المنشورات
لأخلاط في كل واحد من الأمراض النوع الذي يرى استفراغه من ذاته ينفع
لي النوع الذي ينفع الطبيعة منه والذي يخف على العليل عند خروجه عنه وهذه كلها تجتمع لأن الشيء الذي تدفعه الطبيعة في الأمراض إذا كانت الطبيعة هي الغالبة يكون هو الذي يخف عليه الجسم. وقال الغرض في كل استفراغ واحد وهو القصد للخلط الغالب على الجسم ويعرف أي خلط هو الغالب على ما في باب الأخلاط قال: فان الذي ينبغي أن يقدم النظر فيه قبل الإسهال والقيء يعرف الخلط الغالب وذلك يكون بنوع المرض والمزاج والتدبير واللون)
والوقت وسائر الأشياء التي في باب الأخلاط وأما مما ترى الطبيعة نفسها هو ذا تستفرغ منه بلا معين لأن هذا يدل على غلبة الخلط وكثرته فإذا استفرغت فتصح لك الإصابة خف البدن واحتماله وإن كثر فإن استفرغ البدن في حال ما من تلقاء نفسه خلطا ما كان بعد ذلك أردى حالا فاعلم أن ذلك الخلط ليس بغالب على البدن ولأن ذلك لم يكن عن غلبة الخلط بل لضعف الجسم ولتهيج ذلك الخلط به.
واستعمل القيء في الصيف لأن الأخلاط فيه طافية والصفراء غالبة وهي لطيفة خفيفة.
وأما في الشتاء فالإسهال أكثر لأن الأخلاط فيه غليظة راسبة إلى أسفل ولتدع الإستفراغ في الحر الشديد لأن البدن في ذلك الوقت حار من شدة حر الهواء فلا يحتمل حدة المسهل والمقيء لأن أكثر هذه حارة حادة ولذلك أكثر من يستفرغ في هذا الوقت بالمسهل والمقيء يحم لأن الجسم حار وتضيف حدة الأدوية وحرها إلى حره وأيضا فإن القوة ضعيفة والاستفراغ يزيدها ضعفا واسترخاءا وأيضا فإن حرارة الهواء المحيط يجاذب الدواء ويخرجه إلى خارج ويمنعه من أن يعمل كما يمنع الحمام فكما أن الاستحمام بالماء الحار يقطع الإسهال ويقاومه كذا حرارة الصيف وخاصة في أشد ما يكون من الحر من كان قصيف البدن فالقيء يسهل عليه فاجعل استفراغك له بالقيء أكثر إلا أن يكون في الشتاء لأن الصيف يغلب عليه الصفراء فإن كان القيء مع ذلك يسهل والزمن صيفا فقد اجتمعت الأسباب الموجبة لاختيار القيء.
وبالجملة فالشتاء أعسر وأشد وبالضد من كان حسن اللحم والقيء يعسر عليه فاستفرغه بالمسهل فإن احتاج في وقت ما إلى القيء ضرورة فاجعله في الصيف فقط وتوق ذلك في غيره من الأوقات.
واحذر القيء فيمن قد وقع إلى السل أو في المستعدين له وهم أصحاب الصدور الضيقة لأن القيء في هؤلاء يعسر لضيق صدورهم فإن رئاتهم منضغطة تهتك العروق في رئاتهم.
وأما من قد وقع في السل فالقيء يزعج آلات النفس منهم فيزيدهم شرا والاستفراغ بالقيء أخص بالصفراء وإن كان قد يستفرغ بالإسهال.
وأما السوداء فلا يستفرغ إلا بالإسهال وبدواء له قوة على إسهالها قوية لأن السوداء غليظة راسبة فتحتاج إلى دواء أقوى وإلى إسهال من أسفل.)
وأما الصفراء فإنها خفيفة تطفو كثيرا في فم المعدة فلذلك تستفرغ بالقيء كثيرا.
قال: الأخلاط إنما يمكن استفراغها بالقيء إذا كانت في المعدة فأما في الأمعاء فلا يمكن البتة.
قال: من أردت أن تقيئه بالخربق فجربه بالأدوية اللينة للقيء فإن رأيت أن القيء يسهل عليه فاسقه وإلا فاسقه الخربق حتى تهيئه له وقيئه وذلك يكون لسببين: أحدهما المداومة على القيء حتى يعتاده ويسهل عليه والآخر بتغذية البدن بالأغذية الحلوة وطيبة بها وبالراحة حتى يرطب بدنه نعما ويتعود القيء ثم اسقه الخربق قال: إذا أردت أن يكثر القيء ويهيج فاستعمل الحركة فإنها تثور وتقيء والسكون بالضد وكما أن المسهل لمن ليس في بدنه أخلاط رديئة عسر ويحدث له إحداثا رديئة وكذلك القيء وخاصة بالخربق فإنه رديء إذا استعمل في من بدنه نقي فإن الخربق خاصته إحداث التشنج لشدة فعله. لي الخربق في من بدنه نقي لشدة مجاذبته يحدث التشنج والذي بدنه ممتلئ من البلغم جدا فإنه ربما خنقه لكثرة ما يجلب إلى المعدة من البلغم لأنه ربما جلب منه ما لا يمكن أن يخرج بالقيء لفرط كثرته من كان به ذهاب الشهوة وسدر ولذع في فم معدته ومرارة في الفم فالصفراء منه مائلة إلى أعالي المعدة ويجب أن تقيء الأخلاط الرديئة إذا كانت في أعالي المعدة وفمها والمريء في الأخص به القيء وإذا كانت في أسفل المعدة والأمعاء فالإسهال. قال: شروط ما كان من الأوجاع فوق الحجاب فالقيء أولى به وما كان أسفل فالإسهال. ألف ألف ج: وما احتاج منها إلى استفراغ ثم كان فوق الحجاب من البدن فالقيء أولى به وما كان أسفل فالإسهال من شرب مسهلا فلا يقطع الإسهال حتى يعطش قال: العطش يسرع إلى بعض الناس عند الاستفراغ ويتأخر عن بعض فيسرع إما من أجل حرارة المعدة أو يبسها أو لهما معا طبيعيا كان الشارب أو حادثا في ذلك الوقت وإما من أجل الدواء إذا كان حارا لذاعا وإما من أجل انحطاط المنفرغ إذا كان صفراء ولأضداد هذا يبطئ العطش أعني أن يكون معدة الشارب أبرد أو أرطب وإما أن يكون الدواء غير حار ولا لذاع وإما إذا كان ما يستفرغ بلغما أو ماءا قال: إلا أن من تأخر عطشه أيضا إذا استفرغ استفراغا كثيرا تبع ذلك عطش فقد يكتفي إذا في قدر الاستفراغ بأن يحدث العطش. قال: ويعين على حدوث العطش الدواء المفرغ لأنه لا يخلو وإن لم تكن معه حدة وحرارة بينة أن يكون معه من لي اعلم أنه إذا حدث العطش من الدواء غير البين الحرارة وفي المرطبات فإن الاستفراغ قد)
بالغ وبالضد وأما في الدواء الحار وأصحاب المعدة الحارة فربما عطشوا ولم يستفرغوا استفراغا كثيرا وبحسب ذلك فاعمل وأما قوله إنه إن كان الذي يستفرغ صفراء أسرع العطش وإن كان الذي يستفرغ بلغما أيضا فانظر فيه.
وقد رأيت الحكم على كل مسهل أنه لا بد أن تكون معه حرارة وحدة ما ولو كان خفيا وهو يعني بالمسهل هاهنا الذي يجذب ولو أدنى جذب وهذا لعمري لا يخلو من حدة ما إلا ما يفعل بخاصة ولا يعني الماء ولا المزلقات والدسم ومن لم تكن به حمى وأصابه مغص وثقل في الركبتين ووجع في البطن فإنه يحتاج إلى أن يستفرغ بالدواء من أسفل لأن ميل الأخلاط منه إلى أسفل.
مصادر و المراجع :
١-الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م
عدد الأجزاء: 7
19 سبتمبر 2024
تعليقات (0)