المنشورات
لا ينجو من الموت أحد
قيل: من لَمْ يمُتْ عاجلاً مات آجلاً؛ وقال أميّةُ بن أبي الصَّلت:
مَنْ لَمْ يَمُتْ عَبْطةً يَمُتْ هَرَماً ... للمَوْتِ كأسٌ والمَرْءُ ذائِقُها
ما لَذّةُ النَّفْسِ في الحَياةِ وإنْ ... عاشَتْ قليلاً فالمَوْتُ لاحِقُها
يَقودُها قائِدٌ إليهِ ويَحْ ... دُوها حَثيثاً إليهِ سائِقُها
يقال: ماتَ فلانٌ عبطةً: أي شاباً، وقيل: شاباً صحيحاً، وأصلُ العَبيطِ من اللحم: ما كان سليماً من الآفاتِ ويقالُ: عَبَطَ الشاةَ والناقةَ وكلَّ دابةٍ: نَحَرَها أو ذبَحَها من غيرِ داءٍ وهي فتيَّةٌ.
وقيل لابن المقفَّع: قد كُنتَ نُعيتَ لنا! فقال: ما بَعُدَ كائِن ولا قَرُبَ بائن. . . وقال ابن المعتز:
أَلا إنّما جِسْمِي لِرُوحي مَطِيَّةٌ ... ولا بُدَّ يَوْماً أن يُعَرَّى مِنَ الرَّحْلِ
الرَّحْل: المنزل، والسرج يُوضع على ظهر الدابة، وعُرِيَ منه نُزِعَ عنه وهذا على المثل وقال محمود الورّاق:
وما صاحِبُ السَّبْعينَ والعَشْرِ بَعْدَها ... بأقْرَبَ مِمَّنْ حَنَّكَتْهُ القَوابِلُ
ولكِنَّ آمالاً يُؤَمِّلُها الفتَى ... وفيهِنَّ للرّاجِينَ حَقٌّ وباطِلُ
القوابل جمع قابلة: المرأةُ تتلقّى الولدَ لدى الولادة المُولِّدة وحنّكته فالتَّحْنيكُ: أن تَمْضَعَ التّمر ثم تَدْلُكُه بحَنَكِ الصَّبيِّ داخلَ فمِه. . .
وقال المتنبي:
وأوْفَى حَياةِ الغابِرينَ لِصَاحِبٍ ... حَياةُ امْرِئٍ خانَتْهُ بعدَ مَشِيبِ
يريد المتنبّي: أنَّ الحياةَ وإن طالت فهي إلى انقضاء، يقول: أوفى عُمر أن يبقى حتّى المَشيب ثم يخونُه عُمْرُهُ بعد ذلك، وقصاراه الموت، أو تقول: إذا عاش المرءُ إلى بلوغِ المَشيب ثم خانته حياتُه يومئذٍ فقد تَناهَتْ في الوفاء.
ومرَّ شيخٌ من العرب بغلامٍ فقال له الغُلام: أحْصَدْتَ يا عمّاه، فقال: يا بنيَّ، وتُخْتَضَرونَ أحْصَدْتَ: آن لك أن تُحْصدَ، وتُخْتَضَرونَ: تموتون خُضراً في شبابكم.
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
8 نوفمبر 2024
تعليقات (0)