المنشورات

(علاج خراج يصلح)

قَالَ: إِذا نضج الورم الْحَار وَأكْثر مَا ينضج ذَلِك فِي الخراجات القوية الضربان الشَّدِيدَة الْحمرَة المحددة الرَّأْس فرم أَن تحلل الْقَيْح بالأدوية فَإِن طَال الْقَيْح كثيرا فبطه وَليكن غرضك فِي البط أَن يَقع منتهاه فِي أَسْفَل مَوضِع لتسيل الْمدَّة إِن تكن فِي مَوضِع.
وَأما ابتداؤه فليقع فِي أَعلَى مَوضِع مِنْهُ وَأَشد نتوءاً وَذَلِكَ أَن الْجلد فِي هَذَا الْموضع أرق وَاجعَل فِي الْموضع الْأَدْوِيَة المجففة بِلَا لذع. وَإِن وَقع البط فِي الأربية فليذهب بِالْعرضِ مَعَ شدَّة الْجلد أبدا.
قَالَ: وضع على الْعُضْو من الْأَدْوِيَة المسكنة للوجع ألف د بقر مَا ترَاهُ كَافِيا فتعرقه بالدهن وتضع عَلَيْهِ مرهماً مرخياً لِئَلَّا يكون بِهِ وجع. (الإدمال) قَالَ: وَلَا تبتدئ بإدمال القرحة حَتَّى يَسْتَوِي اللَّحْم مَعَ سطح الْجَسَد قبل ذَلِك لِئَلَّا يَعْلُو ذَلِك فَإنَّك إِذا تركته حَتَّى يَسْتَوِي ثمَّ أدملت علا.
قَالَ: وَلَكِن قبل أَن يَسْتَوِي اللَّحْم وَفِيه غور فضع عَلَيْهِ بعض الْأَدْوِيَة المدملة رطبا لَا يَابسا ثمَّ إِذا عالجته بذلك مرّة فأحرقه وضع عَلَيْهِ يَابسا تمّره عَلَيْهِ بِطرف الْميل فَقَط. لي هَذَا العلاج يجمع مُدَّة كَمَا يفعل سَائِر العلاجات عِنْد الإدمال لِأَن الْمدَّة إِنَّمَا تجمع عِنْد الإدمال إِذا بودر باليابس ونثر عَلَيْهَا شَيْء كثير فَيصير طبقَة فَوْقهَا مَانِعَة الرُّطُوبَة أَن تنْحَل جَامِعَة لَهَا تَحْتَهُ فَإِذا جففت بالمرهم وَهُوَ رطب حينا ثمَّ كَانَ الَّذِي ينثر عَلَيْهِ من الْيَابِس شبه الْغُبَار لم يعرض شَيْء من ذَلِك. 3 (تولد الْعُرُوق) قَالَ فِي الرَّابِعَة عشر: قد رَأَيْت مَرَّات عروقاً تولدت فِي القروح وَغَارَتْ تنْبت لَحْمًا كَمَا ينْبت اللَّحْم.
قَالَ: فَأَما الْجلد فَإِن اللَّحْم الَّذِي يصلب يَنُوب عَنهُ وَلَكِن لَا يرجع نوع الْجلد الْبَتَّةَ وَالدَّلِيل على (عسر التحام الْجِرَاحَات وسهولتها) (بِحَسب الْأَعْضَاء) قَالَ: قد وَقع البط فِي القولون غير مرّة فبرأ بسهولة وَأما البط الْوَاقِع بالأرحام فعسر مَا يبرأ.
قاطيطريون الْمقَالة الثَّانِيَة: قد رَأينَا قوما كثيرا التحمت أَصَابِعهم بِسَبَب قرحَة كَانَت وقوماً التحمت مِنْهُم الشفتان والجفنان.
قَالَ: وتحتاج فِي وَقت نَبَات اللَّحْم أقل مَا يكون من الرِّبَاط وأخفها.
قَالَ: كَانَ بِرَجُل جرح كَانَ غوره قَرِيبا من الأربية وفوهته ألف د قَرِيبا من الرّكْبَة فأبرأناه بِلَا بط الْبَتَّةَ بِأَن جعلنَا تَحت ركبته مخاد ونصبناه نصبة صَارَت فوهته مَنْصُوبَة بسهولة وَكَذَلِكَ علمنَا بجروح كَانَت فِي السَّاق والصاعد فبرئت كلهَا بسهولة.
قَالَ: من عانى التجربة يعلم أَن الخراجات الَّتِي تحْتَاج أَن تصير مُدَّة لأمكنه دَاخل إِلَى أَن يتَغَيَّر مَعَه سَائِر مَا هُنَاكَ أَجود وأسرع للتغير مَعًا.
الخراجات المتبرئة المتباعدة الشفتين تحْتَاج أَن تجمع برباط يجمع شفتيها إِلَّا أَن يكون عَلَيْهَا من ذَلِك وجع أَو تكون وارمة فيتجمع لذَلِك وَلَو كَانَ بِرِفْق أَو تكون عضلة قد أبترت عرضا فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذا شققنا جلدَة الرَّأْس وَضعنَا بني الشفتين شَيْئا يملؤه وَرُبمَا انقبضت جلدَة الشّفة إِلَى دَاخل القرحة فتحتاج حِينَئِذٍ أَن تروم بالرباط أَن تجذبه إِلَى خَارج.
الْمقَالة الأولى من كتاب الأخلاط قَالَ: ينْتَفع كثيرا بِخُرُوج الدَّم من الخراجات الرّطبَة وخاصة إِذا كَانَ الْبدن ممتلئاً فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مَا استفرغ الدَّم أَكثر كَانَ أَنْفَع وآمن للحمرة والورم وَمَتى لم يجر فِي مثل هَذِه الْحَالة من أَحْوَال الْبدن دم كثير حدث أعظم مَا يكون من الورم.
الثَّالِثَة من كتاب الأخلاط قَالَ: القروح الرهلة تجْعَل اللَّحْم الَّذِي حولهَا عديماً للشعر لِأَن أصُول الشّعْر الَّتِي حولهَا تعفن. 

شَرّ مَا يكون حَال القروح العفنة عِنْد الْهَوَاء الْحَار الرطب وهبوب الْجنُوب واستعداد الْبدن)
لذَلِك.
من كتاب مَا بَال قَالَ: من يكد وَينصب تخرج بِهِ القروح الَّتِي بالحبالى وَأَصْحَاب الطحال عسرة لِأَنَّهُ ينصب إِلَيْهَا مِنْهُم فضول رطبَة ألف د رَدِيئَة.
الْمقَالة الثَّانِيَة: من تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة قَالَ فِي تَصْحِيح الْعَادة والتغيرات: إِن رجلا لَو عرضت لَهُ فِي رجله يحْتَاج أَن يسكن ويدع الْمَشْي فَلم يفعل ذَلِك لكنه جعل يمشي مشياً رَفِيقًا كَانَ الضَّرَر الَّذِي يَنَالهُ أقل من ضَرَر من لم يمشي وَترك الْحَرَكَة الْبَتَّةَ أَيَّامًا ثمَّ أَخذ يمشي بعقبه فِي لي القروح الَّتِي فِي الرجل تحْتَاج أَن يسْتَقرّ صَاحبهَا وَلَا يَتَحَرَّك فَإِن اسْتعْمل التحرك فَلِأَن يَسْتَعْمِلهُ قَلِيلا قَلِيلا مُنْذُ أول الْأَمر خير من أَن يمسك عَن الْحَرَكَة أَيَّامًا ثمَّ يَتَحَرَّك حَرَكَة شَدِيدَة.
قَالَ ج: من كَانَت القروح الَّتِي تعرض لَهُ سليمَة وَكَانَت الَّتِي عرضت لَهُ فِي سَاقه صَغِيرَة بسيطة إِن اسْتَقر وَسكن فِي الْأَيَّام بَرِئت قُرْحَته وَإِن مَشى لم يضرّهُ ذَلِك وَإِن كَانَت فِي بدن رَدِيء القروح وَكَانَت عَظِيمَة خبيثة ثمَّ مَشى عظم ضَرَره.
الْمقَالة الثَّالِثَة من الْفُصُول: الصَّيف الرمد الجنوبي وَالرّطب يحدث القروح العفنة فَاسْتَعِنْ بِبَاب الأهوية.
الْمقَالة الثَّالِثَة من الْفُصُول: القروح الَّتِي فِي أبدان الْمَشَايِخ يعسر برؤها لقلَّة الدَّم فيهم. لي هَذِه القروح أَنْوَاع: القروح الْبيض العديمة الدَّم الَّتِي تحْتَاج إِلَى الدَّلْك والحكة الشَّدِيدَة فالمراهم الَّتِي مَعهَا جذب الدَّم وحرارة مثل الباسليقون.
الْمقَالة الْخَامِسَة من الْفُصُول قالِ: المَاء الْحَار يفتح القروح السليمة الَّتِي لَا خبث لَهَا وتفتح المَاء الْحَار الخراجات أعظم الدلالات وأوثقها على سَلامَة الْخراج وبراءته من الرداءة وَذَلِكَ أَن القروح إِذا كَانَت متعفنة أَو كَانَت تنصب إِلَيْهَا فضول رَدِيئَة لم يحدث الْحَار فِيهَا ألف د تقيحاً لكنه يَضرهَا مضرَّة عَظِيمَة. قَالَ: وتولد الْحَرَارَة فِي القرحة من أعظم الدَّلَائِل على سلامتها بالدواء المقيح كَانَ ذَلِك أَو بِنَفسِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن تكون القرحة الَّتِي تتولد فِيهَا مُدَّة عَارِية وَلَا مَكْرُوهَة فَإِن القروح الَّتِي يحدث بِسَبَبِهَا التشنج لَا تتقيح وَكَذَلِكَ القروح الَّتِي عفنت والعسرة الِانْدِمَال مثل السرطانية والخيرونية وطيلافيون والآكلة فَإِن جَمِيع هَذِه مِمَّا لَا يتقيح فالتقيح إِذا من أعظم العلامات دلَالَة على الثِّقَة والأمن فِي القرحة وَلذَلِك إِذا لم تقيح القرحة الحارة فَهِيَ بخيفة. لي وَبِالْجُمْلَةِ مَحل التقيح من الخراجات مَحل النضج من الْأَمْرَاض وَأَنه لَا يخْشَى من)
الْمَرَض بعد النضج عَادِية وَلَا آفَة فَكَذَلِك هَذَا.
الْخَامِسَة من الْفُصُول: من حدثت بِهِ قرحَة فَأَصَابَهُ بِسَبَبِهَا انتفاخ فَلَا يكَاد يُصِيبهُ تشنج وَلَا جُنُون فَإِن عَاد الانتفاخ دفْعَة ثمَّ كَانَت القرحة من خلف عرض لَهُ تشنج أَو تمدد وَإِن كَانَت من قُدَّام عرض لَهُ جُنُون أَو وجع فِي الْجنب أَو تقيح أَو اخْتِلَاف دم أَو كَانَ ذَلِك الانتفاخ أَحْمَر.
قَالَ جالينوس: أفهم من قَوْله انتفاخ ورم فَيكون قَوْله على هَذَا إِذا حدثت بِإِنْسَان قرحَة فَحدث بِسَبَبِهَا ورم فَلَا يكَاد يعرض لَهُ تشنج وَلَا جُنُون فِي الْأَكْثَر وَيُمكن أَن يعرض ذَلِك فِي الندرة إِن كَانَ الورم عَظِيم الكمية أَو رَدِيء الْكَيْفِيَّة جدا. فَإِن عرض لذَلِك الورم أَن يغيب بَغْتَة ثمَّ كَانَت القرحة من خلف عرض لَهُ تشنج أَو تمدد فِي الظّهْر. وَإِن كَانَت القرحة من قُدَّام عرض لصَاحِبهَا الْعِلَل الَّتِي ذكرتها لِأَن جلد الْبدن عصبي وَقُدَّام الْغَالِب عَلَيْهِ الْعُرُوق الضوارب وَغير الضوارب فَإِذا ألف د تراقى إِلَى مَوضِع القرحة ذَلِك الْخَلْط الَّذِي أحدث الورم فَإِنَّهُ إِن كَانَت القرحة فِي الْمَوَاضِع العصبية من خلف حدث التشنج والتمدد. وَإِن كَانَ فِي مقدم الْبدن فَإِنَّهُ إِن ارْتقى إِلَى الدِّمَاغ ولد جنوناً وَإِن صَار إِلَى نواحي الصَّدْر ولد وجع الْجنب وكثراً مَا يصير صَاحب هَذِه التقبيح إِذا لم تخَلّل ذَلِك الْخَلْط فَإِن صَار ذَلِك الْخَلْط إِلَى الأمعاء حدث اخْتِلَاف الدَّم إِن كَانَ ذَلِك الورم الْأَحْمَر من غير قرحَة فِي الأمعاء.
قَالَ وَكَلَام أبقراط فِي خلف الْبدن وقدامه مُطلق على جَمِيع الْبدن وَأَنا أَقُول: إِن ذَلِك لَيْسَ يجب مُطلقًا لِأَن فِي مقدم الْفَخْذ الْوتر الَّذِي يَنْتَهِي إِلَى الرّكْبَة الْعَظِيم جدا وَيحدث بِسَبَبِهِ تشنج أَكثر مِمَّا يحدث بِسَبَب العضل الْمَوْضُوع فِي وَرَاء الْفَخْذ لِأَن هَذَا العضل الَّذِي من وَرَاء الْفَخْذ كُله الْغَالِب عَلَيْهِ اللَّحْم وَكَذَلِكَ فِي الْيَدَيْنِ أرى بِأَنَّهُ يَقُول: إِن القروح الْحَادِثَة فِي الْمُقدم أَشد جلباً للتشنج. قَالَ أبقراط: إِذا حدثت خراجة عَظِيمَة خبيثة وَلم يحدث مَعهَا ورم فالبلية عَظِيمَة.
قَالَ ج: يعين بحَديثه الَّتِي تكون فِي رُؤُوس العضل أَو مُنْتَهَاهَا وخاصة مَا كَانَ من العضل الْغَالِب عَلَيْهِ العصب لَا برؤوس العضل يتعقل العصب وأطرافها الَّتِي تَنْتَهِي عِنْد مَا تنْبت الأوتار وكما أَنه فِي القَوْل الْمُتَقَدّم الأورام الَّتِي نقيت بَغْتَة كَذَلِك فِي هَذَا القَوْل أَن لَا يحدث مَعَ مثل هَذِه إِذا لم يكن مَعهَا ورم أَن تكون الأخلاط الَّتِي كَانَت يجب أَن تنصب إِلَى مَوضِع الْجراحَة ينصب إِلَى مَوضِع أشرف وَأكْثر مَا يكون ذَلِك إِذا كَانَ الْأَطِبَّاء يغلطون أَيْضا فيضعون على مَوضِع هَذِه الْجراحَة ألف د مَا يمْنَع ويردع وَيقبض قبضا شَدِيدا.)
قَالَ: والوجع يعرض خَاصَّة فِي الخراجات الَّتِي فِي الْأَعْضَاء العصبية وَمَا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ يعالج بالأدوية المسخنة المجففة. وَمَا كَانَ من الأورام الَّتِي تَنْفَع الخراجات رخواً فَإِنَّهُ حميد والصلب رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن الطبيعة لم تنضج ذَلِك الْخَلْط.
الْمقَالة السَّادِسَة: قَالَ: أَي قرحَة انتثر الشّعْر مِمَّا حواليها فَإِنَّهَا قرحَة رَدِيئَة وَكَذَلِكَ إِذا تنثر مِمَّا حواليها الْجلد فَاعْلَم أَنه يجْرِي إِلَى تِلْكَ القرحة أخلاط رَدِيئَة تحدث فِي تِلْكَ القرحة تأكلاً وتمنعها من الإندمال وَذَلِكَ أَنه لَا يُمكن أَن يكون خلط يفْسد الشّعْر وَيَأْكُل مَا حول القرحة ويدع القرحة تندمل. 

القروح الَّتِي فِي أبدان أَصْحَاب الاسْتِسْقَاء يعسر برؤها لِأَن القروح لَا تدمل حَتَّى تَجف جفوفاً بليغاً وَلَا يسهل ذَلِك فِي المستسقين لِكَثْرَة الرُّطُوبَة فيهم. لي يَعْنِي أَن يطلي حوالي قُرُوح هَؤُلَاءِ بالطين وَنَحْوه مِمَّا يجفف بِقُوَّة وَيعلم أَن القروح فِي الْأَبدَان الرّطبَة المزاج أَبْطَأَ اندمالاً بالتجربة وانتهاؤها فِي الْأَبدَان الْيَابِسَة باعتدال.
قَالَ أبقراط: إِذا حدث فِي المثانة خرق أَو فِي الدِّمَاغ أَو الْقلب أَو الكلى أَو بعض الأمعاء الدقاق قَالَ جالينوس: قد يُمكن أَن يسلم بعض هَؤُلَاءِ فِي الندرة وَمِمَّا قد اتّفق عَلَيْهِ أَن الْجراحَة إِذا وصلت إِلَى الْقلب فالموت نَازل بصاحبها لَا محَالة فَأَما غَيره من الْأَعْضَاء فَلَيْسَ يجب ضَرُورَة أَنه مَتى نالته جِرَاحَة تبعها الْمَوْت لَا محَالة لَكِن مَتى كَانَت غائرة عَظِيمَة وَخلق أَن يكون عَنى أبقراط بقوله خرق الْعَظِيمَة الغائرة حَتَّى تكون تدْرك بدن ألف د المثانة كُله حَتَّى يصل الْقطع إِلَى الفضاء فِي جوفها وَكَذَلِكَ لم يُمكن أَن تلتحم وتتصل وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْموضع العصبي من الْحجاب والأمعاء الدقاق.
فَأَما الْمعدة فقد اخْتلف فِيهَا فَقَالَ قوم أَنه مَتى حدث بهَا مثل هَذَا الْخرق قد سلم مِنْهُ فِي الندرة.
فَأَما الكبد فقد قَالُوا فِيهَا إِن الْجِرَاحَات الغائرة قد تحدث فِيهَا فِي مَوضِع زوائدها فتبرأ وَقد تسْقط بعض زوائدها الْبَتَّةَ فتبرأ والجراحة لَا تتصل فِي الْقلب لدوام حركته وَكَذَلِكَ فِي الْحجاب وَفِي المثانة لِأَنَّهَا عصبية عديمة الدَّم وَلذَلِك ترى رقبَتهَا تبدأ كثيرا من الْقطع الَّذِي يَقع فِيهَا لاستخراج الْحَصَاة من قبل أَن فِيهَا لحمية. فَأَما الكبد فَيحدث من الْجراحَة الْوَاقِعَة بهَا انفجار الدَّم فَلذَلِك يَمُوت صَاحبهَا قبل أَن يلتحم جراحته وَإِنَّمَا يكون ذَلِك إِذا كَانَ قد وصل)
إِلَى عرق عَظِيم فَانْقَطع وَلذَلِك يظنّ النَّاس أَنهم قد يبرؤون من جراحات الكبد مَا لم تكن وَأما الْجراحَة الَّتِي تقع بالدماغ فقد رَأَيْت مرَارًا كَثِيرَة برءها وَقد رَأَيْت جِرَاحَة غائرة عَظِيمَة فِيهِ برأت إِلَّا أَن هَذَا يكون الندرة. فَأَما مَا يبلغ إِلَى أَن يُسمى خرقاً لعظمه وغوره فَإِنَّهُ يجلب فِيهِ الْمَوْت ضَرُورَة فقد اتّفق النَّاس على أَن الْجِرَاحَات الَّتِي تبلغ إِلَى بعض بطُون الدِّمَاغ مميتة لَا محَالة.
وَأما الأمعاء الدقاق وَأكْثر مِنْهَا الْمعدة فَإِن طبيعتها فِيهِ لحمية كَثِيرَة فَلذَلِك إِن حدثت فِيهَا جراحات وَلم تكن خارقة غائرة فكثيراً مَا تلتحم. فَأَما إِذا خرق ألف د إِلَى جوفها فَلَا يكَاد يلتحم إِلَّا فِي الندرة.
قَالَ أبقراط: مَتى انْقَطع عظم أَو غضروف أَو عصبَة أَو الْموضع الرَّقِيق من اللحى أَو القلفة لم ينْبت وَلَا يلتحم. 

قَالَ ج: يَعْنِي بقوله ينْبت أَن يخلف شَيْئا مثل مَا ذهب وَبِقَوْلِهِ يلتحم أَن تلتزق شفتا الْجرْح. لي قد رَأَيْت الجفن شقّ من بَاطِنه وأخرجت مِنْهُ سلْعَة فالتحم سَرِيعا أسْرع من ظَاهره مثلا وَلذَلِك لَا يَنْبَغِي أَن يخَاف وَلَو انْشَقَّ الجفن كُله لِأَنَّهُ يلتحم وَرَأَيْت الْأذن لَا تزيد حَتَّى يرجع كلهَا وَلَكِن قد يُمكن أَن تعلو علوا كَبِيرا إِذا أَدِيم حكيماً كل يَوْم وعولجت بالمرهم الْأسود وَرَأَيْت طرفِي الْأنف الورقتين يلتحمان فِي سَاعَة وَلَا يُمكن أَن يمْنَع من التحامهما إِلَّا بِجهْد شَدِيد فتجعل فِيهِ مرهماً أَخْضَر وَنَحْوه مِمَّا يَأْكُل فَلَا ينجع ذَلِك إِلَّا أَقَله ويلتحم على حَال أَو يُبَادر إِلَى الالتحام حَتَّى يحْتَاج أَن يدْخل فِيهِ ريش وأنابيب ليخرج النَّفس. 3 (عِظَام فَاسِدَة) الْمقَالة السَّادِسَة قَالَ: القروح الَّتِي تطول مدَّتهَا فَلَا تندمل الْبَتَّةَ أَو تنقبض بعد الِانْدِمَال من غير خطأ من الْأَطِبَّاء فَإِنَّهُ إِمَّا أَن تجْرِي إِلَيْهَا رطوبات رَدِيئَة وَإِمَّا أَن تكون قد اكْتسب مَوضِع القرحة بِعَيْنِه حَالا رَدِيئَة بِسَبَب تِلْكَ الرطوبات الرَّديئَة وَإِن كَانَت قد انْقَطَعت وَإِمَّا لعظم فسد فِي ذَلِك الْموضع والصنفان الْأَوَّلَانِ يزدادان عظما ورداءة وَكَانَ الْأَوَائِل يسمونها باسم جَامع آكِلَة ثمَّ أَنه فرقت أسماؤها بعد. قَالَ: فَأَما أَنا فَإِنِّي أسمي كلما كَانَت تسْعَى إِلَّا أَنَّهَا فِي الْجلد قرحَة من جنس النملة وَالنَّار الْفَارِسِي وَمَتى كَانَت تسْعَى فِي اللَّحْم حَتَّى تفسده فَإِنِّي أسميها آكِلَة. وَأما القرحة الَّتِي يسميها بعض النَّاس المتعفنة فَلَيْسَ هِيَ قرحَة بسيطة لَكِنَّهَا ألف د عِلّة مركبة من قرحَة وعفونة.
وَإِذا حدثت الْجراحَة بالدماغ تبعها دم وقيء مرار. 3 (خُرُوج الثرب) قَالَ أبقراط: إِذا خرج الثرب من الْبَطن فِي جِرَاحَة فَلَا بُد أَن يعفن مَا خرج مِنْهُ وَلَو لبث زَمَانا قَلِيلا وَهُوَ فِي ذَلِك أَشد من الأمعاء والكبد لِأَن المعي وأطراف الكبد أَن لم يبْق خَارِجا مُدَّة طَوِيلَة حَتَّى تبرد بردا شَدِيدا فَإِنَّهَا إِذا دخلت إِلَى الْبَطن والتحم الْجرْح يعود إِلَى طبائعها. فَأَما الثرب فَإِنَّهُ وَإِن لبث أدنى مُدَّة فَلَا بُد إِن دخل الْبَطن مَا بدا مِنْهُ أَن يعفن وَلذَلِك يُبَادر الْأَطِبَّاء فِي قطعه وَلَا يدْخلُونَ مَا بدا مِنْهُ إِلَى الْبَطن الْبَتَّةَ. وَإِن كَانَ قد يُوجد فِي الثرب خلاف هَذَا فَذَلِك قَلِيل جدا لَا يكَاد يُوجد.
السَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: إِذا حدث عَن الضربان الشَّديد فِي القروح انفجار الدَّم وَذَلِكَ يلْحقهُ كثيرا فَهُوَ رَدِيء وَإِنَّمَا يلْحق ذَلِك لشدَّة الضربان وَشدَّة الضربان إِنَّمَا هُوَ شدَّة نبض الْعُرُوق الضوارب مَعَ ضيق الْموضع عَلَيْهَا لشدَّة الورم. وَلذَلِك يوجع. فَإِذا حدث عَنهُ انفجار دم كَانَ شَدِيدا مستكرهاً. 

إِن انْقَطع شَيْء من الغضروف أَو الْعظم لم يتم بعده.
مَتى انْقَطع عظم أَو غضروف أَو عصبَة أَو الْموضع الدَّقِيق من اللحى والقلفة لم يلتحم وَلم ينْبت.
وللقروح أزمان: ابْتِدَاء وانحطاط يحْتَاج فِيهِ بِحَسب ذَلِك إِلَى علاجات مُخْتَلفَة وَقد بَينا) (البلخية بِحَسب الْأَعْضَاء) من الْمَوْت السَّرِيع قَالَ: من ظَهرت بِهِ قرحَة من حصب أَو لذعة دَابَّة فَصَارَت شبه النواصير لم يقدر على علاجه.
من كتاب العلامات: القروح فِي الدِّمَاغ إِذا وصلت إِلَيْهِ عرض مِنْهَا السكتة وَالْمَوْت سَرِيعا وَالَّذِي فِي أغشيته تهيج مِنْهُ حمرَة ألف د الْعَينَيْنِ والورم واختلاط الْعقل وقيء الصَّفْرَاء والتشنج والحمى وَرُبمَا عرض مِنْهَا الاسترخاء وتعتل فِي الْأَكْثَر وتفسد عظم القحف. 3 (الخراجات بِحَسب الْأَعْضَاء) وَإِذا كَانَت القرحة فِي فَم الْمعدة عرض مَعهَا الْعرق الْكثير وَصغر النَّفس والغشي وَبرد الْجَسَد والقيء الْكثير وعسر البلع وَيَمُوت سَرِيعا فِي الْأَكْثَر وَإِن كَانَت فِي الْمعدة كَانَ الْقَيْء كثيرا ووجع شَدِيد فِي الْمعدة. وَإِن كَانَت القرحة فِي الْقلب مِمَّا يَلِي التندوة الْيُسْرَى سَأَلَ من المنخرين دم كثير أسود وَمَات سَرِيعا. وَإِذا كَانَت فِي الرئة خرج بالنفث دم كثير أشقر شبه الزّبد وَيَأْخُذهُ سعال وفواق وخناق. إِن احْتبسَ الدَّم فِي الرئة عرض من ذَلِك أَن ترم رقبته وتنحدب. وَإِن كَانَت القرحة فِي الْحجاب عرض وجع شَدِيد مؤذ وضيق نفس وَيكون أَكثر الوجع فِي الْجَانِب الْأَيْسَر.
وَإِن كَانَت القرحة فِي المراق كَانَ ورم ظَاهر وَلم يكن وجع شَدِيد غائر. وَإِن كَانَت القرحة فِي الطحال عرض الوجع فِي الْأَيْسَر حَتَّى يبلغ الترقوة مَعَ ضيق النَّفس وَإِن كَانَت فِي الكبد كَانَ الوجع فِي الْجَانِب الْأَيْمن ويبلغ الترقوة ويعرض مَعَه قيء الْمدَّة واختلافها واليرقان فِي بعض الْأَحْوَال وَيَمُوت سَرِيعا. وَإِن كَانَت فِي الباريطاون حدث بِهِ الفتق. وَإِن كَانَت فِي الأمعاء اخْتلف بِحَسب اختلافها فَرُبمَا احْتبسَ الثفل الْبَتَّةَ وَرُبمَا أَصَابَهُ زلق الأمعاء وَرُبمَا اخْتلف الدَّم والمرة واللزوجات. وَإِن كَانَت فِي المثانة ورمت الْعَانَة وَخرج فِي الْبَوْل قيح.
وَإِن كَانَت فِي الرَّحِم خرج الصديد من الْقبل وَعرض لَهَا صداع وكزاز وأوجاع مؤذية. 

قَالَ: يعرف الْجرْح ألف د الطرئ من أَن لَا يكون وارماً وَلَا شَدِيد الوجع وَالْقَدِيم ممتدحاً غليظ الشّفة وارماً أَحْمَر وأسود كمداً. 










مصادر و المراجع :

١-الحاوي في الطب

المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)

المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي

الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م

عدد الأجزاء: 7

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید