المنشورات

الأيام تهدم الحياة

قال حكيم: من كان الليلُ والنهارُ مطيَّته، سارا به وإن لَمْ يَسِرْ، أخذه الشاعر فقال:
رأيْتُ أخَا الدُّنيا وإنْ كان خافِضاً ... أخا سَفَرٍ يُسْرَى به وهْوَ لا يَدْرِي
خافِضاً: يريدُ مُقيماً في خَفْضٍ ودَعَةٍ.
وقالوا: أنفاسُ المرءِ خطاهُ إلى أجلِه، وأملُه خادِعُه عن عملِه؛ وقال الشاعر:
ما ارْتَدَّ طَرْفُ امْرِئٍ بِلَحْظتِه ... إلا وشَيْءٌ يَموتُ من جَسَدِهْ
وقال أبو العتاهية:
تَظَلُّ تَفْرَحُ بالأيّامِ تَقْطَعُها ... وكُلُّ يومٍ مَضى يُدْنِي من الأجَلِ 

وقال عمرو بن قُميئة - شاعرٌ قديمٌ في الجاهلية -:
كأنّي وقدْ جاوَزْتُ تِسعينَ حِجَّةً ... خَلَعْتُ بِها عنّي عِذارَ لِجامِي
على الرّاحتيْنِ مَرَّةً وعلى العَصا ... أنُوءُ ثَلاثاً بَعْدَهُنَّ قِيامي
رَمَتْني بناتُ الدَّهْرِ من حيثُ لا أرَى ... فكيفَ بِمَنْ يُرْمَى وليس برَامِ
فلَوْ أنّها نَبْلٌ إذَنْ لاتَّقيْتُها ... ولكنّني أُرْمَى بغيْرِ سِهامِ
قوله: خلعت بها عني عِذار لِجامي: فالعرب تقول: خلَع فلانٌ العِذارَ يريد: خَلَعَ الحَياء، مثل للشاب المُنْهمك في غَيِّه كما يخلع الفرسُ العِذارَ فيجمحُ ويطمحُ لأنّ اللِّجامَ يُمسكه، والعِذار: الذي يَضُمُّ حبلَ الخِطام إلى رأسِ البعير والناقةِ وعلى ذلك يكون معنى قوله: أنّه أسام سرح اللهو حيث أسام الغواة في هذا العمر المديد، ولعله يريد بذلك عدم التماسك كما بينه في البيت الثاني، وقوله: أنوءُ ثلاثاً يعني: أنه ينهض ثلاثَ مرات بانحناء ثم يستقيم، وبنات الدهر: نُوَبه.
 











مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید