المنشورات

حكم الاستمناء باليد وفتوى الشيخ القرضاوي في إجازته

س - مسالة الاستمناء باليد يقول الشيخ القرضاوي (1) " وروي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه اعتبر المني فضلة من فضلات الجسم فجاز إخراجه كالفصد ". وهذا ما ذهب إليه وأيده ابن حزم، فهل صحيح أن الإمام أحمد أجاز الاستمناء عموما؟ وما دليله؟ ثم البلوى التي تشتكي إلى الله نحوها، هي أن الشباب ابتلوا بهذه الفعله ونسوا الصيام المأمور به عند الحالة، وأن بعضهم أخذ يخبرنا أن يصنع هيكلاً من القماش والقطن كهيئة قبل ودبر المرأة أو الفتاة وبهذا يطأ هذا الشباب هذا الهيكل بإيلاج ذكره فيه.. الخ؟
ج- الاستمناء باليد محرم في أصح أقوال أهل العلم، وهو قول جمهورهم لعموم قوله - تعالى - " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " (2) . فأثني - سبحانه وتعالى - على من حفظ فرجه فلم يقض وطره إلا مع زوجته أو أمته، وحكم من قضى وطره فيما وراء ذلك أيا كان فهو عاد متجاوز لما أحله الله له، ويدخل في عموم ذلك الاستمناء باليد، كما نبه على ذلك الحافظ أبن كثير وغيره، ولأن في استعماله مضار كثيرة وله عواقب وخيمة منها إنهاك القوى وضعف الأعصاب، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بمنع ما يضر الإنسان في دينه وبدنه وماله وعرضه.
قال الموفق ابن قدامة - رحمه الله - في كتابه المغني "ولو استمنى بيده فقد فعل محرماً ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل فإن أنزل فسد صومه لأنه في معنى القبلة" أهـ ومراده أنه في معنى القبلة إذا أنزل بسببها، أما القبل بدون إنزال فلا تفسد الصوم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوي (3) " أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء وهو أصح القولين في مذهب أحمد ولذلك يعزر من فعله وفي القول لآخر هو مكروه غير محرم وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره " أهـ. 

وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره أضواء البيان (1) ما نصه (المسألة الثالثة اعلم أنه لا شك في أن آية " قد أفلح المؤمنون " هذه التي هي " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " تدل بعمومها على منع الاستمناء باليد المعروف، بجلده عميرة ويقال له الخضخضة، لأن من تلذذ بيده حتى أنزل منيه بذلك قد ابتغى وراء ما أحله الله فهو من العادين بنص هذه الآية الكريمة المذكورة هنا وفي سورة سأل سائل، وقد ذكر ابن كثير أن الشافعي ومن تبعه استدلوا بهذه الآية على منع الاستمناء باليد.
وقال القرطبي قال محمد بن عبد الحكم سمعت حرملة بن عبد العزيز قال سألت مالكاً عن الرجل يجلد عميرة فتلا هذه الآية " والذين هم لفروجهم حافظون " إلى قوله " العادون " قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - الذي يظهر لي أن استدلال مالك والشافعي وغيرهما من أهل العلم بهذه الآية الكريمة على منع جلد عميرة الذي هو الاستمناء باليد استدلال صحيح بكتاب الله يدل عليه ظاهر القرآن. ولم يرد شيء يعارضه من كتاب ولا سنة وما روي عن الإمام أحمد مع علمه وجلالته وورعه من إباحة جلد عميرة مستدلاً على ذلك بالقياس قائلاً هو إخراج فضلة من البدن تدعو الضرورة إلى إخراجها فجاز قياساً على القصد والحجامة كما قال في ذلك بعض الشعراء.
إذا حللت يواد لا أنيس به ……فاجلد عميرة لا عار ولا حرج
فهو خلاف الصواب وإن كان قائلة في المنزلة المعروفة التي هو بها لأنه قياس يخالف ظاهر عموم القرآن، والقياس إن كان كذلك رد بالقادح المسمى فساد الاعتبار كما أوضحناه في هذا الكتاب المبارك مراراً، وذكرنا فيه قول صاحب مراقي السعود.
والخلف للنص أو إجماع دعا ……فساد الاعتبار كل من وعى
فالله - جل وعلا - قال " والذين هم لفروجهم حافظون " ولم يستثن من ذلك البتة إلا النوعين المذكورين في قوله - تعالى " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " وصرح برفع الملامة في عدم حفظ الفرج عن الزوجة والمملوكة فقط، ثم جاء بصيغة عامة شاملة لغير النوعين المذكورين دالة على المنع هو قوله " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " وهذا العموم لاشك أنه يتناول بظاهرة ناكح يده، وظاهر عموم القرآن لا يجوز العدول عنه إلا الدليل من كتاب أو سنة يجب الرجوع إليه، أما القياس المخالف له فهو فاسد الاعتبار كما أوضحنا والعلم عند الله تعالى " أهـ.
وقال أبو الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الحسني الإدريسي في كتابه الاستقصاء لأدلة في تحريم الاستمناء أو العادة السرية من الناحيتين والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى أن الاستمناء وبيان دليله ذهب المالكية والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى أن الاستنماء حرام وهذا هو المذهب الصحيح الذي لا يجوز القول بغيره وعليه أدلة كما تبين بحول الله تعالى
الدليل الأول
قول الله تعالى - " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ". وجه الدلالة من عليهم هذه الأية الكريمة ظاهر، فإن الله - تعالى - مدح المؤمنين بحفظهم لفروجهم، مما حرم عليهم وأخبر برفع الحرج واللوم عنهم في قربانهم لأزواجهم وإمائهم المملوكات لهم مستثنياً ذلك من عموم حفظ الفرج الذي مدحهم به ثم عقب بقوله - تعالى " فمن ابتغى " أي طلب " وراء ذلك " أي سوى ذلك المذكور من الأزواج والإماء " فأولئك هم العادون " أي الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام لأن العادي هو الذي يتجاوز الحد ومتجاوز ما حده الله ظالم بدليل قوله - تعالى " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ". فكانت هذه الآية عامة في تحريم ما عدا صنفى الأزواج والإماء، ولا شك أن الاستمناء غيرهما فهو حرام ومبتغيه ظالم بنص القرآن، ثم استرسل في ذكر الأدلة إلى أن قال " الدليل السادس ثبت في علم الطب أن الاستمناء يوؤث عدة أمراض أنه يضعف البصر ويقلل من حدته المعتادة إلى حد بعيد، ومنها يضعف عضو التناسل ويحدث فيه ارتخاء جزئياً أو كلياً بحيث يصير فاعله أشبه بالمرأة لفقده أهم مميزات الرجولة التي فضل الله بها الرجل على المرأة فهو لا يستطيع الزواج وإن فرض أنه تزوج فلا يستطيع القيام بالوظيفة الزوجية على الوجه المطلوب، فلا بد أن تتطلع امرأته إلى غيره لأنه لا يستطيع إعفافها وفي ذلك مفاسد لا تخفى.
ومنها أنه يورث ضعفا في الأعصاب عامة نتيجة الإجهاد الذي يحصل من تلك العملية. ومنها أنه يورث اضطرابا في آلة الهضم فيضعف عملها ويختل نظامها. ومنها أنه يوقف نمو الأعضاء خصوصا الإحليل والخصيتين فلا تصل إلى حد نموها الطبيعي. ومنها أنه يورث التهاباً منوياً في الخصيتين فيصير صاحبه سريع الإنزال إلى حد بعيد حيث ينزل بمجرد احتكاك شيء بذكره أقل احتكاك.
ومنها أنه يورث ألما في فقار الظهر وهو الصلب الذي يخرج منه المني وينشأ عن هذا الألم تقويس في الظهر وانحناء.
ومنها أنه يحل ماء فاعله فبعد أن يكون منيه غليظاً ثخينا كما هو المعتاد في مني الرجل يصير بهذه العملية رقيقاً خاليا ً من الدودات المنوية وربما تبقى في دويدات ضئيلة لا تقوى على التلقيح فيتكون منها جنين ضعيف، ولهذا نجد ولد المستمني - إن ولد له - ضعيفاً بادي الأمراض ليس كغيره من الأولاد الذين تولدوا من مني طبيعي.
ومنها أنه يروث رعشة في بعض الأعضاء كالرجلين.
ومنها أنه يورث ضعفاً في الغدد المخية فتضاعف القوة المدركة ويقل فهم فاعله بعد أن يكون ذكياً، وربما ضعف الغدد المخية إلى حد معه خبل في العقل أهـ.
وبذلك يتضح للسائل تحريم الاستمناء بغير شك للأدلة والمضار التي سبق ذكرها، ويلحق بذلك استخراجه بما يصنع على هيئة الفرج من القطن ونحوه، والله أعلم.
الشيخ ابن باز 














مصادر و المراجع :

١- فتاوى إسلامية

لأصحاب الفضيلة العلماء

سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ)

فضيلة الشيخ: محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ)

فضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (المتوفى: 1430هـ)

إضافة إلى اللجنة الدائمة، وقرارات المجمع الفقهي

المؤلف (جمع وترتيب) : محمد بن عبد العزيز بن عبد الله المسند

الناشر: دار الوطن للنشر، الرياض

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید