المنشورات

حث على التثبّت فيما يُسمع من السعاية

وُشِيَ برجلٍ إلى بلال بن أبي بُردة، فلما أتيَ به قال: قد أتاك كتابٌ من الله في أمرنا، فاعمل به، قال الله تعالى: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} فقال: صدقت.
وأُبْلغَ أحدُ الملوك عن رجل مُنكراً، فأمر بقتله، فقال: إن قتلتني ومَنْ سعى بي كاذبٌ يعظم وزرُك، وإن تركتني وهْوَ صادق قلَّ وزرك وأنْتَ مِنْ وراء ما تريد، والعجلة موكَّل بها الزَّلل، فأمر بإبقائه.
وقال كثيّر عزّة:
وإنْ جاَءكِ الواشونَ عنِّي بِكِذْبةٍ ... فَرَوْها ولَمْ يأتوا لها بِحويلِ
فلا تَعْجلي ياعزَّ أنْ تتفهَّمي ... بنُصْحٍ أتى الواشونَ أم بِحُبولِ
وقال عبدة بن الطبيب من أبيات يعظ فيها بنيه:
واعْصوا الذي يُزْجي النَّمائِمَ بينَكم ... مُتَنَصِّحاً وهْوَ السِّمامُ المُنْقَعُ
يُزْجي عَقاربَه ليبعثَ بينَكم ... حَرْباً كما بَعَثَ العروقَ الأخْدَعُ
حَرّانَ لا يَشْفي غليلَ فؤادِه ... عَسلٌ بماءٍ في الإناءِ مُشَعْشَعُ 

وسأل رجل عبد الملك بن مروان الخلوةَ؛ فقال لأصحابه: إذا شئتم فلمَّا تهيّأ الرّجل للكلام قال له: إيّاك وأن تمدَحَني، فإنّي أعرفُ بنفسي منك أو تكذبَني فإنَّه لا رأيَ لكذوب، أو تسعى بأحدٍ إليّ، وإنْ شئتَ أنْ أقيلَك أقلْتُك، قال: أقِلْني.
ووشى إلى عبد الملك واشٍ في أحد الكتَّاب، فوقع:
أقِلُّوا عليهِمْ لا أبا لأبيكِمُ ... من اللَّوْمِ أو سُدُّوا المَكانَ الذي سَدُّوا
وقال الواثقُ لأحمدَ بن أبي دواد القاضي: ما زال القوم في ثلْبِك إلى الساعة، فقال: يا أمير المؤمنين، لكلِّ امْرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، واللهُ وليُّ جزائِه، وعقابُك مِنْ ورائِه، فما الذي قلتَ لهم؟ قال: قلت:
وسَعى إليّ بِصَرْمِ عزَّةَ نِسْوةٌ ... جَعلَ المليكُ خُدودَهنَّ نِعالَها
 








مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید