المنشورات

(أمراض ثقب العنبي)

أما أمراض ثقب العنبي فَأَرْبَعَة اتساعه وضيقه وزواله وانخراقه فاتساعه يكون أما طبيعيا وَأما حَادِثا وَالَّذِي يحدث هُوَ إِمَّا من امتداد ويعرض فِي العنبية عَن المها فِي نَفسهَا وَيكون من يبس وَهُوَ مرض بسيط من سوء مزاج ألف يَابِس وَأما لِكَثْرَة الرُّطُوبَة البيضية وَهُوَ مرض مَعَ مَادَّة كالأورام وَأما ضيقها فَيكون أَصْلِيًّا وحادثا والحادث من استرخاء العنبية ويسترخي لعلتين أما لرطوبة تغلب على مزاجه فترخيه وَأما لقلَّة الرُّطُوبَة البيضية وضيق العنبية أبدا أَحْمَر فِي حِدة الْبَصَر وجودته إِذا كَانَ أَصْلِيًّا فَأَما الْحَادِث فردى وخاصة أَن كَانَ عَن نُقْصَان البيضية لَان الجليدية لَا تسترها حِينَئِذٍ عَن النُّور كثير شَيْء فيضره ذَلِك بهَا وَلِأَنَّهَا تعد أَيْضا من غذائها فيضعف وَيفْسد مزاجها على الْأَيَّام وَأَن كَانَ من استرخاء العنبية أَيْضا فَهُوَ رَدِيء لعلل قد يمكنك أَن تعرفها مِمَّا تقدم.
وَأما انخراق الحدقة فَيكون عرضا إِذا نتأ شَيْء من العنبي فِي القروح وَهُوَ يضر بالبصر أَو يلفه على مَا تقدم.
وَأما انخراق العنبية فَأن كَانَ صَغِيرا لم يضر وَأَن كَانَ عَظِيما سَالَتْ مِنْهُ الرُّطُوبَة البيضية وَيذْهب الْبَصَر.
قَالَ وَإِمَّا الرُّطُوبَة البيضية فالآفة تحدث فِيهَا أما فِي كميتها وَأما فِي كيفيتها فَأن كثرت حَالَتْ بَين الجليدية وَالْبَصَر الضَّوْء فأذهبت الْبَصَر وَأَن قلت لم يمنعهُ من الضَّوْء الْبَتَّةَ فأضربها وَقد تضمر أَيْضا إِذا قل غذاؤها وَأما أَن تغلظ فَأن كَانَ غلظها يَسِيرا لم ير الْبعيد وَلم يستقص النّظر إِلَى الْقَرِيب وَأَن غلظت كَانَ غلظها شَدِيدا فَأَنَّهُ أَن كَانَ فِي كلهَا منع الْبَصَر وَيُسمى هَذَا المَاء وَأَن كَانَ فِي بَعْضهَا فَأَنَّهُ يكون أما فِي أَجزَاء مُتَّصِلَة وَأما فِي أَجزَاء مُتَفَرِّقَة فان كَانَ فِي أَجزَاء مُتَّصِلَة)
فانه أما أَن يكون فِي الْوسط وَأما حول الْوسط فان كَانَ فِي الْوسط رأى من عرض لَهُ ذَلِك فِي كل جسم كوَّة لِأَنَّهُ يظنّ أَن مَالا يرَاهُ من الْجِسْم عميقا وَأَن كَانَ حول الْوسط منع الْعين أَن يرى أجساما كَثِيرَة دفْعَة حَتَّى يحْتَاج إِلَى أَن يرى كل وَاحِد من الْأَجْسَام على حِدته لصِغَر صنوبرة الْبَصَر وَنحن نقُول لصِغَر طَرِيق الشبح وَأَن كَانَ الغلظ من أَجزَاء مُتَفَرِّقَة فَأَنَّهُ يرى بَين يَدَيْهِ أشكال تِلْكَ الْأَجْزَاء الغليظة وقوامها كالبق وَالشعر وَمَا أشبه ذَلِك كَمَا يعرض فِي وَقت الْقيام من النّوم للصَّبِيّ والمحموم وَأما فِي لَوْنهَا فَأَنَّهَا أما أَن يتَغَيَّر كلهَا فَيرى الْجِسْم كُله باللون الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فَأن كَانَ لَوْنهَا إِلَى الدكنة رأى الْأَجْسَام أجمع كَأَنَّهَا فِي ضباب أَو دُخان وَبِالْجُمْلَةِ فَأَنَّهُ يرى الْأَجْسَام باللون الَّذِي يَتلون ألف وَأَن كَانَ لَوْنهَا لون غير ذَلِك رأى الْأَجْسَام بذلك اللَّوْن وَأما أَن يتَغَيَّر لون بعض أَجْزَائِهَا فَيرى من أَصَابَهُ ذَلِك بَين عَيْنَيْهِ أشكالا بألوان تِلْكَ الْأَجْزَاء الَّتِي تَغَيَّرت ألوانها وَذَلِكَ شَبيه بِمن يعرض لَهُ المَاء لي أَلا أَن هَذِه لَهَا ألوان مُخْتَلفَة وَذَلِكَ بيض أبدا.
قَالَ وَأما الرّوح النوري فَأن الآفة تعرض لَهُ أما فِي الكمية وَأما فِي الْكَيْفِيَّة وَنحن نقُول لَيْسَ للروح النوري وَأما الجليدي الْقَابِل للشبح فَأن الآفة تعرض لَهُ على مَا نقُوله.
قَالَ أما فِي الكمية فَإِذا قل لم يبصر الشَّيْء من بعيد وَإِذا كثر أبصره من بعيد قَالَ وَأَن كَانَ لطيفا فَأَنَّهُ يستقصي النّظر إِلَى الْأَشْيَاء يثبتها ثبتا شَدِيدا وَأَن كَانَ غليظا فبالضد.
وَنحن نقُول أَن كَانَ جَوْهَر الجليدية شَدِيد الصفاء والرقة تشنجت فِيهِ الأشباح الْبَعِيدَة وَأَن كَانَ خلاف ذَلِك فبالضد وَأَن كَانَ شَدِيد الصقالة والملاسة لَو يحرم الشبح وَلَو لطف مِنْهُ وبالضد قَالَ وَأما مَا يُحَاذِي ثقب العنبية من القرنية فَأن جَمِيع آفاته تضر بالبصر ويعرض فِيهِ من نَفسه ثَلَاث ضروب من الْآفَات أما سوء مزاج وَإِمَّا مرض آلي وَأما انحلال فَرد فَأَما أمراضه الَّتِي من سوء مزاج فَأَنَّهُ أَن رطب رأى صَاحبه الْأَشْيَاء كَأَنَّهَا فِي ضباب أَو فِي دُخان وَأما أَن تغير لَوْنهَا وَيرى من أَصَابَهُ تِلْكَ الْأَشْيَاء بذلك اللَّوْن كَمَا يعرض لصَاحب اليرقان أَن يرى الْأَشْيَاء صفراء وَلِصَاحِب الطرفة أَن يرى الْأَشْيَاء حَمْرَاء وَأما يبس فَيحدث فِيهِ غُضُون تضعف الْبَصَر ويعرض ذَلِك للشيوخ كثيرا فِي آخر أعمارهم وَقد تتشنج القرنية لَا من أجل يبس يجفف لَكِن من نُقْصَان الرُّطُوبَة البيضية وَيفرق بَينهمَا أَن التشنج الْوَاقِع بالقرني من أجل نُقْصَان البيضى يعرض مَعَه ضيق الحدقة والغضون الَّتِي لَهَا من أجل اليبس فِي نَفسهَا لَا يعرض مَعَه ذَلِك وَأما الغلظ فِيهِ فَأَنَّهُ أَن كَانَ قَلِيلا أضرّ بالبصر كالآثار الْخفية من اندمال القروح وَأَن كَانَ غليظا أضرّ)
أضرارا عَظِيما بِأَن أفرط فِي الْعظم أتْلفه الْبَتَّةَ وَأما إنخراقه فعلى ذَلِك أَن كَانَ قَلِيلا أضرّ بالبصر إِذا كَانَ فِي هَذَا الْجُزْء من الْقَرنِي المحاذي لثقب الْعين وَأَن كَانَ كثيرا اتلفه الْبَتَّةَ.
وَأما آلا فَاتَ الْعَارِضَة فِي حركات الْعين الإرادية فَأَما أَن تضعف كالرعشة أَو تبطل كالفالج أَو يكون على غير مَا يَنْبَغِي كالتشنيج وَعلة ذَلِك كُله أما الدِّمَاغ ألف وَأما العصب الْمُتَّصِل بِالْعينِ.
الْأَعْضَاء أَلا لمة قَالَ جالينوس أمراض الْعصبَة المجوفة لَهَا ثَمَانِيَة من سوء المزاج أما ورم وَأما سدة وَأما انتشار وَأما انْقِطَاع الْعصبَة الْجَارِي عَنْهَا الرّوح.
من كتاب الْبَصَر فِي الجموع فِي الْعين قَالَ ألّف للرمد الَّذِي لَا ضَرْبَان مَعَه فَاجْعَلْ مِمَّا يقبض قبضا معتدلا أَن كَانَ مَعَه ضَرْبَان فَأن لم يكن مفرطا فَاجْعَلْ مَعَه الْأَدْوِيَة المنضجة فِيهِ لِأَن لَهَا تسكين الوجع فان كَانَ الضربان شَدِيدا مقلقا فاخلط بهَا مخدرة وَلَا تدمن المخدرات لِأَنَّهَا تبطئ بانتهاء الْعلَّة وتنضجها وَإِذا انْتهى الرمد فَاجْعَلْ الْأَدْوِيَة المحللة أغلب عَلَيْهَا وَأما الأرماد المتطاولة فاخلط بالشياف الَّتِي تسْتَعْمل فِيهَا النّحاس المحرق والزاج المحرق والشادنة والتوبال والزرنيخ والمرقشيثا والسنبل واللؤلؤ والاثمد والاسفيداج والأصداف المحرقة وَجَمِيع المعدنية فاسحقه بالهاون بِالْمَاءِ بعد أَن تكون قد تخلته بِالْجَرِيرِ سَاعَة هوية ثمَّ صب عَلَيْهِ مَاء وحرّكة وصولّه وَاعد تصويله مَرَّات ثمَّ جففه واسحقه فان هَذَا احكم مَا يكون قَالَ وَاعْلَم ألف أَن الزنجار يَأْكُل حجب الْعين ويجففها ويهتكها فيرفق فِي اسْتِعْمَاله وخاصة فِي عُيُون الصّبيان والأبدان الرقيقة فاخلط بِهِ لَهَا كثيرا من الاسفيداج والنشا وادفه بِالْمَاءِ لتنقص حِدته إِذا اسْتعْملت الْأَدْوِيَة الجلاءة فِي السبل والجرب والظفرة وترقيق أثر القروح وَغير ذَلِك فَمن كحلته فاصبر سَاعَة حَتَّى يسكن مضض الدَّوَاء ثمَّ أكحله ثَانِيَة بعد سَاعَة ليَكُون ذَلِك أبلغ فان تَوَاتر الْكحل ميلًا فِي أثر ميل فِي هَذِه الْأَدْوِيَة لَا يبلغ مَا يُرَاد من التنقية لَا يومن مَعَه نقُول الْعين ونكايتها.
قَالَ والذرور كُله ردي فِي بَدو القروح والرمد.
قَالَ وَإِذا عرضت أوجاع الْعين فِي الْبلدَانِ الْبَارِدَة وَفِي النَّاس الَّذين نشئوا فِي تِلْكَ الْبلدَانِ فَأن برؤها أَبْطَأَ ووجعها أَشد لاستكثاف حجب أَعينهم فَلَا تجزع والزم علاجك.
قَالَ وأجود الْأَشْيَاء لَا وجاع الْعين كلهَا بعد قطع الْمَادَّة قَدِيما كَانَ ذَلِك الوجع أَو حَدِيثا فِي)
الأجفان كَانَ أَو فِي دَاخل الطَّبَقَات تلطيف الْغذَاء وتسهيل الطبيعة وَقلة الشَّرَاب وَالْجِمَاع وتكميد الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ بِالْمَاءِ الْحَار وَشد السَّاقَيْن ودلك الْقَدَمَيْنِ وخاصة عِنْد شدَّة الوجع وطلاء الصدغين بالأدوية القابضة وَرُبمَا طليت الأجفان فِي الْعِلَل المزمنة بالأدوية المحللة.
وَيَنْبَغِي لأَصْحَاب وجع الْعين أَن يمسكوا بِأَيْدِيهِم خرقا خضرًا أَو سَوْدَاء وَلَا يمسكوا بيضًا وَمن كَانَ بِعَيْنِه الرمد الْحَار وبئر يجلس فِي مَوضِع قَلِيل الضياء وَيجْعَل فرشه ثيابًا مصبغة ويفرش حواليه الآس وَالْخلاف الْخضر واجمع الكحالون أَن جَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي تكحل بهَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي حدّ مَا لَا يحس دقة وَألا أنكئت الْعين وَعظم ضررها وأنفع الأميال المتين الشَّديد الملاسة وَيرْفَع الجفن ويقلبها بِرِفْق جدا ويؤدها ويردها فَإِذا أقلبها لم يَتْرُكهَا يَسْتَوْفِي فِي ذَاتهَا لَكِن يردهَا بِرِفْق وَيَضَع الذرور ويرفق عِنْد المأقين وَلَا يخلط بالميل فِي الْعين وَأَن كنت تُرِيدُ أَن تقلع الْبيَاض فتضعه على الْبيَاض وَحده وَتمسك سَرِيعا.
قَالَ وكل وجع مَعَه ضَرْبَان فيعالج بالأدوية المبردة والمسكنة للوجع وَأما الأوجاع الغبية مثل السبل والظفرة والسلاق والحكة وبقايا الرمد وآثار القروح وكل وجع لَا ضَرْبَان مَعَه فيعالج بالأدوية المنقية المذيبة.
قَالَ وَإِذا عرض وجع حاد مَعَ وجع مزمن ألف فابدأ بالحاد حَتَّى ينْصَرف.
قَالَ يُوشَع لابد فِي القروح والبثور والرمد الْحَار والسبل الَّذِي مَعَه انتفاخ وورم وَحُمرَة شَدِيدَة وَكَثْرَة قذى ورطوبة من الفصد والحجامة والإسهال فَأَما غير ذَلِك فَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك وذره وَيَكْفِي بالاكحال.
من كناش مسيح إِذا كَانَ امْتنَاع الْبَصَر من أجل فَسَاد مزاج الدِّمَاغ عرض مَعَه فَسَاد سَائِر الْحَواس وَأَن كَانَ الورم فِي العصبتين المجوفتين كَانَ على أَكثر الْأَمر مَعَه اخْتِلَاط لِأَن الدِّمَاغ يرم بالمشاركة وَأَن كَانَ من سدة لم يَتَّسِع أحد الناظرين. 













مصادر و المراجع :

١-الحاوي في الطب

المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)

المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي

الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م

عدد الأجزاء: 7

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید