المنشورات
مدح الحمّام
قال بعض السلف: نعم البيت بيت الحمّام، ينقي الأقذار، ويذكر النار. وذكر الحمّام عند الفضل الرقاشي فقال: نعم البيت بيت الحمام، يذهب القشافة، ويعقب النظافة، ويجشىء التخمة، ويطيب البشرة. وقلت في المبهج: الحمّام صيقل الأجسام، ونظام النظافة ودافع آفة القشافة. ولم يمدح الحمام كما مدحه السري حيث قال «1» :
بيت بنته حكماء الورى ... فهو إلى الحكمة منسوب
مجاور النار ولكنّه ... يجاور النار به الطيب
حرّ هو الروح لا جسامنا ... والحرّ للأجسام تعذيب «2»
ولبعضهم: وقد دعا صديقا إلى الحمام وأظنه للسري أيضا:
أسعيد هل لك في زيارة منزل ... تثني عليه جوارح الزوّار
بيت ترى الجدران فيه منابعا ... وترى السماء كثيرة الأقمار «3»
ولآخر بمدحه «1» :
قم بنا قبل غرّة الإصباح ... وقيام السّقاة بالأقداح
نتمشّى إلى النعيم الذي فيه صلاح الأجسام والأرواح
بيت ظرف تجول عيناك فيه ... بين بيض الطّلا وبيض الفقاح
وتلاقي الجسوم في خلع منه رقاق على الجسوم ملاح
فإذا ما صقلت جسمك فيه ... بأكف النعيم صقل الصّفاح
تتروّى من الصّبوح وتفتضّ نسيم الرياض قبل الصباح «2» وللمؤلف في المبهج:
وحمام له حرّ الجحيم ... ولكن شابه برد النّعيم
رأيت به ثوابا في عقاب ... وزرت به نعيما في جحيم
ولأبي طالب المأموني رحمه الله:
أحق بيت من بيوت الورى ... بصونه قدما وإيثاره
بيت إذا ما زاره زائر ... وقد قضى أعظم أوطاره
وهو إذا ما جاء مستنظفا ... مروءة الإنسان في داره
يدخله المولى بخز كما ... يدخله العبد بأطماره
وله «3» :
وبيت كأحشاء المحبّ دخلته ... وما لي ثياب فيه غير إهابي
أرى محرما فيه وليس بكعبة ... فما ساغ إلّا فيه خلع ثياب
بماء كدمع الصّب في حرّ قلبه ... إذا آذنت أحبابه بذهاب
توهّمت فيه قطعة من جهنم ... ولكنّها من غير مس عقاب
يثير ضبابا للبخار محلّلا ... بدور زجاج في شموس قباب
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)