المنشورات
ذم الوزارة
كان أحمد بن إسرائيل «3» يذم الوزارة ويستكثر منه، فلما خطبها وتقلدها قيل له: ألم تكن تذمها؟ قال: بلى، ولكنها مركب بهي شريف شهي، لا تطيب النفوس بتركه على ما فيه من عظيم الخطر.
وقال المأمون لأحمد بن خالد «1» : هل لك في أن استوزرك؟ قال:
دعني يا أمير المؤمنين، يكون بيني وبين الغاية درجة يرجوها الصديق، ويخافها العدو، فلست أريد بلوغ الغاية لئلا يقول عدوي قد بلغها، وليس إلا الانحطاط، وقد قال الشاعر:
إن الوزير وزير آل محمد ... أودى فمن بشناك كان وزيرا
وكان إبراهيم بن المدبر «2» إذا عرضت عليه الوزارة أنشد قول العتابي:
تلوم على ترك الغنى باهلية ... نفى الدهر عنها كل طرف وتالد
ترى حولها النسوان يرفلن كالدمى ... مقلدة أعناقها بالقلائد
فقلت لها لما رأيت دموعها ... تحذرن فوق الخد مثل الفرائد
أسرك أني نلت ما نال جعفر ... من المال أو ما نال يحيى بن خالد
وأنّ أمير المؤمنين أعضّني «1» ... معضّهما بالمرهفات البوارد
ذريني تجئني ميتتي مطمئنة ... ولم أتجشم هول تلك الموارد
فإن عليات الأمور مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود «2»
وقال بعض الحكماء: أكثر الناس حاسدا وعدوا ومنابذا وزير السلطان. وكان في كتاب مروان: أخوف ما تكون الوزارة عند سكون الدهماء. وقيل: مثل الملك الصالح إذا كان وزيره فاسدا مثل الماء الصافي العذب النمير الذي فيه التماسيح لا يستطيع الإنسان وروده وإن كان عائما وإلى الماء حائما. وللبستي في معناه:
حرّضوني على وزارة بست ... ورأوها من أعظم الدرجات
قلت لا أشتهي وزارة بست ... إنني لم أمل بعض حياتي
وله:
أكتّاب بست كم تفاخركم على ... وزارة بست وهي قاصمة الظهر
وزارة بست كالبهاء إذا سرى ... ومدّتها منذ الغداة إلى الظهر
فلا تخطبنها إنها ضرّة النهى ... وبغيتها روح البعولة في المهر
وله:
وزارة الحضرة الكبيرة ... خطيئة بل هي الكبيرة
فلا تردها ولا تردها ... فإنها محنة مبيرة
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)