المنشورات

أسماءُ الموتِ ووَصْفُه

الموت: ضدُّ الحياة، ويقال: مات يَموتُ ويَماتُ - لغةٌ طائيّة - وقالوا: مِتَّ تَموتُ؛ قال ابنُ سيدة: ولا نَظيرَ لَها من المُعْتلّ، ورجلٌ مَيِّت ومَيْت، وقيل: المَيْت: الذي مات، والمَيِّت والمائِت: الذي لَمْ يَمُتْ بَعد، يقال: هو مَيّتٌ غداً ومائِت ولا يُقال: مَيْتٌ، قالوا: وهذا خَطأٌ، وإنّما مَيِّت يصلح لما قد ماتَ ولِما سيَموت، وقد جمعَ بين اللُّغتين عَدِيُّ بنُ الرَّعْلاء الغَسّاني - والرَّعلاءُ أمُّه - فقال:
ليسَ مَنْ مات فاسْتَراحَ بِمَيْتٍ ... إنّما المَيْتُ مَيِّتُ الأحْياءِ
إنَّما المَيْتُ مَنْ يَعيشُ كَئيباً ... كاسِفاً بالُه قليلَ الرّجاءِ
فأُناسٌ يُمصَّصُونَ ثِمَاداً ... وأُناسٌ حُلوقُهُمْ في الماءِ
فجَعلَ المَيْتَ كالمَيّت. . ويقال للموت: الهِمْيَعُ، وقيل: الهِمْيَعُ: الموتُ المُعَجّل: أقول: ولعلّه سُمّي كذلك لأنّ الروحَ تَهْمَعُ: أي تسيل، من هَمَعَ الدَّمعُ والماءُ: سال. ومن أسماء الموتِ أيضاً: النَّيْطُ، رُوي عن علي رضي الله عنه أنه قال: لَوَدَّ معاويةُ أنّه ما بقيَ من بني هاشمٍ نافِخُ ضَرَمَةٍ إلا طُعِنَ في نَيْطِه، معناه: إلا ماتَ، قال ابنُ الأثير: والقياس: النَّوْطُ، لأنّه من ناطَ يَنوطُ: إذا عُلِّق، وقيل: النَّيْطُ، نِياطُ القلْبِ، وهو: العِرْق الذي يتعلَّق به القلبُ. . . ومن أسماءِ الموت: الرَّمْدُ قال أبو وَجْرة السَّعديُّ:
صَبَبْتُ علَيْكُمْ حاصِبي فَتركْتُكُمْ ... كأصْرامِ عادٍ حين جَلّلَها الرَّمْدُ
الحاصِب: العذاب يكون بالرّيح الشديدةِ تحملُ الحَصْباء، والأصْرامُ: الجماعاتُ من الناس والرَّمادة: الهَلاك؛ ومنه قيل: عامُ الرّمادة؛ لأنّ الناسَ والأموالَ هلكَت فيه كثيراً ومن أسمائِه: أمُّ قَشْعَم، قال أبو عبيد: أمُّ قَشْعَم: المنيّة، ويقال للشيخ الكبير والمسنِّ من النُّسور والرَّخَم: قَشْعَم، لطولِ عُمْره. وأمُّ قَشْعَم في قول زهير في معلَّقته:
فَشَدَّ ولَمْ يُفْزِعْ بُيوتاً كثيرةً ... لَدَى حَيْثُ ألقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ
قيل: الحرب، وقيل: المنية، وقيل: الضَّبُعُ، وقيل: العنكبوت، وقيل: الذِّلّة. . . ومن أسمائِه: أمُّ اللَّهَيْم. قال الخليل بن أحمد: أمُّ اللَّهَيْم: المنيّة، لأنّها تَلْتَهِمُ كلَّ شيء. ومن أسمائِه: شَعوبُ، قال ابنُ السِّكِّيت: شَعوبُ: اسمُ المنيّة، مؤنّثة مُعرّفة لا تَنْصرفُ وأنشد:
ومَنْ تَدْعُ يَوْماً شَعُوبُ يُجِبْها
قال: وإنّما سُمّيت المنيّة شعوبَ لأنّها تَشْعَبُ - أي تُفرّق - يقال: شَعَبَ وأشْعَبَ وانْشَعَبَ: هلك. . ومن أسمائِه: الفَوْدُ، فادَ يَفودُ فَوداً: مات، قال لبيدُ بنُ ربيعةَ يذكرُ الحارثَ بن أبي شِمر الغسّانيَّ، وكان كلُّ ملكٍ منهم كلّما مضَتْ عليه سنةٌ زاد في تاجِه خَرَزةٌ، يُراد بذلك أنْ يُعْلَمَ عددُ السنين التي ملَكَها، فأراد أنّه عُمِّرَ حتّى صار في تاجِه خَرزاتٌ كثيرة:
رَعَى خَرَزاتِ المُلْكِ سِتِّينَ حِجَّةً ... وعِشْرينَ حَتَّى فادَ والشَّيْبُ شَامِلُ
ومن أسمائِه: الحِمامُ. يقال نزلَ به حِمامُه: أي موتُه وقدرُه، مِن حُمَّ كذا أيْ قُدِّرَ أنشد ابن بَرّي لِخَبّابِ بن غُزَيّ: وأرْمِي بِنَفْسي في فُروجٍ كَثيرةٍ ... ولَيْسَ لأمْرٍ حَمَّهُ اللهُ صارِفُ
ومن أسمائِه: المَنون، قيل: المَنون تكونُ واحِداً وجَمْعاً، قال أبو ذؤيب الهذليُّ. . .
أمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِه تَتَوجَّعُ
ومِنْ جَمْعِه قولُ عَديِّ بن زيدٍ العبادي:
مَنْ رأيْتَ المَنونَ خَلَّدْنَ أمْ مَنْ ... ذا عليه مِنْ أنْ يُضَامَ خَفِيرُ
وقال الأصمعيُّ: المنونُ واحدٌ لا جمعَ له، فأمّا قولُ عديِّ بن زيد فَعلى معنى العُموم والكَثرة في الموت، إذ كان أدْهى الدَّواهي، وقال ابن جنّيّ: من أنّث المنونَ ذهبَ إلى مَعْنى المَنيّةِ ومن ذَكَّرَ أراد الدَّهر، وسُمّي الدهرُ مَنوناً لأنّه يذهبُ بِمُنَّةِ الإنسان: أي قوَّته. . . ومن أسمائِه: المُوتان والمَوْتانُ، قال صاحب اللسان: المُوتان والمَوْتان والمُوات كلُّه: الموت؛ وفي الحديث: يكونُ في الناس مُوتانٌ كَقُعاصِ الغَنم، فالموتان: الموتُ الكثيرُ الوقوع.
ومن صفات الموت: موتٌ زؤام: أي كريه، وقيل: عاجلٌ، وقيل: سريعٌ مُجْهِزٌ، والمعنى الأول هو الأصحّ؛ ومن أوصافِه أيضاً: موتٌ زُعافٌ وذُعافٌ وزُؤافٌ وجُحافٌ جُحاف: شديد يذهب بكلِّ شيء يقال: سيلٌ جُحاف وجُراف: يذهب بكلِّ شيء، وزُعاف وذُؤاف
وذُعاف: سريع وحِيّ، وقيل: شديد، ومنها: مات قَعْصاً: أي موتاً وحِيّاً، ويقال لمن مات فُجاءَةً: فَقَسَ يَفْقِسُ فُقوساً، وفَطَسَ يَفْطِسُ فُطوساً، ويقال لَعِقَ إصْبَعَه وطَنَّ وتَنَبَّلَ: أي مات، ويقال أطلى الرَّجلُ: أي مالت عنُقُه عند الموتِ، ويقال: جَرِضَ بريقِه، وأصلُ الجَرَضِ: الغُصّةُ، والمُراد: عانى غَصصَ الموت ومن ذا المثل: حالَ الجَريضُ دون القَريض، قال عَبيد بن الأبرص للمنذرِ حين أراد قتلَه وقال له: أنشدني من قولك، فقال عند ذلك: حال الجريضُ دون القريض، الجريض: الغصصُ واختلافُ الفكَّين عند الموت، والقريضُ: الجِرّة - لأنه إذا غُصَّ لم يقدر على قرضِ جِرّته، والقريضُ أيضاً: الشِّعْر، ويقال استاثرَ اللهُ به، وانْحلَّ تركيبُه، ومضى لِما خُلِقَ له، وأتاه ما كان يحذرُ، وأكلَ الدَّهرُ عليهم وشَرِبَ، وهذا مقلوب، وإنّما هو: أكلوا على الدَّهرِ وشَربوا؛ وصَفِرَ وِطابُه، ومعناه: أنَّ جسمَه خلا من روحِه؛ وأجود وصف للموت قولُ سيّدنا رسول الله: (أكثروا من ذكر هاذِمِ اللّذّات). . ولنجتزئ بهذا المقدار. 










مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید