المنشورات

المتفادي من حضور الحرب والمحتجُّ لانهزامه بالخوف من القتل

قيل لأعرابيٍّ: ألا تغزو فإنّ الله قد أنذرك؟ فقال: واللهِ إنّي لأبغض الموت على فراشي فكيف أمضي إليه ركضاً!
ورأى المعتصم الخليفة العباسي في بعض متنزّهاته أسداً، فنظر إلى رجل أعجبه زيُّه وقوامُه وسلاحُه فقال له: أفيك خيرٌ؟ فعلم الرجل مرادَه، فقال: لا، فقال: لا قبَّح الله سواك.
واجتاز كسرى في بعض حروبه برجل قد استظلَّ بشجرةٍ وألقى سلاحه وربط دابته فقال له: يا نذل، نحن في الحرب وأنت بهذه الحالة! فقال: أيُّها الملك، إنّما بلَغت هذه السِّنَّ بالتوقِّي، فقال: زِه، وأعطاه مالاً. . . . .
وقيل لرجل: إنك انهزمت! قال: غَضبُ الأميرِ عليَّ وأنا حيٌّ خيرٌ من أنْ يرضى وأنا ميّت. وقال أبو دُلامة:
قالوا: تَقَدَّم قلْتُ: لستُ بِفاعلٍ ... أخافُ على فخّارتي أن تَحَطَّما 

فلَوْ كانَ لي رأسانِ أتْلَفْتُ واحِداً ... ولكنَّه رأسٌ إذا زال أعْقَما
ولَوْ كانَ مُبتاعاً لدى السُّوقِ مِثلُه ... فَعَلْتُ ولَمْ أحْفِلْ بأنْ أتَقَدَّما
وقال:
يقولُ ليَ الأميرُ بِغَيْرِ نُصْحٍ: ... تَقدَّمْ حينَ جَدَّ بِنا المِراسُ
وما لي إنْ أطَعْتُك مِنْ حَياةٍ ... وما لي بعدَ هذا الرّاسِ راسُ
وقيل لجبان: لِمَ لا تقاتل؟ فقال: عندَ النِّطاحِ يُغلبُ الكبشُ الأجمُّ الأجم: الذي لا قَرْنَ له، وهذا مثلٌ يضربُ لِمَنْ غلبَه صاحبُه بِما أعدَّ له
وقالوا: الشُّجاع مُلْقًى والجَبانُ مُوقًى، وقال البديع الهمذاني:
ما ذاقَ هَمّاً كالشُّجاعِ ولا خَلا ... بِمَسرَّةٍ كالعاجِزِ المُتواني
وهرب سليمان بن عبد الملك من الطاعون فقيل له: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}. فقال ذلك القليلَ نُريد.
 













مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید