المنشورات
نهي عن احتقار العدو
قال ابنُ نُباتةَ السعدي:
وإذا عَجِزْتَ عَنِ العَدُوِّ فَدارِه ... وامْزُجْ له إنَّ المِزاجَ وِفاقُ
فالنارُ بِالماءِ الذي هُوَ ضِدُّها ... تُعطي النَّضاجَ وطبْعُها الإحْراقُ
وقالوا: لا يُتَّقى العدوُّ القويُّ بمثلِ الخُضوعِ واللّينِ، ومَثلُ ذلكَ مَثَلُ الرّيحِ العاصفِ تَقلَعُ الأشْجارَ العِظام، لتأبِّيها عليها، ويَسْلَمُ مِنْها النَّباتُ اللَّيِّنُ لِتَمايُلِه مَعها.
ومِن أمثالهم: إذا عزَّ أخوك فهُنْ.
قال الإمام ثعلب: هذا مثلٌ مَعْناه: إذا تعظَّم أخوك شامِخاً عليكَ فالْتَزِمْ له الهَوان؛ وعبارة الأزهريّ: المعنى: إذا غلبك وقهَرك ولم تُقاوِمْه فتواضَعْ له، فإنَّ اضطرابَك عليه يزيدُك ذلاًّ
وخَبالاً، وقال الزجاج: الذي قاله ثعلب خطأ، وإنما الكلام. إذا عزَّ أخوك فهِنْ - بكسر الهاء - ومعناه إذا اشتدَّ عليك فهُنْ له ودارِه، وهذا من مَكارمِ الأخلاق، كما رُوي عن معاويةَ رضيَ اللهُ عنْهُ أنه قال: لوْ أنَّ بيني وبينَ الناسِ شعرةً يَمُدّونَها وأمُدُّها ما انْقَطَعَتْ، قيل: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا أرْخَوْها مَدَدْتُ، وإذا مدّوها أرْخيت، فالصحيح في هذا المثل، فهِنْ بالكسر، من قولهم: هانَ يَهين: إذا صار هيِّناً ليِّناً، كقوله:
هَيْنونَ لَيْنونَ أيْسارٌ ذَوو كَرَمٍ ... سُوّاسُ مَكْرُمةٍ أبْناءُ أطْهارِ
وإذا قالوا: فهُنْ فَهْو مِنَ الهوان، والعَربُ لا تأمُرُ بِذلك، لأنّهم أعِزّةٌ أبّاؤون للضّيم.
وقال ابن سِيدَه: وعِندي أنّ الذي قاله ثعلب صحيحٌ لقولِ ابْنِ الأحْمر - شاعر إسلامي -:
وقارِعةٍ مِنَ الأيّامِ لَوْلا ... سَبيلُهُمُ لَزاحَتْ عنكَ حينا
دَبَبْتُ لَها الضَّراَء وقُلْتُ: أبْقى ... إذا عزَّ ابْنُ عَمِّك أنْ تَهونا
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
12 نوفمبر 2024
تعليقات (0)