المنشورات

مُعْتذرٌ بتكذيبِ نَفْسِه

خَرَجَ النُّعمانُ بنُ المنذرِ في غِبِّ سماءٍ فمرَّ بِرَجُلٍ مِنْ بَني يَشْكُرَ جالِساً على غَديرِ ماءٍ، فقال له: أتعْرِفُ النُّعمانَ؟ قال اليَشْكُريُّ: ألَيْسَ ابْنَ سَلْمى؟ قال: نَعَمْ، قال: واللهِ لَرُبَّما أمْرَرْتُ يَدي على فَرْجها، قال له: وَيْحَك، النُّعْمانُ بنُ المُنذر! قال: قَدْ خَبّرْتُك، فَما انْقَضى كلامُه حتَّى لَحِقَتْه الخيلُ وحَيَّوْه بِتَحيَّةِ المُلْكِ، فقال له: كيفَ قلتَ؟ قال: أبَيْتَ اللَّعنَ، إنّك واللهِ ما رأيْتَ شَيْخاً أكذبَ ولا ألأمَ ولا أوْضعَ ولا أعَضَّ بِبَظْرِ أمِّه من سيخٍ بين يديك، فقال النُّعمانُ: دعوه، فأنشأ يقول:
تَعْفو المُلوكُ عَنِ العَظي ... مِ مِنَ الذُّنوبِ لِفَضْلِها
ولَقَدْ تُعاقِبُ في اليَسي ... رِ وليسَ ذاكَ لِجَهْلِها
إلا لِيُعْرَفَ فَضْلُها ... ويُخافَ شِدّةُ نَكْلِها
وانقطعَ عبدُ الملكِ بنُ مروانَ عن أصْحابِه. فانتهى إلى أعْرابِيٍّ، فقال: 

أتَعْرِفُ عبدَ المَلِكِ؟ قال: نَعَمْ، جائِر بائِر، قال: ويحك أنا عبدُ الملك! قال: لا حيَّاك اللهُ ولا بيّاكَ ولا قرَّبك، أكلْتَ مالَ الله، وضيَّعْتَ حُرْمتَه، قال: وَيْحك أنا أضرُّ وأنفعُ، قال: لا رزقني الله نفْعَك ولا دَفَعَ عنِّي ضُرَّك، فلَمَّا وَصَلَتْ خيلُه عَلِمَ صِدْقَه، فقال: يا أميرَ المؤمنين، اكْتُمْ ما جرى فالمَجالِسُ بالأمانة. . . . . 











مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید