المنشورات

شيث بن آدم

قال وهب:
وكان شيث بن آدم أجمل [1] ولد آدم وأفضلهم، وأشبههم به، وأحبّهم إليه.
وكان وصيّ أبيه [2] وولىّ عهده، وهو الّذي ولد البشر كلّهم، وإليه انتهت أنساب الناس. وهو الّذي بنى الكعبة بالطين والحجارة، وكانت هناك خيمة لآدم، [3] وضعها الله له من الجنة. وأنزل الله على شيث بن آدم خمسين صحيفة. وعاش شيث تسعمائة [4] سنة واثنتي عشرة سنة.
/ 11/ وولد لشيث: أنوش، وبنون وبنات. وولد لأنوش: قينان.
وولد لقينان: مهلاييل. وولد لمهلائيل: اليارد. وولد لليارد: أخنوخ، وهو إدريس- عليه السلام.
إدريس صلّى الله عليه وسلم
قال وهب بن منبه:
إنّ إدريس النبيّ- عليه السلام- كان رجلا طويلا، ضخم البطن، عريض الصدر، قليل شعر الجسد، كثير شعر الرّأس، وكانت إحدى أذنيه أعظم من الأخرى، وكانت في جسده نكتة بيضاء من غير برص، وكان رقيق الصوت رقيق المنطق، قريب الخطى إذا مشى. وإنما سمى إدريس لكثرة ما كان يدرس من كتاب الله تعالى وسنن [5] الإسلام. وأنزل الله تعالى عليه ثلاثين صحيفة. وهو أوّل من خط بالقلم، وأوّل من حاك الثّياب ولبسها. وكانوا من قبله يلبسون الجلود. واستجاب له ألف إنسان ممن كان يدعوهم. فلما رفعه الله اختلفوا بعده وأحدثوا الأحداث إلى زمن نوح. وهو أبو جدّ نوح. ورفع وهو ابن ثلاثمائة وخمس وستين سنة.
وفي التوراة:
إنّ أخنوخ أحسن خدّام [1] الله، فرفعه الله إليه.
وولد لإدريس النبي عليه السلام: متّوشلخ، على ثلاثمائة سنة من عمره. وولد لمتّوشلخ «1» : لمك. وولد للمك غلام، فسماه نوحا.
نوح صلّى الله عليه وسلم
قال وهب:
إنّ نوحا أوّل نبيّ نبّأه [2] الله بعد إدريس. وكان نجّارا، إلى الأدمة ما هو، دقيق الوجه في رأسه طول، عظيم العينين، غليظ العضدين، دقيق الساقين، كثير لحم الفخذين، دقيق الساعدين، ضخم السّرة، طويل اللّحية عريضها، طويلا جسيما. وكان في غضبه وانتهاره شدّة. فبعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة، فلبث فيهم ألف عام إلا خمسين سنة: ثلاثة قرون في قومه عايشهم وعمّر فيهم، فلا يحيبونه، ولم يتبعه إلا القليل، كما قال الله عز وجل. «2» 

وفي التوراة: «1» إنّ الله عز وجل أوحى إليه أن اصنع الفلك، وليكن طولها ثلاثمائة ذراع.
وعرضها خمسين ذراعا، وارتفاعها في السماء ثلاثين ذراعا، وليكن بابها في عرضها، وادخل الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك، ومن كل شيء من اللحم اثنين اثنين ذكورا وإناثا، فإنّي منزل المطر على الأرض أربعين يوما وأربعين ليلة، فأتلف كل شيء خلقته على الأرض./ 12/ وأن تعمل تابوتا تجعل [1] فيه جسد آدم، وتصنع التابوت من خشب الشمشار «2» ، وتجعل [1] معك زاد سنة.
ففعل نوح.
فأرسل الله الطوفان على الأرض في سنة ستمائة [2] من عمر نوح، في سبعة عشر يوما من الشهر الثاني. ولبث [3] الفلك «3» في الماء مائة وخمسين يوما. ثم أرسل الله ريحا فغشيت الأرض، فنشفت الأرض الماء، وانسدّت [4] ينابيع الأرض وميازيب السماء، واستقرت في الشهر السادس على جبل قردى، «4» [5] وفي الشهر العاشر بانت رءوس الجبال. فلما كان في سنة ستمائة سنة وسنة [6] ، في أوّل يوم من الشهر الأوّل، نضب الماء عن الأرض، فكشف نوح غطاء الفلك فرأى وجه الأرض.
وفي سبعة وعشرين يوما [1] من الشهر الثاني جفّت الأرض.
فهذا ما في التوراة.
قال وهب بن منبه:
ذكر لنا أن السفينة استقلّت في عشر خلون من رجب، وكانت في الماء مائة وخمسين يوما، ثم استقرّت على الجودىّ- وهو جبل بأرض الجزيرة- شهرا.
وخرج نوح إلى الأرض في عشر خلون من المحرّم.
وفي التوراة: «1» إن الله أمر نوحا أن يخرج من الفلك هو ومن معه. فخرجوا: وابتنى [2] نوح مذبحا للَّه. وقرّب قربانا على المذبح. فأنشأ الله على القربان ريح الراحة، وبرك [3] نوحا وبنيه، وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملئوا الأرض. لتكن هيبتكم على دواب الأرض وكل طير السماء، وحيتان البحار، ولكن لا تأكلوا لحما فيه نفسه، [4] ومن يهريق دم البشر ففي البشر [5] يهراق دمه، من أجل أن آدم خلق على صورة الله عز وجل. [6] وقال لنوح: إن آية ميثاقي، الّذي أوثقكم به، ألّا أفسد الأرض بالطوفان، قوسى الّذي جعلت في الغمام، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا ميثاقي.
وذكر وهب بن منبه:
أن نوحا دخل الفلك وولده [7] الثلاثة: سام، وحام، ويافث، ونساؤهم، وأربعون رجلا، وأربعون امرأة من المسلمين. فلما خرجوا بنوا قرية سمّوها: 

ثمانين «1» ، لأنه كان فيها ثمانون بيتا، لكل نفس ممن آمن معه بيت- فهي اليوم تسمى: سوق ثمانين- وقرّب قربانا. وصام شهر رمضان، وهو أوّل من صامه.
قال: وإنما سمى الماء طوفانا،/ 13/ لأنه طفا فوق كل شيء.
قال: وكان بين موت آدم عليه السلام إلى أن غرقت الأرض ألفا سنة ومائتا سنة واثنتا وأربعون سنة.
وفي التوراة:
إن نوحا عاش بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة، فكان عمر نوح تسعمائة سنة وخمسين سنة.
وقال وهب:
كان عمر نوح ألف سنة، لأنه بعث إلى قومه وهو ابن خمسين سنة، ولبث فيهم يدعوهم إلى أن مات بعد تسعمائة وخمسين سنة. 










مصادر و المراجع :

١-المعارف

المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)

تحقيق: ثروت عكاشة

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة

الطبعة: الثانية، 1992 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید