المنشورات

أمثلة اختلاف اللغات:

وقد فلينا كتب العربية والأدب، وتناسينا حساب الوقت في تصفحها لاستخراج هذه الدفائن التي نعتبرها بمنزلة الآثار التاريخية؛ وإنما جهدها مما جمعناه أن ندل على علم مات في رءوس علمائنا رحمهم الله، وتصور من بقاياه هيكلًا نصفه، كما يفعل علماء عصرنا في درس البقايا العظمية القديمة التي استحجرت عليها طبقات الأرض، والمثالان سواء في ذلك الموت الأبدي؛ ورأينا أن نقسم أنواع الاختلاف التي جمعناها إلى خمسة أقسام:
1- لغات منسوبة ملقبة.
2- لغات منسوبة غير ملقبة تجري في إبدال الحروف.
3- لغات من ذلك في تغير الحركات.
4- لغات غير منسوبة ولا ملقبة.
5- لغة أو لثغة في منطق العرب.
وكما قدمنا أشياء من ذلك في بعض الفصول التي سلف ولا نعيدها، كذلك أخرنا أشياء لبعض الفصول التي تأتي فلا نثبتها؛ لأن لكل موضعًا متى اقتضاه استوفاه.
النوع الأول:
وقد عده العلماء من مستبشع اللغات ومستقبح الألفاظ، وهو كذلك بعد أن هذبت اللغة وأطبقت العرب على المنطق الحر والأسلوب المصفى؛ ومن أمثلته:
1- الكشكشة، وهي في ربيعة ومضر: يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيئًا، فيقولون في رأيتك: رأيتكش، وبكش، وعليكش؛ وهم في ذلك ثلاثة أقسام: قسم يثبت الشين حالة الوقف فقط، وهو الأشهر؛ وقسم يثبتها في الوصل أيضًا؛ وقسم يجعل الشين مكان الكاف ويكسرها في الوصول ويسكنها في الوقف، فيقولون في مررت بك اليوم: مررت بِشِ اليوم، وفي مررت بِك في الوقف: مررت بِشْ.
وقال ابن جني في "سر الصناعة": قرأت على أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى قول بعضهم:
علي فيما أبتغي أبغيش ... بيضاء ترضيني ولا ترضيش
وتطبي ود بني أبيش ... إذا دنوت جعلت تنئيش
وإن نأيت جعلت تدنيش ... وإن تكلمت حثت في فيش
حتى تنقي كنقيق الديش فشبه كاف الديك لكسرتها بكاف ضمير المؤنث.
وقد تروى الكشكشة لأسد وهوازن وقال ابن فارس في فقه اللغة: إنها في أسد.
2- الكسكسة، وهي في ربيعة ومضر أيضًا: يجعلون بعد الكاف أو مكانها في خطاب المذكر سينًا على ما تقدم؛ وقصدوا بالفرق بين الحرفين: السين والشين، تحقيق الفرق بين المذكر والمؤنث في النطق.
ونقل الحريري أن الكسكسة لبكر لا لربيعة ومضر، وهي فيما نقله زيادة سين بعد كاف الخطاب في المؤنث لا في المذكر.
وروى صاحب القاموس أنها لتميم لا لبكر، وفسرها كما فسر الحريري.
3- الشنشنة في لغة اليمن: يجعلون الكاف شينًا مطلقًا، فيقولون في لبيك اللهم لبيك: لبيش اللهم ليبش.
4- العنعنة في لغة تميم وقيس: يجعلون الهمزة المبدوء بها عينًا، فيقولون في إنك: عِنّك، وفي أسلم: عسلم، وفي إذن: عذن، وهلم جرا.
5- الفحفحة في لغة هذيل: يجعلون الحاء عينًا، فيقولون في مثل حلت الحياة لكل حي: علت العياة لكل عي. وعلى لغتهم قرأ ابن مسعود: عَتّى عِين، في قوله تعالى: {حَتَّى حِينٍ} [الذاريات: 43] ، [الأعراف: 8] فأرسل إليه عمر بن الخطاب: إن القرآن لم ينزل على لغة هذيل، فأقرئ الناس بلغة قريش.
6- العجعجة في لغة قضاعة: يجعلون الياء المشددة جيما فيقولون في تميمي: "تميمج"؛ وكذا يجعلون الياء الواقعة بعد عين، فيقولون في الراعي: الراعج، وهكذا -وسيأتي في النوع الثاني عكس هذه اللغة- وكانت قضاعة إذا تكلموا غمغموا فلا تكاد تظهر حروفهم، وقد سمى العلماء ذلك منهم "غمغمة قضاعة".
7- الوتم في لغة اليمن أيضًا: يجعلون السين تاء، فيقولون في الناس: النات، وهكذا.
8- الوكم في لغة ربيعة، وهم قوم من كلب يكسرون كاف الخطاب في الجمع متى كان قبلها ياء أو كسرة، فيقولون في عليكم وبكم: عليكِمِ وبِكِم.
9- الوهم في لغة كلب: يكسرون هاء الغيبة متى وليتها ميم الجمع مطلقًا "والفصيح أنها لا تكسر إلا إذا كان قبلها ياء أو كسرة نحو: عليهم وبهم" فيقولون في منهُم وعنهُم وبينهُم: منهِم وعنهِم وبينهِم.
10- الاستنطاء في لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار يجعلون العين الساكنة نونًا إذا جاوزت الطاء، فيقولون في أعطى: أنطى.
وعلى لغتهم قرئ شذوذًا: "إِنَّا أَنْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ" وجاءت أمثلة منها في الحديث الشريف.
11- التلتلة في بهراء، وهم بطن من تميم، وذلك أنهم يكسرون أحرف المضارعة مطلقًا، وقد ذكر سيبويه في الجزء الثاني من كتابه مواضع يكون فيها كسر أوائل الأفعال المضارعة عامًا في لغة جميع العرب إلا أهل الحجاز وذلك في نحو مضارع "فعِل" إذا كانت لامه أو عينه ياء أو واوًا، نحو: وجِل وخشِي، مثلًا، فيقولون: نيجَل، ونِخشي؛ هكذا، فراجعه في الكتاب فإن فيه تعليلًا حسنًا. وقال في آخر هذا الفصل: إن بني تميم يخالفون العرب ويتفقون مع أهل الحجاز في فتح ياء المضارعة فقط. ونسب ابن فارس في "فقه اللغة" هذا الكسر لأسد وقيس، إلا أنه جعله عاما في أوائل الألفاظ، فمثل له بقوله: "مثل تعلمون ونعلم وشِعير وبِعير"1.
12- القُطعة في لغة طيئ: وهي قطع اللفظ قبل تمامه, فيقولون في مثل يا أبا الحكم: يا أبا الحكا, وهي غير الترخيم المعروف في كتب النحو؛ لأن هذا مقصور على حذف آخر الاسم المنادى, أما القطعة فتتناول سائر أبنية الكلام.
13- اللَّخلخانية، وهي تعرض في لغة أعراب الشحَر وعمان، فيحذفون بعض الحروف اللينة، ويقولون في نحو ما شاء الله: مشا الله. ومن لغات الشحر المرغوب عنها ما نقله صاحب "المخصص" من أن بعضهم يقول في السيف: شَلَقَى.
14- الطُّمطمانية في لغة حِمْيَر: يبدلون لام التعريف ميمًا، وعليها جاء الحديث في مخاطبة بعضهم: $"ليس من امبر امصيام في امسفر"، أي: ليس من البر الصيام في السفر. 

النوع الثاني:
لغات منسوبة غير ملقبة عند العلماء، ومن أمثلته:
1- في لغة فُقيم1: يبدلون الياء جيما، ولغتهم في ذلك أعم من لغة قضاعة التي مرت في النوع الأول؛
لأنها غير مقيدة، فيقولون في بختي وعلي: بختجّ وعلجّ، ومنه قول الحماسي:
خالي عُوَيف وأبو عَلِجّ ... المطعمان اللحم بالعشج
أي: بالعشي، وأنشد أبو زيد لبعضهم:
يا رب إن كنت قبلت حجتج ... فلا يزال ساجح يأتيك بج
يريد: حجتي، ويأتيك بي؛ والساجح: السريع من الدواب2. وقال ابن فارس في "فقه اللغة": 

إن الياء تجعل جيما في النسب، عند بني تميم: يقولون غلامج أي: غلامي؛ وكذلك الياء المشددة تحول جيما في النسب، يقولون: بَصْرِجّ وكُوفِجّ، في بصري وكوفي. وعكس هذه اللغة في تميم -على ما نقله صاحب "المخصص"- وذلك أنهم يقولون: صهريّ والصهاريّ، في صهريج والصهاريج.
2- في لغة مازن يبدلون الميم باء والباء ميمًا، فيقولون في بكر: مكر، وفي اطمئن: اطبئن، وقد تقدمت.
3- في لغة طيئ يبدلون تاء الجمع هاء إذا وقفوا عليها، إلحاقًا لها بتاء المفرد؛ وقد سمع من بعضهم: "دفن البناه، من المكرماه" يريد: البنات، والمكرمات؛ وحكى قطرب قول بعضهم: كيف البنون والبناه، وكيف الإخوة والأخواه؟ وسيأتي في النوع الرابع عكس هذه اللغة.
4- في لغة طيئ أيضًا يقلبون الياء ألفًا بعد إبدال الكسرة التي قبلها فتحة، وذلك من كل ماض ثلاثي مكسور العين، ولو كانت الكسرة عارضة كما لو كان الفعل مبنيا للمجهول، فيقولون في رضي وهُدي: رضا، وهدى؛ بل ينطقون بها قول العرب "فرس حظية بظية" فيقولون: حظاة بظاة. وكذلك يقولون: النصاة، في الناصية.
ومن لغتهم أنهم يحذفون الياء من الفعل المعتل بها إذا أُكّد بالنون، فيقولون في: اخْشَينّ وارمينّ.... إلخ. اخشنّ وارمنّ. وجاء من ذلك في الحديث الشريف على لغتهم: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء تنطحها". وتنسب هذه اللغة إلى فزارة أيضًا كما تنسب إلى طيئ.
5- في لغة طيئ على ما رواه ابن السكيت أنهم يبدلون في الهمزة في بعض المواضع هاء، فيقولون: هن فعلت فعلت، يريدون: إن فعلت، ومنه قول شاعرهم:
ألا يا سنا برق على قلل الحمى ... لهنك من برق علي كريم
أي: لإنك وسيأتي عكس هذه اللغة في النوع الرابع.
6- في لغة تميم يجيئون باسم المفعول من الفعل الثلاثي إذا كانت عينه ياء على أصل الوزن بدون حذف، فيقولون في نحو: مبيع مبيوع؛ ولكنهم لا يفعلون ذلك إذا كانت عين الفعل واوًا إلا ما ندر، بل يتبعون فيه لغة الحجازيين، نحو: مَقُول ومَصُوغ؛ وهكذا.
7- في لغة هذيل لا يبقون ألف المقصور على حالها عند الإضافة إلى ياء المتكلم، بل يلقبونها ياء ثم يدغمونها، توصلًا إلى كسر ما قبل الياء، فيقولون في عصاي وهواي: عَصِيّ وهَوِيّ؛ قال شاعرهم:
سبقوا هوِيّ وأعنقوا لهواهم ... فتخرموا ولكل جنب مصرع
ولا يفعلون ذلك إلا إذا كانت الألف في آخر الاسم للتثنية، كما في نحو: "فتياي" بل يوافقون الجمهور في إبقائها دون قلب، كأنهم كرهوا أن يزيلوا دلالتها على المعنى الذي ألحقت بالكلمة له.
8- في لغة فزارة وبعض قيس يقلبون الألف في الوقف ياء، فيقولون: الهُوي وأفعي وحُبلي. 

ومن تميم من يقلب هذه الألف واوًا فيقول: "الهُدو وأفعو وحبلو" ومنهم من يقلبها همزة فيقول: ألهُدأ وأفعأ وحُبلأ".
وقريب من قلب الألف واوًا ما رواه ابن قتيبة عن ابن عباس: "لا بأس بلبس الحِدَوْ للمحرم" أي: الحذاء, وهو دليل على أن من بعض لغاتهم قلب الألف مطلقًا واو.
9- في لغة خشعم وزبيد يحذفون نون "من" الجارة إذا وليها ساكن، قال شاعرهم.
لقد ظفر الزوار أقفية العدا ... بما جاوز الآمال م الأسر والقتل
وقد شاعت هذه اللغة في الشعر واستخفها كثير من الشعراء فتعاوروها.
10- في لغة بلحرث يحذفون الألف من "على" الجارة واللام الساكنة التي تليها، فيقولون في على الأرض، علأرض، وهكذا.
11- في لغة قيس وربيعة وأسد وأهل نجد من بني تميم، يقصرون "أولاء" التي يشار بها للجمع ويلحقون بها "لامًا" فيقولون: أولالك، قال بعضهم:
أولالك قومي لم يكونوا أشابة ... وهل يعظ الضليل إلا أولالك1
12- في لغات أسماء الموصول:
بلحرث بن كعب وبعض ربيعة يحذفون نون اللذين واللتين في حالة الرفع، وعلى لغتهم قول الفرزدق:
أبني كليب إن عمي اللذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلال
وقول الأخطل:
هما اللتا لو ولدت تميم ... لقيل فخر لهم صميم
وتميم وقيس يثبتون هذه النون ولكنهم يشددونها، فيقولون: اللذان، واللتان؛ وذلك في أحوال الإعراب الثلاثة، وللنحاة في حكمة هذا التشديد أقوال ليست من غرضنا.
وطيئ تقول في الذي ذو، وفي التي ذات. ولا يغيرونهما في أحوال الإعراب الثلاثة رفعًا ونصبًا وجرا. وقال أبو حاتم: إن "ذو" الطائية للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد، وإعرابها بالواو في كل موضع.
وسيأتي في النوع الرابع بعض لغات غير منسوبة في أسماء الموصول.
13- في لغة ربيعة يقفون على الاسم المنون بالسكون في كل أحوال الإعراب، فيقولون: رأيت خالد، ومررت بخالد، وهذا خالد؛ وغيرهم يشاركهم إلا في النصب.
وفي لغة الأزد يبدلون التنوين في الوقف من جنس حركة آخر الكلمة فيقولون جاء خالدو، ومررت بخالدي. 

وفي لغة سعد يضعفون الحرف الأخير من الكلمة الموقوف عليها، إلا إذا كان هذا الحرف همزة أو كان ما قبله ساكنًا، فيقولون: هذا خالد، ولا يضعفون في مثل رشأ وبكر.
14- في لغة بلحرث وخثعم وكنانة يقلبون الياء بعد الفتحة ألفًا، فيقولون في إليك وعليك ولديه: "إلاك، وعلاك، ولداه"، ومنه قول الشاعر:
طاروا علاهن فطر علاها
ومن لغتهم أيضًا إعراب المثنى بالألف مطلقًا، رفعًا ونصبًا وجرا؛ وذلك لقلبهم كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ألفًا؛ فيقولون: جاء الرجلان، ورأيت الرجلان، ومررت بالرجلان؛ وأنشد ابن فارس في "فقه اللغة" لبعضهم:
تزود منا بين أذناه ضربة ... دعته إلى هابي التراب عقيم
غير أنه خص هذه اللغة ببني الحارث بن كعب1.
15- ذكر المبرد في "الكامل" أن بني سعد بن زيد بن مناة، ولخم من قاربها، يبدلون الحاء هاء لقرب المخرج، فيقولون في مدحته: مدهْتُه؛ وعليه قول رؤبة:
لله درّ الغانيات المده
أي: المدح؛ وفي هذه الأرجوزة:
براق أصلاد الجبين الأجله
أي: الأجلح.
وقل في موضع آخر: العرب تقول: هودج، وبنو سعد بن زيد مناة ومن وليهم يقولون: فودج؛ فيبدلون من الهاء فاء.
وفي أمالي ثعلب: أزد شنوءة تقول: تفكهون، وتميم يقولون تفكنون، بمعنى تعجبون.
وأمثلة الاختلاف من هذا الضرب غير قليلة.
16- في "أمالي القالي" عن أبي زيد أن الكلابيين يلحقون علامة الإنكار في آخر الكلمة، وذلك الاستفهام إذا أنكروا أن يكون رأي المتكلم على ما ذكر في كلامه أو يكون على خلاف ما ذكر.
فإذا قلت: رأيت زيدًا، وأنكر السامع أن تكون رأيته قال: زيدًا إنيه! بقطع الألف وتبيين النون، وبعضهم يقول: زيدنيه! كأنه ينكر أن يكون رأيك على ما ذكرت.
وهذه الزيادة تجري في لغة غيرهم على النحو الذي تسمعه في لغة العامة من مصر، فإنك إذا قلت لأحدهم: رأيت الأسد، يقول: الأسد إيه! فالعرب تحرك آخر الكلمة إذا كان ساكنًا2. وتلحق به الزيادة، فإذا قال رجل: رأيت زيدًا، قالوا: أزيدنيه! ويقول: قدم زيد، فنقول: أزيدنيه! أما إذا كان آخر الكلمة مفتوحًا فإنه يجعلون الزيادة ألفًا، ويجعلونها واوًا إذا كان مضمومًا، وياء إذا كان مكسورًا، فإن قال: رأيت عثمان، قلت: أعثماناه! ويقول: أتاني عمر، فتقول: أعمروه! هكذا. فإن كان الاسم معطوفًا عليه أو موصوفًا، جعلوا الزيادة في آخر الكلام؛ رأيت زيدًا وعمرًا، فتقول: أزيدًا وعمرنيه! ويقال: ضربت زيدًا الطويل: فتقول: أزيدًا الطويلاه!
وذكر سيبويه أنه سمع رجلًا من أهل البادية وقيل له: أتخرج إن أخصبت البادية؟ فقال: أنا إنيه! وإنما أنكر أن يكون رأيه على خلاف الخروج1؛ وسيأتي وصف لغة أخرى للحجازيين في النوع التالي. 

النوع الثالث:
وهو من تغيير الحركات في الكلمة الواحدة حسب اختلاف اللهجات؛ ومن أمثلته:
1- "هلم" في لغة أهل الحجاز تلزم حالة واحدة "بمنزلة رُوَيَد" وتلزم في كل ذلك الفتح؛ وفي لغة نجد من بني تميم تتغير بحسب الإسناد؛ فيقولون هلم يا رجل، وهلمي، وهلما وهلموا، وهلممن؛ وإذا أسندت لمفرد لا يكسرونها كما قال سيبويه، فلا يقولون: هلم يا رجل، ولكنها تكسر في لغة كعب وغني.
2- في لغة تميم يكسرون أول فعِيل وفَعِل إذا كان ثانيهما حرفًا من حروف الحلق الستة، فيقولون في لئيم ونحيف ورغيف وبخيل: لئيم، ونحيف..... إلخ، بكسر الأول، ويقولون: هذا رجل لعِل، ورجل محِك، وهذا ماضغ لهم "كثير البلع" وهذا رجل وغِل "طفيلي على الشراب"، وفخِد، ونحوها1 كل ذلك في لغتهم بالكسر وغيرهم بفتحه؛ وقد نقل صاحب "المخصص" في ذلك تعليلًا حسنًا يرجع إلى الأسباب اللسانية.
3- في لغة خزاعة يكسرون لام الجر مطلقًا مع الظاهر والضمير، وغيرهم يكسرها مع الظاهر وبفتحها مع الضمير غير ياء المتكلم؛ فيقولون: المال لك ولِهُ. ونقل اللحياني ذلك عن خزاعة أيضًا.
وفي "سر الصناعة" لابن جني عن أبي عبيدة والأحمر ويونس، أنهم سمعوا العرب تفتح اللام الجار مع المظهر، وقال أبو زيد، سمعت من يقول: وما كان الله ليعذبهم؛ وفي لغة هؤلاء يقولون: المال للرجل؛ ومثل هذه اللغة في عامية الشام.
ولكن العرب إجماع "ومنهم خزاعة" على كسر اللام إذا اتصلت بباء المتكلم فلا يفتحها منهم أحد.
4- هاء الغائب مضمومة في لغة أهل الحجاز مطلقًا إذا وقعت بعد ياء ساكنة، فيقولون: لديهُ وعليهُ؛ ولغة غيرهم كسرها، وعلى منطق أهل الحجاز قرأ حفص وحمزة: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَان} ، و {عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} وهي القراءة المتبعة، أما غيرهما من القراء فيكسر الياء.
5- في لغة بني مالك من بني أسد يضمون هاء التنبيه؛ فيقولون في: يا أيها الناس، ويا أيها الرجل، يا أيه الناس ويا أيه الرجل؛ إلا إذا تلاها اسم إشارة، نحو: أيّهذا؛ فإنهم يوافقون فيها الجمهور.
6- في لغة بني يربوع -وهم من بني تميم- يكسرون ياء المتكلم إذا أضيف إليها جمع المذكر السالم فيقولون في نحو ضاربيَّ ضاربيِّ، وهكذا.
7- في لغة الحجازيين يحكون الاسم المعرفة في الاستفهام إذا كان علمًا كما نطق به؛ فإذا قيل: جاء زيد، ورأيت زيدًا، ومررت بزيد، يقولون: من زيد ومن زيدًا؟ أم إذا كان غير علم: كجاءني الرجل، أو كان علمًا موصوفًا: كزيد الفاضل, فلا يستفهمون إلا بالرفع، يقولون: من الرجل؟ ومن زيد الفاضل؟ في الأحوال الثلاث.
وإذا استفهموا عن النكرة المعربة ووقفوا على أداة الاستفهام، جاءوا في السؤال بلفظة "من"، ولكنهم في حالة الرفع يلحقون بها واوًا لمجانسة الضمة في النكرة المستفهم عنها، ويلحقون بها ألفًا في حالة النصب، وياء في حالة الجر؛ فإذا قلت: جاءني رجل، ونظرت رجلًا، ومررت برجل؛ يقولون في الاستفهام عنه: "مَنو؟ ومَنا؟ ومني؟ ". وكذلك يلحقون بها علامة التأنيث والتثنية والجمع، فيقولون: "مَنَه"؟ في الاستفهام عن المؤنثة، ومَنان ومَنَين؟ للمثنى المذكر، ومَنَتَان؟ ومَنَتَين؟ للمثنى المؤنث، ومنون، ومنين؟ للجمع المذكر، ومنات؟ للجمع المؤنث؛ وهكذا كله إذا كان المستفهم واقفًا؛ فإذا وصل أداة الاستفهام جردها عن العلامة، فيقول: من يا فتى؟ في كل الأحوال. قال الزمخشري: وقد ارتكب الشاعر في قوله:
أتوا ناري فقلت منون أنتم
شذوذين: إلحاق العلامة في الدرج، وتحريك النون.
وبعض الحجازيين لا يفرق بين المفرد وغيره في الاستفهام، فيقول: مَنُو، ومنا، ومَنِي، إفرادًا وتثنية وجمعًا، في التذكير والتأنيث. 

8- من لغة الحجازيين أيضًا أنهم يعاقبون بين الواو والياء فيجعلون إحداهما مكان الأخرى؛ والمعاقبة إما أن تكون لغة عند القبيلة الواحدة، أو تكون لافتراق القبيلتين في اللغتين، وليست بمطردة في لغة أهل الحجاز بين كل واو وياء، ولكنها محفوظة عنهم، فيقولون في الصواغ: الصياغ؛ وقد دوخوا الرجل، وديخوه. وسمع الكسائي بعض أهل العالية يقول: لا ينفعني لك ولا يضورني أو يضيرني. قوم يقولون في سريع الأوبة: سريع الأيبة؛ ومنهم من يقول في المصايب: مصاوب، ويقول بعضهم: حكوت الكلام، أي: حكيته؛ وأهل العالية يقولون: القَصْوَى، ويقول فيها أهل نجد1: القُصْيا.
وقد وردت أفعال ثلاثة تحكى لإماتها بالواو والياء، مثل: عزوت وعزيت، وكنوت وكنيت، وهي قريب من مائة لفظة نظمها ابن مالك النحوي في قصيدة مشهورة.
9- في لغة بكر بن وائل وأناس كثير من بني تميم، يسكنون المتحرك استخفافًا، فيقولون في فخذ، والرجل، وكرم، وعلم: فخْذ، وكرم، والرجْل، وعلْم. وقال أبو النجم الراجز، وهو من بكر ابن وائل، يصف الشعر المتعهد بالبان والمسك:
لو عصر منه البان والمسك انعصر
وهذه اللغة كثيرة أيضًا في تغلب، وهو أخو بكر بن وائل. ثم إذا تناسبت الضمتان أو الكسرتان في كلمة خففوا أيضًا فيقولون في العنق والإبل. العنق، والإبل، قال سيبويه: ومما أشبه الأول فيما ليس على ثلاث أحرف، قولهم: أراك منتفخًا، وانطلق يا فتى، أي: منتفخًا وانطلق، ثم قال: حدثنا بذلك الخليل عن العرب وأنشدنا بيتًا لرجل من أزد السراة:
عجبت لمولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان!
وسمعناه من العرب كما أنشده الخليل، وأصله "لم يلده" فلما أسكنوا اللام على لغتهم حركوا الدال لئلا يجتمع ساكنان2.
10- في "الخصائص" لابن جني عن أبي الحسن الأخفش: أن من لغة أزد السراة تسكين ضمير النصب المتصل، كقول القائل:
وأشرب الماء ما بي نحو عطش ... إلا لأن عيونه سال واديها
11- لغات في كلمات:
تميم من أهل نجد يقولون: نِهْي، للغدير، وغيرهم يفتحها.
الوتر في العدد حجازية، والوتر -بالكسر- في الذحل: الثار. وتميم تكسرهما جميعًا، وأهل العالية يفتحون في العدد فقط. 

اللَّحد واللُّحد: للذي يحفر في جانب القبر، والرَّفع والرُّفع: لأصول الفخذين، فالفتح لتميم، والضم لأهل العالية.
يقال: وتِد، ووتَد، وأهل نجد يدغمونها فيقولون: وَدّ.
وفي لغة بعض الكلابيين يقولون: الدِّواء، وغيرهم يفتحها.
والعرب يقولون: شُواظ من نار، والكلابيون يكسرون الشين.
ويقولون: رُفقة، للجماعة، ولغة قيس كسر الراء.
وقالوا: وَجنة ووُجنة، وبالكسر لغة أهل اليمامة.
أهل الحجاز يقولون: خمس عشرة، وتميم يقولون: خمسَ عَشَّرَة، ومنهم من يفتح الشين. والحجازيون يقولون: لعمري، وتميم تقول: رعَمْلي، وتحكى عنهم رعَمْري أيضًا.
واللص في لغة طيئ، وغيرهم يقول: اللصت.
وبقيت ألفاظ أخرى كنا جمعناها فأضربنا عن ذكرها؛ لأن هذا الاختلاف غير مطرد، فلا يعتد به فيما نحن بصدد منه.
12- لغات في الإعراب:
في لغة هذيل يستعملون "متى" بمعنى "من" ويجرون بها؛ سُمِع من بعضهم: أخرجها متى كُمُّه أي: من كمه؛ ويروون من ذلك البيت المشهور:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج
وفي لغة تميم ينصبون تمييز "كم" الخبرية مفردًا، ولغة غيرهم وجوب جره وجواز إفراده وجمعه، فيقال: كم درهم عندك، وكم عبيد ملكت! وتميم يقولون: كم درهمًا، وكم عبدًا!
في لغة الحجازيين ينصب الخبر بعد "ما" النافية نحو: ما هذا بشرًا، وتميم يرفعونه.
في لغة أهل العالية ينصبون الخبر بعد "إن" النافية، سُمَع من بعضهم: إن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية.
الحجازيون ينصبون خبر "ليس" مطلقًا، وبنو تميم يرفعونه إذا اقترن بإلا؛ فيقول الحجازيون: ليس الطيب إلا المسك، وبنو تميم: إلا المسك.
في لغة بني أسد يصرفون ما لا ينصرف فيما عِلة منعه الوصفية، وزيادة النون؛ فيقولون: لست بسكران، ويلحقون مؤنثة التاء، فيقولون: سكرانة.
في لغة ربيعة وغنم، يبنون "مع" الظرفية على السكون، فيقولون: ذهبت معه، وإذا وليها ساكن يكسرونها للتخلص من التقاء الساكنين، فيقولون: ذهبت مع الرجل. وغنم: حي من تغلب بن وائل.
في لغة بني قيس بن ثعلبة يعربون "لدُن" الظرفية، وعلى لغتهم قرئ: "من لدُنِه علمًا".
الحجازيون يبنون الأعلام التي على وزن فعال: كحزام، وقطام، على الكسر في كل حالات الإعراب؛ وتميم تعربها ما لم يكن آخرها راء وتمنعها من الصرف للعلمية والعدل؛ فإذا كان آخرها ياء كوبار "قبيلة" وظفار "مدينة" فهم فيها كالحجازيين.
في لغة هذيل أن "عقيل" يعربون "الذين" من أسماء الموصول إعراب جمع المذكر السالم، قال شاعرهم:
نحن الذون صبحوا الصباحا ... يوم النخيل غارة ملحاحًا
ومن لغة هذيل أيضًا فتح الياء والواو في مثل: بَيضات، وهَيآت، وعورات، فيقولون: بَيَضات، وهَيَآت، وعَوَرات، والجمهور على إسكانها، وقد وقفنا على أمثلة أخرى نتجاوزها اكتفاء بما قدمناه. 

النوع الرابع:
وهو يشمل اللغات التي ذكرها العلماء ولم ينسبوها وتكون في جملتها راجعة إلى تباين المنطق واختلاف اللهجات، وهذا القسم هو اللغة أو أكثرها؛ لأن الذين دونوها جمعوا كل لغات العرب وجعلوها لغة جنسية لم يميزوا منطقًا من منطق، ولا أفردوا لغة عن لغة؛ إذ كان من سبيل خدمة التاريخ اللغوي، وهم إنما أرادوا بصنيعهم خدمة القرآن وعلومه، فلولاء لمضت لغة العرب في سبيل ما تقدمها، ولماتت مع أهلها، وكأن من يظفر اليوم بحرف منها فقد أحيا شيئًا من التاريخ.
ولو أردنا استغراق هذا النوع لخرجنا بالكتاب عن معناه إلى أن يكون معجمًا من معاجم اللغة، ولكنا نأتي بشيء من نادره ونقتصر على القليل من غريبه مما يجانس ما قدمناه ويتحقق به نوع من أنواع الاختلاف اللساني في العرب، ومن أمثلة ذلك:
1- إبدالهم أواخر بعض الكلمات المجرورة ياء، كقولهم في الثعالب والأرانب والضفادع: الثعالي، والأراني، والضفادي. وقال ابن جني في "سر الصناعة" وقد أورد قول الشاعر:
لها أشارير من لحم تتمّره ... من الثعالي ووخز من أرانيها1
لم يمكنه أن يقف الباء فأبدل منها حرفًا يمكنه أن يقفه في موضع الجر وهو الياء..... ليس ذاك أنه حذف من الكلمة شيئًا ثم عوض منها الياء. وقال وقد ذكر قول الآخر:
ومنهل ليس له حوازق ... ولضفادي جمه نقانق2
كره أن يسكن العين "من الضفادع" في موضع الحركة، فأبدل منها حرفًا يكون ساكنًا في حال الجر وهو الياء. 

وفي "الصحاح": قد يبدلون بعض الحروف ياء كقولهم: في أما1: أيما، وفي سادس: سادي، وفي خامس: خامي. وجاءت لغات الإبدال وكلها غير منسوبة ولا مسماة، وهي كثيرة؛ ومنها نوع طريف يعد من "لغات اللغويين" لأنهم جمعوه ورتبوه؛ وهو في الألفاظ التي ينطق فيها بلغتين بحيث يؤمن التصحيف: كالتي تنطق بالياء والتاء والباء والثاء؛ والتاء والثاء ونحوها مما يقع في حروفه التصحيف، وهذه الحروف هي:
ب ت ث ج ح خ د ذ
ر ز س ش ص ض ط ظ
ع غ ف ق ك ل ن
وفالنون تشتبه بالتاء والثاء، والواو تشتبه بالراء؛ أما سائر الحروف فالاشتباه فيها ظاهر. وعلى أن هذا مما يرجع إلى الخط ويبعد أن يكون العرب أرادوه، ولكن اللغويين وفقوا في عده عن لغات الإبدال، ومن أمثلته: الثّري والبري: بمعنى التراب، وثجّ الجريح ونجّ: سال دمه، وفاح الطيب وفاخ، وهلم جرا....
2- من العرب من يجعل الكاف جيما، فيقول مثلًا: الجعبة، في "الكعبة" وبعضهم ينطق بالتاء طاء: كأفلطني، في "أفلتني" قال الخليل: وهي لغة تميمية قبيحة2.
3- نقل صاحب "المخصص" في "باب ما يجيء مقولًا بحرفين وليس بدلًا" أن بعض العرب يقول: أردت عن تفعل كذا، وبعضهم يقول. لألني. في "لعلني" وقال في موضع آخر: وفي "لعل" لغات يقولها بعض العرب دون بعض، وهي لعلي، لعلني، وعلي، علني، لعني، ولغني؛ وأنشد للفرزدق:
هل أنتم عائجون بنا لعنّا ... نرى العرصات أو أثر الخيام
وقال أبو النجم:
اغد لعِلْنا في الرهان ترسله
يريد "لعلَّنا" وبعضهم يقول: لأنني؛ وبعضهم: لأني، وبعضهم: لونّي؛ وقال رجل: من يدعو إلي المرأة الضالة؟ فقال أعرابي: لوَنذ عليها خمارًا أسود؛ يريد: لعل عليها؛ ومما وقفنا عليه من لغاتها، ولم يذكره في "المخصص": رَعَن ورعّن وعنّ، وأنّ ولَعَاء، بالمد، ومنه قول الشاعر:
لعاء الله فضلكم علينا ... بشيء أن أمكم شريح
وتروى في "لعل" لغة بكسر اللام لِعلّ؛ وقد أسلفنا أن لغة عقيل الجر بلعل* وهو مما عزاه إليهم أبو زيد، وغيره يقول إن ذلك في لغة بعض العرب.
ومما أورده في هذا الباب: قرأ فما تلعثم، وبعضهم يقول: تَلَعْزم. وتضيّفت الشمس للغروب، وتصيّفت، قال: ومنه اشتقاق الصيف.
4- وفي "المخصص" أيضًا عن السكيت في "لغات: عند" تقول: هو عِندي، وعُندي، وعَندي؛ ومنه أيضصا "لدن" فيه ثماني لغات، وهي: لَدُن، ولُدُن، ولدَي ولَدُ، ولَدْن، ولُدْن، ولَدْ، ولدًي؛ ومنه أيضًا في "الذي" لغات: الذي بإثبات الياء، واللذِ، واللذْ، واللذيّ؛ وفي التثنية اللذانِ، واللذانّ، واللذا؛ وفي الجمع: الذي والذون واللاءون، واللاءوا، واللاتي -بإثبات الياء في كل حال- والأولى؛ وللمؤنث اللائي، واللاء، واللاتي، واللتِ، واللتْ، واللتان، واللتا، واللتانّ؛ وجمع التي، اللاتي، واللات، واللواتي، واللوات, واللوا، واللاء، واللآت.
ومن لغات "هو وهي": هوْ، وهيْ -بالسكون- وهوّ، وهيّ: قال بعضهم:
وإن لساني شهدة يشتفى بها ... وهوْ على من صبه الله علقم
وتحكى فيها لغة رابعة، وهي أن تحذف الواو والياء وتبقى الهاء متحركة فتقول: هُـ، هِـ.
ومن لغات "نعم، حرف الإيجاب": نِعَم، ونِعِم، ونَخَم، بإبدال العين حاء كما أبدلت الحاء من "حتى" عينًا في فحفحة هذيل فقيل: عَتَّى، كما مر في موضعه.
5- بعض العرب يبدل هاء التأنيث تاء في الوقف، فيقول: هذا أمَتْ، "في أَمَهْ" وسمع بعضهم يقول: يا أهل سورة البقرت، فقال مجيب: ما أحفظ منها ولا آيت! ويؤخذ مما ذكره ابن فارس في "فقه اللغة" أن هذه اللهجة كانت من اللغات المسماة المنسوبة إلى أصحابها في القرن الرابع، ولكنا لم نقف على نسبتها, ونقتصر من ذلك هذا القدر فإنه كفاء الحاجة فيما نحن بصدد منه. 

النوع الخامس:
وهو ما يروونه على أنه لغة في الكلام أو لثغة من المتكلم، كالألفاظ التي وردت بالراء والغين، أو بالراء واللام، أو بالزاي والذال، أو بالسين والثاء، أو بالشين والسين؛ فكل ذلك مما يشك فيه الرواة، لا يجزمون بأنه لغة فرد أو لغة قبيلة، وقد قال الأنباري في شرح المقامات يذكر أنواع اللثغة في منطقهم: اللثغة تكون في السين، والقاف، والكاف، واللام، والراء؛ وقد تكون في الشين. فاللثغة في السين أن تبدل ثاء، وفي القاف أن تبدل طاء، وربما أبدلت كافًا؛ وفي الكاف أن تبدل همزة، وفي اللام أن تبدل ياء، وربما جعلها بعضهم كافًا؛ وأما اللثغة في الراء فإنها تكون في ستة أحرف: "ع غ ي د ل ط"، وذكر أبو حاتم أنها تكون في الهمزة. ا. هـ.
قلنا: وليس ما ذكره أبو حاتم بغريب، فقد رأينا في "بغية الوعاة" في ترجمة ركن الدين بن القوابع النحوي المتوفى سنة 738هـ أنه كان يلثغ بالراء همزة.
وبعضهم يلثغ في اللام فيجعلها تاء، ويسمونه الأرَتّ؛ أما النطق بالحاء هاء فيسمونه ههّة، كقول صاحب "الصحاح": اللَّهْسُ لغة في اللِّحْس، أو ههّة. 












مصادر و المراجع :

١-تاريخ آداب العرب

المؤلف: مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (المتوفى: 1356هـ)

الناشر: دار الكتاب العربي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید