المنشورات

(جَوَامِع الْعِلَل والأعراض)

جَوَامِع الْعِلَل والأعراض أَصْحَاب السلّ تغور أَعينهم وتحتدّ آنافهم وتلطّى أصداغهم وتشخص مِنْهُم الكتفان والمرفقان حَتَّى يتعلّقا وهما بارزان عَن حد الْجِسْم بِمَنْزِلَة الجناحين وتتعقّف مِنْهُم الْأَظْفَار.
لي إفهم المجّنح فَإِن مَعْنَاهُ الَّذِي تبعد مرفقاه عَن جَنْبَيْهِ لِأَن هَذَا شكل الْجنَاح.
تقاسيم الْعِلَل والأعراض أَصْحَاب السلّ يكون نفسهم منتناً.
السَّابِعَة من الميامر أَصْحَاب القرحة فِي الرئة إِذا أزمنت وَلم تلتحم بِسُرْعَة احْتَاجَت إِلَى الْأَدْوِيَة المجففة اللطيفة لتجفّف القرحة وَذَلِكَ أَنه إِذا جعل مَسْكَنه بَلَدا جافّا وَاسْتعْمل من التَّدْبِير مَا أشبه ذَلِك وادمن اسْتِعْمَال هَذِه الْأَدْوِيَة طَال عمره وَبَقِي بِإِذن الله وتصرّف فِي أَسبَابه وَأحد هَذِه الْأَدْوِيَة وَهُوَ أول دَوَاء وَصفه أندروماخش من الْأَدْوِيَة الحلقومية وتركيبها من الْأَدْوِيَة اللطيفة والقابضة نَحْو الدارصيني والسنبل والزعفران والساذج واللبان والمر والأذخر وَمن المغرية كربّ السوس وَنَحْوه وَمن المخدّرة نَحْو البنج والأفيون فَمِنْهَا تركّب هَذِه الْأَدْوِيَة وَيُزَاد فِي المخدّرة مَتى كَانَت النزلة كَثِيرَة وَمَعَهَا أَذَى وسهر وَفِي المغرية مَتى كَانَت خشونة شَدِيدَة مؤذية.
دَوَاء نَفِيس دارصيني كندر عصارة السوس أُوقِيَّة أُوقِيَّة مر أَرْبَعَة مَثَاقِيل كثيراء سِتَّة مَثَاقِيل حَماما أَرْبَعَة مَثَاقِيل زعفران أُوقِيَّة عسل فائق مَا يعجن بِهِ. ج قَالَ هَذَا حَقًا دَوَاء نَفِيس لمن فِي رئته قرحَة وَجَمِيع علل الرئة المزمنة وَذَلِكَ أَن جَوْهَر الدارصيني لطيف مجفف والحماما ثَان بعده وَلِأَن هذَيْن مجففان خلط مَعَهُمَا عصارة السوس والكثيراء وهما مغريان والمر والزعفران ينضجان ويحلّلان ويجففان تجفيفاً يَسِيرا.
الْأَدْوِيَة الَّتِي ترّكب مِنْهَا هَذِه الْأَدْوِيَة الَّتِي تجفف قُرُوح الرئة الدارصيني والسليخة والمر والزعفران وفقاح الْإِذْخر ودهن البلسان والسنبل والحماما والكندر والجلنار ولحية التيس والسك ألف ألف والطين الْمَخْتُوم والصمغ والأفيون والبنج والمغاث وَنَحْوه قَالَ الْأَدْوِيَة المؤلّفة من البزور اللطيفة المدرّة للبول والأفاويه والمغرية والقليل من المخدّرة نَافِع لمن فِي رئته قُرُوح.
صفة الأميروسيا النافع من قُرُوح الرئة سنبل وزعفران وَمر وقسط وسليخة ودارصيني وإذخر وفلفل أسود وأبيض وجندبادستر وزراوند وصمغ البطم وميعة وبزر بنج أَبيض ثَلَاثَة ثَلَاثَة أنيسون مِثْقَال بزر كرفس مثله كثيراء سِتَّة مَثَاقِيل شراب تحل فِيهِ الكثيراء أقوطولي وَاحِد)
تجمع الْأَدْوِيَة بِعَسَل ويسقى مِثْقَال وَنصف وَمن كَانَت بِهِ حمى فبماء وخل وإلاّ فبماء الْعَسَل.
لقروح الرئة الَّتِي يُرَاد تجفيفها طراثيث وَمر من كل وَاحِد سَبْعَة دَرَاهِم جندبادستر سِتَّة دَرَاهِم كندر سَبْعَة دَرَاهِم عصارة سماق تِسْعَة دَرَاهِم سكبينج سِتَّة دَرَاهِم أنيسون تِسْعَة دَرَاهِم أفيون ثَمَانِيَة دَرَاهِم بزر كرفس مثله جوشير خَمْسَة دَرَاهِم بزر بنج ثَمَانِيَة دَرَاهِم ميعة مثله زعفران تِسْعَة دَرَاهِم حلتيت مِثْقَال جوزبوا ثَمَانِيَة دَرَاهِم فراسيون مِثْقَال قشور اليبروج عشرَة دَرَاهِم دَار فلفل ثَمَانِيَة دَرَاهِم فلفل أَبيض خَمْسَة دَرَاهِم رغي الْحمام مِثْقَال عسل بِقدر مَا يعجن بِهِ.
لنفث الدَّم أول مَحْذُور من نفث الدَّم المفرط استفراغه وَالثَّانِي الْعلَّة الَّتِي النفث نَافِع لَهَا انفتاح الْعُرُوق كَانَت أم خرقها أم تأكلّها وعلاج التأكلّ أَن ينْبت فِي الْموضع المتأكلّ لحم وفم الْعُرُوق تشدّ بالأدوية القابضة وخرقها بالأدوية الملحمة كالطين الْبحيرَة وَنَحْوه فَأَما الْموضع المتأكل فَإِن اللَّحْم ينْبت فِيهِ بالأدوية الجيدة الكيموس والمنبتة للحم فَأَما نفث المدّة من الصَّدْر والرئة فَيحْتَاج أَن يخلط مَعَ هَذِه أدوية لَطِيفَة حارة لكَي توصل هَذِه وَإِن كَانَت هَذِه فِي غَايَة الرداءة والمضادة لنفث الدَّم وَأما الَّذِي من الْمعدة ونواحيها فَلَا تحْتَاج إِلَى هَذِه الْبَتَّةَ وَقد يخلط أَيْضا فِي هَذِه الْأَدْوِيَة الْأَدْوِيَة الْبَارِدَة الَّتِي لم يبلغ من بردهَا أَن تخدّر لِأَنَّهَا تبّرد وَتَنْفَع من ذَلِك وتنوّمهم نوماً سباتياً غرقاً فيعظم لذَلِك نفعهم لِأَنَّهُ بِهَذَا يهدأ السعال ويسكن وتمنع برودتها جرية الدَّم وتغلظ فَهَذَا قانون الْأَدْوِيَة لنفث الدَّم مِثَال عصارة لحية التيس وحبّ الآس وجلنار وقاقياً وعفص وطين مختوم وصمغ وكهربا ونشا وأفيون وبزر خشخاش وبنج وَمر ودارصيني وسليخة تتَّخذ أقراصاً وتسقى.
أدوية لنفث الدَّم أفيون سدس مِثْقَال صمغ مِثْقَال نشا نصف مِثْقَال قاقيا مثله يسقى فِي شربة وَاحِدَة هَذَا يصلح للمعدة وَإِن ألقيت مَعَه شَيْئا من دارصيني صلح للرئة أَيْضا وَقد ألف ألف رَأَيْت مَا يسقى لنفث الدَّم من الرئة وَلَيْسَ مَعَه مسخنات فَاعْلَم ذَلِك واعمل بِهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قرص جيد لنفث الدَّم قاقيا جلنار عصارة لحية التيس بزر الْورْد طين مختوم كندر صمغ بزر بنج أفيون تتَّخذ أقراصاً بعصارة البرسيان دَارا وتسقى بخل ممزوج وَمَتى كَانَ التجلب كثيرا فبعصارة لِسَان الْحمل.)
لنفث الدَّم قوي بزر الشوكران مثقالان بزر بنج مِثْقَال نشا مثله سنبل نصف مِثْقَال طين الْبحيرَة مِثْقَال أنيسون ثلثا مِثْقَال يسقى مِنْهُ مِثْقَال وَمَاء الْمَطَر ينفع هَؤُلَاءِ ويجعلون فِي مَائِهِمْ طباشير.
لي البادروج يجفف الصَّدْر والرئة جدا فَهُوَ يصلح أَن يسْتَعْمل فِي الْمرتبَة الثَّانِيَة من السلّ بِالَّذِي يُزَاد بِهِ تجفيف القرحة.
السَّابِعَة من الميامر قَالَ الْأَدْوِيَة المسكّنة للأوجاع الَّتِي فِي نفث الدَّم تؤلّف من بزور تدّر الْبَوْل وَمن المخدّرة.
دَوَاء البزور يسْتَعْمل فِي نفث الدَّم بزر الكرفس رازيانج من كلّ وَاحِد جزؤ سليخة ربع جُزْء أفيون مثله تتَّخذ أقراصاً بِمَاء.
آخر بزر بنج وبزر كرفس وأفيون وَورد يَابِس جزؤ جزؤ زعفران ثلث جُزْء القرص نصف مِثْقَال.
آخر الأقراص الْمُثَلَّثَة الزوايا بزر بنج أَرْبَعَة بزر كرفس مثله أفيون مِثْقَال أنيسون مثله تعْمل أقراصاً وتسقى بِمَاء بَارِد قرص بِالْغَدَاةِ وَآخر بالْعَشي قَالَ وَهَذِه الأقراص نافعة من نفث الدَّم إِن كَانَ قد أشرف على السلّ أَيْضا وألّفها الْأَطِبَّاء من المخدّرة والمدّرة للبول وَهِي بعد جَيِّدَة لتجلّب الْمَادَّة كلهَا وتسكّن جَمِيع الأوجاع خلا القولنج فَإِنَّهُ يجب أَن تكون المخدّرة أقوى عَلَيْهِ وأغلب.
أَقْرَاص نافعة لنفث الدَّم والسلّ وَلمن تنحدر إِلَى صَدره نَوَازِل ومواد رَدِيئَة بزر القثاء مقشّراً وبزر كتّان وبز خشخاش وبزر كرفس وبزر بنج وأفيون يعجن بنقيع الكندر وَيُعْطى.
لي إِذا رَأَيْت الْحَرَارَة والعطش غَالِبين فَاجْعَلْ هَذِه البزور بزر خِيَار وبزر قثاء وبزر قرع وبزر رجلة وخشخاش وبز بنج وأفيونا واسق مِنْهَا مَعَ بزر كرفس وأنيسون كي يصل وَإِذا لم تكن حرارة فَإِنَّهُ يلقى مَعَه نانخة وسنبل وَمر ودارصيني وَقد ذكرنَا مَا يسهل النفث ويقلع المّدة وَغَيرهَا فِي بَاب الربو قَالَ علاج الدُّبَيْلَة فِي الرئة الْأَدْوِيَة اللطيفة المجففة وَالشرَاب الرَّقِيق اللَّطِيف إِذا شرب الْقَلِيل مِنْهُ قَالَ أدوية البزور المخدرة تصلح عِنْد السعال الصعب الشَّديد كَمَا يعرض عِنْد نفث الدَّم وَمن تصيبه نَوَازِل رَدِيئَة.
لي أَنا أرى أَن اللَّبن إِذا سقِِي جلاّ بمائيته ونقّاها وغذّاها بجنبتيه وَلم يرطّبها لكنه يرطّب الْجِسْم فَإِن كَانَ اللَّبن يرطب القرحة فَإِنَّهُ ضدّ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ لِأَن ملاك قرحَة الرئة أَن تجفف مَا)
أمكن وَلَكِن ألف ألف المسلول يحْتَاج إِلَى مَا يرطب بدنه ويحفظ على أَعْضَائِهِ الرطوبات الْأَصْلِيَّة وَيمْنَع قلبه أَن يغلب عَلَيْهِ المزاج الْيَابِس لِأَنَّهُ يصير من بِهِ قرحَة الرئة إِلَى دقّ فاللبن مُوَافق فِي ذَلِك جدا وَهُوَ نَافِع بِإِجْمَاع للصدر والرئة ونواحيها.
قَالَ ج فِي آخر الرَّابِعَة من حِيلَة الْبُرْء مَتى كَانَت القرحة فِي قَصَبَة الرئة فَتقدم إِلَى العليل أَن يضطجع على قَفاهُ ويمسك الدَّوَاء فِي فِيهِ وَيُرْسل ذَلِك قَلِيلا قَلِيلا ويرخي جَمِيع عضل خَلفه ويطلقه فَإِنَّهُ إِذا فعل ذَلِك نزل مِنْهُ فِي قَصَبَة الرئة شَيْء صَالح من غير أَن يهيج سعالاً ويحذّر ويتوقّى أَن ينزل شَيْء كثير دفْعَة إِلَى قَصَبَة الرئة فيهيج سعالا فَإِنَّهُ يضرّ جدا لِأَنَّهُ يزعج وَاعْلَم أَنه مَا دَامَت الرُّطُوبَة تنزل فِي جرم قَصَبَة الرئة كَمَا يسيل المَاء على الْحَائِط فَلَيْسَ يحدث عَنهُ سعال فَإِذا ذهبت تهوي فِي وسط تجويف القصبة الَّذِي هُوَ طَرِيق للريح الَّذِي بِهِ النَّفس فَإِنَّهَا تحدث سَاعَة تلقاها السعال قَالَ وَإِنَّمَا استخرجنا إخلاط الْعَسَل لجَمِيع القروح فِي الصَّدْر والرئة لأَنا إِذا احتجنا أَن توصل إِلَى هَذِه الْمَوَاضِع أدوية قوابض طَال مكثها فِي الْمعدة وَلم تصل لذَلِك صَار الْعَسَل يقوم لهَذِهِ الْأَدْوِيَة مقَاما مركبا خَفِيفا سَرِيعا يسير بهَا حَتَّى يوصلها وَفِي الْعَسَل مَعَ هَذَا أَنه لَا يضر القروح.
وَقَالَ فِي الْخَامِسَة: كثيرا مّا يعفن إِذا كَانَت دبيلة فِي الصَّدْر مَعَ تعفن المّدة وَلحم الصَّدْر شَيْء من عِظَامه حَتَّى يضْطَر الْأَمر إِلَى قطع الْعظم الَّذِي عفن وَفِي أَكثر الْأَمر يُوجد مَا هُوَ ملبس على الضلع الَّذِي قد عفن من الغشاء المستبطن للأضلاع قد عفن أَيْضا وَلم تزل الْعَادة تجْرِي فِي علاجنا لمن هَذِه حَاله أَن يكون إِذا زرقنا فِي القرحة مَاء الْعَسَل أمرنَا صَاحب القرحة أَن يضطجع على جَانِبه العليل وَيسْتَعْمل مرَارًا كَثِيرَة ويهزه هزاً رفيعاً فِي بعض الْأَوْقَات يخرج مَا يبْقى فِي جَوف القرحة من مَاء الْعَسَل بالآلة الَّتِي يُقَال لَهَا جاذبة الْقَيْح فَإِذا نَحن فعلنَا ذَلِك ورجونا أَن تكون المّدة كلهَا قد خرجت مَعَ صديد القرحة أدخلنا فِيهَا حِينَئِذٍ أدوية وَقَالَ نَحن ننقي قُرُوح الرئة بِعَسَل نطعمه وَمَاء الْعَسَل.
لي قُرُوح الرئة إِذا احْتَاجَت إِلَى تنقية ننقي بالعسل وَمَاء الْعَسَل لِأَنَّهُ ينقى وَهُوَ غذَاء وَلَا يضرّ بالقروح الْبَاطِنَة.
الأولى من الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة: إِذا قذف بالسعال شَيْء من حلق قَصَبَة الرئة فَإِن فِي الرئة قرحاً عَظِيما وَلَا يُمكن أَن يكون ذَلِك من حلق قَصَبَة الرئة الْعَظِيمَة لِأَن حلق هَذِه إِذا انْحَلَّت من)
رطبها مَاتَ الْإِنْسَان قبل ذَلِك وَهِي أَيْضا حلق عِظَام وَأما الرئة فَإِنَّهَا تسرع التأكلّ والعفونة بالرطوبات الحارة وَإِذا قذف بالسعال قطع عرق لَهَا مِقْدَار فَإِنَّهَا من الرئة لَا من قصبتها ألف ألف لِأَن الْعُرُوق الَّتِي فِي قَصَبَة الرئة دقاق مثل الشّعْر الرئة لَا تحس بالقروح والأورام لِأَنَّهَا لَا يجيئها عصب.
لي إِلَّا مَا لَا يُبَالِي بِهِ فينقسم فِي غشائها.
الثَّانِيَة مِنْهُ يتبع الورم الْحَادِث فِي الرئة ضيق النَّفس حَتَّى يظنّ العليل أَنه يختنق فينتصب لذَلِك جَالِسا وَيكون مَا يخرج مِنْهُ بِالنَّفسِ حاراً جدا وَلَا سيّما إِذا كَانَ الورم حمرَة ويستريحون إِلَى إِخْرَاج النَّفس الْعَظِيم واستنشاق الْهَوَاء الْبَارِد وينفثون نفثاً إِلَى الْحمرَة أَو الصُّفْرَة أَو زبدياً أَو أَخْضَر أَو أسود وَكَثِيرًا مَا يحسّون مَعَ هَذَا بثقل فِي جَوف الصَّدْر ووجع يَبْتَدِئ من عمق الْجِسْم ويبلغ إِلَى نَاحيَة القصّ وَإِلَى نَاحيَة عظم الصلب وَبِه حمى حادة ونبضه موجيّ ووجنته حَمْرَاء الثَّانِيَة من الأخلاط: صَاحب نفث الدَّم لَا يحب أَن ينظر إِلَى الْأَشْيَاء الْحمر وَذَلِكَ أَنه يجذب الدَّم إِلَى ظَاهر الْجِسْم بمشاكلته للرئة.
لي أرى هَذَا إِنَّمَا يفعل لِأَنَّهُ يذكرّ النَّفس بِالدَّمِ.
الثَّالِثَة: المجنحون من أجل ضيق صُدُورهمْ يعرض نفث الدَّم بِسُرْعَة من أدنى سَبَب.
الثَّانِيَة من تقدمه الْمعرفَة: من حدثت بِهِ من أَصْحَاب ذَات الرئة خراجات فِي أعالي الْجِسْم أَو فِي أَسْفَل مَوَاضِع الصَّدْر فَإِن تِلْكَ الخراجات تتقيّح وَتصير نواصير ويتخلّصون.
لي من انصباب المّدة فِي فضاء الصَّدْر قَالَ وَإِذا كَانَت فِي ذَات الرئة الْحمى لَا تسكن والوجع والألم لَا ينقص وَلم ينفث شَيْئا ذَا قدر يعتّد بِهِ وَانْطَلق بَطْنه نعما وَلَا بَال بولا فِيهِ رسوب كثير وَكَانَ الْمَرَض سليما فِي أَحْوَاله فتوقع مثل هَذَا الْخراج لِأَن إِحْدَى هَذِه الْأَشْيَاء إِذا كَانَ بِهِ بحران وَلم يحْتَج إِلَى شَيْء قَالَ وَإِذا كَانَ بالعليل فِي مَا دون الشراسيف شَيْء من الالتهاب حدثت بِهِ هَذِه الخراجات فِي أَسْفَل الصَّدْر وَأما الخراجات الَّتِي تعرض فِي أعالي الصَّدْر فَيعرض لمن كَانَ دون الشراسيف مِنْهُ رَقِيقا وَعرض لَهُ سوء تنفس يلبث مُدَّة مّا ثمَّ يسكن من غير سَبَب ظَاهر فَإِن ذَلِك يدل على ارْتِفَاع الأخلاط إِلَى فَوق كَمَا تدل حرارة فِي مَا دون الشراسيف وتمددها على انحطاطها إِلَى أَسْفَل وَأما الخارجات الَّتِي تحدث فِي الرجلَيْن فِي علل الرئة القوية الْعَظِيمَة الْخطر فَكلهَا نافعة وأفضلها مَا كَانَ يحدث والبصاق قد بِأَن فِيهِ النضج وَذَلِكَ أَنه مَتى كَانَ)
حُدُوث الْعرض والألم بعد أَن يكون مَا ينفث بالبصاق قد تغيّر عَن الْحمرَة إِلَى حَال الْقَيْح وانبعث إِلَى خَارج كَانَت سَلامَة ذَلِك الْمَرِيض على غَايَة الثِّقَة وَكَانَ لَا يسكن الْخراج حَتَّى يذهب ألمه فِي أسْرع الْأَوْقَات فَإِن كَانَ مَا ينفث بالبصاق غير نضيج وعَلى غير مَا يجب وَلم يظْهر فِي الْبَوْل ثفل راسب مَحْمُود فَلَيْسَ يُؤمن أَن يفْسد الْمفصل الَّذِي يخرج فِيهِ أَو يلقى مِنْهُ سدة شَدِيدَة. 

قَالَ ج حُدُوث ألف ألف الخراجات فِي السَّاقَيْن فِي علل ذَات الرئة الصعبة مَحْمُود لَا محَالة وَذَلِكَ أَنه بعيد من مَوضِع الْعلَّة مائل إِلَى أَسْفَل وخاصة إِذا كَانَ مَعَ نضج وَالدَّلِيل على النضج تغيّر البصاق واستفراغه بِكَثْرَة من غير عسر فَإِن حدث الْخراج فِي السَّاق قبل نضج الْمَرِيض تخلّص الْمَرِيض من الْخطر الَّذِي يتخوّف عَلَيْهِ من ذَات الرئة إلاّ أَن ذَلِك الْمفصل يعسر برئه وخليق أَن يزمن فِي بعض الْأَوْقَات فَإِن غَابَتْ هَذِه الخراجات بعد ظُهُورهَا وَيحْتَاج أَن ينفث لم ينفث بعد والحمى لَازِمَة فَذَلِك رَدِيء لِأَنَّهُ لَا يُؤمن أَن يخْتَلط عقل الْمَرِيض وَيَمُوت لِأَن الْخراج لم يتَحَلَّل وَلَوْلَا ذَلِك لسكنت الْحمى لَكِن رَجَعَ إِلَى دَاخل وَإِذا عرض مَعَه ضيق النَّفس مَاتُوا والمشايخ يموتون فِي التقيّح الْحَادِث عَن الرئة أَكثر وَمن قد طعن فِي السن وَأما فِي سَائِر المتقيحات لِأَن علل الرئة والصدر يحْتَاج أَصْحَابهَا فِي التَّخَلُّص مِنْهَا إِلَى بَقَاء وَذَلِكَ يتم لشدَّة الْقُوَّة القوية فالمشايخ لضعف قوتهم اقل سَلامَة مِنْهَا وَأما الشَّبَاب فلشدة قوتهم ينقون سَرِيعا وَأما سَائِر أَصْنَاف التقيح فيعني بِهِ الَّذِي تكون مَعَه حميات شَدِيدَة كالخراج فِي الْأذن وَنَحْوه فَإِن الْخطر على الشَّبَاب هُنَاكَ أَكثر لِأَن الحميات فيهم أَشد لِكَثْرَة حرارتهم.
الثَّانِيَة من الْفُصُول: نفث الدَّم يعرض إِمَّا من ضَرْبَة أَو وثبة أَو ضجة أَو برد شَدِيد أَو نوم على الأَرْض بِلَا وطاً.
الْخَامِسَة: إِذا كَانَ بِإِنْسَان سلّ فَكَانَ الَّذِي يقذفه بالسعال منتنا إِذا بخّر بِهِ وَكَانَ شعر رَأسه ينتثر فَذَلِك من عَلَامَات الْمَوْت لِأَن الشّعْر حِينَئِذٍ إِنَّمَا يكون سُقُوطه لنُقْصَان الْغذَاء وفساده فِي الْجِسْم وَمن تساقط شعره من أَصْحَاب السل ثمَّ حدث بِهِ اخْتِلَاف فَإِنَّهُ يَمُوت لِأَن سُقُوط الشّعْر مِنْهُ دالّ على قلَّة أخلاطهم وضعفهم فَإِن حدث بهم مَعَ ذَلِك اخْتِلَاف فَذَلِك غَايَة الْقرب من الْمَوْت لِأَنَّهُ يذهب بِالْقُوَّةِ الْبَتَّةَ قَالَ إِذا خرج بالنفث دم زبدي فَإِن ذَلِك من جَوْهَر لحم الرئة ويدلّ دلَالَة خاصّة على القرحة فِي الرئة وَإِذا خرج من ضّجة أَو نَحْوهَا بنفث دم مشرق أَحْمَر)
كثير لَيْسَ بزبدي فَإِن عرقا فِي الرئة انصدع قَالَ وَالدَّم الزُّبْدِيُّ خَاص بجوهر لحم الرئة إِذا حدث بِصَاحِب السلّ اخْتِلَاف.
الْخَامِسَة من الْفُصُول: قَالَ الثَّلج والجليد والأشياء المبردة عَلَيْهِ يحدث كثيرا انفجار الدَّم لِأَنَّهَا تفجر الْعُرُوق فِي الصَّدْر وتصدعها وتضرّ بالرئة والصدر.
السَّابِعَة مِنْهُ إِذا حدثت ذَات الرئة عَن ذَات الْجنب فَذَلِك رَدِيء وَقد ذكرنَا الْعلَّة فِي ذَات الْجنب وَإِذا حدث عَن ذَات قرانيطس فَذَلِك رَدِيء لِأَنَّهُ يكون إِذا كَانَ الْخَلْط المولد للورم كثيرا جدا.
السَّابِعَة: صَاحب السلّ لَا يزَال يزْدَاد هزالًا وَهُوَ حيّ مَا دَامَ يقدر على أَن يسعل فتنقى رئته فينبعث فَإِذا ضعف عَن ذَلِك سد مجاري رئته فاختنق وَمَات فَبِهَذَا الْوَجْه يكون موت المسلول من السلّ.
من الْمَوْت السَّرِيع: من كَانَ بِهِ سلّ فَظهر على فَكَّيْهِ حب كَأَنَّهُ ألف ألف باقلي مَاتَ اثْنَيْنِ وَخمسين يَوْمًا من كَانَ بِهِ السلّ فَظهر فَوق قفاء مِنْهُ حَبَّة كَأَنَّهَا باقلاً سَوْدَاء الْوَجْه وَلم ترجع وَكَانَ مَعَ ذَلِك سبات وَكَثْرَة نوم مَاتَ إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِن ظهر بقدم إِنْسَان فِي ظَاهره ورم أسود على قدر بَيْضَة عرض لَهُ بَوْل واشتهى الْعشَاء الطَّوِيل والبطيخ مَاتَ إِلَى ثَلَاثَة أشهر.
من كتاب العلامات: عَلَامَات ذَات الرئة حمى حادة وَثقل فِي الصَّدْر ووجع بَين الْكَتِفَيْنِ والجنبين والصلب ويضجعون على القفاء وَلَا يضجع على جَنْبَيْهِ وَلَا يكَاد يختنق وَوَجهه أَحْمَر كالورد وَنَفس عَال سريع وَعَيناهُ رطبتان ويشهى الْبُرُودَة ويخشن لِسَانه والمجسّة صَغِيرَة وتلغظ رقبته وينتفخ وَجهه وَتَكون حَرَكَة عَيْنَيْهِ بطيئة ويبرد أَطْرَافه وتكمد ويعظم لِسَانه فَإِن انْتقل إِلَى ذَات الْجنب خفّ النَّفس.
من اخْتِصَار حِيلَة الْبُرْء: القروح الْعَارِضَة فِي الرئة خبيثة لِأَنَّهَا دائمة الْحَرَكَة وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا تصل إِلَيْهَا الْأَدْوِيَة بعد مُدَّة وَطول كثير جدا قَالَ: وقروحها ضَرْبَان: أَحدهمَا الشق الطري الَّذِي يَقع فِي الرئة وَيحْتَاج أَن يُبَادر بالحجامة قبل أَن يعرض لَهُم ورم حارّ وَحمى وَبعد ذَلِك القروح الَّتِي قد مَاتَ ذَلِك مِنْهَا وَلَيْسَ يُمكن أَن تلتحم لَكِنَّهَا تداوى بِأَن تجفف بِشرب الْأَدْوِيَة النافعة لذَلِك تتهيّأ للعليل أَن يعِيش سِنِين كَثِيرَة وَبِه قرحَة فِي رئته وَقد تكون القرحة فِي الرئة عَن نزلة دائمة حرّيفة رقيقَة يتواتر نُزُولهَا إِلَى الرئة فَتحدث تأكّلاً فِي آلَات التنفس قَالَ وَهَذَا التأكّل مَتى كَانَ فِي)
ابْتِدَائه وَكَانَ قَلِيلا فَإِنَّمَا قَالَ الغشاء المغشي على قَصَبَة الرئة. . ولقصبة الرئة وَإِن بودر فِي علاجه فِي أوّل الْأَمر برِئ العليل برأَ تَاما وعلاجه الفصد مَتى ساعدت الْقُوَّة وتسخين الرَّأْس وحلقه بِالْمُوسَى ويلطخ بدواء يَابِس الْقُوَّة ثمَّ جفف الْمدَّة المنصبة مِنْهُ وَهَذَا الدَّوَاء هُوَ الثافسيا وَهُوَ أقوى مَا يسْتَعْمل فِي ذَلِك ودونه فِي الْقُوَّة مِمَّا يسْتَعْمل يزر الْحَرْف وزبل الْحمام وَأَنا اسْتَعْملهُ كثيرا وَيَنْبَغِي أَن يسقى أَيْضا أدوية البزور الَّتِي فِيهَا السليخة والأفيون فَإِن هَذَا الدَّوَاء يغلظ لي وَقد رَأَيْت السلّ يحدث بِقوم بِلَا أَن يتقدّمه نفث الْبَتَّةَ وَذَلِكَ يكون فِي الندرة وَقد رَأَيْت قوما يتقيئون خلطاً مرارياً ويدوم بهم ثمَّ تبَادرُوا مِنْهُ إِلَى السل وَقد ذَكرْنَاهُ فَأَما جَمِيع أَسبَاب السلّ فَهَذِهِ. 

الرَّابِعَة من طيماوس: قَالَ البلغم المالح الَّذِي ينحدر من الرَّأْس إِلَى الرئة إِنَّمَا يُورث من السلّ مَا هُوَ فِي الْغَايَة من الرداءة.
لي الَّذين يكثر انحدار النَّوَازِل إِلَى صُدُورهمْ مستعّدون للسلّ وخاصة إِن كَانَت النزلة فِيهَا من حِدة والصدر يضيق وَإِذا كَانَ المزاج مرارياً قَلِيل اللَّحْم والنوازل تنزل فِي صَدره كثيرا فَإِنَّهُ ألف ألف فِي غَايَة الاستعداد للسلّ لِأَن هَذِه النَّوَازِل حرّيفة حارة.
السَّابِعَة من مَنَافِع الْأَعْضَاء: أمراض الحادة فِي غضاريف الرئة إِمَّا الِابْتِدَاء وَإِمَّا أَن يعسر برؤها وَأما الحادة فِي الغشاء المغشي على هَذِه الغضاريف الموصولة أَعنِي الغشاء المستبطن لقصبة الرئة من دَاخل كَانَ بُرْؤُهُ سَرِيعا إِلَّا أَن يعرض فِيهِ عفونة شَدِيدَة يتأكّل مِنْهَا حَتَّى ينْكَشف مَا تَحْتَهُ من الغضاريف.
السَّابِعَة من مَنَافِع الْأَعْضَاء: قَالَ الْعُرُوق الضوارب الَّتِي فِي الرئة إِلَى أَقسَام قصبتها منافذ تنفذ فِيهَا الرّيح وَلَا ينفذ فِيهَا الدَّم مَا دَامَ الْبدن بِحَالهِ الطبيعي فَإِن خرجت هَذِه المنافذ فِي حَالَة إِلَى غير حَالهَا الطبيعي حَتَّى ينفذ فِيهَا الدَّم وصل إِلَى أَقسَام الرئة مستهلّ دم وَكَانَ مِنْهُ سعال وَنَفث دم.
لي يَنْبَغِي أَن تعلم أَنه لَيْسَ مَتى نفث إِنْسَان دَمًا بالسعال وَالْأَمر فِيهِ مهول عَظِيم دلّ على أَمر يعسر علاجه وبرءه لِأَنَّهُ قد يكون ذَلِك عَن هَذِه الْعلَّة وَقد يكون ذَلِك لانفتاح عروق كالبواسير وَغير ذَلِك لَكِن مَتى رَأَيْت مَعَ نفث الدَّم أعراضاً رَدِيئَة وَكَانَت الْأَسْبَاب رَدِيئَة سَابِقَة فَحِينَئِذٍ فَاعْلَم أَنه رَدِيء وَأما فِي غير ذَلِك فَلَا تخف وعلاجه فِي مَا يقبض أَن أفراط والفصد وَتَخْفِيف)
الامتلاء.
التَّاسِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة قَالَ: الطين الأرميني ينفع نفعا عَظِيما من فِي رئته قرحَة لِأَنَّهُ يجفّف الْجرْح الَّذِي فِي رئتهم حَتَّى لَا يسعلوا بعد ذَلِك إِلَّا أَن يَقع فِي تدبيرهم خطأ لِأَنَّهُ قويّ التجفيف وقروح الرئة تَنْفَع بالأدوية المجففة جدا حَتَّى أَن أَصْحَابهَا يظنون أَنهم قد برؤا برأَ تَاما وَكَذَلِكَ يَنْفَعهُمْ الْهَوَاء الْيَابِس وَلذَلِك كَانَ يمْضِي أَصْحَابه من رومة إِلَى بِلَاد النّوبَة وَمن مضى مِنْهُم إِلَى هُنَاكَ وَلم يُخطئ التَّدْبِير عَاشَ سِنِين كَثِيرَة وَأما من أطلق نَفسه وأفسد التَّدْبِير فنكسوا قَالَ: وَأَنا أرى أَن قُرُوح الرئة تصفّر وتجفّ بالأدوية المجففة حَتَّى تنطبق وَإِن كَانَت لَا تلتحم كالحال فِي النواصير فَإِن هَذِه أَيْضا مَتى نقيت ثمَّ عولجت بدواء مجفف ضمرت وانطبقت. 

الرَّابِعَة عشر من النبض قَالَ: شرّ ضروب نفث الدَّم وأخبثها وأسرعها فِي فَسَاد الرئة الضَّرْب الَّذِي عَن التأكّل فِي بعض الْعُرُوق وَالْآخر يكون من آفَات تحدث فِي نفس الرئة وَأكْثر مَا يكون من نفث الدَّم وخاصة إِذا كَانَ ذَلِك من انصداع عرق قَالَ: الْأَبدَان المستعدّة للسلّ هِيَ الَّتِي الصَّدْر مِنْهَا ضيّق قَلِيل السّمك حَتَّى ترى الْكَتِفَيْنِ مِنْهَا ناشزين بارزين إِلَى خلف بِمَنْزِلَة الجناحين والأبدان الَّتِي تمتلي رؤسها سَرِيعا ينحدر مِنْهَا نزلات حادة إِلَى الرئة فَإِن ألف ألف اجْتمع الْأَمْرَانِ جَمِيعًا كَانَ الْمُجْتَمع فِيهِ مشرفاً على طرف السلّ غَايَة الإشراف وَذَلِكَ أَن تداوم النزلات يحدث السلّ على طول المّدة وَإِمَّا أَن ينصدع فِي الرئة عرق لِضعْفِهَا وضيق مَكَانهَا.
لي هَؤُلَاءِ تنزل إِلَيْهِم نزل فيسعلون لذَلِك والسعال رَدِيء بهم لضيق صُدُورهمْ فَيكون السعال سَببا لصدع الْعُرُوق وَإِذا نزلت بعد ذَلِك النَّوَازِل الحادة استحكم الْأَمر.
من تَفْسِير إبيذيميا لثالثة من السَّادِسَة: يَكْفِي فِي الاستعداد لأمراض الرئة ضيق تجويف الصَّدْر وخاصّة لنفث الدَّم.
الرَّابِعَة من الثَّالِثَة: كَانَ أَكثر من يَقع فِي السلّ الزعر الْبيض النمش المجنحون الَّذين إِلَى الْحمرَة مَا هم السهل الْعُيُون قَالَ جالينوس: الأمزاج الْبَارِدَة وخاصة الرّطبَة مستعدّة للنزل من الرَّأْس وَهِي لذَلِك مستعدّة للسلّ وَالنِّسَاء أشبه وقوعاً فِي السلّ من الرِّجَال لبرد مزاجهم وضيق صُدُورهمْ.
الثَّالِثَة من السَّادِسَة قَالَ: رَأَيْت المجنحين يقعون فِي نفث الدَّم سَرِيعا من الصَّدْر وَرَأَيْت أَنه يتَوَلَّد فيهم ريَاح وَنفخ كَثِيرَة وَيكون ذَلِك معينا على مَا يقعون وَأرى أَن الرِّيَاح تتولد فيهم لصِغَر قُلُوبهم لِأَن قُلُوبهم صَغِيرَة لصِغَر صُدُورهمْ وَالْقلب إِذا صغر قلت حرارة الْبدن كُله)
قَالَ: النَّوَازِل الَّتِي فِيهَا حِدة وحرارة وَلَا يُمكن أَن تبقى فِي الرئة حَتَّى تنضج وتنفث لِأَنَّهَا تسبق فَتحدث فِي الرئة تأكلا لحدتها فَلذَلِك هِيَ خبيثة رَدِيئَة فَأَما مَا لَيْسَ مَعهَا حِدة فَإِنَّهَا تنضج وَتخرج بالنفث وَإِن بقيت فِي حَالَة مّا يشده لذعاً تهيج سعالاً شَدِيدا حَتَّى يهزّ الرَّأْس هزاً شَدِيدا فَيحدث فِيهِ بِسَبَب ذَلِك امتلاء ثمَّ يعود فينحدر مِنْهُ نزلة أَيْضا وَرُبمَا صدعت فِي الرئة عرقاً لشدَّة السعال فَلذَلِك هِيَ رَدِيئَة مَكْرُوهَة لعظم خطرها فقد بَان إِنَّهَا رَدِيئَة نفثت أم لَا.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة: يَنْبَغِي للَّذين صُدُورهمْ عليلة أَن يتوقوا جَمِيع الأغذية الَّتِي تملأ الْبدن جدا والحريفة ويتقّون الصياح وَالْغَضَب وَجَمِيع مَا يمدد الصَّدْر بِقُوَّة. 

السَّادِسَة من السَّادِسَة: قد اعْتَادَ الْأَطِبَّاء وَأَصَابُوا بنقلهم من بِهِ قرحَة فِي رئته إِلَى بلد يَابِس كَمَا ينقلون من بِهِ سلّ من رومة إِلَى بلد النّوبَة.
لي يَنْبَغِي أَن نَنْظُر فِي ذَلِك وَالْأَمر مَعْلُوم أَنهم إِنَّمَا ينقلون إِلَى الْهَوَاء الْيَابِس من قد استحكمت فِيهِ قرحَة الرئة وأيس من برءها وَإِنَّمَا تداوى لتجفيفها فَقَط وَتبقى جافة.
السَّابِعَة من السَّادِسَة قَالَ: أَصْحَاب قُرُوح الرئة كَانَ القدماء يتكوونهم بمكاو تحمى وَيُوضَع على الصَّدْر وَيَنْبَغِي ألف ألف أَن يُبَادر وَلَا ينظر بذلك حَتَّى تتأكّل القرحة الَّتِي فِي الرئة وتعظم قَالَ: وَأَصْحَاب السلّ إِذا قربوا من الْمَوْت بلغ من صغر نفسهم أَلا يحس إِلَّا بغاية الْعِنَايَة لتفقده.
الأولى من الأهوية والبلدان: أَصْحَاب الْأَبدَان الصلبة والبلدان الْبَارِدَة مستعدة لانخراق الْعُرُوق من أَسْفَل الرئة أَكثر من أَصْحَاب الْبلدَانِ الحارة والأبدان اللينة قَالَ: والرطوبات إِذا أزمنت فِي الرئة والصدر تقيحت.
الْيَهُودِيّ: دَوَاء لنفث الدَّم كندر وَدم الْأَخَوَيْنِ وجلنار وكهربا وخشخاش أسود وصمغ عَرَبِيّ وطين أرميني وزراوند صيني أَجزَاء معتدلة سقى الراوند يسقى مِثْقَال وينفعهم اللَّبن الحامض إِذا شربوه وَاللَّبن المغلي بالحديدة ويضمد الصَّدْر بضماد العفص.
اهرن قَالَ ج: قد كنت أَسْقِي صَاحب قرحَة الرئة الْعَظِيمَة الأفاويه والأدوية الْيَابِسَة لأجفف بذلك بعض عفن القرحة وَكنت أعطيهم أمروسيا ومثروديطوس الترياق والسجرنا نايا لتجفيف تِلْكَ الرُّطُوبَة وَلم ينج مِنْهُ الْبَتَّةَ قَالَ: وللقروح العتيقة الَّتِي فِي الرئة تلعق ملعقة صَغِيرَة من قطران بِالْغَدَاةِ.)
بخور ينفع من النفث المنتن والسعال الْقَدِيم: زرنيخ أَحْمَر يسحق بِسمن الْغنم ويطلى على ورق سدر ويجفف وتدخن مَتى شِئْت بِوَرَقَة أَو ورقتين.
آخر: خُذ زرنيخا أصفر وزاوند طَويلا وقشور أصل الْكبر اسحقه بِسمن واجعله بنادقاً وارفعه عِنْد الْحَاجة لّفها فِي قطنة وبخّر العليل فِي الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات وجسه بعد مَا يفرغ جيدا بِسمن الْغنم أَو دخّنه بالقنة أَو خُذ زرنيخا أَو جوزبوا صَغِيرا فاعجنه بدهن شيرج ودخنه بِقدر بندقة.
الطَّبَرِيّ: لنفث الدَّم يسقى اللَّبن على هَذِه الصّفة مخيضاً وَهُوَ حليب وَيخرج زبده ثمَّ يطْبخ بِقطع حَدِيد محمية يلقى فِيهِ ويسقى قَلِيلا قَلِيلا.
اهرن: قَالَ إِذا حدث فِي الرئة ورم حَار فَإِنَّهُ تلْزمهُ الْحمى الحارة قبل أَن تتقيح وتنضج وتحمر وجنتاه فَإِذا نضج الورم وهاج نقصت الْحمى وَصَارَت دقيقة لَازِمَة ونهك الْجَسَد واحدودبت الْأَظْفَار. 

(الْفرق بَين ذَات الرئة وَذَات الْجنب) وَذَلِكَ بِشدَّة ضيق النَّفس جدا حَتَّى كَأَنَّهُ يختنق وَلَا يقدر أَن يتنفس الطَّبَرِيّ. . والنفث مَعَه بلغمي والوجع فِي الصَّدْر وَأما ذَات الْجنب فَإِنَّهُ يقدر أَن يتنفس نفسا عَظِيما وَلَو أَن نَفسه مُخْتَلف بِحَسب الْمَادَّة والوجع فِي صَدره حِينَئِذٍ فَفرق بَين هذَيْن نعما إِن شَاءَ الله.
النبض: إِن النبض فِي ذَات الرئة لين موجي وَفِي ذَات الْجنب صَلِيب نحيف متواتر وَلَا تحمر الوجنتان.
أهرن قَالَ: إِذا نظرت فِي أَمر الدَّم من أَن يشق يوجع العليل عِنْد ألف ألف النفث فافصد فَإِن أوجعهُ صَدره كُله فافصده من يَدَيْهِ جَمِيعًا أكحليه وَقَالَ: فَإِن أشرف نفث الدَّم فاربط السَّاقَيْن والعضدين وادلك الْقَدَمَيْنِ وباطن قَدَمَيْهِ خَاصَّة وأمرخه بدهن حَار.
لي إِذا كَانَ بعقب نفث الدَّم ضيق نفس شَدِيد جدا وكرب وعرق بَارِد فَاعْلَم أَن الدَّم جمد فإياك حِينَئِذٍ والقوابض وأعطه الملطفة والسكنجبين وبزورا حَتَّى يلطف وينقيه وينفع مِنْهُ دَوَاء الكركم سكنجبين وَمَاء حَار وزن دِرْهَم وَمَاء الكرّاث وَنَحْوه مِمَّا يحلل الدَّم وينفع من نفث الدَّم اللَّبن المخيض الْمَطْبُوخ بالحديد والأضمدة القابضة على الصَّدْر وينفع مِنْهُ أَن يبل الصُّوف لي ضماد جيد إِذا طلى على الصَّدْر منع نفث الدَّم وعَلى الْمعدة يمْنَع الْقَيْء وعَلى الأمعاء)
منع الإسهال يُقَوي وَيقبض يُؤْخَذ من اللبان والجلنار والأقاقيا وماميثا وشبّ وراسن وَورد وبزربنج وقشور اليبروج وَمر وصبر وزعفران يسحق الْجَمِيع ويعجن بخل جيد ممزوج ويطلى بِهِ.
أهرن: للقروح العتيقة فِي الصَّدْر يُؤْخَذ ملعقة صَغِيرَة من قطران فَيعْطى الْمَرِيض غدْوَة فَإِنَّهُ جيد أَو يَأْخُذ شَيْئا من القنة السائلة فأذبه بِمثلِهِ عسل ويلعق مِنْهُ سَمِعت غير وَاحِد وَصَحَّ من تَوَاتر الْأَخْبَار أَنهم رَأَوْا قوما ينفثون مُدَّة مُنْتِنَة بعقب نفث الدَّم برؤا مِنْهُ بِلَبن الْمعز وَمِنْهُم بِلَبن الأتن وَبرئ وَاحِد مِنْهُم فِي عشْرين يَوْمًا وَكَانَ أَبوهُ يحلب لَهُ اللَّبن من أتان وَيَجِيء بِهِ إِلَيْهِ لَيْسَ على الْمَكَان لَكِن بعد نصف سَاعَة وَأكْثر فبرئ على الْمَكَان بِهَذَا اللَّبن على أَنه لم يشربه سَاعَة حلب وَبرئ فِي عشْرين يَوْمًا وَكَانَ شَابًّا حَدثا.
بولس قَالَ: ذَات الرئة ورم حَار يعرض للرئة وَيكون أَكثر ذَلِك مَعَ نزلات شَدِيدَة أَو مَعَ ذبحة أَو مَعَ ربو أَو شوصة أَو أسقام أخر وَرُبمَا كَانَ ابْتَدَأَ هَذَا السقم من ذَاته وَيكون مَعَه عسر نفس وَحمى حادة تشبه المحرقة وَثقل فِي الصَّدْر وامتداد وامتلاء كثير فِي الْوَجْه والتهاب وتصاعد بخار كثير إِلَى فَوق كتصاعد النَّار وتحمر الوجنتان والعينان وأجفانها إِلَى فَوق مائلة إِلَى أَسْفَل وَالْعُرُوق الَّتِي فِيهَا ممتلئة والأغشية الَّتِي فِي الْعين كَأَنَّهَا شحمة بانية وبقدر حرارة هَذِه الْأَعْرَاض تكون حرارة الورم مِمَّن عرضت لَهُ هَذِه الْعلَّة من عِلّة أُخْرَى تقدمتها فليجتنب الفصد وخاصة إِن كَانَت الْعلَّة الَّتِي تقدّمت مزمنة وَكَانُوا قد افتصدوا فِي ابْتِدَاء تِلْكَ الْعلَّة وَليكن اسْتِعْمَال الحقن فِي أَوْقَات الرَّاحَة وَاسْتِعْمَال الْحجامَة وتعلّق المحاجم كَثِيرَة عَظِيمَة على الصَّدْر والأضلاع مَعَ ألف ألف شَرط وَإِن كَانَ سقم الرئة ابْتِدَاء فابتدأ بالفصد أَو بحجامة السَّاق وتلطف التَّدْبِير وتضمد الصَّدْر بِمَا يُرْخِي ليسكن الوجع وَيحدث إِلَى خَارج ويليّن الْبَطن وَيسْتَعْمل الأغذية اللينة الَّتِي تُعْطى للسعال.
قَالَ: وَأما نفث الْمدَّة من الصَّدْر فَيكون إِمَّا من خراج فِي الرئة وَإِمَّا من نفث دم لم يلتحم وَإِمَّا من ذَات الْجنب وَإِمَّا من نَوَازِل حريفة دائمة تنزل من الرَّأْس ويستدل على الْخراج فِي الرئة بثقل الصَّدْر وسعال شَدِيد يَابِس بوجع شَدِيد وَرُبمَا كَانَ مَعَه نفث رُطُوبَة فيجفون بِخُرُوج تِلْكَ الرُّطُوبَة وَلَا يَصح تِلْكَ الجفة ويعرض لَهُم مَعَ الْحمى قشعريرة وَإِذا أَرَادوا الْكَلَام أَسْرعُوا فِيهِ لما يتأذون بِالنَّفسِ حَتَّى إِذا انفجر الْخراج وَجَاء فِي بعض الْأَوْقَات مّدة وَفِي بعض شئ شَبيه بالدردي وَرُبمَا نقوا بالسعال أَو بالبول أَو بالبراز فَسَلمُوا بِهِ من السلّ فَإِن لم يتقيئوا سَرِيعا)
وَقَعُوا فِي السلّ لِأَن الرئة تتقرح فِي تِلْكَ المّدة فَإِذا وَقع فِي السلّ كمدت الوجنتان وذبل اللَّحْم ويتعقف الأظافر وَتَكون العينان دسمتين إِلَى الْبيَاض مَا هِيَ والصفرة وَإِذا وَقَعُوا فِي هَذَا السقم تكون قرقرة فِي الْبَطن وينجذب مَا دون الشراسيف إِلَى فَوق ويعرض لَهُم عَطش شَدِيد وَذَهَاب شَهْوَة الطَّعَام وَالَّذين يتقيئون رَدِيء الرّيح جدا.
3 - (العلاج)
قَالَ: علاج هَؤُلَاءِ يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ فِيمَا ينضج الخراجات وَذَلِكَ أَن يكمد بأسفنج حَار ويضمد بدقيق شعير وطين يَابِس مطبوخ وشئ من علك البطم وزبل الْحمام ونطرون وخطمى ويستلقي على الْجَانِب الَّذِي فِيهِ الْخراج ويتجرعون حينا بعد حِين من شراب الْعَسَل وَمَاء الشّعير وَمن كَانَت لَهُ قُوَّة جَيِّدَة شرب مطبوخ الزوفا والحاشا مَعَ عسل ويعين على الانفجار أكل السّمك المالح وَالْحب الَّذِي يدْخل فِيهِ الإيارج وشحم الحنظل إِذا احتد عِنْد النّوم فَإِذا بَدَأَ خُرُوج الْقَيْح أعْطوا مَا قد غلى فِيهِ زوفا وأصل السوس وإيرسا قد طبخت فِي شراب الْعَسَل وزيت وبطيخ وَإِذا كَانَ الْجرْح عسر التنقية فيلستعمل الْأَدْوِيَة المركبة مثل الدَّوَاء الَّذِي يهيأ بالفراسيون الْمُفْرد والمركب وَالَّذِي يهيأ بالكرسنة وَأعْطِ لمن انْتقل إِلَى السلّ كراثا شاميا قد طبخ فِي أحسائه وَليكن من الشّعير والخندروس وَليكن شربهم مَاء الْمَطَر وَالْعَسَل وليضمد صُدُورهمْ أَولا بالأدوية الَّتِي تركب من بزر كتّان والدقيق يجعلا ضماداً بطبيخ الحلبة وَالْخيَار وزيت وَعسل وورق خطمى ثمَّ بعد زمَان ينتقلون إِلَى المراهم الَّتِي تسْتَعْمل بالشمع وَالسمن ودهن الْغَار وأصول السوسن ومرهم سساليوس فَإِذا كَانَت تعرض للصدر نزلات دائمة فليتضمدوا بالأضمدة الَّتِي تهَيَّأ بِالْخِلَافِ وَيَشْرَبُونَ على الرِّيق الْأَشْرِبَة البسيطة الَّتِي تمنع النَّوَازِل وَإِذا أزمن من السلّ فأعطهم المثروديطوس فِي بعض الْأَوْقَات ألف ألف وترياق الأفاعي وينفعهم أَيْضا الطين الأرميني وَإِن كَانَ المسلول يبْدَأ بالسعال ويسكن سعاله بالحبوب الَّتِي تسكن السعال فَإِنَّهُ نَافِع لَهُ حَافظ للقرحة أَلا تعظم.
بولس قَالَ: أَصْحَاب السلّ يعرض لَهُم الورم الرخو فِي الْأَطْرَاف كَمَا يعرض فِي الحبن وَسُوء المزاج.
الاسكندر قَالَ: أعرف رجلا كَانَت بِهِ قرحَة فِي رئته فدام على اللَّبن يَأْكُل بِهِ خبز سميذ وأطرية وَترك الشَّرَاب الْبَتَّةَ وَكَانَ يشرب اللَّبن إِذا أَرَادَ الشَّرَاب فبرئ من قرحَة عفنة رَدِيئَة وَإنَّهُ)
برِئ برأَ تَاما قَالَ: عَلَامَات تقيح الورم الَّذِي فِي الرئة إِن كَانَ فِي الغشاء المستبطن للأضلاع وَفِي جَمِيع دَاخل الْبدن حمى شَدِيدَة وناقض مُخْتَلف الْأَوْقَات وَثقل وضربان ونخس فِي الْمَوَاضِع فَإِذا رَأَيْت هَذِه فَاعْلَم أَن الورم يُرِيد الْجمع قَالَ: فَإِن رَأَيْت العليل قَوِيا والمدة الَّتِي تنفث رقيقَة فَاعْلَم أَن تِلْكَ الْمدَّة من الصَّدْر وَأَنَّهَا برأت مُدَّة أَرْبَعَة عشر يَوْمًا فَإِن رَأَيْت الْقَيْح كُله غليظاً جَامِدا فقد برِئ مِنْهُ أَكثر من أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَإِن كَانَ العليل مَعَ ذَلِك ضَعِيفا فَاعْلَم أَن بِهِ مُدَّة تقيح سِتِّينَ يَوْمًا قَالَ: انْظُر فِيمَن ينفث الدَّم إِلَى غلظ الْمدَّة ورقتها وَهل مَعهَا مُدَّة أم لَا فَإِن يَابسا فعصارة اللوز أَعنِي الحساء الْمُتَّخذ مِنْهُ والبقول المشبهة لذَلِك وَإِن كَانَ الْبَطن لينًا فاحتفظ جهدك وَلَا تعطهم أحساء وَلَكِن خبْزًا نقياً بِبَعْض العصارات فَإِن كَانَ الَّذِي ينفث من الْمدَّة غليظاً وَلَيْسَ مَعَه مرّة وَلَا حمى فاسقه مَاء الْعَسَل فَإِنَّهُ نَافِع وأنفع مَا يكون إِذا كَانَت الْمدَّة رَدِيئَة فَإِن القرحة حِينَئِذٍ وسخة فَخذ فِي هَذِه الْحَالة عصارة الحلبة واطبخها لَهُم بِسمن أَو لبن واسق مِنْهُ ويسهل خُرُوج الْمدَّة فَإِن خلطت بِهِ سمناً من عسل فَهُوَ خير واسقه هَذَا الطبيخ قبل الطَّعَام وَأما مَاء الْعَسَل فَفِي جَمِيع الْأَوْقَات فَلْيَكُن فاتراً قَالَ: وَإِذا طَال السل سَقَطت قُوَّة العليل وَضعف على النفث وضاق لذَلِك نَفسه فَإِذا رَأَيْت ذَلِك فاطبخ مَعَ كشك الشّعير فراخ الْحمام والدجاج واسقه وأطعمه خصى الديوك لكَي يقوى فَلَا يختنق واحفظ طَبِيعَته جهدك وَإِن لانت طَبِيعَته لم يَنْفَعهُ مَا يغذوه بِهِ فَإِن أقبل بَطْنه بِلَبن فأطعمه الْفِرَاخ والفراريج سواكردباك وتغذوه بالأبردة بِمَاء يسيل مِنْهُ الرطوبات فَإِن ذَلِك يُقَوي الْبَطن ويسده وَإِن ضعفت قوته أَشد فأطعمه المخ مشوياً بملح قَلِيل لِأَن كَثْرَة الْملح يلين الْبَطن وَإِن لم يَجْعَل فِيهِ الْبَتَّةَ لم ينهضم وأطعمه الأكارع واللوز والفستق وَالزَّبِيب حِين يقوى قَلِيلا فَإِن رَأَيْته قد ضعف جدا وَلَا يَسْتَطِيع أَن يَأْكُل فاحرس إِن ألف ألف الْقَيْح فِي صدر مكسراً وَإِن كَانَ قَلِيلا فاسقه لَبَنًا فَإِنَّهُ يقويه إِلَّا أَن تكون بِهِ حمى شَدِيدَة الْحَرَارَة فَإِن اللَّبن حِينَئِذٍ لَا يكَاد يَنْفَعهُ فَأَما إِن كَانَت فِي اللَّبن قَالَ: إِذا كَانَ الْقَيْح منتنا يحْتَاج إِلَى أَن ينقى واحتجت إِلَى سقِِي اللَّبن فاختر لبن الآتن لِأَنَّهُ ينقى جدا وَلبن الرماك فَإِنَّهُ يسهل النفث وَالنَّفس بعد أَن لَا تكون هُنَاكَ حمى شَدِيدَة وَلَا يسقى اللَّبن فِي ابْتِدَاء الْعلَّة فَإِن كَرهُوا هَذِه الألبان فلبن الماعز وَالْبَقر وَإِن أسهل فاطبخه مخيضاً واسقه وأغذه بِهِ أَيْضا فِي الْأَوْقَات يَجْعَل فِيهِ خبز سميذ وأطرية أَو جاورس أَو أرز ويطعمه فَإِنَّهُ ينقى وينبت اللَّحْم الَّذِي فِي القروح قَالَ: اجْعَل أغذيتهم إِن كَانَت حمى الأغذية الْبَارِدَة)
وَإِن لم تكن فالقيلوط والكرنب والهيلون وَنَحْوهَا من المنقيات وَمَا أَعطيتهم من لُحُوم الطير فاجعله شواء فَإِن المرق يوسخ القروح والأجود لَهُم الدَّجَاج والدراج والحجل والقنانين والعصافير وَلَا تكون مسمنة وَإِن اشتهوا المرق فاخلط فِيهِ عسلاً وقيلوط وَإِذا ملت إِلَى التجفيف فالعدس والكرنب والأطرية والنشا وَنَحْوهَا قَالَ: والسمك المالح إِن أكل مرّة أَو مرَّتَيْنِ أعَان على النفث فَإِذا كثر جعل القرحة يابسة قحلة جاسية وَإِن كَانَت حَده رَدِيئَة فاجتنب المالح والأغذية الثقيفة أَجود مَا يكون للَّذين نفثهم حريف مالح قَالَ: وَلحم الْخِيَار والبطيخ يسهلان النفث قَالَ: وَمن لم يهزل مِنْهُم فَإِنَّهُ يَنْفَعهُمْ السّفر وركوب الْبَحْر والحامات فَأَما من هزل فاللبن والمروخ بالأدهان والشحوم وَالْحمام العذب المَاء والأحساء.
الاسكندر قَالَ: إِذا كَانَ فِي الرئة ورم حَار لم يعطشوا كَمَا يكون فِي الْمعدة وَيكون نفسهم بَارِدًا وألوانهم حمر وألسنتهم خشنة شَدِيدَة ويشتهون برودة الْهَوَاء وَذَلِكَ أَشد تسكيناً لما يحرمُونَ من المَاء الْبَارِد. 

لي دَوَاء اللعتة على مَا رَأَيْت فِي الْكتب: طَعَام دوائي للَّذي قد يجِف من السعال أَو يحْتَاج إِلَى ترطيبه يُؤْخَذ دَقِيق الحمص ودقيق الباقلا ونشا يتَّخذ لَهُ مِنْهُ حساء بِلَبن الْبَقر الحليب ودهن لوز وسكر ويتحساه وَيجْلس فِي الآبزن بعد يَوْمه وَإِن طرح فِيهِ خشخاش كَانَ أفضل وَإِذا كَانَت الْحَرَارَة غالبة عَلَيْهِ جعل الحساء من عصارة الشّعير وَاللَّبن وَإِن كَانَت الْحمى شَدِيدَة أسقط اللَّبن وَاتخذ من عصارة الشّعير ودهن اللوز وَالسكر والأطرية أَو يشتبع نخالة الْحوَاري.
مَجْهُول: صفة سقِِي لبن الأتن وَهُوَ يُبرئ علل الرئة أجمع يحلب سكرجة فيشرب وينتظر إِلَى نصف النَّهَار ثمَّ يَأْكُل زيرباجا ألف ألف بِلَحْم طيور وَيشْرب عَلَيْهِ شرابًا ممزوجاً فَإِن أصَاب مِنْهُ ثقل وحموضة فأخلط بِهِ سكرا يشرب ثَلَاثَة أسابيع على ذَلِك.
شَمْعُون قَالَ: يحدث السلّ لمن فِي صَدره ضيق وعنقه طَوِيل وكتفاه متعلقان بِمَنْزِلَة الجناحين.
شَمْعُون: إِن كَانَت قُوَّة من بِهِ سلّ قَوِيَّة فاسقه لبن الأتن.
لي إِنَّمَا قَالَ لِأَن لبن الأتن يُطلق الْبَطن وَقد شهد هُوَ بذلك.
ابْن ماسويه: فِي نفث الْمدَّة المزمنة والسعال الْعَتِيق والنفث المنتن يشرب ملعقة صَغِيرَة من قطران 












مصادر و المراجع :

١-الحاوي في الطب

المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)

المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي

الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م

عدد الأجزاء: 7

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید