المنشورات

حكم إقامة جماعة أخرى لمن فاتتهم الصلاة

س هل لرجال تأخروا عن الجماعة في المسجد ووجدوا الناس قد صلوا أن يصلوا في المسجد جماعة أخرى أو لا؟ وهل هناك تعارض بين حديث من يتصدق على هذا وبين قول ابن مسعود رضي الله عنه، أو غيره كنا إذا فاتتنا الجماعة أو انتهت الجماعة صلينا فرادى أو كما قال رضي الله عنه؟
ج من جاء إلى المسجد فوجد الجماعة قد صلوا بإمام راتب أو غير راتب فليصلها جماعة مع مثله ممن فاتهم الجماعة، أو يتصدق عليه بالصلاة معه بعض من قد صلى، لما رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبصر رجلاً يصلي وحده فقال " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ". فقام رجل فصلى معه. ورواه الترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قا ل جاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال " أيكم يتجر على هذا " فقام رجل فصلى معه، قال الترمذي حديث حسن، ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي على ذلك، وذكر ابن حزم في المحلّى وأشار إلى تصحيحه، قال أبو عيسى الترمذي وهو قول غير واحد من الصحابة والتابعين قالوا لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صُلي فيه جماعة، وبه يقول أحمد وإسحاق. وقال آخرون يصلون فرادى، وبه يقول سفيان وابن المبارك ومالك والشافعي يختارون الصلاة فرادى ا. هـ.
وإنما كره هؤلاء ومن وافقهم ذلك، خشية الفرقة وتوليد الاجتهاد، وأن يتخذ أهل الأهواء من ذلك ذريعة إلى التأخر عن الجماعة ليصلوا جماعة أخرى خلف إمام يوافقهم على نحلتهم وبدعتهم. فسدًّا لباب الفرقة، وقضاء على مقاصد أهل الأهواء السيئة هو أن لا تصلي فريضة جماعة في مسجد بعد أن صليت فيه جماعة بإمام راتب أو مطلقًا. والقول الأول هو الصحيح لما تقدم من الحديث، ولعموم قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . وقوله صلى الله عليه وسلم " إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم ". ولا شك أن الجماعة مِنْ تقوى الله ومما أمرت بها الشريعة، فينبغي الحرص عليها على قدر المستطاع. . ولا يصح أن يعارض النقل الصحيح بعلل رآها أهل العلم وكرهوا تكرار الجماعة في المسجد من أجلها، بل يجب العمل بما دلت عليه النقول الصحيحة فإن عُرف عن أحد أو جماعة تأخر لإهمال، وتكرر ذلك منهم أو عرف من سيماهم ونحلتهم أنهم يتأخرون ليصلوا مع أمثالهم عُزِّروا وأُخذ على أيديهم بما يراه ولي الأمر ردعًا لهم ولأمثالهم من أهل الأهواء، وبذلك يُسد باب الفرقة ويُقضى على أغراض أهل الأهواء، دون ترك العمل بالأدلة التي دلت على الصلاة جماعة لمن فاتتهم الجماعة الأولى.
اللجنة الدائمة 

ج التناصح بين المسلمين وإنكار المنكر من أهم الواجبات كما قال الله سبحانه {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} . الآية من سورة التوبة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ". وقال صلى الله عليه وسلم
" الدين النصيحة ". قيل لمن يا رسول الله؟ قال " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواهما مسلم في صحيحه.
ولا شك أن ترك الصلاة في الجماعة بغير عذر من المنكرات التي يجب إنكارها، ويجب أن تؤدى الصلوات الخمس في المساجد في حق الرجال لأدلة كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر ". خرجه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما، وصححه الحاكم وإسناده جيد، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال له رجل أعمى يا رسول الله ليس لي قائد يلازمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال نعم. قال " فأجب ". خرجه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والواجب على المسلم إذا أنكر عليه أخوه المنكر ألا يغضب وألا يرد عليه إلا خيرًا، بل ينبغي له أن يشكره ويدعو له بالخير لكونه دعاه إلى طاعة الله وذكره بحقه، ولا يجوز له أن يتكبر على داعي الحق؛ لقول الله سبحانه ذاما مَن فعل ذلك ومتوعدا له بعذاب جهنم {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} . نسأل الله لجميع المسلمين الهداية.
الشيخ ابن باز 












مصادر و المراجع :

١- فتاوى إسلامية

لأصحاب الفضيلة العلماء

سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ)

فضيلة الشيخ: محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ)

فضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (المتوفى: 1430هـ)

إضافة إلى اللجنة الدائمة، وقرارات المجمع الفقهي

المؤلف (جمع وترتيب) : محمد بن عبد العزيز بن عبد الله المسند

الناشر: دار الوطن للنشر، الرياض

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید