إن الاقتصاد الصيني ينمو بتسارع لافت منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين، ويتوقع له عديد من الخبراء أن يستمر في النمو بنسبة مشابهة خلال العقود القليلة المقبلة. وإذا كان الأمر كذلك، فستنتهي الصين، بحجم سكانها الضخم، إلى امتلاك الوسائل لبناء جيش هائل جدا. ومن المؤكد تقريبا أنها ستصبح مركزا للنفوذ والقوة العسكريين، ولكن عما ستفعله الصين بقوتها العسكرية، وما ستكون ردة فعل الولايات المتحدة الأميركية والدول الآسيوية المجاورة على صعودها، فهذه تبقى أسئلة مفتوحة.
لا توجد إجابة واقعية بنيوية منفردة لهذه الأسئلة. فبعض النظريات الواقعية يتنبا بان صعود الصين سيؤدي إلى عدم استقرار خطر، بينما تقدم نظريات أخرى أسبانيا تدعو إلى الاعتقاد بأنه في إمكان الصين ذات القوة أن تكون لها علاقات سلمية نسبيا مع جيرانها ومع الولايات المتحدة الأميركية أيضا. ودعونا نضع في الحسبان بعضا من وجهات النظر المختلفة هذه، ولنبدأ بالواقعية الهجومية التي تتنبا بأن تدخل الصين الصاعدة والولايات المتحدة الأميركية في منافسة أمنية حاتة تحمل في طياتها احتمالات كبيرة لوقوع
صعود الصين وفقا للواقعية الهجومية
بحسب الواقعية الهجومية، يعد الهدف النهائي للقوى العظمى هو تحقيق الهيمنة، لأن هذا هو أفضل ضامن للبقاء. في الواقع، يستحيل تقريبا على أي دولة أن تحقق الهيمنة العالمية، لأن إبراز الدولة قوتها في أنحاء العالم وفي أقاليم القوى العظمى البعيدة، وكذلك الحفاظ عليها هناك، هما امران غاية في الصعوبة. وإن أفضل نتيجة يمكن أن تطمح الدولة للوصول إليها هي أن تصبح مهيمنا إقليميا، ما يعني السيطرة على المنطقة الجغرافية الخاصة بها. وقد فهم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأميركية وخلفاؤهم هذا المنطق وسعوا جاهدين إلى جعل الولايات المتحدة الأميركية القوة المسيطرة في النصف الغربي من الكرة الأرضية، وفي عام 1998 حققت الولايات المتحدة اخيرا هيمتها الإقليمية. ومع أن الولايات المتحدة الأميركية قد أصبحت أكثر قوة منذ تلك الحقبة، وهي اليوم أقوى دولة في النظام، إلا أنها ليست مهيمنا عالميا.
وثمة هدف إضافي للدول التي تحقق هيمنة إقليمية، وهو أنها تسعى إلى منع القوى العظمى في مناطق جغرافية أخرى من تحقيق المكانة نفسها التي وصلت هي إليها. فالقوى المهيمنة الإقليمية لا ترغب في وجود نظراء منافسين لها، لكنها ترغب في أن تبقي الأقاليم الأخرى مقسمة بين دول كبري عدة، ستقوم عندئذ بالتنافس في ما بينها بحيث لا تكون في موقع يسمح لها بأن تركز على المهيمن الإقليمي. وبناء عليه، فبعد أن حققت الولايات المتحدة الأميركية سيطرة إقليمية، بذلت قصارى جهدها لمنع القوى العظمى الأخرى من السيطرة على آسيا وأوروبا، وقد كانت هنالك أربع قوى عظمى في القرن العشرين تمتلك القدرة على محاولة تحقيق الهيمنة الإقليمية، وهي: الإمبراطورية الألمانية (1900 - 1918)، والإمبراطورية اليابانية (1931 - 1945)، وألمانيا النازية (1933 - 1945)، والاتحاد السوفياتي (1945 - 1989). وفي كل حالة منها، أتت الولايات المتحدة الأميركية دورا رئيسا في إيقاع الهزيمة بتلك القوى الطامحة إلى الهيمنة، وتفكيكها. باختصار، فإن الوضع المثالي بالنسبة إلى أي قوة عظمى هو أن تكون المهيمن الإقليمي الوحيد في العالم.
وإذا كان ما تقوله الواقعية الهجومية صحيحا، فعلينا أن نتوقع من الصين الصاعدة أن تقلد الولايات المتحدة الأميركية فتحاول أن تكون مهيمنا إقليميا في آسيا، وستسعى الصين إلى توسيع فجوة القوة إلى أقصى حد بينها وبين جاراتها، ولا سيما اليابان وروسيا. وشريد الصين أن تتأكد من أنها بالغة القوة إلى حد أن لا يكون لدي أي دولة في آسيا الوسائل التهديدها، ومن المحتمل أن تحاول الصين ذات القوة المتزايدة، أن تدفع بالقوات العسكرية الأميركية خارج آسيا، بالطريقة نفسها التي دفعت من خلالها الولايات المتحدة الأميركية بالقوى العظمى الأوروبية خارج النصف الغربي من الكرة الأرضية في القرن التاسع عشر. ويمكن أن نتوقع أيضا أن تبتكر الصين نسختها الخاصة بها من مبدا مونرو (Monroe Doctrine).
من وجهة نظر الصين، تعد هذه الأهداف السياسائية منطقية من الناحية الاستراتيجية. فمن الطبيعي أن ترغب بيجين في أن تكون جارتاها اليابان وروسيا ضعيفتين عسكريا، تماما كما تفضل الولايات المتحدة الأميركية أن تكون على حدودها دولتان ضعيفتان عسکريا ککندا والمكسيك. ويتذكر جميع الصينيين ما حصل في القرن الماضي عندما كانت اليابان قوية والصين ضعيفة. وعلاوة على ذلك، ليس من سبب يدعو الصين القوية إلى قبول وجود قوات عسكرية أميركية فاعلة في فناء بيتها. وصناع السياسات الأميركية يستشيطون غيظا عندما ترسل أي من القوى العظمى الأخرى قواتها العسكرية إلى النصف الغربي من الكرة الأرضية، فهذا من دون شك ينظر إليه على أنه تهديد محتمل لأمن الولايات المتحدة. وينبغي أن ينطبق المنطق نفسه على الصين
يتضح من السجل التاريخي كيف ستكون ردود أفعال صناع السياسات الأميركية إذا ما حاولت الصين السيطرة على آسيا. فالولايات المتحدة الأميركية لا تتحمل وجود نظراء منافسين لها، وقد أوضحت ذلك خلال القرن العشرين؛ فهي مصممة على أن تبقى هي المهيمن الإقليمي الوحيد. لذا ستسعى الولايات المتحدة الأميركية جاهدة إلى كبح جماح الصين وإضعافها إلى حد لا تعود تشكل فيه تهديدا بالسيطرة على القمم الآمرة في آسيا، وخلاصة القول إنه من المرجح أن تتعامل الولايات المتحدة الأميركية مع الصين بالطريقة نفسها تقريبا التي تعاملت بها مع الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة. ومن المؤكد أن الدول المجاورة للصين نخشى صعودها أيضا، وهي كذلك ستفعل ما في وسعها لمنع الصين من تحقيق الهيمنة الإقليمية. في الواقع، هناك دلائل على أن دولا کالهند واليابان وروسيا، إضافة إلى قوى أصغر کسنغافورة، وكوريا الجنوبية، وفيتنام، تخشي صعود الصين، وهي تبحث عن طرائق لكبح جماحها. وفي النهاية، ستنضم هذه الدول إلى تحالف توازني تقوده الولايات المتحدة لإيقاف صعود الصين، تماما كما حصل عندما قامت بريطانيا، وفرنسا، والمانيا، وإيطاليا، واليابان، وحتى الصين بالتحالف عسكريا مع الولايات المتحدة الأميركية لتطويق الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة. صعود الصين وفقا للواقعية الدفاعية
على النقيض من الواقعية الهجومية، تقدم الواقعية الدفاعية رواية أكثر تفاؤلا عن صعود الصين. بالتأكيد، يدرك الواقعيون الدفاعيون أن النظام الدولي يخلق حوافز قوية للدول کي ترغب في زيادات إضافية في قوتها
حتى تضمن بقاءها. والصين الجبارة لن تكون استثناء لذلك؛ فهي ستبحث عن فرص لتحويل ميزان القوي لمصلحتها، علاوة على ذلك، ستضطر الدول المجاورة لكل من الولايات المتحدة الأميركية والصين أن توازن ضد الصين کي تبقيها تحت السيطرة. ولن تختفي المنافسة الأمنية تماما من آسيا مع نمو قوة الصين؛ فالواقعيون الدفاعيون ليسوا مثاليين حالمين.
على الرغم من ذلك، فإن الواقعية الدفاعية تعطينا سببا للاعتقاد بأن المنافسة الأمنية التي تحيط بصعود الصين لن تكون حادة، وبأن الصين ستكون قادرة على التعايش بسلام مع جاراتها ومع الولايات المتحدة الأميركية على حد سواء. بداية، من غير المعقول استراتيجيا أن تسعي الدول العظمى إلى تحقيق الهيمنة، ذلك لأن القوى المنافسة لها ستشكل تحالفا توازيا ونتصدى لها، أو حتى أنها قد تسحقها. وما هو أكثر دهاء بالنسبة إلى زعماء الصين هو أن يتصرفوا مثل بسمارك الذي لم يحاول قط أن يسيطر على أوروبا، لكنه على الرغم من ذلك جعل ألمانيا عظيمة، بدلا من التصرف مثل الإمبراطور فيلهلم (Kaiser Wilhelm أو أدولف هتلر Adolf) (Hitler اللذين حاول كل منهما تحقيق الهيمنة وقادا ألمانيا إلى الدمار، وليس في هذا إنكار لحقيقة أن الصين ستسعى إلى الحصول على قوة في آسيا. لكن بنية النظام تفرض عليها أن تكون أهدافها محدودة؛ فهي لن تكون بتلك الحماقة إلى حد أن تحاول زيادة حصتها من القوة العالمية إلى أقصى حد. ويفترض أن احتواء الصين القوية ذات الشهية المحدودة سيكون أمرا سهلا نسبيا، وكذلك الحال بالنسبة إلى إشراكها في المساعي التعاونية.
ووجود الأسلحة النووية هو سبب آخر يدعو إلى التفاؤل، إذ من الصعب على أي قوة عظمى أن تتوسع عندما تواجه بقوى أخرى تملك أسلحة نووية. فالهند، وروسيا، والولايات المتحدة الأميركية تمتلك
جميعها ترسانات نووية، وفي إمكان اليابان أن تتحول بسرعة إلى دولة نووية إذا ما شعرت بخطر يتهددها من الصين. ويصبح من المرجح أن تشكل هذه الدول نواة التحالف توازني مضاد للصين، عندئذ لن يكون سهلا على الصين تخويفها طالما أن لديها أسلحة نووية. في الواقع، فإنه من المرجح أن تتصرف الصين بحذر تجاه هذه الدول لخوفها من إشعال صراع قد يتصاعد ليصل إلى المستوى النووي. وباختصار، فإن الأسلحة النووية ستكون قوة تدفع باتجاه السلام إذا استمرت الصين بالصعود.
أخيرا، تصعب رؤية ما ستجنية الصين من خلال غزوها دولا آسيوية أخرى، فاقتصاد الصين بات ينمو بتسارع مذهل من دون وجود استثمارات أجنبية، مبرها على أن الغزو ليس لازما من أجل تجميع ثروة كبيرة. علاوة على ذلك، فإذا بدأت الصين بغزو الدول واحتلالها، فستلاقي على الأغلب مواجهة ضارية من الشعوب التي تقع تحت سيطرتها. وينبغي أن تكون تجربة على الرغمي
، فإن الواقعين
في دفع بيجين
ا لامبريالية، واليابان
الولايات المتحدة في العراق بمنزلة تحذير للصين بأن تكاليف التوسع في عصر القومية تفوق الفوائد التي تجني من ورائه.
على الرغم من أن هذه الاعتبارات تشير إلى أن صعود الصين يجب أن يكون سلميا نسبيا، فإن الواقعيين الدفاعيين يضعون في الحسبان احتمال أن تتسبب العوامل السياسية الداخلية في دفع بيجين إلى التصرف بحماقة من الناحية الاستراتيجية؛ إذ إنهم يدركون أن ألمانيا الإمبريالية، واليابان الإمبريالية، والمانيا النازية، قد حاولت بغير حكمة منها تحقيق الهيمنة. لكنهم يؤكدون أن سلوك القوى العظمى تلك كان مدفوعا بامراض سياسية داخلية، وليس بمنطق استراتيجي سليم. وبما أن ذلك قد يكون صحيحا، فإنه يترك المجال مفتوحا أمام احتمال أن تتبع الصين سبيلا مماثلا، وفي تلك الحالة لن يكون صعود الصين سلميا.
وهنالك رؤي واقعية بنيوية أخرى لتقويم إن كان صعود الصين سيكون سلميا أم لا. فإذا كان العالم أحادي القطب، كما يجادل بعض الواقعيين البنيويين، إذا سيعمل نمو قوة الصين في نهاية المطاف على وضع حد للأحادية القطبية، وعندما يحصل ذلك، سيتحول العالم إلى مكان أكثر خطرا، وذلك لأن وقوع حرب بين القوى العظمي في الأحادية القطبية غير ممكن، لكنه ممكن بالتأكيد إذا كانت الصين والولايات المتحدة الأميركية كلتاهما قوتين عظميين. إضافة إلى ذلك، فإذا حصلت اليابان على اسلحة نووية، ورتبت روسيا شؤونها الداخلية، واستمرت الهند في الصعود، سيكون هنالك عدد لا بأس به من القوى العظمى في النظام، ما سيضاعف من احتمال وقوع صراع بين القوى العظمي.
قطعا، قد يثار جدل في أن صعود الصين سيؤدي إلى ثنائية قطبية، وهي بنية مسالمة نسبيا، حتى وإن لم تكن بهدوء الأحادية القطبية نفسها. فمثلا، لم تقع أي حروب قتالية بين القوتين العظميين أثناء الحرب الباردة. وبالطبع، فإن المنافسة الأمنية بينهما لم تكن شديدة الحدة بعد أزمة الصواريخ الكوبية. فقد كان الوضع أكثر خطورة قبل ذلك الوقت، والسبب الرئيس هو أنه كان على الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي مواجهة الثورة النووية، وكان عليهما أيضا تعلم قواعد السير لتعامل إحداهما مع الأخرى في ظل الثنائية القطبية، والتي كانت آنذاك بنية جديدة وغير مألوفة. إلا أن الصين والولايات المتحدة الأميركية ستنتفعان من كل تلك الدروس التي جرى تعلمها خلال الحرب الباردة، وباستطاعة إحداهما التعامل مع الأخرى من البداية بالطريقة نفسها التي تعاملت بها موسكو مع واشنطن بعد عام 1962.
لا يجمع الواقعيون البنيويون على قبول الحجة بأن الثنائية القطبية ميالة إلى السلم أكثر من التعددية القطبية؛ فهم يرون أن العودة إلى الثنائية القطبية ستكون مدعاة للتشاوم. أما إذا صاحب صعود الصين ظهور قوى عظمي أخرى، فإن التعددية القطبية الناجمة ستعطي هؤلاء الواقعيين سبا اکبر يدعوهم إلى التفاؤل.
أخيرا، وبالنسبة إلى الواقعيين البنيويين الذين يعتقدون بأن التفوق الرجحان يولد السلم، يعد صعود الصين خبرا مشؤوما. فهم يجادلون بأنه قد كان لقوة الولايات المتحدة تأثير في إحلال التهدئة على السياسة الدولية. ولا يوجد هناك أي قوة عظمى أخرى، ولا قوة صغيرة طبقا، تجرؤ على أن تفتعل عراگا مع الولايات المتحدة الأميركية ما دامت تجلس على قمة القوى العالمية. لكن من الواضح أن ذلك الوضع سيتغير إذا ما وصلت الصين إلى حد تكون فيه تقريبا بقوة الولايات المتحدة الأميركية. ومن المؤكد أن التفوق سيزول، ومن دونه سيكون العالم مكانا أخطر بكثير. وبالطبع، سيجادل أولئك الواقعيون بأنه سيكون لدى الولايات المتحدة الأميركية دوافع قوية لشن حرب وقائية ضد الصين کي تحبط صعودها.
باختصار، لا يوجد إجماع بين الواقعين البنيويين إن كان في إمكان الصين الصعود بسلمية. وتنوع وجهات النظر هذا ليس بالأمر المستغرب بما أن هؤلاء الواقعيين أنفسهم يختلفون في ما بينهم حول مقدار القوة الذي ينبغي للدول أن تتوخاه، إضافة إلى اختلافهم في شأن الأسباب التي تؤدي إلى الحروب، والنقطة المهمة الوحيدة التي يتفقون عليها هي أن بنية النظام الدولي جبر القوى العظمى على التنافس في ما بينها من أجل القوة.
الاستنتاج
لقد كان مألوا خلال تسعينيات القرن العشرين أن صرح العلماء والباحثون الأكاديميون بأن العالم يتحول إلى صيرورة أكثر سلمية بشكل سريع، وبأن الواقعية قد مانت. وقد قيل إن السياسة الدولية قد تحولت مع نهاية الحرب الباردة، ويفترض أن عولمة النواحي الاقتصادية كانت تربط الدولة بروابط مركبة؛ حتى أن بعضهم تنبا بزوال الدولة الوشيك. وقد جادل آخرون بان نخبة الغرب أصبحت، ولأول مرة، تفكر بالسياسة الدولية وتتحدث عنها بعبارات أكثر تعاونا وتفاؤلا، وبأن عولمة المعارف كانت تساعد على انتشار ذلك النهج الجديد.
وقد جادل كثيرون بأن الديمقراطية في انتشار متزايد في أنحاء الكون، ولأن الديمقراطيات لا يقاتل بعضها بعضا، فإننا قد وصلنا إلى نهاية التاريخ
تتم مناقشة الليبرالية الكلاسيكية في الفصل الخامس). إلا أن آخرين قد زعموا أن المؤسسات الدولية أصبحت أخيرا تطور قدراتها في جعل القوى الكبرى تصرف وفقا للحكم القانون، وليس وفقا لما تمليه الواقعية
في أعقاب الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، تفاءل ذلك التفاؤل، حتى إنه قد يكون اختفي نهائيا، وعادت الواقعية بقوة من جديد. وقد كان السبب في إعادة إحيائها يعود جزئيا إلى حقيقة أن كل واقعي تقريبا كان معارضا لحرب العراق التي تحولت إلى كارثة استراتيجية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، لكن الأهم، هو أنه ليس ثمة سبب كبير يدعو إلى الاعتقاد بأن العولمة أو المؤسسات الدولية قد أعاقت الدولة، لا بل يبدو أن هنالك مستقبلا باهرا للدولة، وذلك أساسا لأن القومية، والتي تمجد الدولة، هي بالتأكيد أيديولوجية سياسية راسخة، وحتى في أوروبا الغربية، حيث أصبح هنالك تكامل اقتصادي لا سابق له، لا تزال الدولة على قيد الحياة وفي صحة جيدة.
إضافة إلى ذلك، لا تزال القوة العسكرية عاملا حاسما في السياسة الدولية. وقد اشتركت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، وهما أعظم ديمقراطيتين ليبراليتين في العالم، في خمس حروب معا منذ انتهاء الحرب الباردة في عام 1989. وتذكرنا كل من إيران وكوريا الشمالية بأن الانتشار النووي يبقى مشكلة كبيرة، وبأنه ليس من الصعب تصور سيناريوهات معقولة ينتهي فيها المطاف بالهند والباكستان إلى الدخول في حرب قتالية ستخدم فيها الأسلحة النووية، ومن المحتمل أيضا، مع أنه غير مرجح، أن جز الصين والولايات المتحدة الأميركية إلى حرب حول تايوان، أو حتى حول كوريا الشمالية. وفي ما يتعلق بصعود الصين، فحتى أولئك التفاؤليين يعترفون بأن ثمة احتمالا لحدوث اضطرابات خطيرة في حال تم التعامل بطريقة سيئة مع السياسات المتعلقة بذلك التحول العميق في القوة العالمية
خلاصة القول، إن العالم يبقى مكانا خطرا، على الرغم من أن مستوي الخطر يختلف من مكان إلى آخر ومن وقت إلى آخر. ولا تزال الدول قلقة بشأن بقائها، ما يعني أنه ليس لديها كثير من الخيارات سوى أن تنتبه إلى ميزان القوي. ولا تزال السياسة الدولية مرادفة لسياسة القوى، وذلك كما هو الحال عليه منذ بداية التاريخ المدون إلى يومنا الحاضر. لذا، يتعين على طلبة تخصص العلاقات الدولية أن يفكروا مطولا وباجتهاد في مفهوم القوة، وأن يطوروا وجهات النظر الخاصة بهم حول ما يدعو الدول للسعي إلى القوة، وما هو مقدار القوة الذي يعد كافيا، ومتى يرجح أن تقود المنافسة الأمنية إلى حرب. إن التفكير بذكاء في هذه القضايا ضروري لتطوير استراتيجيات ذكية وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع من خلالها الدول أن تخفف من مخاطر الفوضى الدولية.
أسئلة
1. لماذا تخشى الدول في حالة الفوضى الدولية بعضها من بعضها الآخر؟ |
2. هل هناك طريقة فعالة يعتمد عليها في تحديد نوايا الدول؟
3. هل يرجح أن يبدو صعود الصين مثل صعود ألمانيا بين عامي 1900 و 45 19؟
4. هل من المنطق أن تسعى الدول إلى تحقيق الهيمنة؟
5. لماذا لم تكن الحرب الباردة حريا ساخنة؟
6. هل يصح أن نفترض أن الدول عقلانية؟
7.هل يعد التوازن رادعا فعالا ضد الدول العدوانية؟
8. ما هي معضلة الأمن، وهل هناك حل لها؟
9. هل تعد الولايات المتحدة الأميركية مهيمنا عالميا؟
10. هل تعد الأحادية القطبية أكثر سلمية من الثنائية القطبية أو التعددية القطبية؟
11. هل تعد الواقعية ذات صلة بأوروبا المعاصرة؟
12. ما هي تراجيديا سياسة القوى العظمي؟
مزيد من القراءات (باللغة الإنكليزية]
Brown, Michael E. et al. (eds.). Opense. Defense, and War, Cambridge, MA: MIT Press, 2004. (International Security Reader).
مايکل براون، وأوين کونيه جونيور، وشون لن جونز، وستيف مبلر (2004)، الهجوم، والدفاع، والحرب.
يحتوي هذه الكتاب على مقالات مهمة وأساسية لواقعيين بنيويين، ويتضمن مقالة روبرت جيرفس (Robert Jervis) التي تعد بذرة أساسية في هذا المجال وعنوانها «التعاون في ظل المعضلة الأمنية، Cooperation under the) (Security Dilemma التي نشرت في مجلة السياسة العالمية (World Politics) في عام 1978.
Copeland, Dale C. The Origins of Major War. Ithaca, NY: Cornell University - Press, 2000.
دايل کوبلاند (2000)، أصول الحروب الكبرى.
موجز رفيع المستوى للادعاء بأن الحروب الكبرى تسببها تغيرات حادة في ميزان القوى.
Dickinson, G. L, The European Anarcity, New York: Macmillan Company, | 1916.
غولدزوورثي ديکنسون (1916)، الفوضى الأوروبية. کتاب قصير لكنه رائع، يعرف بمفهوم الفوضى الدولية.
Dunne, Tim and Brian C, Schmidt. «Realism. in: John Bay is and Steve Smith (eds.). The Globalization of World Politics, 3 ed. Oxford: Oxford University Press, 2004.
تيم دان، و بر اين شميت (2004)، «الواقعية»، في كتاب جون بايليس وستيف سميث بعنوان عولمة السياسة العالمية.
فصل مبسط وسهل الفهم يرسم مخططا للحوارات الرئيسة التي تتحدث عن الواقعية والموضوعات المتعلقة بها
Mearsheimer, John J. The Tragedy of Great Power Politics, New York: : Norton Books, 2001.
جون ميرشايمر (2001)، تراجيديا سياسة القوى العظمي الرواية الأكثر شمولية للواقعية الهجومية.
Posen, Buy R. Tie Sources of Military Doctrine: France, Britain, and Germany between the World Wars. Ithaca, NY: Cornell University Press, 1984.
باري بوزن (1984)، مصادر المذهب العسكري.
کتاب ذكي يستعرض محدوديات الواقعية البنيوية في تفسير المذهب العسكري.
Schmidt, Brian. The Political Discourse of Anarchy: A Disciplinary History of International Relations. Albany: State University of New York Press, 1998.
بر اين شميت (1988)، الخطاب السياسي في الفوضي
تاريخ السنين الأولى من عمر تخصص العلاقات الدولية يعرض سيطرة الواقعية.
Snyder, Jack L Mvilis of Empire: Domestic Politics and International : Anibition. Ithaca, NY: Comell University Press, 1991.
جاك سنايدر (1991)، أساطير الإمبراطورية: السياسة المحلية والطموح الدولي.
دراسات ممتازة لحالات تتعلق بالطرائق التي تصرفت بها القوى العظمي في القرن العشرين من وجهة نظر الواقعية الدفاعية.
Van Evera, Stephen, Causes of War: Power and the Roots of Conflict. Ithaca, : NY: Cornell University Press, 1999.
ستيفن فان إيفيرا (1999)، مسببات الحرب: القوة وجذور الصراع. دراسة مهمة تجادل بأن ميزان الهجوم والدفاع يفسر كثيرا من التاريخ
الدولي
Walt, Stephen M, The Origins of Alliances. Ithaca NY: Cornell University Press, 1987,
ستيفن والت (1987)، أصول التحالفات. عمل مؤثر عن سيطرة السلوك التوازني في السياسة الدولية.
Waltz, Kenneth N. Theory of International Politics. London: McGraw-Hill; 1 New York: Random House Reading, MA: Addison-Wesley, 1979,
ک ي نيث والتر (1979)، نظرية السياسة الدولية. بعد هذا الكتاب نواة تحدد أسس الواقعية البنيوية ولكن بطابع واقعي
دفاعي
مواقع إلكترونية مهمة باللغة الإنكليزية]
، مقابلات مع روبرت جيرفس، وجون ميرشايمر، وستيفن والت، وکينيث والتز، <
http : / / globetrotter . berkeley . edu / conversations / alpha . html
> : مقدمة في الواقعية، _
http : / / www . geocities . com / virtualwarcollege / ir
>
realism,htm>.
: موقع coalition for a Realistic Foreign Policy (التحالف من أجل سياسة خارجية واقعية) يحاول دفع السياسة الخارجية الأميركية في اتجاه واقعي،
< http://www.realistic foreign policy.org>.
قم بزيارة مركز المصادر الإلكتروني المرافق لهذا الكتاب للمزيد من المواد الإضافية الشائقة <
http : / / www . oxfordtextbooks . co . uk / ore / dumne 2 e
مصادر و المراجع :
١- نظرية العلاقات الدولية
المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث
المترجم: ديما الخضرا
الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت
الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016
تعليقات (0)