المنشورات
استحياؤهم من المديح
ولاسيَّما إذا كان مُتكلَّفاً أو مُبالغاً فيه
سمع سيدُنا رسولُ الله رجلاً يثني على آخرَ، فقال: (قَطَعْت مَطاه، لو سَمِعَ ما أفلحَ) المطا: الظهر وقالوا: استحياءُ الكريم من المدحِ أكثرُ من استحياءِ اللئيمِ من الذَّمِّ. . . وأثنى رجلٌ على هشام بن عبد الملك، فقال: إنّا نكره المدحَ، فقال: لست أمدَحُك ولكنّي أحمدُ اللهَ فيك. . . وكان أبو بكر الصديق رضوان الله عليه يقول إذا مُدِح: اللَّهمَّ، أنت أعلمُ منّي بنفسي منهم، اللهمّ، اجعلني خيراً مما يحسبون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون. . . وكان رجلٌ يكثر الثناء على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعَلِمَ من قلبِه خلافَ
قوله، فقال له: أنا دونَ ما تقول، وفوقَ ما في نفسك؛ وقال الجاحظ: شرُّ الشُّكْرِ، ثناءُ المُواجِه لك المُسْرِف في مدحك، وخيرُه، ثناءُ الغائبِ عنك، المقتصدِ في وصفك. وقالوا: كن ممّن أفرطَ في تزكيتك أحذرَ ممّن أفرطَ في الزِّرايةِ بك. وقالوا: من مدحَ الرجلَ بما ليس فيه فقد بالغَ في ذمِّه. وقال أبو فراس الحمداني:
ولا تَقبَلَنَّ القولَ مِنْ كلِّ قائلٍ ... سأُرْضِيكَ مَرأىً لَسْتُ أرْضيكَ مَسْمَعا
وقال الفضيلُ بن عياض: لو شممتم رائحةَ الذُّنوبِ منّي ما قَرِبْتموني. . . وأُثنِيَ على زاهدٍ، فقال: لو عَرَفْتَ مني ما عرفتُ من نفسي لأبْغَضْتَني. وقال المتنبّي:
يُحَدَّثُ عَنْ فَضْلِه مُكْرَهَاً ... كأنَّ له مِنه قلباً حَسُودا
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
5 نوفمبر 2024
تعليقات (0)