المنشورات
طالوت
قال وهب:
هو من سبط بنيامين بن يعقوب [1] . والأسباط من أولاد يعقوب بمنزلة القبائل من أولاد إسماعيل. وكان مسكينا، راعى حمير. وخرج من قريته يطلب حمارين له. فنزل بإشماويل، وأعلمهم [2] أنه ملكهم، وأنه من سبط بنيامين.
فقالوا: قد علمت أنه لم يكن من هذا [3] السبط ملك، ولا فيه نبوّة. فقال لهم إشماويل: أو أنتم أعلم أم الله؟ ألم تعلموا أن الله حين بعثه عليكم قد عرف نسبه.
داود وسليمان وولده عليهم السلام
قال وهب بن منبه:
ثم استخلف الله بعد «إشماويل» داود بن إيشا [4] ، وكان سابع سبعة إخوة/ 23/ له، هو أصغرهم. وكان يرعى على أبيه. وكان فيه قصر وزرق «1» [5] ، وقرع في ناحية من رأسه. وكان تزوّج ابنة طالوت- وكان شرط ذلك على طالوت إن قتل جالوت- فولدت له: أبشالوم [6] ، وهو بكرة، وهو الّذي خرج على أبيه وأراد نزعه من الملك. ثم تزوّج امرأة «أوريا بن حنان» بعد أن قتل، فولدت له «سليمان بن داود» .
ولم يزل الملك والنبوّة بعد «سليمان» في ولده وأولادهم، إلى «الأعرج» ، من ولد ولده. وكان عرجه من عرق النسا. فطمعت الملوك في بيت المقدس لزمانته «1» وضعفه، وأنه لم يكن نبيّا فسار إليه ملك الجزيرة- وكان يقال له:
ليّقر [1] . ويسكن برية الثّرثار، وهي برية سنجار، في مدينة يقال لها: الحضر، مبنية من حجارة، وكان يعبد الزّهرة- فنذر لئن ظفر ببيت المقدس ليذبحنّ ابنه للزّهرة، وكان «بخت نصّر» يومئذ كاتبه، فأرسل الله عليه ريحا فأهلكت جيشه، وأفلت هو وكاتبه حتى ورد الحضر، فقتله ابنه، وغضب له «بخت نصّر» فاغترّه فقتله، وملك بعده، فكان ذلك أوّل ملك «بخت نصّر» . وسار إليهم ملك الهند، فأهلكه الله تعالى، وانقرض ولد سليمان ونظراؤهم.
سنحاريب وبخت نصّر وأرميا
وسار «سنحاريب» ملك الموصل، وكان يسكن نينوى، وملك أذربيجان إليهم، وكان اسمه: سلما عاشر [2]- وهو بالعربية: سلمان الأعشر [3]- فاختلفا ووقعت الحرب بينهما حتى تفانوا، وغنم بنو إسرائيل ما كان معهما.
وسار إليهم ملك الروم ومعه الأشبان [1] والصقالب وملك الأندلس، فتشاجروا أيضا واقتتلوا، فأهلك الله بعضهم ببعض.
ثم أحدثوا وغيّروا، ورغب بعضهم عن بيت المقدس، وضارعه بمسجد ضرارا «1» ، فزلزل بهم ذلك المسجد، وشدخوا بخشبة.
ثم غزاهم بعد ذلك «بخت نصّر» ، فرغبوا إلى الله وتابوا، فردّه الله عنهم بعد أن فتحوا المدينة وجالوا في أسواقها.
فهذه المرّة الأولى التي ذكرها الله عز وجل فقال: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا، ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ 17: 5- 6. «2» ثم أحدثوا بعد ذلك أيضا، فبعث الله «أرميا» النبيّ ليخبرهم بغضب/ 24/ الله عليهم، فقام فيهم بوحي الله، فضربوه وقيّدوه وسجنوه. فبعث الله عند ذلك «بخت نصّر» ، وهي الكرة الأخرى التي ذكرها الله عز وجل، فقال: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً 17: 7. «3» فقتل منهم وصلب وأحرق وجدع، وباع ذراريهم ونساءهم، ومثّل بهم كل مثلة. وصارت طائفة منهم إلى مصر ولجئوا إلى ملكها. فسار «بخت نصّر»
إلى ملك مصر فاقتتلا، فظفر به «بخت نصّر» فأسره، وأسر بنى إسرائيل، وقتل جنوده، ثم لحق بأرض بابل.
وأقام «أرميا» بأرض مصر واتخذ جنينة، وزرع فيها بقلا يعيش منه [1] ، فأوحى الله إليه: إن لك همّا وشغلا عن الزرع والمقام بأرض مصر [2] ، وكيف تسعك أرض [3] أو تحملك، مع ما تعلم من سخطى على بنى إسرائيل، فليحزنك هذا القضاء [4] الّذي قضيته على «إيليا» «1» وأهلها، وأنه ليس زمن العمران. ولكنه زمن الخراب، فاعمد إلى جنينتك هذه فاهدم جدارها، وانتف بقلها، وغوّر نهرها، والحق بإيليا، ولتكن بلادك حتى يبلغ كتابي أجله.
فخرج «أرميا» مذعورا خائفا- وذلك في زمان الثمار- فركب أتانا له.
وتزوّد سلّة فيها عنب وتين، واتخذ سقاء جديدا [5] فملأه ماء. ثم فتل حبلا جديدا فرسن به أتانه، ثم انطلق حتى إذا رفع له شخص بيت المقدس رأى خرابا عظيما لا يوصف، فقال: أنّى يحيى هذه الله بعد موتها «2» . فأماته الله مائة عام.
ثم ابتعث ملكا من ملوك فارس، يقال له: كوش [6] ، فعمرها، وأحياه الله.
وقيل له: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ 2: 259 «3» [7] .
مصادر و المراجع :
١-المعارف
المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)
تحقيق: ثروت عكاشة
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
الطبعة: الثانية، 1992 م
2 ديسمبر 2024
تعليقات (0)