المنشورات

ترغيبهم في الثناء ووصفهم إيّاه بالبقاء وتفضيلهم إياه على المال والعطاء

قال عمر بن الخطاب لابنةِ هَرمِ بنِ سنان ممدوح زهير بن أبي سُلمى: ما وهب أبوك لزُهير؟ فقالت: أموالاً فَنِيَت وأثواباً بَلِيَت وأشياءَ انْتُسِيَت، فقال الفاروق: لكن ما أعطاكموه زهيرٌ لا يفنى ولا يُنسى. . . وكتب أرسطو إلى الإسكندر المقدوني: إنّ كلّ عقيلةٍ يأتي عليها الدَّهرُ، فيُخلق أثرَها ويُميت ذكرَها، إلا ما رسخ في القلوب، من الذكرِ الحسنِ يتوارثه الأعقابُ. وقالوا: في الثناء الباقي على الدهر، خَلَفٌ من نفاد العمر.
قال الشاعر:
وإني أُحبُّ الخُلْدَ لوْ أَسْتطيعُه ... وكالخُلْدِ عندي أن أَبِيتَ ولم أُلَمْ
وقيل لبُزَرْجُمُهْر حين كان يقتل: تكلّم بكلامٍ نذكرُه، فقال: الكلامُ كثيرٌ، ولكن إن أمكنك أن تكونَ حديثاً حسناً فافعل.
ولما وُضع الوزيرُ محمدُ بن عبد الملك الزيات في التَّنّور قال له خادمُه: يا سيّدي، قد صرت إلى ما صِرْتَ وليس لك حامدٌ! قال: وما نفعُ البرامكةِ مِنْ صنيعهم، قال: ذكرُك لهم السّاعة، فقال: صدقت. . . وقال شاعر:
لَئِنْ طِبْتَ نفْساً عن ثَنائي فإنَّني ... لأطيَبُ نفْساً عن نَداكَ على عُسْري
فلَسْتُ إلى جَدْوَاكَ أعظمَ حاجةً ... على شِدَّةِ الإعسارِ مِنكَ إلى شُكْرِي
وقال أبو تمام:
ومُحَجَّبٍ حاولتُه فوجدتُه ... نَجْماً عنِ الرَّكْبِ العُفاةِ شَسوعا
أعدمْتُه - لمَّا عَدِمتُ نَوالَه - ... شُكْرِي فرُحْنا مُعْدِمَيْنِ جَميعا
وقال عوفُ بن محلم الشيباني:
فتًى يَتَّقي أنْ يَخْدِشَ الذَّمُّ عِرضَه ... ولا يتّقي حَدَّ السُّيوفِ البَواتِرِ 

وقال حكيم: من أحبَّ الثناء، فليَصْبرْ على بذلِ العطاء، وليوطِّن نفسَه على الحقوق المُرّة، وعلى احتمالِ المؤنة. . . وقال الشاعر في هذا المعنى:

ما أعْلمَ الناسَ أنَّ الجودَ مَكْسَبةٌ ... للحَمْدِ لَكِنَّه يأتي على النَّشَبِ
 








مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید