المنشورات

لو تكاشفتم ما تدافنتم

ومن كلمة لسيّدنا رسول الله صلوات الله عليه: (لو تكاشفتم ما تدافنتم). يقول: لو علم بعضُكم سريرةَ بعْضٍ لاستثقل تشييعَه ودَفْنََه. . . ولعل أبا العتاهية قد أخذ من هذا الحديث قوله:
وفي النّاسِ شرٌّ لو بَدا ما تَعاشروا ... ولكنْ كَساه اللهُ ثوبَ غِطاءِ
وقالوا في ذم الناس:
عَوى الذِّئْبُ فاسْتأنَسْتُ بالذِّئْبُ إذْ عَوى ... وصَوَّتَ إنْسانٌ فكِدْتُ أطيرُ
وقال المعري:
يَحْسُنُ مَرْأًى لِبَني آدَمٍ ... وكلُّهمْ في الذَّوقِ لا يَعْذُبُ
ما فيهمُ بَرٌّ ولا ناسِكٌ ... إلاّ إلى نَفْعٍ لهُ يَجْذِبُ
أفْضَلُ مَنْ أفْضلِهمْ صَخْرةٌ ... لا تَظْلِمُ الناسَ ولا تَكْذِبُ 

وقال محمد بن يَسير:
سوأةً للنِّاس كُلّهمُ ... أنا في هذا مِنَ اوَّلِهِمْ
لَسْتَ تَدْري حينَ تَنْسِبُهُمْ ... أيْنَ أدْناهُمْ مِنْ أفْضلِهِمْ
وقال بعضُهم: كنتُ عندَ الحَسنِ البصريّ، فقال: أسْمعُ حسيساً، ولا أرى أنيساً، صِبيانٌ حيارى، مالَهم تَفاقدوا عقولَهم، وفراشُ نار، وذِبّانُ طمع. وقيل لسفيان الثَّوريّ: دُلَّنا على رجلٍ نجلس إليه، فقال: تلك ضالّةٌ لا تُوجد. . . . وقال فلانٌ: رأيتُ كُلثومَ بنَ عمرو العتّابيَّ يأكل خبزاً في الطريق، فقلت له أما تستَحي أن تأكلَ بِحَضْرةِ الناس؟ فقال: أرأيتَ لوْ كنتَ في دارٍ فيها بقرٌ، أما كنتَ تأكلُ بحضْرتِهم؟ قلتُ: نَعَمْ، قال: فهولاء بقر! ثمّ قال: إن شئْتَ أريتُك دلالةً على ذلك، ثم قام ووَعظَ، وجمع قوماً ثمَّ قال: رُوي عن غير وجه: أنّ من بلَغَ لسانُه أرنبةَ أنْفِه أدْخَلَه اللهُ الجنَّةَ، فلَمْ يبقَ أحدٌ إلا أخرج لسانَه ينظر هل يبلغ!
وقال رجل لأحدِ الشعراء: أين سكةُ الحمير؟ فقال: اسْلُكْ أيَّ دَرْبٍ فكلُّها دُروبُ الحَمير. . . ومثل هذه النوادر المستطرفة. . .
وقال بعضُهم: الناسُ أربعةُ أصنافٍ: آساد، وذئاب، وثعالب، وضَأْن، فأمّا الآساد فالملوك - ومَنْ إليهِمْ من الحُكّام المُستبدّين - وأمّا الذئاب فالتُّجار، وأمَّا الثعالِبُ فالقُرّاء المُخادعون، وأما الضأن فالمؤمن - يريد الطيِّبَ الكريم - ينْهشُه كلُّ مَنْ يَراه. وقال كثيّر عزة:
سواسٍ كأسْنانِ الحِمارِ فَما تَرى ... لِذي شَيْبةٍ مِنْهُمْ على ناشئٍ فَضْلاً يقال هم سواسِيةٌ وسَواسٍ وسُؤاسية: إذا استَوَوْا في اللُّؤمِ والخِسَّة والشَّرِّ وقال آخر:
شبابُهم وشيبُهمُ سَواءٌ ... سَواسِيةٌ كأسْنانِ الحِمارِ
وأسْنانُ الحَمارِ مُستوية
وقال طرفة بن العبد:
كلُّ خليلٍ كنتُ خالَلْتُه ... لا تَرَكَ اللهُ له واضِحَهْ
كلُّهُمْ أرْوغُ مِنْ ثَعْلَبٍ ... ما أشْبَهَ اللّيلةَ بالبارِحَهْ
وقال المتنبي:
ولَمّا صارَ وُدُّ النَّاسِ خِبّا ... جزَيْتُ على ابْتِسامٍ بابْتِسامِ
وصِرْتُ أشكُّ فيمَنْ أصْطَفيهِ ... لعِلْمي أنّه بَعْضُ الأنامِ
وقال ابن الرومي:
واعْلَمْ بأنَّ النّاسَ مِنْ طينةٍ ... يصدق في الثَّلْبِ لَها الثالِبُ
لولا علاجُ النّاسِ أخلاقَهم ... إذَنْ لَفاحَ الحَمأُ اللازِبُ
وقال المتنبي:
أذُمُّ إلى هذا الزَّمانِ أُهَيْلَهُ ... فأعْلَمُهُمْ فَدْمٌ وأحْزَمُهُمْ وَغْدُ
وقال:
إنّما أنْفُسُ الأنيسِ سِباعٌ ... يَتَفارَسْنَ جَهْرةً واغْتِيالا
مَنْ أطاقَ الْتماسَ شَيْءٍ غِلاباً ... واغْتِصاباً لَمْ يَلْتَمِسْهُ سُؤالا
كلُّ غادٍ لِحاجةٍ يتَمنّى ... أنْ يكونَ الغَضَنْفَرَ الرِّئْبالا 

وقال:
إنّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القبيحِ بهِ ... مِنْ أكْثرِ الناسِ إحْسانٌ وإجْمالُ
لَولا المشقَّةُ سادَ الناسُ كلُّهمُ ... الجودُ يُفقرُ والإقْدامُ قتَّالُ
وقالوا في أنّ من شيمِ الناسِ أن تَحمدَ مَنْ رشدَ وتلومَ مَنْ يَغوي وفي ذلك يقول القُطاميُّ:
والنَّاسُ مَنْ يلْقَ خيراً قائِلونَ له ... ما يَشْتهي ولأُمِّ المُخْطئِ الهَبَلُ
وقدْ أخذَه من قول المُرقّش الأصغر:
ومَنْ يلْقَ خَيْراً يَحْمدِ الناسُ أمرَه ... ومَنْ يَغْوِ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائِما
وهذا لعمري من عناوين اللؤم المركب في الطّباع.
وقالوا في انْتكاسِ الأحوال وارتفاع السَّفِلَةِ الأنْذال والقائل: خِداشُ بنُ زهير - شاعر جاهلي من شعراء قيس - وهو ابن عمّ لبيد:
فإنَّكَ لا تُبالي بَعْدَ حَوْلٍ ... أظبْيٌ كانَ أمَّكَ أمْ حِمارُ
فَقَدْ لَحِقَ الأسافِلُ بالأعالي ... وماجَ اللؤمُ واخْتَلَطَ النِّجارُ
وعاد الفِنْدُ مثلَ أبي قُبيسٍ ... وسيقَ مَعَ المُعلْهَجَةِ العِشارُ
النِّجار: الأصل. والفِنْد: قطعةٌ مِنَ الجَبلِ طولاً، وأبو قُبيس جبل بمكَّةَ، والمراد به: الرَّجلُ
الشريف، كما يُراد بالفِند، الرَّجلُ الوضيع، والمُعَلْهَجة: المرأةُ اللئيمةُ الأصْل الفاسِدةُ النَّسب. والعشار: جمع العُشراء: الناقة مضى لحملها عشرة أشهر؛ يقولُ هذا الشاعر: أمّا وقد لحق الأسافلُ بالأعالي واختلطت الأصولُ وماجَ أمرُ الناسِ واضطرب وعظمَ شأن اللؤم ونفقَتْ سوقُه وعاد الخَسيسُ مثل الشريف حتى سيقت الإبلُ الحواملُ في مهر اللئيمة وتغيّر بذلك الزمان واطّرحت مراعاة الأنساب فلا تبالي بعد قيامك بنفسك واستغنائك عن أبويك، مَنِ انْتسبت إليه، شريفاً كان أم وضيعاً. . . . . وضرب المثل بالظبي والحمار وجعلهما أُّمَّيْنِ وهما ذكران لأنّه مثل لا حقيقة، وقصد قصد الجنسين ولم يُحقّق أبوّة. وذكر الحول، لذكر الظبي والحمار، لأنهما يستغنيان بأنفسهما بعد الحول؛ فهذا شاعر ساخط كما ترى
وقال ابن الرومي:
دَهْرٌ عَلا قدرُ الوضيعِ به ... وهْوَ الشريفُ يحطُّه شَرَفُهْ
كالبَحْرِ يَرْسُبُ فيه لُؤلؤُهُ ... سُفلاً وتطفو فوقَه جِيَفُهْ
وقال:
رأيْتُ الدّهْرَ يرْفَعُ كلَّ وَغْدٍ ... ويَخْفِضُ كلَّ ذي شِيَمٍ شريفَهْ
كَمِثلِ البحرِ يَغْرقُ فيه حيٌّ ... ولا ينفكُّ تطفو فيه جيفَهْ
أوِ الميزانِ يَخْفِضُ كلَّ وافٍ ... ويَرْفَعُ كلَّ ذي زِنةٍ خَفيفَهْ
وقال الوزير المغربي:
إذا ما الأمورُ اضْطربْنَ اعْتَلى ... سَفيهٌ يُضامُ العُلا باعْتِلائِهْ
كذا الماءُ إنْ حرَّكَتْهُ يدٌ ... طفا عَكِرٌ راسِبٌ في إنائِهْ
وقال المعري في الناس:
لقَدْ فَتَّشْتُ عَنْ أصْحابِ دينٍ ... لَهُمْ نُسْكٌ وليس لَهمْ رِياءُ
فألْفَيْتُ البهائِمَ لا عقولٌ ... تقيمُ لها الدَّليلَ ولا ضِياءُ
وإخْوانُ الفَطانةِ في اخْتِيالٍ ... كأنَّهُمُ لِقَوْمٍ أنْبياءُ
فأمّا هؤلاءِ فأهْلُ مَكْرٍ ... وأمّا الأوّلونَ فأغْبِياءُ 

فإنْ كان التُّقى بَلهاً وعِيَّاً ... فأعْيارُ المَذلَّةِ أتْقياءُ
الأعْيار: جمع عَيْر، وهو الحِمار يضرب به المثل في الذلِّ قال المتلمس:
ولا يُقيمُ على ضَيْمٍ ألمَّ به ... إلا الأذَلانِ عَيْرُ الحَيِّ والوَتِدُ
فَذاكَ يُخْسَفُ مَرْبوطاً بمِقْودِه ... وذا يُشَجُّ ولا يَرْثي له أحدُ
وقال:
بني الدَّهْرِ مَهْلاً إنْ ذَمَمْتُ فِعالَكمْ ... فإنّي بنَفْسي لا محالةَ أبدأُ
مَتى يتقضَّى الوقتُ واللهُ قادِرٌ ... فنَسْكنُ في هذا الترابِ ونَهْدأ
تَجاورَ هذا الجسمُ والرُّوحُ بُرْهةً ... فما بَرِحَتْ تأذى بِذاكَ وتَصْدأ
وقال المعري:
جَرَّبْتُ دَهْري وأهليهِ فما ترَكَتْ ... ليَ التجارِبُ في وُدِّ امرِئٍ غَرضا
وقال:
أولو الفَضْلِ في أوطانِهم غُرباءُ ... تَشِذُّ وتَنأى عَنْهُمُ القُرباءُ
تَواصلَ حَبْلُ النسلِ ما بينَ آدَمٍ ... وبيني ولَمْ يُوْصَلْ بِلامي باءُ
تَثاَءبَ عَمْرٌو إذْ تَثاَءبَ خالِدٌ ... بِعَدْوى فَما أعْدَتْنِيَ الثُّؤباءُ
وزَهَّدَني في الخَلْقِ مَعْرفتي بِهمْ ... وعِلمي بأنَّ العالَمينَ هَباءُ
وقال المَعرّي:
أرائيكَ فلْيَغْفِرْ لِيَ اللهُ زلَّتي ... بِذاكَ ودينُ العالمينَ رِئاءُ
وقدْ يُخْلِفُ الإنسانُ ظَنَّ عَشيرِه ... وإنْ راقَ منه مَنْظرٌ ورُواءُ
إذا قومُنا لَمْ يَعبُدوا اللهَ وَحْدَه ... بِنُصحٍ فإنّا مِنْهمُ بُرَآءُ
وقال:
إذا بَكْرٌ جَنى فَتَوقَّ عَمْراً ... فإنَّ كِلَيْهِما لأبٍ وأمِّ 

وفي كلِّ الطِّباعِ طِباعُ نَكْزٍ ... ولَيْسَ جميعُهنَّ ذواتِ سُمِّ
النكز: لسع الحيّة
رأيْتُ الحَقَّ لُؤلؤةً تَوارَتْ ... بِلُجٍّ مِنْ ضَلالِ النَّاسِ جَمِّ
وقال:
رِياءُ بني حَوّاَء في الطَّبْعِ ثابِتٌ ... فَمِنْهمْ مُجِدٌّ في النفاقِ وهازِلُ
سَخَوْا لِيقولَ النَّاسُ جادوا وأقْدَموا ... لِيُذْكَرَ في الهيْجاءِ قِرْنٌ مُنازِلُ
وقال:
النّاسُ مثلُ الماءِ تَضْربُه الصَّبا ... فيكونُ منهُ تفرُّقٌ وتألّفُ
والخيرُ يفعلُه الكريمُ بطَبْعِه ... وإذا اللئيمُ سَخا فذاكَ تَكلُّفُ
شَكَوْتُ مِنْ أهْلِ هَذا العَصْرِ غَدْرَهُمُ ... لا تُنْكِرنْ فَعَلى هذا مَضى السَّلَفُ
وقلَّما تَسكنُ الأضْغانُ في خَلَدٍ ... إلاَّ وفي وجْهِ مَنْ يَسْعى بِها كَلَفُ
أمْسى النِّفاقُ دُروعاً يُسْتَجَنُّ بِها ... مِنَ الأذى ويُقوِّي سَرْدَها الحَلِفُ
الحلف: اليمين
فَحَسِّنِ الوَعْدَ بالإنْجازِ تتبعه ... إذا مَواعِدُ قومٍ شانَها الخُلُفُ
وقال:
إذا فَزِعْنا فإنَّ الأمْنَ غايتُنا ... وإنْ أمِنّا فَما نَخْلو مِنَ الفَزَعِ
وشيمةُ الإنْسِ مَمْزوجٌ بِها مَللٌ ... فَما نَدومُ عَلى صَبْرِ ولا جَزَعِ
وقال:
إذا ما أسَنَّ الشيخُ أقْصاهُ أهلُه ... وجارَ عليهِ النَّجْلُ والعَبْدُ والعِرْسُ 

العِرْسُ: الزوجة
يُسبِّحُ كَيما يغفرَ اللهُ ذنبَه ... رُويْدَكَ في عهد الصِّبا مُلِئ الطِّرْسُ
وقال:
أهْرُبْ مِنَ الناسِ فإنْ جِئْتَهمْ ... فَمِثلَ سَأبٍ جَرَّه السَّاحِبُ
يَنْتفِعُ الناسُ بِما عِنْدَه ... وهْوَ لَقًى بَيْنَهُمْ شاحِبُ
وقال:
إنْ مازَتِ النّاسَ أخْلاقٌ يُعاشُ بِها ... فإنَّهُمْ عِنْدَ سوءِ الطَّبْعِ أسْواءُ
أوْ كانَ كلُّ بَني حَوَّاَء يُشْبِهُني ... فَبِئْسَ ما وَلَدَتْ في الخَلْقِ حَوَّاءُ
بُعْدي مِنَ النّاسِ بُرْءٌ مِنْ سَقامِهِمُ ... وقُرْبُهُمْ للحِجَى والدِّينِ أدْواءُ
كالبَيْتِ أفْرِدَ لا إيطاَء يُدْرِكُه ... ولا سِنادَ ولا في اللفْظِ إقْواءُ
وقال:
قَدْ حُجِبَ النُّورُ والضِّياءُ ... وإنَّما دينُنا رِياءُ
يا عالَمَ السُّوءِ ما عِلْمُنا ... أنَّ مُصَلّيكَ أتْقياءُ
كَمْ وَعَظَ الواعِظونَ مِنَّا ... وقامَ في الأرْضِ أنْبِياءُ
فانْصَرفوا والبلاءُ باقٍ ... ولَمْ يَزُلْ داؤُكَ العَياءُ
زال يزول: راح وذهب، والعَياء: الذي لا يُبرأ منه
حُكمٌ جرى للمليكِ فينا ... ونَحْنُ في الأصْلِ أغْبياءُ 

وقال:
مُلَّ المُقامُ فَكَمْ أعاشِرُ أمَّةً ... أمَرَتْ بِغَيْرِ صَلاحِها أُمراؤُها
ظَلَموا الرَّعيَّةَ واسْتَجازوا كَيْدَها ... فَعَدَوْا مَصالِحَها وهُمْ أُجَراؤُها
وقال بشار بن برد:
خَيْرُ إخْوانِكِ المُشارِكُ في المُ ... رِّ وأيْنَ المُشارِكُ في المُرِّ أيْنا
الذي إنْ شَهِدْتَ سَرَّكَ في الح ... يِّ وإنْ غِبْتَ كانَ أذْناً وعَيْنا
مِثْلُ سِرِّ الياقوتِ إنْ مَسَّه النَّا ... رُ جَلاه البَلاءُ فازْدادَ زَيْنا
أنْتَ في مَعْشَرٍ إذا غَبْتَ عَنْهُمْ ... بَدَّلوا كُلَّ ما يَزينُك شَيْنا
وإذا ما رَأوْكَ قالوا جَميعاً ... أنْتَ مِنْ أكْرَمِ البَرايا عَلَيْنا
ما أرى للأنامِ وُدّاً صَحيحاً ... عادَ كلُّ الوِدادِ زوراً ومَيْنا
وقال ابن الرومي:
ذُقْتُ الطُّعومَ فَما الْتَذَذْتُ بِراحَةٍ ... مِنْ صُحْبَةِ الأخْيارِ والأشْرارِ
أمّا الصديقُ فلا أحِبُّ لِقاَءه ... حَذَرَ القِلى وكَراهةَ الإعْوارِ
وأرى العَدُوُّ قَذًى فأكْرَه قُرْبَه ... فَهَجَرْتُ هذا الخلقَ عَنْ إعْذارِ
أرني صَديقاً لا يَنوءُ بِسَقْطةٍ ... مِنْ عَيْبِه في قَدْرِ صَدْرِ نَهارِ
أرني الّذي عاشَرْتَه فوَجَدْتَه ... مُتَغاضِياً لكَ عَنْ أقلِّ عِثارِ
أأحِبُّ قَوْماً لَمْ يُحبُّوا رَبَّهم ... إلا لِفِرْدوسٍ لديهِ ونارِ
وقال:
عَدوُّك مِنْ صَديقِكَ مُسْتفادٌ ... فلا تَسْتَكْثِرنَّ مِنَ الصِّحابِ
فإنَّ الدّاَء أكثرَ ما تَراه ... يَحولُ مِنَ الطَّعامِ أوِ الشَّرابِ
إذا انْقَلَبَ الصَّديقُ غَداً عَدوّاً ... مُبيناً والأمورُ إلى انْقِلابِ 

ولَوْ كانَ الكثيرُ يَطيبُ كانَتْ ... مُصاحبةُ الكثيرِ مِنَ الصَّوابِ
وما اللُّججُ المِلاحُ بِمُرْوياتٍ ... وتَلْقى الرِّيَّ في النُّطَفِ العِذابِ
وبعد فإن الباب متَّسعٌ جداً، وسيمرّ عليكَ كثيرٌ مِنْ عَبْقريّاتهم فيه في باب الإخوانيات وباب الطبائع، فلنَجْتزئْ بهذا المقدار.
 












مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید