المنشورات

الأنذال واللئام

اللُّؤم: ضدُّ العتق والكرم، واللئيم: الدَّنيء الأصل الشَّحيح النّفس. والنَّذالة: الخِسَّة والسَّفالة
وركاكة العقل والتأخر عن المكارم، والنذل: الخسيس الحقير الفَسْلُ الذي لا مُروءة له. ومن عبقرياتهم في هذا الصنف من الناس قولُ أبي الأسد نباتة بن عبد الله التميمي - شاعر كان معاصراً لأبي تمام: -
إنْ يَبْخلوا أو يَجْبُنوا ... أو يَغْدِروا لا يَحْفِلوا
يَغْدوا عليكَ مُرجِّلي ... نَ كأنَّهم لم يَفْعَلوا 

كأبي بَراقِشَ كلَّ لَوْ ... نٍ لَوْنُهُ يَتَخيّلُ
وصف قوماً مشهورين بالمقابح لا يستحون ولا يحتفلون بمن رآهم على ذلك. وقوله: يغدوا هو بدلٌ من قوله: لا يحفلوا، لأن غدوَّهم مرجِّلين دليلٌ على أنهم لم يحفِلوا. والتّرجيل: مشط الشَّعر وإرساله. وأبو براقش طائر صغير أعلى ريشه أغبرُ وأوسطه أحمرُ وأسفله أسودُ فإذا انتفش تغيّر لونُه ألواناً شتَّى. وهذا أبو بَراقِشَ غير براقش التي وردت في قولهم: على أهلها دلت بَراقِشُ، فهذه اسم كلبة لقومٍ من العرب أُغيرَ عليهم في بعضِ الأيّام، فهَربوا وتبعتهم بَراقشُ فرجع الذين أغاروا خائبين؛ فسمعت براقش وقع حوافر الخيل، فنبحت فاستدلّوا على موضع نِباحها، فعَطفوا عليهم واستباحوهم، فذهبت مثلاً وقالوا: على أهلها تجني بَراقش، قال حمزة بن بيض:
لمْ تكُنْ عن جنايةٍ لحِقَتْني ... لا يَساري ولا يَميني جَنتْني
بلْ جَناها أخٌ عليَّ كريمٌ ... وعلى أهلها بَراقِشُ تَجْني
وقال آخر - وهي من أبيات الحماسة - حماسة أبي تمام: -
أناخَ اللُّؤمُ وسْطَ بَني رباحٍ ... مطيَّتَه فأقْسمَ لا يَريمُ
كذلكَ كلُّ ذي سَفَرٍ إذا ما ... تَناهى عند غايتِه يُقيمُ
يقال: أنَخْتُ البعيرَ فبرَكَ، ولا يقال فَناخَ، وهذا من باب ما استُغني عنه بغيره، ولا يَريم: لا يبرح، وقوله: كذلك في موضع الحال لأنّ كل ذي سفر مبتدأ ومقيم خبره، كأنه قال: وكلُّ مسافر إذا ما انتهى إلى غايته يلقى عصاه كذلك، أي مثل إقامة اللُّؤم فيهم، وقد نقل البحتريُّ هذا المغنى إلى المدح فقال:
إذا ما رأيْتَ المَجْدَ ألقى رحلَه ... في آل طَلْحةَ ثمّ لَمْ يَتَحوَّلِ 

وقال جرير:
وكنتَ إذا نَزَلْتَ بدارِ قومٍ ... رَحَلْتَ بِخِزْيةٍ وتَركْتَ عارا
وقال:
تَميمٌ بِطُرْقِ اللُّؤمِ أهدى من القَطا ... ولو سَلَكَتْ سُبُلَ المَكارِمِ ضلَّتِ
وقالوا فيمن لا يصلح لخيرٍ ولا شرًّ: فلان أمْلَسُ ليس فيه مستقرٌ لخيرٍ ولا شرّ. وقالوا: فلان ما هو برطب فيُعْصر ولا بيابسٍ فيُكسر. وقالوا: شرُّ الناس الذي لا يتوقَّى أن يراه الناس مسيئاً، وقد تقدّم. وقال الشاعر:
قومٌ إذا خَرجوا مِن سَوْءةٍ وَلَجوا ... في سَوَْءة لم يَخْبَؤوها بأسْتارِ
 











مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید