألطف.
الْمُفْردَات الْمضرَّة بالذهن والنافعة لَهُ الكزبرة قَالَ إِن الْإِكْثَار مِنْهُمَا يخلط الذِّهْن فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تجتنب الْإِكْثَار والإدمان لَهَا قَالَ الكندر إِذا شرب خير للأصحاء والباقلا يعرض لمن أكله أَحْلَام ردية وَكَذَلِكَ من العدس والكرنب وَكَذَلِكَ الكراث واللوبيا والبصل من أَكثر مِنْهُ أَلْقَاهُ ألف فِي ليثرغس.
فوبوس فِي كتاب الفلاحة الباقلا يوهن الْفِكر وَيمْنَع الرُّؤْيَا الصادقة لِأَنَّهُ يُولد رياحا كَثِيرَة.
ابْن ماسويه قَالَ الزَّعْفَرَان ردى للذهن والإكثار مِنْهُ يحرق الدَّم والكندر يحرق الدَّم وَهُوَ جيد للْحِفْظ والفجل يلطف الْحَواس إِذا أكل.
ماسرجويه ايور دَوَاء فَارسي يذكي الذِّهْن وَالْعقل وَيعرف بِهَذَا الِاسْم اقدر وَهُوَ دَوَاء كرماني خاصيته تذكية الذِّهْن.)
الخوز وَابْن ماسويه وَأَبُو جريج والفهلمان وَابْن ماسه البلادر خاصيته إذهاب النسْيَان وَيخَاف على شَاربه من الوسواس وَرُبمَا أورث البرص والجذام وَالْقدر مِنْهُ نصف دِرْهَم.
الخوز قَالَت لحم الدَّجَاج يزِيد فِي الْعقل.
شرك الهليج الْأسود يزِيد فِي الذِّهْن وَالْحِفْظ وَيُقَوِّي الْحَواس وَيذْهب السهر وغروب الذِّهْن.
ابْن ماسويه الزنجبيل جيد للْحِفْظ. أَبُو جريج قَالَ أَن ألْقى كل يَوْم من الكندر مِثْقَال فِي المَاء وَشرب كل يَوْم زَاد فِي الْحِفْظ والذهن وأذهب بِكَثْرَة النسْيَان غير أَنه يحرق وَيحدث صداعا وَيحرق الدَّم.
ماسويه الكندر يزِيد فِي الذِّهْن ويزكيه.
سدهسار قَالَ الزنجبيل يشحذ الذِّهْن.
ابْن ماسويه قَالَ السعد يزِيد فِي الْعقل.
روفس نشارة العاج يزِيد فِي حفظ الصِّحَّة.
جالينوس قَالَ الشَّرَاب إِذا أَكثر مِنْهُ أفسد الْفِكر وَجعله بليدا قَلِيلا كدرا.
ابْن البطريق فِي كِتَابه فِي السمُوم إِن شرب من عسل البلادر نصف دِرْهَم أصلح الْحِفْظ وَإِن أَخذ مِنْهُ مثقالان قتل.
من قَول روفس فِي حفظ النسْيَان الْكَائِن من صِحَة الْبدن يدل على الصرع والسكات فَيَنْبَغِي أَن يسخنوا ويلطخوا الرَّأْس ويسقوا أَمَامه مَاء الْعَسَل هُوَ يُفِيد جودة الهضم وَالسكر والامتلاء وهبوب الرّيح الجنوبية كلما ازدادت ردى لذَلِك والمزاج الْيَابِس وَأصْلح فِي الْحِفْظ وَلَيْسَ الْبَارِد بموافق فَيَنْبَغِي أَن يمال مزاج تُرِيدُ تذكيته إِلَى الْحر واليبس على تدريج وَلَا تفرط فيمرضه وَلَا يَنْبَغِي أَن يخَاف على الرُّطُوبَة وَلَكِن بِقدر مَا ينقص فضولها لِأَن الرُّطُوبَة إِذا خف غلبها.
وَقلت فِي الْبدن تبع ذَلِك برد المزاج وَهُوَ غير مُوَافق فِي الذّكر وَالصبيان وَإِن كَانَ مزاجهم رطبا فيعينهم على جودة ألف الْحِفْظ خلال الْفِكر من الِانْتِقَال والإمعان فِي الرَّأْس لِأَن الإمعان فِي الدراسة يُخَفف رطوبتهم من أمزجتهم على أَن حفظهم لَيْسَ بِثَابِت كحفظ الرِّجَال وَلَا يَنْبَغِي أَن يروض من تُرِيدُ تذكيته رياضة قَوِيَّة وَلَا رياضة بتعب الرَّأْس لِأَن الْقُوَّة تَدْعُو إِلَى الاستكثار من الطَّعَام والغذاء الْكثير مَا يتَحَلَّل من الْبدن وَالْأُخْرَى تحدث الرطوبات وتجرى إِلَى الرَّأْس وَالْمَشْي صَالح لَهُ وتحريك الْيَدَيْنِ وَنَحْوه وَكَثْرَة الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ الْحَار كَانَ أَو بالبارد غير مُوَافق وَذَلِكَ أَن)
الْبَارِد يخدر الْبدن ويضر بالحواس والحار يُرْخِي العصب ويوهن الذّكر وَيُوَافِقهُ فِي الْجُمْلَة التَّدْبِير الملطف وَأَن يكون إِذا املأ تقيأه وخفف الْغذَاء بعده بيومين وَيتْرك الأغذية المنومة كالخس والخشخاش وَالَّذِي يرتقى مِنْهَا بخار كثير كالثوم والبصل والكرنب إِلَّا الْقَلِيل من هَذِه وَشرب الشَّرَاب باعتدال أصلح من المَاء لِأَن الشَّرَاب باعتدال يطيب النَّفس ويجلب إِلَيْهَا الْحَرَكَة ويجعلها حَسَنَة الْحَرَكَة وَالذكر ويسرع صَاحبه إِلَى فهم الْأَشْيَاء والتذكير بعد النسْيَان فَأَما شرب المَاء فردى لِأَنَّهُ يبرد ويرطب وَذَلِكَ مِمَّا يكثر النسْيَان وَلَا يكثر نوم النَّهَار خَاصَّة مَعَ تملى الْبَطن وَبِالْجُمْلَةِ كَثْرَة النّوم ردى فِي ذَلِك لِأَنَّهُ يثقل ويكسل والإفراط فِي السهر وَالْجِمَاع ينسيان ويحللان الْفِكر الثَّابِت واعتياد الدَّرْس نعم العون على ذَلِك فَإِنَّهُ يعود إِلَى النَّفس التَّذَكُّر ونشارة العاج إِذا شربت تعين على الْحِفْظ والإسهال وقثاء الْحمار والغرور والعطوس الحادة للبلغم.
مصادر و المراجع :
١-الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م
عدد الأجزاء: 7
11 سبتمبر 2024
تعليقات (0)