المنشورات
تسلّى بما له من الثوابِ وبعض تعازيهم
دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه عبد الملك - وكان قد أصابه الطاعونُ - فقال: دعني أمَسَّ قَرْحَتكَ، - وكان يقال: إذا كانَ القرْحُ ليِّناً يُرْجى، وإنْ كانَ خَشِناً لا يُرْجى - فامتنع عبد الملك مِنْ أنْ يَمَسَّها، فعلم عمر لِمَ مَنَعه! فقال: دعْني أمَسَّها، فو اللهِ لأنْ أقدِّمَك فَتكونَ في ميزاني أَحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أكونَ في ميزانِك! فقال: واللهِ، لأنْ يكونَ ما تريدُ أحبُّ إليَّ منْ أنْ يكونَ ما أريدُ، فلَمَسَها، فقال: يا عبدَ الملك، {الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}. . . فقال: {سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}. . .
ولمّا ماتَ عبدُ الملكِ عزَّى أباه الحسنُ البصريُّ بهذا البيت:
وعُوِّضْتَ أجْراً مِنْ فَقيدٍ فلا يَكُنْ ... فَقيدُكَ لا يَأتي وأجْرُكَ يَذْهَبُ
وروي: أنّ رجلاً جَزِعَ على ابْنٍ له، فشكى ذلك إلى الحَسنِ، فقال له:
هل كانَ ابْنُكَ يغيبُ عَنْك؟ فقال: نَعمْ، كان مغيبُه عَنّي أكثرَ مِنْ حُضوره قال: فاتْرُكْهُ غائِباً، فإنّه لم يَغِبْ عنكَ غَيْبةً الأجْرُ لكَ فيها أعْظمُ مِثْلَ هذه الغيبةِ. . . وقال أعرابيٌّ: وقد ماتَ له ثلاثةُ بنينَ في يومٍ واحدٍ، فَدَفنهمْ وعادَ إلى مَجْلِسِه، فجَعلَ يتحدثُ كأنْ لَمْ يَفْقِدْ واحِداً، فَليمَ على ذلك، فقال: ليسوا في الموت بِبِدْعٍ، ولا أنا في المصيبةِ بأوْحَدَ، ولا جَدْوى لِلْجَزَعِ، فَعَلامَ تلومونَني!
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
9 نوفمبر 2024
تعليقات (0)