المنشورات

النَّهْيُ عن الحِلم إذا كان يسبب ذُلاً أو ضَرّاً

قال النابغة الجعدي:
ولا خيرَ في حِلْمٍ إذا لَمْ تَكُنْ لهُ ... بَوادِرُ تَحْمي صَفْوَه أنْ يُكَدَّرا
ولا خيرَ في جَهْلٍ إذا لَمْ يكنْ لهُ ... حَليمٌ إذا ما أوْرَدَ الأمْرَ أصْدَرا
ويُروى أنّه لما أنشد هذين البيتين سيدَنا رسولَ الله قال صلواتُ الله عليه: أجدْتَ لا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ، فعاشَ مائة وثلاثين سنة لم تَنْفَضَّ له ثنيَّة. . . وأنشد المبرِّد:
أبا حَسَنٍ ما أقْبحَ الجَهْلَ بالفتى ... ولَلْحِلْمُ أحياناً مِنَ الجَهْلِ أقْبحُ
إذا كانَ حِلْمُ المَرْءِ عَوْنَ عَدُوِّه ... عَلَيْهِ فإنَّ الجَهْلَ أعْفى وأرْوَحُ
أقول: إنَّ مُرادهم بالجَهْلِ ههنا ما قابلَ الحِلْم وقال المتنبي:
مِنَ الحِلْمِ أنْ تَسْتَعملَ الجهلَ دونَه ... إذا اتَّسَعَتْ في الحِلْمِ طُرْقُ المَظالِمِ
وقال:
إذا قيلَ: رِفْقاً قال: لِلحِلْمِ مَوْضِعٌ ... وحِلْمُ الفَتى في غيرِ مَوْضِعِه جَهْلُ
وقالَ أبو يَعْقوب الخُرَيْمي:
أرى الحِلْمَ في بعضِ المواطنِ ذِلَّةً ... وفي بَعْضها عِزّاً يُسوِّدُ صاحِبَهْ 

وقال الأحْنَفُ بنُ قيس: لا حِلْمَ لِمَنْ لا سَفيهَ له. وقال: ما قلَّ سفهاءُ قومٍ إلا ذَلّوا. . .
وقال الجاحظ: مَنْ قابلَ الإساءةَ بالإحسانِ فقَدْ خالَفَ اللهَ في تَدْبيرِه، وظَنَّ أنَّ رحمةَ اللهِ دونَ رحمته، فإنَّ الله تعالى يقول: {مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} وقال: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}. وقال الشعبيُّ: يُعجبني الرَّجلُ إذا سيمَ هَواناً دَعَتْه الأنفةُ إلى المُكافأةِ {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}؛ ورُفع كلامُه إلى الحجّاج فقال: لله درُّه! أيُّ رجلٍ بين جَنْبَيْه! وتمثّل بقول الشاعر:
ولا خيرَ في عِرْضِ امْرئٍ لا يَصونُه ... ولا خيرَ في حِلْمِ امْرئٍ ذَلَّ جانِبُهْ
 











مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید