المنشورات
ذم الحلم
كان يقال: من عرف بالحلم كثرت الجراءة عليه. وقال بعض السلف: الحلم ذلّ كله. وقال السفاح: إذا كان الحلم مفسدة، كان العفو معجزة. وقال الشاعر:
أرى الحلم في بعض المواطن ذلّة ... وفي بعضها عزا يسوّد فاعله
وقاتل الأحنف قتالا شديدا في بعض المواطن، فقيل له: أين الحلم يا أبا بحر! فقال: عند الحياء. وكان يقال: آفة الحلم الضعف. ومن أحسن ما قيل في هذا الباب قول النابغة الجعدي:
لا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... أديب إذا ما أورد الأمر أصدرا
وقال محمد بن وهب:
لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوّم ... ومن رام تعويجي فإني معوج
وأحسن ما سمعت في هذا الباب ما قيل:
أتاني منك ما ليس ... على مكروهه صبر
فاغضيت على عمد ... وقد يغضي الفتى الحرّ
وأدّبتك بالهجر ... فما أدّبك الهجر
ولا ردّك عما كا ... ن منك الصفح والزجر
فلما اضطرني المكرو ... هـ واشتد بي الأمر
تناولتك من سرّي ... بما ليس له قدر
فحركت جناح الذلّ ... لما مسّك الضرّ
إذا لم يصلح الخير ... أمرأ أصلحه الشر
قد شذ في الأصل منه بيت، قال الشيخ الإمام: البيت الأخير من قول الحسن، وهو أنه قيل له: إن عندنا رجلا إذا قيل له جزاك الله خيرا يغضب، فقال: من لا يصلحه الخير أصلحه الشر.
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)