في 31 آذار/ مارس 2009، وعلى تقاطع مروري بالقرب من مدينة کربلاء في العراق، أسرعت سيارة نحو نقطة تفتيش يشرف عليها جنود فرقة المشاة الثالثة في الجيش الأميركي. كان قائد الفرقة، الكابتن روني جونسون (Capt . Ronny Johnson) قلقا. فقبل يومين فقط، كان ضابط في الجيش العراقي قد نقد عملية انتحارية من خلال تفجيره نقطة تفتيش مشابهة، ما تسبب بمقتل أربعة عناصر من فرقة المشاة ذاتها. أرسل جونسون رسالة لاسلكية إلى أحد الفصائل الأمامية في فرقته المتمركزة في مركبة القتال من طراز برادلي (Bradley Fighting Vehicle) لإبلاغهم بوجود خطر محتمل. واستمرت السيارة في التقدم سريعا نحو نقطة التفتيش. أعطي جونسون أمرا قائلا: أطلق رصاصة تحذيرية. ومع تزايد قلقه، كان الأمر التالي الذي أصدره هو إطلاق حزام ذخيرة سلاح الرشاش الأوتوماتيكي في اتجاه جهاز تبريد محرك المركبة المقترية. وعندما بدا له أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء، أعطى أمرا إلى ضباطه بان ايكفوا عن العبث! ومن ثم جار بصوت مرتفع في شبكة جهاز اللاسلكي قائلا: «أوقفوه، أحمر 1، أوقفوها وتبع هذا الأمر الأخير دوي إطلاق مدفعي
««أوقف إطلاق النار!، صرخ جونسون عبر اللاسلكي. ثم حين اطل بمنظاريه من التقاطع على الطريق السريع رقم 9، زار في وجه قائد الفصيل قائلا: «لقد قمت للتو زواطلق عبارة بذيئة بقتل عائلة لأنك لم تطلق طلقة تحذيرية في الوقت المناسبا (2)
قام مدفع الرشاش من طراز برادلي بتفجير سيارة تحمل نساء وأطفالا.
أما عدد المدنيين الذين تم الإبلاغ عن وجودهم داخل المركبة عندما قام الضرب الناري المكلف بتفجير هذفه فقد تباينت المعلومات بشأنه. واصدر البنتاغون بيانا يقول فيه إن المركبة كانت تحمل ثلاث عشرة امرأة وطفلا، سبعة منهم قتلوا في موقع التفجير. وليام برائيغن (william Braigin)، هو صحافي في جريدة واشنطن بوست، كان مع القوات وقت إطلاق النار، وقد تم الاعتماد على روايته بوصفه شاهد عيان في ما ذكر في النص أعلاه. أفاد وليام برانيغن أن خمسة عشر مدنيا عراقيا كانوا يركبون السيارة التي اقتربت من نقطة التفتيش، وأن عشرة منهم قد قتلوا مباشرة. وقد شهد بان خمسة من بين هؤلاء العشرة كانوا أطفالا يبدو أنهم دون سن الخامسة من العمر.
و اتفقت جميع التقارير التي تلت الحادثة على أن المركبة كانت مليئة بالمدنيين، وأنهم لم يكونوا يشكلون خطرا عسكريا، مثلما كان يخشي، وأن قتل هؤلاء الأبرياء، كان تصرا مريعا ويدعو إلى الأسف العميق.
وتبع ذلك إدانة دولية لهذه الوفيات في صفوف المدنيين العراقيين. إن هذا الاستنكار العام، ونحيب قائد الفرقة العسكرية عندما رأى أن «عائلة قد استهدفت، هي تجليات واضحة للمعتقد السائد بأن المعايير المتعلقة بالصواب والخطا، وبما هو اخلاقي وغير أخلاقي، تبقى موجودة حتى في خضم العنف والفوضى المرتبطين بالحروب. فالجنود على ارض المعركة كانوا وكلاء أخلاقيين وكان يتوقع منهم أن يتخذوا قرارات أخلاقية صعبة. ويؤدي تحليل هذه اللقطة التي توضح التشاور الأخلاني واصدار الأحكام الأخلاقية، إلى لفت انتباه نظرية العلاقات الدولية المعيارية إلى تحديد مبادي ومسؤوليات أخلاقية معينة وتقويمها. كما تركز أيضا على السياقات الأوسع المتعلقة بالمعنى، والتبرير، والقيمة، والولاء (الذي غالبا ما يكون منقسما)، والتي تكمن ضمنها المبادئ والمسؤوليات الأخلاقية.
هنالك عديد من المقاربات المختلفة لأخلاقيات الحرب، بعضهم يتبنى وجهات نظر دينية بينما يقوم بعضهم الآخر بتبني منطلقات علمانية محتملة). إن مجموعة الأفكار الغربية الأكثر نفوذا إلى يومنا هذا، والمتعلقة باخلاقيات الحرب، والتي انتجت مبادئ تم تقنينها عبر الزمن في المعاهدات والاتفاقات الدولية، عرف باسم النظام الفكري في الحرب العادلة (st war tradition)، والنظام الفكري في الحرب العادلة هو مكان تتم للانطلاق منه في محاولة فهم الفئات الأخلاقية التي أصبحت فاعلة عقب حادث قتل المدنيين العراقيين عند نقطة التفتيش في آذار/ مارس
2003
النظام الفكري في الحرب العادلة والمعيار الأخلاقي لحصانة غير المقاتلين
إن الفكر المتعلق بالحرب العادلة هو نتاج لحقب مختلفة من التطور التاريخي، وهو يستند إلى مجموعة متنوعة من المصادر، ويشتمل على آراء متفاوتة تتعلق بمفاهيم ومبادئ معينة، وفوق كل شيء فهو على الأغلب دائم التطور. لذلك فمن المنطقي الحديث عن النظام فكري، وليس عن انظرية منفردة حول الفكر المرتبط بالحرب العادلة (49). ويضع النظام الفكري هذا قيودا على استخدام القوة، وبذلك فهو معارض لمفهوم الحرب غير المقيدة (unrestrained war). إلا أنه يجيز أيضا استخدام القوة في ظروف معينة، وبذلك فإنه يضع في الوقت عينه نفسه ضد الشلمية (pacifism التي ترى أن الحرب خاطئة حتما من الناحية الأخلاقية. وقد تطور النظام الفكري في الحرب العادلة حول فتين لمبادئ ضبط النفس، عادة ما يتم تسميتهما بالمصطلحات اللاتينية jus ad bellum» والذي يعني الحكم على عدالة اللجوء إلى الحرب، و jus in bellow» أي المتعلق بالسلوك العادل في الحرب. أما مبدأ jas in bello الذي يخص احصانة غير المقاتلين»، أو «التمييزه، فهو الذي يمتلك أهمية رئيسة في فهم المشاورات الأخلاقية الصعبة، والردود الحماسية، لهذه القضية بالتحديد.
الكتاب المنتقي
الطبعة الثانية من كتاب مايکل والزر بعنوان الحروب العادلة وغير
العادلة: محاجة أخلاقية وتوضيحات من التاريخ (47)
الحروب العادلة وغير العادلة لمايكل والزر، هو الإسهام المعاصر في الفكر المتعلق بالحرب العادلة والذي يعد الأكثر نفوذا على الإطلاق. والأمر الذي دفع والزر إلى تأليف هذا الكتاب هو معارضته الشديدة للنهج الأميركي في فيتنام. وقد أراد أيضا أن يوضح انه يمكن المرء أن يقيم حجا أخلاقية عن الحرب، وأن ينحدى مدى عدالة سياسات وممارسات معينة، بطريقة لا يمكن إهمالها بوصفها ذاتية أو بوصفها تعبيرا عن المشاعر والتفضيلات الشخصية. فمن الممكن وصف، واستجواب، وتحليل، وإعادة صوغ أحكامنا وتبريراتنا المشتركة المتعلقة بالحرب بطريقة تكشف حقيقة التزاماتنا الأخلاقية الأكثر عمقا.
هذا بالضبط ما يفعله والزر في النسخة الثانية من عمله المتعلق بالنظام الفكري في الحرب العادلة. وخلال ذلك، يبتكر والزر مصطلحاته الخاصة به لفتتيه الرئيستين. فيستي والزر فئة jus ad bellum
المتعلقة باللجوء إلى الحرب) «النموذج المعياري القانوني legalist) (paradigm، أما فئة s in bello سز (والتي تتعلق بالسلوكات والممارسات العدائية) فيطلق عليها اصطلاح «ميثاق الحرب» (war convention). وإضافة إلى الطريقة التي يقوم من خلالها والزر، وبحذر، بكشف الستار عن المبادئ الأخلاقية في كل فئة من الفئات من خلال استكشاف حالات معينة من التاريخ، فإن إحدى أكثر خصائص هذا الكتاب إثارة للاهتمام هي التوتر الكامن بين وجهات النظر الكوزموبوليتانية والجماعتية
تتجلي کوزموبوليتانية والزر في تصوره المفضل لمبدأ حصانة غير المقاتلين، وفي تركيزه الرئيس على ميثاق الحرب. يدافع والزر عن حصانة غير المقاتلين من حيث إنسانيتهم الكامنة (وعلى الرغم من أنه لا توجد مساحة كافية لإعادة إحصائها هنا، إلا أن القصص التي رواها والزر عن الجنود العراة» (91) تعطي أمثلة توضيحية على هذا الموقف). من خلال كتابته في سياق مثال من الحرب العالمية الأولى، والتأكيد أنه يجب على الجنود إطلاق «الطلقات التحذيرية» لحماية مدنيي الأعداء حتى وإن عرض هذا الأمر حياة الجنود لخطر أكبر، يؤكد والزر أن هيكل الحقوق يقف مستقلا عن الولاء السياسي؛ فهو يرسخ التزامات ندين بها، إذا صح التعبير، للإنسانية نفسها ولبشر معينين وليس لإخواننا | المواطنين من الدولة نفسها فحسب» (19)
حتى مع وجود هذه الالتزامات الكوزموبوليتانية الواضحة، فإن والزر يبدو في بعض الأحيان وكأنه يتبني منظورا جماعتيا واقعيا. وهذا واضح تحديدا في معالجة والزر لاحالة الطوارئ القصوى» supreme) (emergency أو الموقف الذي يمكن من خلاله شرعيا وصف التدابير القصوى بأنها تدافع عن المجتمع السياسي، وهو ما يؤكده والزر 50). ويسأل والزر: «هل يمكن الجنود ورجال الدولة أن يتخطوا حقوق الناس الأبرياء ليلغوها من أجل مصلحة مجتمعهم السياسي الخاص بهم؟». وعلى الرغم من دفاعه المتعنت في السابق حول حصانة غير المقاتلين، والمتأصل في نظرية لحقوق الإنسان، فإنه يتنازل ويقول: «أنا مضطر للإجابة عن هذا السؤال بالإيجاب، مع أن جوابي هذا لا يخلو من التردد والقلق. إن «تردد والزر وقلقه، يخبراننا أنه على علم بهذا التوتر الموجود في عمله الفكري، وأنه ليس متأكدا من كيفية إيجاد حل لهذا التوتر. إن صراحة والزر في مواجهة مثل هذه التوترات تجعل كتاب الحروب العادلة وغير العادلة كتابا مهما وقيما ومثيرا. |
وفقا لمبدأ حصانة غير المقاتلين، فإن المقاتلين، من الناحية الأخلاقية، هم فقط الذين يقبلون كأهداف مقصودة للغنف المنظم. وهذا المبدأ هو مثال رائع على التحليل العقلي الديونطولوجي [المستند إلى المعيار الأخلاقيا, فهو ينص بقوة على أنه ينبغي عدم استهداف غير المقاتلين بتاتا، بغض النظر عن المزايا المتوقعة من اللجوء إلى الحرب العشوائية، في أي حالة معينة. والتمييز الناجم بين أهداف الهجوم المسموحة وتلك المحظورة، يفهم بأنه خاصية أساس لأخلاقيات الحرب.
مع ذلك، فإن مبدا حصانة غير المقاتلين ليس خاصية رئيسة لفكر الحرب العادلة فحسب، بل هو متضمن في القانون الدولي، ومشمول في اتفاقيات لاهاي لعام 1907، وفي اتفاقيات جنيف لعام 1949، وبشكل أكثر وضوحا في بروتوكولات اتفاقيات جنيف لعام 1977 (2)، وهو معيار اخلاقي بارز وقوي في السياسة الدولية. وإضافة إلى أن خرق هذا المبدأ قد نوبل بإدانة شبه عالمية، فثمة إدراك بأن الالتزام الصريح به ضروري إذا ما اريد لسلوك الشخص في الحرب بأن يعذ شرعيا. وقد صرح الرئيس بوش في بداية حرب العراق بان «حماية المدنيين الأبرياء هو التزام رئيس في خطتنا الحربية. عندما يقتل غير المقاتلين، يتم تقديم إيضاحات جادة التفسير أو إنكار هذه التجاوزات الواضحة؛ فمن أجل تبرئة الجهة التي أقدمت على الفعل، تقدم ادعاءات مثل الأضرار الجانبية (collateral damaee) وتستخدم عبارات مثل «بطريق الخطأ، (error)، وتكرر في بعض الأحيان التأكيدات أن أولئك المستهدفين قد انطبقت عليهم فعليا صفة المقاتلين الشرعية (9)، أو تعطي اسباب من أجل تجاوز هذا المعيار موقتا. وبالعودة إلى تعريف فروست لمصطلح «المعيار المستقرة (setled momm) في السياسة الدولية، فالأمر المهم هو أن الانتقاص [الإلغاء الجزئيا من مبدا حصانة غير المقاتلين يفهم حتما على أنه يتطلب تبريرا خاصا.
حادثة نقطة التفتيش والأضرار الجانبية
إن قتل النساء والأطفال العراقيين على نقطة التفتيش في آذار/ مارس 2003 هي قضية تحد لفكرة أن علينا واجبات تجاه أعدائنا، (أو أفراد المجتمع الذي بينه وبين مجتمعنا حالة حرب)، ما يتطلب منا منحهم مكانة أخلاقية مساوية لتلك التي تمنحها المواطنينا. ويجبرنا هذا أيضا على التشكيك في الطريقة التي يتم عادة من خلالها تطبيق مبدأ الحصانة لغير المقاتلين، وذلك في ضوء التزاماتنا الأخلاقية الأوسع، ويجبرنا أيضا على التفكير في إعادة النظر في هذه الطريقة. ..
من الواضح أن مقتل المدنيين عند نقطة التفتيش لم يكن متعمدا. وبالطبع، لا بد من أن الجنود قد أدركوا أن ثمة احتمالا لقتل مدنيين بالخطأ عندما أطلقوا النيران على المركبة؛ لأنهم لا يملكون إلا أن يتحزروا من من الممكن أن يكون بداخلها. ومع ذلك، يمكننا أن نفترض أنهم لم يريدوا قتل المدنيين. فمثل هذا التصرف لم يكن ليساهم في أي غاية عسكرية. في الواقع، وبما أن تجنب وقوع ضحايا في صفوف المدنيين كان ينظر إليه بوصفه أمرا أساسا في الحفاظ على شرعية مساعي الحرب، إذا فوجود قتلى في صفوف المدنيين كان سيري بالتأكيد بان له نتائج عكسية. علاوة على ذلك، فإذا تركنا جانبا السؤال المتعلق بشرعية الحرب ككل (الأمر الذي تنشده معظم منظري الحرب العادلة عند التفكير في حالات معينة من السلوك)، فإن فرقة المشاة الثالثة كانت تشترك في نشاط عسكري مشروع، وهو تأمين الحماية لتقاطع مروري بالقرب من كربلاء ومراقبة المركبات تحبا لوجود افراد من العصابات العراقية التي تشكل خطرا حقيقيا على القوات الأميركية
قد لا يتفق الأشخاص في ما بينهم حول كيفية تطبيق مبادئ الحرب العادلة على هذه الحادثة (تماما مثلما يختلفون في شأن النقاط الدقيقة المتعلقة بالمبادئ نفسها). إلا أن ثمة حجة قوية تقدم هنا وهي أنه لم يتم خرق الحظر التام المفروض على القتل المتعمد لغير المقاتلين، ولا خرق مبدا التناسبية، وحتى من دون الطلقات التحذيرية، والتي شدد عليها جونسون كثيرا، يمكن أن ينظر إلى الوفيات من المدنيين على أنها «أضرار جانبية»، وتاليا فهي مسموحة. إن فكرة أن الوفيات الجانبية في صفوف المدنيين جائزة أخلاقيا تعد بشكل عام خاصية متأصلة في المعيار المتعلق بحصانة غير المقاتلين، على الرغم من الطبيعة الجدلية لمبدا الأثر المزدوج (DDE الذي اعتمد عليه في إجازة هذا الفعل. ويتم بالتأكيد اللجوء بشكل متكرر إلى مفهوم الأضرار الجانبية من جانب ممارسي السياسات وصانعيها وكذلك من جانب الباحثين الأكاديميين، وعلى الرغم من ذلك، فقد كان هناك في هذه الحالة قلق واضح ضمن فرقة المشاة الثالثة بأن خطأ ما قد حصل. وقد كان هذا التخوف واضحا في المحاجات إن كان قد تم إطلاق عيارات نارية تحذيرية، وإن كان قد تم إطلاقها في الوقت المناسب. إن هذا الاستياء، مصحوبا بإدانة حادة من المراقبين الخارجيين، يلفت الأنظار إلى التوقعات الأخلاقية التي تذهب إلى أبعد من مجرد ضرورة أن يكون الضحايا من المدنيين آثارا جانبية متناسبة مع الأهداف المنشودة.
وفقا لمايكل والزر في إحدى كتاباته التي قدمها قبل حرب عام 2003 في العراق بكثير،
يفترض بالجنود أن يقبلوا (بعض) المجازفة من أجل حماية أرواح المدنيين ... إنهم هم الذين يشكلون خطرا على أرواح المدنيين في الأساس، وحتى وإن كانوا يقومون بهذا الشيء في سياق عمليات عسكرية مشروعة، ينبغي لهم مع ذلك بذل بعض من الجهد للحد من نطاق الأضرار التي يتسببون بها ... ليس اللطف هو المعني هنا، وإنما الواجب» (19)
بحاج والزر أن عدم وجود نية لقتل المدنيين ليس أمرا کافيا، وإنما يجب علينا أن نسعي بجدية إلى عدم قتلهم. بعبارة أخرى، من الضروري اتخاذ خطوات لتجنب قتل غير المقاتلين، حتى عندما يعني ذلك أن على الجنود أن يتقبلوا المخاطرة بأنفسهم خلال هذه العملية. واقترح والزر أن إعادة النظر في مبدأ الأثر المزدوج تجبرنا أن نسال عن المجازفات التي ينبغي للجنود أخذها على عاتقهم لحماية مدنيي «العدوة. ويعيدنا هذا إلى سؤال آخر کتا قد تطرقنا إليه سابقا في هذا الفصل، وهو: هل علينا واجبات أولا وقبل كل شيء تجاه إخواننا المواطنين من الدولة نفسها، أم أن علينا واجبات تجاه إخوتنا البشر بحد ذاتهم؟ مصادر القيم ونطاق الالتزامات
إن فكرة ضبط النفس في نهج الحرب، وتحديدا الدفاعات عن معيار حصانة غير المقاتلين، عادة ما يتم الدفاع عنها من وجهة نظر کوزموبوليتانية، وليس هذا بالأمر المفاجي؛ ذلك أن الكوزموبوليتاني پري أن لدى جميع الأشخاص مكانة أخلاقية متساوية، سواء أكان الشخص مواطنا من الدولة نفسها أم أجنبيا، حليفا أم عدوا. ومن هذا المنظور، فإن خصمنا في الحرب هو قبل كل شيء ا لنا في الإنسانية لبشر مثلنا]. وعلى الرغم من أن النظام الفكري في الحرب العادلة يمتلك إرثا ورثه عن الديانة المسيحية، إلا أن فكرة المجتمع الشامل للبشرية بأكملها هي فكرة مركزية التأويلات هذا الفكر المعاصرة والتي غالبا ما تكون علمانية. فالعدسة التي ينظر الكوزموبوليتاني من خلالها ستصور العراقيين الذين اقتربوا من نقطة التفتيش الأميركية في ربيع عام 2003 بصورة بشر انطبق عليهم حتما مبدا التمييز (discrimination). إضافة إلى ذلك، عندما أصبح احتمال كونهم مدنيين واضحا، فإن هذه العدسة الكوزموبوليتانية تولد توققا أخلاقيا يتمثل في أن يجازف الجنود بأنفسهم في سعيهم نحو حماية حصانة أولئك الآخرين. ويؤكد الكوزموبوليتاني أنه ينبغي حماية مدنيي العدو بجهد ليس أقل من ذلك الذي يبذل في حماية أولئك المدنيين الذين تركهم هؤلاء الجنود في وطنهم.
وبالطبع، فإن النظرة العامة الكوزموبوليتانية الأخلاقية ليست الوحيدة المتاحة لمنظر المعيارية في العلاقات الدولية. فالجماعتية تعطي تصورا آخر لافتا لمصدر قيمنا وكذلك لقوة أي واجب من واجباتنا التي قد ندين بها لأعدائنا. وتقوم الواقعية الجماعتية بتعيين مكامن القيم داخل مجتمع سياسي محدد، وبذلك فإنها تمنح درجة من الأهمية الأخلاقية للمواطنين من الدولة نفسها، والتي لا تتسع لتضع في الحسبان أولئك الذين هم خارج حدود الدولة، كما أنها لا يمكن أن نخاطر بفقدان هذه الأهمية الأخلاقية المواطنيها من خلال إعطاء اعتبار لمن هم خارج حدود الدولة، ويمكن للدلالات العملية المتعلقة بمثل هذه المواقف أن تكون بعيدة المدى عندما تكون الدولة قد دخلت في حرب. وعندما يتم النظر إلى المكانة الأخلاقية لغير المواطنين من خلال عدسة واقعية جماعتية، يتم تقييد هذه المكانة وتقليل الاهتمام والالتزام بها. وقد يعني هذا أنه قد تم التخلي عن المعايير الأخلاقية المتعلقة بضبط النفس. لكن الجدير بالذكر، هو أنه في إمكان الجدالات الأخلاقية المتعلقة بضبط النفس أن تجرى من وجهة نظر واقعية جماعية، إلا أنها مختلفة عن الدفاعات الكوزموبوليتانية. حتى إذا ما تم تقييد المكانة المعنوية لأعداء الشخص، أو إذا لم يتم الاعتراف بها على الإطلاق، فإن مواطني دولته يمنحون مكانة أخلاقية كاملة من وجهة نظر واقعية جماعية. لذا، من الممكن للواقعي الجماعتي أن بحاج بأنه ينبغي أن يجلب السكان المدنيون من الهجومات في أوقات الحروب. إن الحماية المرغوبة لغير المقاتلين من سكان دولة الشخص نفسها، مجتمعة مع السعي نحو المعاملة بالمثل، يمكن أن تحفز ممارسة ضبط النفس تجاه العدو، إلا أنه من الأهمية بمكان أن ننوه إلى أن هذا حافز ضعيف للتقيد بالمعايير الأخلاقية المتعلقة بضبط النفس مقارنة بالتزام الكوزموبوليتانيين بالطبيعة البشرية الكامنة للأعداء.
في ما يتعلق بالحرب في العراق وحادثة نقطة التفتيش، فإن كلتا النظرتين إلى العالم لافتة وتكشف عن أمور لم تكن ظاهرة. ومن المثير للجدل أن كلتيهما قد دخلتا حيز التشغيل حينما ووجه الجنود على نقطة التفتيش بالمشكلة المتعلقة بم سيفعلون. وتقوم وجهة النظر الكوزموبوليتانية بتفسير الأهمية التي تلقى على الطلقات التحذيرية، على الرغم من أن استراتيجية كهذه تعزض الزملاء من الجنود لمزيد من الخطر. وتبني نظرة أخلاقية للعالم من وجهة النظر الواقعية الجماعتية يسلط الضوء على الولاءات التي يحملها جنود طرفي الحرب تجاه مواطني دولتهم، وهكذا يكشف ذلك عن التوتر العميق بين تلك الولاءات ومعايير ضبط النفس التي برر من حيث إننا يجمعنا كوننا بشرا. وتعطى الواقعية الجماعتية تصورا للسبب الذي قد بدعو الشخص إلى إعطاء أولوية السلامة مجتمعه الخاص ومواطني دولته فوق أي اعتبار آخر مرتبط بالتزاماته في حماية مدنيي العدو، وذلك على سبيل المثال من خلال عدم إطلاقه الطلقة التحذيرية في الظروف القصوى. من هو المسؤول؟
اخيرا، ومن خلال تركيز نظرية العلاقات الدولية المعيارية على الفاعلية الأخلاقية، فإنها تخلق فضاء مفاهيميا لطرح سؤال من هو المسؤول، أو ما هو المسؤول؟» (96). وقد يتساءل المرء، على سبيل المثال، على عاتق من كانت المسؤولية ملقاة في التاكد من أن لا يتم قتل المدنيين على التقاطع المروري بالقرب من كربلاء، ومن الذي يمكن أن يلقي اللوم عليه إذا لم تطلق الطلقات التحذيرية، أو إذا لم يكن قد تم اتخاذ أي إجراءات احتياطية أخرى من أجل تجنب الوفيات في صفوف المدنيين، ولا يوجد جواب منفرد - أو سهل - عن هذه الأسئلة. ومن أجل أختام دراسة الحالة هذه، قد يكون من المفيد أن نقترح بعض الاحتمالات المفتوحة أمام منظري المعيارية في العلاقات الدولية لاستكشافها.
إن على الجنود منفردين، بوصفهم وكلاء أخلاقيين، التزامات في تامين حماية للمدنيين والأمر المثير للجدل هو أنه ينبغي للفرد أن يبدا " من خلال السؤال عما إذا كان الجنود الذين أطلقوا العيارات النارية التي قتلت النساء والأطفال عند نقطة التفتيش قد اتخذوا الإجراءات الوقائية اللازمة لتجنب الوفيات في صفوف المدنيين، أم أن المفجرين الانتحارين العراقيين كانوا مسؤولين عن تعريف المدنيين من مواطني دولتهم للخطر حين تنكروا بصورة راكبي دراجات نارية أبرياء في الأيام التي سبقت هذه الحادثة؟ وماذا عن الضابط الذي كان يعطي الأوامر؟ هل من الممكن أن تکون نداءات جونسون الحماسية عندما صرخ اوقفوها، قد فسرت امرا بالاستغناء عن إطلاق الطلقات التحذيرية والقضاء على مصدر التهديد؟ لكن قرار الشروع في الحرب من أعلى القمة بالتأكيد. فماذا إذا عن الحكومات وزعماء الدول؟ أخيرا، إلى أي حد يعد مواطنو الدول الديمقراطية الذين هم في راحة تامة وبعيدون كل البعد عن هذا النوع من عمليات إطلاق النار، مسؤولين اخلاقيا عن الوفيات من المدنيين التي تنجم عن الحروب التي تخوضها دولهم؟ وهل من الممكن تحميل مسؤولية، بعد، اکبر لبعض المواطنين (كطلاب الجامعات والمحاضرين فيها والذين يدرسون هذه القضايا مثلا) لعدم بذلهم جهدا أكبر في التأثير على حكوماتهم من اجل تبني مسارات أخرى؟
الاستنتاج
ماذا يمكن لهذه اللقطة السريعة المذكورة أعلاه، والتي تصور بضما من لحظات التوتر ذات النهاية المأساوية مع بداية الحرب في العراق، أن تخبرنا عن النظرية المعيارية في العلاقات الدولية، وعن العالم الذي نعيش فيه؟ لنبدأ بالنقطة الأكثر تحديدا، فإن الحالة هذه تسلط الضوء على الوزن الذي يعطي اللمعيار الأخلاقي لحصانة غير المقاتلين. وبشكل أعم، فإنها توضح أن للمعايير الأخلاقية تأثيرا كبيرا في السياسة الدولية؛ فهي المعايير الأخلاقية تحدد المبادئ والممارسات التي لدينا تجاهها التزام مدرك للتقيد بها، وبذلك تحت وتقيد سلوك الجهات الفاعلة على جميع المستويات. وهي لا تقوم ببذل جهد هائل في العالم العملي وحسب، وإنما تقدم ايضا حقائق لمنظر المعيارية في العلاقات الدولية من أجل دراستها. لذلك فمن المنطقي جدا أن نتحدث عن مهنة منظر المعيارية في العلاقات الدولية التي تتمثل في إعطاء نصور للمعايير الأخلاقية الدولية، ولو جزئيا في الأقل، وذلك كمسعى تجريبي لإمبيريقيا هذه المعايير هي أشياء يمكن مشاهدتها ودراستها حتى وإن كانت، بالنسبة إلى منظر المعيارية في العلاقات الدولية، أيضا أمورا يمكن تقويمها وتعديلها.
هذه الحادثة التي وقعت عند نقطة التفتيش أيضا سلط الضوء على الفكرة المحددة في أن على الجنود واجبات تتمثل في ممارسة ضبط النفس في الحرب. وهذه الواجبات قد تتطلب من الجنود أن يقبلوا المجازفة بأنفسهم وبمواطنيهم من اجل تامين حماية لأعدائهم. وبشكل أوسع، فهي توضح التوتر بين ولاءاتنا الأفراد المجتمع الذي ننتمي إليه، والتزاماتنا تجاه من هم بشر مثلنا. وهي تجبرنا على التفكير في كيفية تفسير وتبرير تأثيرات المعايير الأخلاقية المعينة بافضل طريقة ممكنة، وكيفية تحفيز الالتزام بها، وكيفية قيام الرؤى المختلفة للعالم باشتمال الآخرين وإقصائهم. ويرى المنظرون المعياريون في العلاقات الدولية هذه الأسئلة أساسية، غير أنهم لا يتوقفون في استقصائهم عند هذا الحد، فمن خلال تركيز المنظرين المعماريين في العلاقات الدولية انتباههم على أنظمة القيم والولاءات المتعددة التي تشكل إطارا للمبادئ والممارسات، فإنهم يشككون أيضا في فهمنا للخطوط الإرشادية الأخلاقية في السياسة الدولية، ويقومونها، وغالبا ما يسعون إلى تعديلها وإعادة تشكيلها.
علاوة على ذلك، فإن قتل المدنيين العراقيين بطرح أسئلة تتعلق بالمسؤولية الأخلاقية، أسئلة حول من، على سبيل المثال، من الممكن أن يلام على هذه الوفيات. فمثل هذه الأسئلة تتردد أصداؤها عاليا وجليا في العالم الحقيقي للعلاقات الدولية، مع أنه يتم التهرب منها في كثير من الأحيان داخل تخصص العلاقات الدولية، ونحن نتساءل دوما: من هم الذين لديهم التزام للقيام بأمر ما، أو من الذي يجب أن يتحمل المسؤولية على ضرر ما؟ وهذه قضايا حاسمة ومعقدة، وتقوم نظرية العلاقات الدولية المعيارية بمتابعة العالم الواقعي للسياسة الدولية من خلال الانتباه للأسئلة المتعلقة بالفاعلية الأخلاقية والمسؤولية الأخلاقية، ومن الجدير بالذكر أن نظرية العلاقات الدولية المعيارية تجبرنا على أن نطرح مجموعة من الأسئلة الإضافية حول دراسة الحالة، والتي لم يتم التطرق إليها هنا. على سبيل المثال، هل كانت الحرب في العراق حربا عادلة؟ هل يمكن تبريرها على أساس الدفاع عن النفس، أو ربما بوصفها ما يسمى بالحرب
الإنسانية؟ وهل ينبغي لنا أن نغير توقعاتنا الأخلاقية بشأن السلوك في الحرب في ضوء حقائق معينة كالمفجرين الانتحاريين مثلا؟ وكيف تقوم ردودنا على هذه الأسئلة بالتأثير في تحليلنا لإطلاق النار على المدنيين عند نقطة التفتيش؟
في الأساس، كانت نظرية العلاقات الدولية المعيارية بوصفها دراسة مستقلة ضمن تخصص العلاقات الدولية مدفوعة بالمشكلات التي تحيط بالحرب وباللامساواة العالمية، لكن المجال منذ ذلك الحين قد تطرق إلى مشکلات أخرى متعددة، وتشتمل هذه على مواضيع كالاحتباس الحراري (global Warming)، والتدخلات الإنسانية (humanitarian interventions). علاوة على ذلك، فإن قيام الحرب على الإرهاب، أدى إلى تنشيط الاهتمام في أخلاقيات الحرب، وأتي بمواضيع جديدة للدراسة، من بينها أخلاقيات التعذيب، والمسؤوليات الأخلاقية للمنظمات الاستخبارية، وعدالة القوة الوقائية، وواجباتنا تجاه الآخرين عقب الحروب، أي أثناء الاحتلال. ومن الواضح أن أيا من هذه القضايا والأفكار والتساؤلات التي تم سردها هنا، لن تظهر على شاشات راداراتنا كباحثين أكاديميين في تخصص العلاقات الدولية لو لم نعترف بأهمية البعد الأخلاقي للسياسة الدولية، وعلى الرغم من أن نظرية العلاقات الدولية المعيارية قد عوملت غالبا وكأنها تقع على المحيط الخارجي التخصص العلاقات الدولية، فإن القضايا التي تطرقت إليها هذه المجموعة من الأبحاث الأكاديمية متموضعة بثبات في قلب السياسة الدولية. وبالطبع، فإن نظرية العلاقات الدولية المعيارية نظم أولويات ورؤى نظرية لا يستطيع التخصص أن يتجاهلها إذا أراد أن يكون ذا معنى لأولئك الذين يدرسونه وذا صلة بالتطبيق على أرض الواقع.
أسئلة
1. ما هي الخصائص المميزة التي تأتي بها نظرية العلاقات الدولية المعيارية
إلى دراسة العلاقات الدولية؟
2. هل المعاير هي أشياء يمكنا التعرف إليها واستكشافها في العلاقات
الدولية، أم هي مجرد تكهنات؟
3. لماذا لم يكن تخصص العلاقات الدولية متقبلا للتطرق إلى المسائل الأخلاقية؟ وهل طرأ تغيير على هذا الأمر؟
4. ما هي بعض الأمثلة البارزة على المعايير الأخلاقية الدولية؟ وهل هي
معايير مستقرة، وفقا للتصنيف المعياري الخاص بفروست؟
5. هل ينبغي إعطاء الأجانب والمواطنين من دولة الشخص نفسها اعتبارات
اخلاقية متساوية؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا؟ وإذا كانت الإجابة بلا، فلم لا؟
6. على الرغم من أن المنظور الكوزموبوليتاني يفترض أن لدى البشر جميعهم
مكانة أخلاقية متساوية، فهل يمكن مع ذلك انتقاده لاستثنائه بعضا من
الآخرين؟ إذا كان ذلك ممكنا، فكيف؟ وإذا لم يكن ذلك ممكنا، فلم لا؟. يزعم بعض النقاد أن الحروب الجديدة، والأسلحة الجديدة، والأنواع
الجديدة من الأعداء قد جعلت النظام الفكري في الحرب العادلة شيئا من الماضي. هل لا تزال مبادئ الحرب العادلة والمتعلقة بضبط النفس مناسبة وقابلة للتطبيق؟ (قد ترغب في التفكير تحديدا في مبدا احصانة غير المقاتلين، أو «التمييزه، وفي الحقائق الحديثة مثل الحروب والإنسانية،،
و «المفجرين الانتحاريين، والجنود الأطفال).
8. هل تعتقد بأن التعذيب مسموح به أخلاقيا في أي ظرف معين؟ هل
تقوم بتطبيق التحليل العقلي الديونطولوجي أم النتائجي في الوصول إلى إجابتك؟
و. لماذا يعد مبدأ الأثر المزدوج مثيرا للجدل إلى هذا الحد؟ |
10. أي المنظورين الأخلاقيين يعطي تصورا أكثر إقناعا للسياسات التي تطبق
أثناء الحرب على الإرهاب، الكوزموبوليتانية أم المجتمعية؟ (فکر في السياسات، مثل تصنيف مقاتلي العدو غير الشرعيين»، وتعذيب
المحتجزين، وسياسة الحرب الوقائية). أعط تفسيرا لإجابتك.
11. هل ينبغي أن يعد مواطنو دولة ديمقراطية معينة مسؤولين أخلاقيا عن النهج
غير العادل لحرب تشترك فيها دولتهم؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا؟
وإذا كانت الإجابة بالنفي، فلم لا؟
12. ما هي الجهات الفاعلة في السياسة الدولية والتي عليها التزامات في
الاستجابة للتراجع البيئي والتغير المناخي؟ ما هي الطريقة الأكثر إقناعا في الدفاع عن مثل هذه الالتزامات؟
مزيد من القراءات (باللغة الإنكليزية]
Beitz, Charles R. Political Theory and International Relations, 2 d ed. Princeton, NJ; Princeton University Press, 1979 - 1999.
تشارلز بينز (1979/ 1999)، النظرية السياسية والعلاقات الدولية
هذا الكتاب هو مثال مهم على الكوزموبوليتانية الأخلاقية وأحد المحفزات البروز نظرية العلاقات الدولية المعيارية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين. ويستند تشارلز بيتز (Charles Beitz إلى كتاب جون رولز نظرية في العدالة (A Theory of Justice)، ويقترح وجود موقف أصلي، عولمي global) (original position» من أجل التطرق إلى الأسئلة المتعلقة بالعدالة التوزيعية
Brown, Chris, International Relations Theory New Normative Approaches. : London: Harvester Wheatsheaf, 1992.
ک ريس براون (1992)، نظرية العلاقات الدولية: مقاربات معمارية جديدة يشكل هذا العمل بذرة أساسية في مجال نظرية العلاقات الدولية المعيارية ويعد أفضل مقدمة متوفرة بشأن فئات الجماعية والكوزموبوليتانية. ومنذ نشر هذا العمل، جرى تطور للحوارات المتعلقة بالنظرية النقدية وما بعد الحداثة، والتي تم التطرق إليها في الجزء الثالث. مع ذلك، فالكتاب لا يزال يعد من القراءات الأساسية والضرورية.
Cochran, Molly. Normative Theory in International Relations: A Pragmatic Approach. Cambridge, MA: Cambridge University Press, 1999.
مولي کوتشران (1999)، النظرية المعمارية في العلاقات الدولية: مقاربة براغماتية
يعد هذا الكتاب مثالا ممتازا على الجيل الثاني، للنظرية المعيارية في العلاقات الدولية، ويستجيب مباشرة لأعمال منظرين أمثال براون، وفروست، ولينکلايتر، وتهدف کوتشران إلى التوفيق بين قطبي الانقسام المجتمعي الكوزموبوليتاني من خلال تبنيها موققا معاديا للأساسانية مستلهم من البراغماتية الأميركية.
Erskine, Toni (ed.), Can Institutions Have Responsibilities 2: Collective Moral Agency and International Relations. New York and Basingstoke: Palgrave Macmillan, 2003.
توني إرسکاين (2003)، هل يمكن أن يكون للمؤسسات مسؤوليات؟ الفاعل الأخلاقي الجماعي والعلاقات الدولية
مجموعة من المقالات ذات الجودة العالية والتي تقدم أجندة جديدة للنظرية المعيارية في العلاقات الدولية، ويسأل المساهمون في هذا الكتاب امن - أو ما - هي الجهات التي لديها مسؤوليات أخلاقية في العلاقات الدولية، ويستكشفون ما إذا كان من الممكن اعتبار أن المنظمات الرسمية فاعلة أخلاقية بطريقة قابلة للمقارنة بالجهات الفاعلة المتمثلة بالبشر كأفراد.
Frost, Mervyn. Ethics in International Relations. Cambridge, MA: Cambridge: University Press, 1996 ميرفن فروست (1996)، الأخلاقيات في العلاقات الدولية
هو مثال ذو تأثير لموقف مجتمعي معاصر في النظرية المعمارية في العلاقات الدولية. ويؤيد فروست موققا هيغليا جديدا لنسبة إلى الفيلسوف هيغل، يطلق عليه اسم النظرية التشكيلية constitutive theory»، ويهدف إلى التوفيق ما بين المعايير المستقرة لسيادة الدولة وحقوق الإنسان.
Hatour, Frances V, Thinking About International Ethics: Moral Theory and Cases from American Foreign Policy. Boulder, CO: Westview Press, 1999.
فرنسيس هاربر (9 و 19)، التفكير في الأخلاقيات الدولية: النظرية الأخلاقية وحالات من السياسة الخارجية الأميركية
هو مقدمة قيمة لفئات الديونطولوجيا والنتائجية في تطبيقاتها على العلاقات الدولية. ويقدم هاربر وجهات النظر الأخلاقية هذه أدوات لتحليل حالات في السياسة الخارجية الأميركية.
Nussbaum, Martha and Joshun Cohen (eds.). For Low of Country Boston, . MA: Beneon Press, 1996 - 2002,
مارنا نوسباوم وجوشوا کوهين (1996/ 2002)، من أجل حب الوطن؟
يشتمل هذا العمل على مقالات قصيرة ومثيرة للتفكير تقوم بالتفكر في الكوزموبوليتانية الأخلاقية ونقدها، ويعد هذا الكتاب ممتازا في استثارة النقاشات، وقد صيغ الحوار هنا على صورة منافسة بين الكوزموبوليتانية و «الوطنية» (patriotism)، ولكن تمت أيضا تغطية كثير من الموضوعات المتعلقة بالانقسام المجتمعي/ الكوزموبوليتاني للنظرية المعمارية في العلاقات الدولية، وبطريقة جذابة
O'Neill, Oonon, Fares of Hunger: An Essay on Poverty, Justice and Development. London: Allen and Unwin, 1986.
أونورا أونيل (1986)، وجوه الجوع: بحث في الفقر، والعدالة والتنمية هو مثال صريح على المقاربة الديونطولوجية للمجاعات والفقر في السياسة الدولية، والتي تصفها أونيل به النظرية الكانطية (المنشقة) في الالتزام» (
maverick» Kantian theory of obligation»). وهو يزودنا بمقارنة مفيدة بالمقاربة النتائجية الخاصة ببيتر سينغر (Peer Singer) (انظر أدناه).
:
Orend, Brian, The Morality of War, Peterborough, Ontario: Broadview Press, 2006,
براين أورند (2006)، أخلاقيات الحرب
هذا العمل الواضح والمنفتح هو تكملة ممتازة لكتاب مايکل والزر الرائع بعنوان الحروب العادلة وغير العادلة (Just amd Unjust Wars). كتاب أخلاقيات الحرب الذي تم نشره بعد ثلاثين عاما تقريبا من ظهور کتاب والزر لأول مرة، يقدم تحليلا محذئا ومواكبا للتطورات الزمنية حول القضايا التي تطرق إليها والزر، في الوقت الذي يقوم فيه بتقديم إسهام من ابتكاره عن فكر الحرب العادلة
Singer, Peter, wramine, Afluence, and Morality. Philosophy and Public -
229 - 243 .
fairs : vol , I , no . 3 , 1972 . pp
ہ
بيئر سينغر (1972)، «المجاعات، والوفرة، والأخلاقيات»، مجلة الفلسفة والشؤون العامة
وهو مثال فيه تحد ومثير للجدل، وكثيرا ما يستشهد به، عن المقاربات النتائجية لمشكلة المجاعات والفقر في السياسة الدولية، وهو يتبنى بالتحديد منظورا نفعا (utilitarian)، وسيتغر، مثله كمثل أونيل، هو فيلسوف قامت أخلاقياته التطبيقية بالمساعدة في التأثير بالأعمال الفكرية التي أنجزت في النظرية المعيارية في العلاقات الدولية
مواقع إلكترونية مهمة باللغة الإنكليزية)
• موسوعة ستانفورد في الفلسفة (Stanford Encyclopedia of Philosophy): هي مصدر إلكتروني رائع يحتوي على مقالات تمت مراجعتها وتحديثها من خبراء مختصين، حيث تعطي هذه المقالات نصورات متاحة وشاملة لطيف واسع من المفاهيم ذات الصلة بالنظرية المعيارية في العلاقات الدولية. انظر، على سبيل المثال، المدخلات المتعلقة بالحرب»، والعدالة الدولية»، والأخلاقيات الديونطولوجية» (htp
: / / plato . stanford . edu > الموقع الإلكتروني الخاص بمجلس كارنيغي في الأخلاقيات والشؤون الدولية The Carnegie Council on Ethics and International Affairs): يشتمل هذا الموقع على مكتبة قيمة من المطبوعات، والمواد السمعية والبصرية، والمقابلات، والمقالات، إضافة إلى قسم خاص بالمعلمين والطلاب، كلها تتعلق بموضوع القرارات الأخلاقية في الشؤون الدولية http
: / / www . scia . org
index.html>
• الموقع الإلكتروني الخاص بقسم الأخلاقيات الدولية International) (Ethics Section التابع لجمعية الدراسات الدولية International Studies) (Association، وهي أكبر مؤسسة في البحث الأكاديمي الذي يعنى بدراسة العلاقات الدولية: يقدم الموقع معلومات عن نشاط الباحثين الأكاديميين الذين يعملون في النظرية المعيارية في العلاقات الدولية / نظرية السياسة الدولية الأخلاقيات الدولية. ويشتمل هذا الموقع على ملخصات لكتب منشورة حديثا نخوض في الأخلاقيات الدولية
http : / / www . isanet . orgethics
قم بزيارة مركز المصادر الإلكتروني المرافق لهذا الكتاب للمزيد من المواد الإضافية الفائقة: <
http : / / www . oxfordtextbooks . co . uklore / dunne 2 e
/>
مصادر و المراجع :
١- نظرية العلاقات الدولية
المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث
المترجم: ديما الخضرا
الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت
الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016
تعليقات (1)
Zaproxy alias impedit expedita quisquam pariatur exercitationem. Nemo rerum eveniet dolores rem quia dignissimos.