المنشورات

مدح الشتاء

أحسن ما قيل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الشتاء ربيع المؤمن، قصر نهاره فصامه، وطال ليله فقامه» «1» .
وقد أحسن أبو تمام في قوله:
إنّ الشتاء على سآمة وجهه ... لهو المفيد طلاوة المصطاف
وقال آخر:
لولا الذي غرس الشتاء بكفّه ... قاسى المصيف هشائما لا تثمر
وقال آخر:
خضرة الصيف من بياض الشتاء ... وابتسام الثرى بكاء السماء
وقال مؤلف الكتاب: ومن محاسن الشتاء طول الليل الذي جعله الله سكنا ولباسا، وبرد الماء الذي هو مادة الحياة وانقطاع الذباب والبعوض وعدم ذوات السموم من الهوام وأمنها على الطعام والأجسام، وهو حبيب الملوك وأليف المتنعمين يطيب لهم فيه الأكل والشرب، ويجتمع فيه الشمل، ويظهر فيه فضل الغني على الفقير، وهو زمان الراحة كما أن الصيف زمان الكد ولذلك قالوا: من لم يغل دماغه صائفا لم تغل قدوره شاتيا، كما قيل:
وإن الذي لم يغل صيفا دماغه ... وجدّك لا تغلي شتاء قدوره
كذلك مقسوم المعايش في الورى ... بسعي ورعي تستبين أموره
ومدح بعض الدهاقين «1» الشتاء فقال: آكل فيه ما جمعت، واستمتع بما ادخرت، وأي شيء أحسن من كانوني في كانون، ومن لبس الخزّ والسمور، والقعود في الطوارم مع الأحباب، وتناول الدراج والكباب، والاستظهار على البرد بالشراب، والشرب على الثلج يثلج الصدر.
وقال بعض الكتّاب:
ليت الشتاء يعود لي بنعيمه ... إنّ الشتاء غنيمة الكتّاب
قصر النهار وطول ليل ممتع ... فيه نلذ بقينة وشراب 










مصادر و المراجع :

١-اللطائف والظرائف

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

الناشر: دار المناهل، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید