المنشورات

هيهات أن أبيت مبطاناً وحولي بطون غَرْثى

ومن كلمة لسيّدنا علي رضي الله عنه في كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري عاملِه على البصرة: ولو شئتُ لاهتديتُ الطريقَ إلى مصفّى هذا العسل، ولُبابِ هذا القمح، ونسائجِ هذا القزِّ، ولكن هيهات أن يغلبَني هواي، ويقودَني جشعي إلى تخيُّر الأطعمة، ولعلّ بالحجاز وباليمامة من لا طمع له في القُرص، ولا عهد له بالشّبَع! أوَأبيتُ مِبطاناً وحولي بطونٌ غرثى، وأكبادٌ حرَّى، أو أكون كما قال القائل:
وحَسْبُكَ عاراً أنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ ... وحَوْلَكَ أَكْبادٌ تحِنُّ إلى القِدِّ
أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جُشوبة العيش! فما خلقت ليشغلَني أكلُ الطيّبات، كالبهيمة المربوطة همُّها علفُها، أو المرسلة شغلُها تقمُّمها، تكترش من أعلافِها، وتلهو عمّا يرادُ بها. . . 

وكان الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم - وكان من قبلهم مؤدِّبُهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - يَرَوْن - ونعِمّا رأوا - أن السياسة الرشيدة وأن الطريق إلى الإحسان - ولا طريق غيرُها - إنّما تتحقق بالرغبة عن شهوات الحياة الدنيا، وتنكُّبِ السّرفِ والتّرف، وكانوا يريدون عمالهم على هذه السياسة التي لا سياسةَ غيرها. 








مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید