المنشورات
مدح الصبر
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم يؤت الناس خيرا من الصبر والمعافاة» «1» .
وقال أيضا عليه السلام: «لم نزل نستزيد للصابرين «2» حتى نزلت:
إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ
«3» . وقال عليه السلام:
«عليكم بالصبر، فإنه لا إيمان لمن لا صبر له» «4» . وقال أيضا:
«الصبر ثلاثة: صبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر على المعصية «5» . شعر:
تصبّر ولا تبد التّضعضع للعدا ... ولو قطّعت في الجسم منك البواتر
سرور الأعادي أن تراك بذلة ... ولكنها تغتمّ إذ أنت صابر
ولبعضهم:
بنى الله للأخيار بيتا سماؤه ... هموم وأحزان وحيطانه الضر
وأدخلهم فيه وأغلق بابه ... وقال لهم مفتاح بابكم الصبر
وكان ينشد:
إني وجدت وخير القول أصدقه ... للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقلّ من جدّ في أمر يحاوله ... فاستصحب الصّبر إلّا فاز بالظّفر
وقال آخر:
عليك بالصبر فيما قد منيت به ... فالصبر يذهب ما في الصّدر من حرج
كم ليلة من غموم الدهر مظلمة ... قد ضاء من بعدها صبح من الفرج
وقال آخر:
تصبّر إذا ما آلمتك ملمة ... وأهون بها ما لم تسمك بعار
فغب قطوب النحس بشر سعادة ... وبعد ظلام الليل نور نهار
وفي بعض الأخبار الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله.
وقال آخر:
إذا المرء لم يأخذ من الصبر حظه ... تقطّع من أسبابه كلّ مبرم
ويقال: أوكد الأسباب للظفر الصبر. وقال بعض العلماء:
الصبر جنّة المؤمن، وعزيمة المتوكل، وسبب درك النجح في الحوائج.
ويقال: من وطّن نفسه على الصبر لم يجد للأذى مسا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من استعف بالله عفا، ومن استعان به أعانه، ولن تجدوا حظا خيرا من الصبر» «1» .
وقال الشاعر:
قرين الصّبر يظفر بعد حين ... بحاجته فيوجد قد قضاها
وقال المهلب: يا بني إن غلبتم على الظفر، فلا تغلبوا على الصبر.
وقال آخر:
من يمتط الصبر يضع رحله ... بساحة الرّاحة واليسر
وقال محمود «2» :
الصبر أمضى سلاح ذي الأدب ... فاقمع به حدّ سورة الأرب
وقال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ
«3» . وقال عز اسمه: وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً
«4» . وقال عز من قائل: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
«5» ، الآية.
وكان الحسن البصري يقول: إني لأعجب ممن خف كيف خف بعد هذه الآية: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا
«1» .
وقال عمر بن عبد العزيز: ما أنعم الله على عبد نعمة فنزعها عنه فصبر، إلا كان ما أعاضه أفضل مما انتزعه عنه، ثم قرأ: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ
«2» . وقال بعض الحكماء:
الصبر صبران: صبر عمّا تحب، وصبر على ما تكره «3» ، والرجل من جمع بينهما «4» . وقلت في المبهج: الصبر أحجى بذي الحجج.
وقال حكيم: تابع الصبر متبوع النصر. وقال الشاعر:
ما أحسن الصبر في مواطنه ... والصبر في كل موطن حسن
وقال ابن الجهم:
وعاقبة الصّبر الجميل جميلة ... وأفضل أخلاق الرجال التّفضل
ويقال: الصبر كاسمه، وعاقبته العسل.
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)