المنشورات
نهي عن الاعتذار وصعوبته
جاء في الحديث الشريف: (إيّاك وكلَّ أمْرٍ يُعْتَذرُ منه). وفي حديث آخر: (إيّاكم والمعاذيرَ فإنها مفاجر). . . . ومعنى الحديثين: إيّاكم أن تتكلّموا أو تَفْعلوا ما تحتاجون إلى أنْ تَعْتَذروا عنه. وقال بعضُهم: دَعْ ما يَسبقُ إلى القلوبِ إنكارُه، وإن كان عندك اعتذارُه فلستَ بموسِعٍ عُذراً كلَّ من أسْمَعْتَه نُكرا. . . وكتب الحجاجُ إلى بعض من اعْتذرَ إليه: إنْ يَعلَمِ اللهُ ذلك من نيَّتك تُكْفَ المقالَ. وكتب كاتبٌ: لست أعتذر إليك من الذّنب إلا بالإقلاع عنه. وكتب آخر: إن تركت الاعتذار فلِما قال الشاعر - هو محمود الورَّاق -:
إذا كانَ وجْهُ العُذْرِ ليسَ ببيِّنٍ ... فإنّ اطِّراحَ العُذْرِ خَيْرٌ مِنَ العُذْرِ
وقالوا: الإغراقُ في العُذْرِ يحقّق التُّهمةَ، كما أنّ الإفراط في النصيحة يُوجب الظِّنَّة. . . .
وكتب بعضُهم: إنْ كان ما بَلَغك حقاً فما تُعني المعاذيرُ، وإنْ كانَ كذِباً فما تضرُّ الأباطيلُ.
وقال شاعر:
تعالَوْا نَصْطلِحْ وتكونُ مِنَّا ... مَعاوَدةٌ بلا عَدِّ الذُّنوبِ
فإنْ أحْبَبْتُمُ قُلْتُمْ وقُلْنا ... فإنَّ القَوْلَ أشْفى للقلوبِ
وخطب الحجّاجُ يوماً فأطال، فقام رجل فقال: الصلاة، الوقت لا ينتظرُك، والرّبُّ لا يعذرُك، فأمرَ بحَبسِه، فأتاه قومُه وزعَموا أنّه مجنون فإنْ رأى أن يُخلي سبيلَه! فقال: إنْ أقرَّ بالجنونِ خَلَّيتُه، فقيل له ذلك، فقال: معاذَ اللهِ، لا أزعُمُ أنّ اللهَ ابْتَلاني وقد عافاني، فبلغ ذلك الحجاجَ، فعفا عنه لِصِدْقه. .
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
12 نوفمبر 2024
تعليقات (0)