المنشورات
ذم الدور والأبنية
فارق النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة، وكان عليه السلام يقول: «إذا أراد الله بعبد سوءا جعل ماله في الطين والماء» «1» ، وعنه أيضا عليه السلام، أنه قال: «إذا أراد الله بعبد شرا أهلك ماله في اللبن والطين» .
وقال وهب بن منبه في الحديث القدسي: قال الله عز وجل:
«من استغنى بأموال الفقراء أفقرته، ومن تجبر على الضعفاء أذللته، ومن بنى بقوة الفقراء أعقبت بناءه الخراب» . وقال وهب بن الوردي: كان نوح عليه السلام اتخذ بيتا من خص فقيل له: لو بنيت بناء؟ فقال: هذا لمن يموت كثير. وقال ابن مسعود: يأتي بعدكم أقوام يرفعون الطين ويضعون الدين، ويمتطون البراذين، ويصلون إلى قبلتكم، ويموتون على غير ملتكم. وقيل ليزيد بن المهلب: لم لا تبني دارا بالبصرة؟ فقال: لأني لا أدخلها إلا أميرا أو أسيرا، فإن كنت أميرا فدار الإمارة داري، وإن كنت أسيرا فالسجن مسكني وقراري.
وكان يقال: البناء من يوم ابتدائه في نقصان، والغرس من يوم ابتدائه في زيادة. ومر بعض الخوارج على دار تبنى فقال: من هذا الذي يقيم كفيلا. وقيل: الدار الضيقة العمى الأصغر. ومن أحسن ما قيل في التبرم بالعمارة قول بعضهم:
ألا من لنفس وأحزانها ... ودار تداعت بحيطانها
أظلّ نهاري في شمسها ... شقيّا بإلقاء بنيانها
أسوّد وجهي بتبييضها ... وأهدم كيسي بعمرانها «1»
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)