المنشورات
حث القادر على العقاب قبل فَوْته
قد أسلفنا كثيراً من عبقرياتهم في هذا المعنى، وقال أبو أذينةَ الغَسّاني:
يُحرِّضُ ابنَ عمِّه الأسودَ بنَ المنذر على قتل جماعةٍ من مُلوكِ الشام كان قد أسَرَهُمْ فأراد أن يعفوَ عنهم:
ما كلَّ يَوْمٍ ينالُ المَرْءُ ما طَلبا ... ولا يُسوِّغُه المقدارُ ما وَهبا
وأنْصفُ الناسِ في كلِّ المواطنِ مَنْ ... سقى الأعاديَ بالكأسِ الّتي شَرِبا
ولَيْسَ يَظلمُهُمْ مَنْ باتَ يضربُهم ... بِحدِّ سيفٍ به من قبلِهم ضُرِبا
فالعَفْوُ إلا عنِ الأعْداءِ مَكْرُمةٌ ... منْ قالَ غيرَ الذي قد قلتُه كَذبا
قتَلْتَ عَمْراً وتَستبقي يزيدَ لَقَدْ ... رأيْتَ رأياً يجرُّ الويلَ والحَرَبا
لا تَقْطَعَنْ ذنَبَ الأفعى وتتركَها ... إنْ كنتَ شَهْماً فأتْبِعْ رأسَها الذَّنَبا
هُمْ جَرَّدوا السيفَ فاجْعَلْهُمْ به جزَرا ... هُمْ أوْقَدوا فاجْعلْهُمْ لَها حَطَبا
ومنها:
لا عَفْوَ عَنْ مِثْلِهِمْ في مِثلِ ما طَلبوا ... لكنَّ ذلكَ كانَ الهُلكَ والعَطَبا
عَلامَ تَقْبلُ مِنْهُمْ فِدْيةً وهُمُ ... لا فِضَّةً قَبلوا مِنّا ولا ذَهَبا
وكتب يحيى بن خالد البرمكيّ إلى الرشيد من الحبس: إنْ كانَ الذنْبُ خاصَّاً. فلا تُعَمِّم بالعُقوبة، فَمَعي سَلامَةُ البَريءِ ومودَّة الوليّ؛ فكتَبَ إليه: قُضيَ الأمْرُ الذي فيه تستفتيان. . .
وقال بعضُهُمْ لأبي جعفر المنصور: لقد هجمت بالعقوبة حتّى كأنّك لم تَسْمَعْ بالعفوِ! فقال: لأن بني مروان لم تَبْلَ رِمَمُهُمْ، وآلُ أبي طالب لم تُغْمدْ سُيوفُهم، ونَحْنُ بينَ أقوامٍ قَدْ رأوْنا بالأمْسِ سُوقةً واليومَ خُلفاء، فليس تتمهَّد الهيبةُ في صُدورهم إلا باطّراحِ العفوِ واستعمالِ العُقوبة. . .
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
12 نوفمبر 2024
تعليقات (0)