المنشورات

الممدوحُ بالحلم وتمدُّحهم به

قال مِهيار الديملي:
وإذا الإباءُ المُرُّ قالَ لَكَ: انْتَقِمْ ... قالَتْ خَلائِقُكَ الكِرامُ: بَلِ احْلُمِ
شَرْعٌ مِن العفوِ انْفردْتَ بِدينِه ... وفَضيلةٌ لِسواكَ لَمْ تَتقدَّمِ
حتّى لَقَدْ وَدَّ البَريءُ لوَ انّه ... أدْلى إليكَ بِفضْلِ جاهِ المُجْرِمِ
وقال بعضهم:
فَدَهْرَه يَصفحُ عَنْ قُدْرةٍ ... ويَغفِرُ الذَّنْبَ على عِلْمِهِ
كأنّه يأنَفُ مِنْ أنْ يَرى ... ذَنْبَ امْرِئٍ أعظمَ مِنْ حِلْمِهِ
وقال المتنبّي:
وأحْلُمُ عَن خِلِّي وأعْلَمُ أنَّه ... متى أجْزِهِ حِلْماً عَلى الجَهْلِ يَنْدَمِ
وقال سالم بن وابِصة: 

ونَيْرَبٍ مِنْ مَوالي السُّوءِ ذي حَسَدٍ ... يقتاتُ لَحْمي وما يَشفيهِ من قَرَمِ
داويْتُ صَدْراً طويلاً غِمْرُه حَقِداً ... منهُ وقلَّمْتُ أظْفاراً بلا جَلَمِ
بالحَزْمِ والخيرِ أسْديهِ وألْحِمُهُ ... تقوى الإلهِ وما لَمْ يَرْعَ مِنْ رَحِمِ
فأصْبَحَتْ قوسُه دوني مُوَتَّرةً ... تَرْمي عَدَوِّي جِهاراً غيرَ مُكْتَتِمِ
وإنَّ في الحِلمِ ذُلاً أنْتَ عارِفُه ... والحِلمُ عَنْ قُدْرةٍ فضلٌ مِنَ الكَرَمِ
وقال معن بن أوس المُزَني:
وذي رَحِمٍ قَلَّمْتُ أظْفارَ ضِغْنِه ... بِحِلْمِيَ عَنْهُ وهْوَ ليسَ له حِلْمُ 

يُحاولُ رَغْمي لا يُحاولُ غيرَه ... وكالموْتِ عندي أنْ يَحُلُّ بهِ الرَّغْمُ
ويَشْتِمُ عِرْضي في المُغيَّبِ جاهِداً ... وليسَ لهُ عندي هَوانٌ ولا شَتْمُ
إذا سُمْتُه وَصْلَ القرابةِ سامَني ... قطيعَتَها، تلكَ السَّفاهةُ والإثْمُ
فما زِلْتُ في ليني له وتَعَطُّفي ... عليهِ كما تَحْنو عَلى الوَلَدِ الأمُّ
وصَبْري على أشياَء منهُ تُريبُني ... وكَظْمي على غَيْظي وقدْ يَنْفعُ الكظْمُ
لأسْتلَّ منه الضِّغْنَ حتى اسْتَللْتُه ... وقد كان ذا ضِغْنٍ يَضيقُ به الحَزْمُ
فداوَيْتُه حتَّى ارْفأنَّ نِفارُه ... فَعُدْنا كأنَّا لمْ يَكُنْ بَيْنَنا صَرْمُ
وأطْفأتُ نارَ الحَرْبِ بَيْني وبَيْنَه ... فأصْبَحَ بعدَ الحَرْبِ وهْوَ لَنا سَلْمُ
وقال شاعر:
لَقَدْ أسْمَعُ القولَ الذي هُوَ كلَّما ... تُذَكِّرُنيه النَّفسُ قلبي يُصَدَّعُ
فأبْدي لِمَنْ أبْداهُ مِنّي بَشاشةً ... كأنّيَ مَسْرورٌ بِما منهُ أسْمَعُ
وما ذاكَ مِنْ عَجْزٍ بهِ غيرَ أنَّني ... أرى أنَّ تَرْكَ الشَّرِّ للشَّرِّ أدْفَعُ
 











مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید