المنشورات
الجود بالنفس وحبُّ الموت في الوغى وأنفتهم من الموت على الفراش
قال أبو تمام:
يَسْتَعْذِبونَ مَناياهُمْ كأنَّهُمُ ... لا يَيْأسونَ مِنَ الدُّنيا إذا قُتِلوا
وقال:
وحَنَّ لِلْمَوْتِ حتَّى ظنَّ مُبْصِرُه ... كأنَّه حَنَّ مُشْتاقا إلى وَطَنِ
لَوْ لَمْ يَمُتْ تَحْتَ أسْيافِ العِدا كَرَماً ... لَماتَ إذْ لَمْ يَمُتْ مِنْ شِدَّةِ الحَزَنِ
وقال:
قَوْمٌ إذا لَبِسوا الحَديدَ حَسِبْتَهُمْ ... لَمْ يَحْسِبوا أنَّ المَنيَّةَ تُخْلَقُ
أنْظُرْ بِحَيْثُ تَرى السُّيوفَ لَوامِعاً ... أبَداً وفوقَ رُؤوسِهِمْ تَتَألَّقُ
وقال بَشامة بن حَزْنٍ النَّهْشليّ:
إنّا لَنُرْخِصُ يَوْمَ الرَّوْعِ أنْفُسَنا ... ولَوْ نُسامُ بِها في الأمْنِ أُغْلينا
وقال عبد الله بن محمد بن أبي عُيينة بن المهلب بن أبي صُفرة:
وإنِّيَ مِنْ قَوْمٍ كأنَّ نُفوسَهُمْ ... بِها أنَفٌ أنْ تَسْكُنَ اللَّحْمَ والدَّما
وقال عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي - شاعر إسلامي -:
وما ماتَ مِنَّا سَيِّدٌ حَتْفَ أنْفِه ... ولا طُلَّ يَوْماً حَيْثُ كانَ قَتيلُ
تَسيلُ على حَدِّ الظُّباتِ نُفوسَنا ... ولَيْسَتْ على غَيْرِ الظُّباتِ تَسيلُ
وقال عنترة:
بَكَرَتْ تُخَوِّفُني الحُتوفَ كأنَّني ... أصْبَحْتُ عَنْ عَرَضِ الحُتوفِ بِمَعْزِلِ
فأجَبْتُها: إنَّ المَنيَّةَ مَنْهلٌ ... لابُدّ أنْ أسْقى بِكأسِ المَنْهَلِ
فَاقْنَيْ حَياَءكِ لا أبالكِ واعْلَمي ... أنّي امْرُؤٌ سَأموتُ إنْ لَمْ أقْتَلِ
إنَّ المَنيَّةَ لَوْ تُمَثَّلُ مُثِّلَتْ ... مِثلي إذا نَزَلوا بِضَنْكِ المَنْزِلِ
الحُتوف: المَكاره والمَتالف، وعن عَرَضٍ أي ما يعرض منها وبمعزل، أي في ناحية منعزلة عن ذلك، و: منهل: مورد، وقوله: فاقْنَيْ حياءَك، أي احفظيه ولا تضيّعيه،
والضنك: الضيق يقول: إنَّ المنيةَ لو خُلقت مِثالاً لكانَتْ في مثل صورتي. . . . .
وقال خالد بن الوليد وهو في مرض الموت: لقد لَقيتُ كذا وكذا زَحْفاً، وما في جَسدي مَوْضِعُ شِبْرٍ إلا وفيه طعنةٌ أو ضربةٌ أو رَمْيةٌ، ثُمَّ ها أنا ذا أموتُ على فراشي حَتْفَ أنفي! فلا نامت أعْينُ الجُبناء. . .
وقد تقدم ذلك
وقال المُفضَّل بن المهلب بن أبي صُفرة:
هَلِ الجودُ إلا أنْ تَجودَ بِأنْفُسٍ ... على كُلِّ ماضي الشَّفْرتَيْنِ قَضيبِ
ومَنْ هَرَّ أطْرافَ القَنا خَشْيةَ الرَّدى ... فلَيْسَ لِمَجْدٍ صالِحٍ بِكَسوبِ
وما هِيَ إلا رَقْدةٌ تُورِث العُلا ... لِرَهْطِكَ ما حَنَّت رَوائِمُ نيبِ
هرَّ أطرافَ القنا يقال: هرَّ الشَّيء يَهِرُّ - بالكسر والضَّم - هرّاً وهَريراً: كَرِهه يقال: هَرَّ فلانٌ الكأسَ والحرب هَريراً: أي كرهها قال عنترة:
حَلَفْنا لَهُمْ والخَيْلُ تَرْدي بِنا مَعاً ... نُزايِلُكُمْ حتَّى تَهِرُّوا العَوالِيا
عَوالِيَ زُرْقاً مِنْ رِماحِ رُدَيْنَةٍ ... هَريرَ الكِلابِ يَتَّقينَ الأفاعِيا
وقوله: وما هي إلا رقدة. . . ألبيت قال المبرّد: مأخوذٌ من قول أخيه يزيد بن المهلّب، وذلك أنه قال في يوم العقر، وهو اليوم الذي قتل فيه -: قاتلَ اللهُ ابنَ الأشْعث - عبد الرحمن بن الأشعث - ما كان عليه لو غَمّضَ عينيه ساعةً للموت ولم يكن قتيلَ نفسه. . . وذلك أنَّ ابن الأشعث قام في الليلِ وهو في سَطْحٍ للبول، فزَعموا أنّه رَدّى نفسَه، وغيرُ أهلِ هذا القول يقولون: بل سَقَطَ منه بسِنَةِ النوم. وقوله تورث العُلا لرهطك، فالمعنى: تورث العُلا رهطك، ومثله قوله تعالى: {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} والنيب جمع ناب وهي: المُسِنّة من الإبل سمَّوْها بذلك حين طال نابُها وعظم، والروائِمُ: العاطِفات على أولادها
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
20 نوفمبر 2024
تعليقات (0)