المنشورات

التكامل الاقتصادي

إن من أكبر الأسباب التي أدت إلى الزيادة في اعداد الدكتاتوريات هو انهيار الاقتصاد العالمي في ثلاثينيات القرن العشرين والكساد الكبير، وقد حاولت الحكومات حماية دخول مواطنيها من خلال الفرض التنافسي للتعرفات الجمركية (أي تنافسها في فرض التعرفات والحواجز التجارية الأخرى، حيث فضلت أن تحافظ على الوظائف داخل الدولة بدلا من استيراد البضائع التي أنتجتها عمالة أجنبية. ولهذا النوع من السياسات الاقتصادية اساسه في ممارسات القرن الثامن عشر المتعلقة بمذهب التجاريين أو الاتجارية المركنتيلية] mercantilism) التي تسعى إلى تقوية امن الدولة من خلال تشجيع التصدير، وعدم التشجيع على الاستيراد، وجلب تدفقات من الذهب والعملة الأجنبية التي يمكن الدولة أن تستغلها كي تبني قوتها. ففي ألمانيا، فإن جمهورية فايمار (Weiman Republic) التي أسست عام 1918 بعد إجبار الإمبراطور فيلهلم (Kaiser Wilhelm) على التنحي، لم تحظ بثقة مزيدي النظام الأوتوقراطي القديم؛ فملايين الألمان الذين أفقرتهم البطالة والتضخم في الثلاثينيات تحولوا بعيدا من الديمقراطية واتجهوا إلى هتلر الذي وعد بالازدهار والمجد.
بعد الحرب العالمية الثانية، أدرك زعماء اوروبا الجدد أن الازدهار الحقيقي بتطلب كفاءات سوق أكبر من ذلك الذي يخص أي دولة أوروبية لوحدها. فأصبحت هناك شبكة معقدة من الاعتمادية الاقتصادية المتبادلة التي تستند إليها الديمقراطية، والتي تعمل أيضا على تقوية السلام مباشرة. واصبحت الحرب غير عقلانية من الناحية الاقتصادية؛ حيث إن رجال الأعمال، والشركات، والعمال سينکدون معاناة بسببها، وسيستخدمون سلطتهم السياسية لمعارضتها.
وقد بدا التكامل الاقتصادي بالصناعات التي لها أهمية في احتمالات الحرب التي قد يواجهها اقتصاد ما. وفي عام 1951 قام الزعماء بتشكيل الجماعة الأوروبية للفحم واللب (The European Coal and Steel Community) ک ي يحرصوا على ألا تحول ألمانيا صناعاتها إلى آلة حرب مرة أخرى. وتبع ذلك خطة مشابهة تتعلق بالصناعة النووية (يوراتوم (Euratom)). وقد دعم صناع السياسات الأميركيون التكامل، وأصروا على أن يتم تنسيق خطة مساعدات مارشال لإعادة إعمار اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك عبر مؤسسة جديدة هي منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديين Organization) (for Economic Cooperation and Development
(OECD
والتي تتضمن دولا أعضاء من أنحاء العالم، من بينها دولا عدة حديثة العهد بالصناعة. المؤسسات الدولية
لقد تطلب التبادل الاقتصادي البيني من المنظمات التي تم تمكينها، أن تضع قواعد تشجع على المبادلة الاقتصادية البينية وتحميها، إذ لم يكن ممكنا تحقيق جميع فوائد التجارة الحرة إذا كان لدى الدول الأعضاء سياسات عمالية أو اجتماعية مختلفة جذريا. وكان هذا يعني تفكيك الحواجز التشريعية المفروضة على حرية التنقل، ليس على البضائع وحسب، وإنما أيضا على الخدمات، ورؤوس الأموال، والأشخاص. ثم كان لا بد من ملء الفجوات القانونية من خلال وضع تشريعات جديدة. وقد كانت ثمة حاجة إلى وضع سياسات بيئية مشتركة ومقاييس صحية مشتركة كي لا يكون للمنتجين في الدول ذات المقاييس غير الصارمة ميزة في السوق على أولئك الموجودين في دول ذات ضوابط صارمة. وكان لا بد من تنسيق السياسات الاقتصادية والسيطرة على تقلبات القيمة النسبية للعملات المحلية. وقد قاد الواحد من أشكال التحرر الاقتصادي إلى الأشكال الأخرى. وتحولت السوق الأوروبية المشتركة إلى المجتمع الأوروبي لتصبح في النهاية الاتحاد الأوروبي، وفي كل مرحلة كانت المؤسسات تتولى أدوارا أوسع. وكان الإجراء ناجحا إلى حد أن بلدانا أخرى أرادت الانضمام، ومع الوقت وصل عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى مجموعه الحالي وهو سبعة وعشرون عضوا?
ولدي الاتحاد الأوروبي سلطات أعلى من سلطات الدولة؛ فهي تجمع الضرائب التي تسمى رسوما) من جميع الدول الأعضاء، كما تفرض المفوضية الأوروبية طائفة واسعة من التشريعات المشتركة، ويعد المجلس هيئة تنفيذية يتم من خلالها اتخاذ قرارات مهمة من طريق خطة تصويت تعتمد على وزن الدولة، حتى لا تستطيع أقلية صغيرة من سكان أوروبا أو دولها أن تعيق أي إجراء. ويتم انتخاب البرلمان الأوروبي مباشرة من جانب مواطني الدول الأعضاء (على الرغم من أن سلطاته محدودة). وتعمل محكمة العدل الأوروبية على تسوية الخلافات بين المؤسسات المختلفة التابعة للاتحاد الأوروبي، وتستلم إحالات من الدول بشأن تفسير قوانين الاتحاد الأوروبي، تعلو قوانين الاتحاد الأوروبي على قوانين الدولة، وقد وضعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة غير تابعة للاتحاد الأوروبي، قانون الحقوق الذي يمكن المواطنين من الاستئناف ضد حكوماتهم الوطنية. وقد فرضت الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة على بريطانيا السماح لمثليي الجنس أن يخدموا في جيشها، والحد من استخدام العقاب الجسدي في مدارسها. ومع الإنجاز الذي حققه الاتحاد الاقتصادي والنقدي (Economic and Monetary Union) بين بعض من أعضاء الاتحاد الأوروبي في الأول من كانون الثاني / يناير عام 1999، سيطر البنك المركزي الأوروبي (European Central Bank في المجال الفاعل المتعلق بالسياسات المالية والنقدية.
وعلى الرغم من ذلك، يعمل الاتحاد الأوروبي هيئة بين الحكومات من نواح عدة، حيث تحتفظ الدول الأعضاء فيه بعناصر مهمة لسيادتها التقليدية. وعلى الرغم من بعض الخطوات التي أنجزت لبناء قوة عسكرية أوروبية محدودة للتدخل في حالات الأزمات، ليس لدى الدول الأعضاء حتى الآن سياسة خارجية مشتركة، ولا مؤسسات دفاع مشتركة بشكل بارز. ويشعر المواطنون بولاء لأولهم المستقلة ولمناطقهم المحلية (مثل اسكتلندا وكتالونيا) وكذلك لأوروبا. غير أن النظام قد أنتج سلاما مستقرا بين تلك الدول، وهو إنجاز استثنائي مقارنة بقرون من الحروب الكارثية.
وقد بدا كل ذلك أثناء الحرب الباردة، عندما طالبت الولايات المتحدة الأميركية حلفاءها بأن يكونوا أكثر وحدة وتكاملا وأن يصبحوا أقوى تاليا. إلا أن تكاملهم استمر إلى ما بعد الحرب، وامتد إلى أبعد بكثير من حلفاء الحرب الباردة الأساسيين، وأصبح أعمق بكثير. وقد كانت معدلات نمو الديمقراطية والمنظمات الحكومية الدولية في أوروبا مشابهة لتلك الخاصة بالعالم والممثلة في الشكل 5 - 3 في هذا الفصل، وذلك بمقدار ضعفين تقريبا مقارنة بنقطة البداية. وقد بدأت التجارة بين الدول الأوروبية بمستوى أدنى من مستوى التجارة العالمي، لكن معدل نموها أصبح أعلى بكثير. وبين تجربة أوروبا كيف أنه في مقدور الحلقات الحميدة أن تقوي العلاقات السلمية بينما تحتفظ الدول بعديد من خصائصها التقليدية.
تعزيز النظام العام في الفوضى يتضمن هذا التحليل مضامين عن ثنائي خطير ومهم من الدول، وهما الولايات المتحدة الأميركية والصين. يمكننا أولا أن نحسب عامل المخاطرة الوقوع صراع فتاك في حقبة أواسط ستينيات القرن العشرين من خلال جميع المؤثرات في ذلك الوقت. لم تكن الدولتان فريبئين جغرافيا أو متجاورتين، ما يقلل من خطر وقوع الصراع، لكن بما أن كلتيهما كانتا قوتين كبيرتين، وائي مصالح كبيرة، وتمتلكان قدرات عالية على إرسال انشر) قوتيهما العسكريتين بعبدا (power projection capability) [قدرة الدولة على إطلاق حملات حربية في مناطق بعيدة من موطنها، فإن ذلك قد زاد من المخاطرة. وقد كانت أميركا متفوقة بقوتها على الصين، لكن ليس بمقدار ضخم، ما يعني خطرا معتدلا. ولم يساعد أي من المؤثرات الكانطية في تقليل المخاطرة. وقد كانت الصين في عهد مار (Mao) استبدادية إلى حد كبير على الميزان السياسي (- 9). وكانت التجارة بين الولايات المتحدة والصين تساوي صفرا، وكذلك كان الحال بالنسبة إلى عضويتهما المشتركة في المنظمات الحكومية الدولية (حتى إن الصين لم تكن عضوا في الأمم المتحدة).
وعلى سبيل المقارنة، فإن بعض المؤثرات بقيت من دون تغيير في بدايات القرن الحادي والعشرين؛ فالموقع الجغرافي لكل من الدولتين هو ذاته، وكلتاهما كانتا قوة عظمى، لكن مع النمو السريع جدا لاقتصاد الصين مقارنة بنمو اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، فإن نسبة القوة قد تغيرت بمقدار کبير لتصبح متساوية تقريبا، وهو تطور خطير وفقا لتحليلنا. إلا أن جميع المؤثرات الكانطية الليبرالية أصبحت فاعلة؛ فقد أصبحت الصين ليبرالية بعض الشيء، ما أدى إلى ارتفاعها إلى (-7) على الميزان السياسي. وازدهرت التجارة الصينية - الأميركية، حيث يشكل تبادلهما التجاري جزءا من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي أصغر من نسبته من الناتج المحلي الإجمالي الصيني، لكن مع ذلك تبقى نسبة التجارة الأميركية بالنسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي في المئين التسعين. أخيرا، فإن الدولتين تشتركان الآن في ما بينهما بعضويتهما في عديد من المنظمات الحكومية الدولية، فالصين عمليا عضو في جميع المنظمات العالمية، وفي عديد من المنظمات الوظيفية والإقليمية الخاصة بشمال المحيط الهادي والتي تنتمي إليها الولايات المتحدة الأميركية أيضا. ويمكننا على هذا الأساس أن تعيد النظر في عامل المخاطرة. حتى عندما تقوم بحساب عامل المخاطرة بالنسبة إلى أخطر ميزان قرى، فإننا نجد انخفاضا باكثر من 50 في المئة تحت الظروف الحالية عما كان عليه الحال في ستينيات القرن العشرين.
إن التفاعل بين الدولتين فقال. إلا أننا لا يمكننا توقع نجاحه، إذ يقي بعض عناصر الردع موجودا. فالتحررية الليبرالية السياسية الصينية متأخرة بشكل ملحوظ. وقد يتم مرة أخرى استخدام العنف الوحشي لقمع المطالب التي تدعو إلى الديمقراطية، أو بدلا من ذلك، قد تنفجر الأمور وتخرج عن السيطرة. وقد يؤدي تراجع بيني كبير إلى خلق مشکلات سياسية واقتصادية شاملة وواسعة. أخيرا، فإن وضع تايوان ما زال يشكل خطرا رئيئا على السلام، ما يستدعي حنكة سياسية حذرة من جانب الصين، وتايوان، والولايات المتحدة الأميركية؛ فأي حرب كبيرة بين أكبر قوتين في العالم ستكون ماساة كبيرة، لكنها ليست مستحيلة.
بتعلم بعض الدول بالفعل، وليس جميعها، أن يتعايش بسلام بعضه مع بعض، على الرغم من تاريخ المنافسة العنيفة في ما بين هذه الدول والذي امتد على مدى قرون طويلة من الزمن. فثمة نظام ينبغي تمييزه وإنشاؤه ضمن الفوضى، وليست الفوضى بحد ذاتها هي المحرك للمعضلة الأمنية الهوبزية، إنما المحرك لها هو الافتراض بأن الجميع يشكلون عدوا محتملا. ويمكن كثير من الدول، وهو ما يحصل بالفعل، أن يتأقلم مع كثير من الدول الأخرى، بحيث إنه نادرا ما يهدد باستخدام القوة العسكرية. وهو يعمل غالبا من خلال مبادي المفاوضات والتسويات، في نظام من التعاون والمعاملة بالمثل، يتوافق بشكل كبير مع المبادئ الأساسية للسلوك الأخلاقي. ولا يتطلب هذا النوع من النظام تحولا أخلاقيا للبشرية بقدر ما يتطلب هيكلة دقيقة للعلاقات ک? يتم توجيه المصالح الذاتية في اتجاهات المنفعة المشتركة.
بالطبع، ليست كل الدول حاليا جزءا من هذا النظام. فتلك الدول غير المقيدة بروابط ديمقراطية متبادلة، وباعتمادية اقتصادية متبادلة، وبمؤسسات دولية مشتركة، تمتلك قاعدة ضعيفة جدا للتعاون. وحيث لا تزال الروابط الكانطية ضعيفة، قد يستمر وجود المعضلة الهوبزية (ربما مع إيران وكوريا الشمالية). لكن حتى مع وجود مثل هذه الدول، يمكن تشکيل علاقات أكثر استقرارا، وربما يكون ذلك محفوفا بالعثرات، كما كان الحال عليه في بدايات العلاقات الأميركية - الصينية.
الاستنتاج: القوة، والهيمنة، والليبرالية توصف الولايات المتحدة الأميركية في بعض الأحيان بأنها مهيمنة، بكل ما تتضمنه كلمة هيمنة من أعباء، ومنافع، وإغراءات. وهي لا تتصرف دائما بوصفها دولة كانطية. وحيث إن إنفاقها العسكري بساوي تقريبا حجم الإنفاق العسكري الباقي دول العالم مجتمعة، فإنها تميل إلى الاعتماد على القوة المسلحة التي تخلقها الأموال والتكنولوجيا المتقدمة. لكن لا يمكن أن تدوم الهيمنة إلى الأبد. وفي إمكان المنظور الكانطي الليبرالي المتعلق بالسياسة العالمية أن يزودنا بوسائل الاستدامة السلام الثابت عندما يغيب التفوق العسكري. ويقوم تعزيز الديمقراطية (أو فرضها بالقوة في حالات نادرة تكون ردا على عدوان فحسب)، وتعميق روابط التجارة الدولية، وتوسعة شبكة المنظمات الحكومية الدولية متعددة الأطراف، بإعطاء فرصة لتقوية العلاقات السلمية القائمة وتوسعة نطاقها ليشمل معظم دول العالم. والقيام بذلك يعتمد على العناصر المادية للقوة أقل من اعتماده على القوة الناعمة (soft power)، وعلى تصورات بأن الولايات المتحدة الأميركية تتصرف وفق مبادئ شرعية وتبع قواعد متفقا عليها، والقيام بذلك قد يخدم المصالح الأميركية ومصالح عديد من الدول والشعوب الأخرى على حد سواء.
وكونها أقوى قوة في العالم لا يعني أنها تستطيع أن تملي جميع المخرجات السياسية، أو العسكرية، أو الاقتصادية الأساس. علاوة على ذلك، يمكن القوة المسيطرة أن تحفز ردة فعل «موازنة» ضد نفسها. والخوف من السيطرة هو دافع واضح، لكن بالنسبة إلى أعضاء آخرين من المجتمع الكانطي قد يكون هذا أقل أهمية من انعدام الثقة في القرارات الأميركية وسلوكها. فكثير من الأوروبيين ليسوا واثقين تماما بأن الأميركيين سيتصرفون وفقا للمبادئ الكانطية في المفاوضات والتسويات، إلا أن تشكيل تحالف لموازنة القوى ليس بالعملية السهلة؛ فأوروبا ليست مستعدة بعد للعمل كيانا موحدا في السياسة الخارجية. ولأن الفجوة في القوى كبيرة جدا بين الولايات المتحدة الأميركية وأقوى الدول من الدرجة الثانية، فإن أي تحالف من هذا النوع سيتطلب عديدا من الأعضاء، وهذا يثير مشكلة العمل الجماعي بين أعضاء التحالف الذي ليس فيه دولة بمنزلة قائد قوي، وفي النهاية يدفع كل عضو إلى السعي وراء مصالحه الخاصة
ومشكلة «الركوب المجاني، هذه موجودة حتى في تحالف الحرب الباردة العظيم الذي جسدته منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وبالتأكيد، فقد كان نجاح الناتو في ردع اندلاع صراع في أوروبا، سيا مباشرا لمشكلة المنفعة الجماعية الخاصة به، وطالما أن الردع النووي الأميركي يبدو جديرا بالاعتماد عليه، فلم يكن لدى أعضاء الناتو الآخرين إلا حافز ضعيف للإسهام بعدد كبير من قواتهم الخاصة. وعليه، فقد أنفقت الولايات المتحدة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع ما نسبته ضعف متوسط ما أنفقته جميع الدول الأخرى الأعضاء في الناتو (1). وهذا يشير إلى صعوبة تحقيق عمل مشترك حينما يحتمل أن يكون التعاون التشاركي في خدمة المصالح المشتركة
وتستمر الحوافز للركوب المجاني على الأمن الدولي. فكلما بدت السياسات الأميركية المتعلقة بالحرب على الإرهاب أقل حكمة، أو أنها تخدم المصلحة الضيقة للولايات المتحدة الأميركية وقلة قليلة من حلفائها، زادت مقاومة الدول الأخرى لها. فقد لا يرغب بعض الدول في أن يكون محميا بالطريقة التي يريدها الأميركيون، وبعضها الآخر، خصوصا الدول الأوروبية، لديه مصالح متضاربة. ومن هذه المصالح، الضغوط الديمغرافية والاقتصادية التي تحد من رغبتها في الإنفاق على الدفاع بدلا من الإنفاق على رعاية المسنين، وكذلك وجود عشرات الملايين من العمال المسلمين وعائلاتهم الذين لا يتقبلهم المجتمع الغربي. وتبدو الحوافز التي تدفع إلى تجنب القيام بما من شأنه أن يستثير مشاعر المسلمين حقيقية للغاية. كل هذا يشير إلى احتمال حدوث رد غير مناسب على الإرهاب العالمي. ومع ذلك، فإن إلحاق هزيمة كبرى بالولايات المتحدة بسبب لامبالاة الدول الأخرى، أمر قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي بأكمله والنظام الكانطي.
إن هذا الفصل لا يتعلق بالتنبؤات، بل بالاحتمالات. فقد يمكن الحط من قدر الليبراليات الديمقراطية، وقد تخرج أشكال انعدام المساواة الرأسمالية عن السيطرة، وقد تتحول سلطة عالمية إلى وحش اللوياثان [بحسب التصور الذي وضعه توماس هوبز لهذا المخلوق الأسطوريا، فالسلام لا يعني دوما العدالة. ولا يمكننا كذلك أن نأخذ النمو المستمر للمؤثرات الليبرالية أمرا مسلما به. فالأشخاص الحقيقيون - الزعماء، والنخبة، والناخبون - بتخذون قرارات، وقد يكتشفون أنماطا بناءة من السلوك وينصرفون وفقا لها. وليس محكوما علينا أن تختار بين أن نكون ضحايا سليين أو أن نكون عالقين في حلقات لانهاية لها من العنف، فالفرص موجودة من أجل الأفعال التي يمكنها أن تضع اعتبارات للآخرين وتخدم في الوقت عينه المصلحة الذاتية. ويمكننا في وضح النهار أن نري رؤية هوبز الواقعية على حقيقتها الكابوسية، ورؤية كانط الليبرالية على ما أصبحت عليه من واقع جزئي
أسئلة
1. أي من التفسيرات الواقعية لتخصص العلاقات الدولية هي التي تقبلها
الليبرالية، وأي منها ترفض؟ 2. هل كان كانط مجرد فيلسوف مثالي، أم كان لديه فهم جيد لتخصص
العلاقات الدولية؟ 3. إضافة إلى المؤثرات الليبرالية الثلاثة، ما هي التغييرات التي حصلت في
العالم والتي قد تساعد على تفسير الانخفاض في أعداد القتلى الناجمة
عن الحروب، ولماذا؟ 4. كيف يحاول الليبراليون تفسير الأسباب التي تجعل الديمقراطيات نادرا ما
تتحارب في ما بينها، وأي التفسيرات تجدها أكثر قبولا أو أقل قبولا؟. لماذا يمكننا الاعتقاد بأن الديمقراطيات قد لا تكون مسالمة في علاقاتها
مع الدكتاتوريات؟ .. هل تقلل التجارة من احتمال الصراع، أم أن الصراع يقلل التجارة، أم أن
الأمرين صحيحان؟ ولماذا؟. ما هي أنواع المنظمات الحكومية الدولية التي قد تكون مفيدة في تعزيز الديمقراطية، والتجارة، والسلام؟ 8. ما هي نقاط القوة وجوانب القصور في تطبيق التحليل الوبائي على تحليل
صراع العنف الدولي؟ و. كيف تفتر بدايات التكامل الأوروبي؟ 10. في اعتقادك، ما هي المؤسسات الأوروبية ذات الأهمية الأكبر في ضمان
السلام في أوروبا؟ 11. ما هي السياسات التي يمكن الدول الديمقراطية أن تتبعها كي تتجنب حربا
محتملة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين؟ 12. ما هي الظروف التي قد تنتج أثرا عکسيا ل «الحلقات الحميدة، التي جلبت
سلاما متزايدا لجزء كبير من العالم؟
مزيد من القراءات (باللغة الإنكليزية]
Bueno de Mesquito, Bruce et al., The Logic of Political Survival, . Cambridge, MA: MIT Press, 2003,
بروس بوينو دي ماسكيتا، والستائر سميث، وراندولف سيفرسن، وجيمس مارو (2003)، منطق البقاء السياسي
الانتخابات، وأسباب تجنب زعماء الدول الديمقراطية الحروب بينما لا بتجنبها الدكتاتوريون.
Geiss, Anna, Lothar Brock and Harld Muller (eds.). Democratic Wars: - The Dark Side of the Democratic Peace, Houndmills; Palgrave Macmillan, 2006,
آنا غايس، ولوثر بروك، وهارالد مولر (2006)، الحروب الديمقراطية: الجانب القاتم للسلام الديمقراطي
بعض الديمقراطيات أقل سلمية من غيرها. 

Lipson, Charles, Reliable Partners: How Democracies Here Mode 41 Separate Peace. Princeton, NJ: Princeton University Press, 2003.
تشارلز ليسون (2003)، الشركاء الموثوقون: كيف صنعت الديمقراطيات سلاما خاصا بها.
الحوار السياسي المفتوح يجعل الالتزامات الدولية للديمقراطيات أكثر صدفية
MacMillan, John. On Liberal Peace: Democracy, War and International Order. London: I.B. Tauris, 1998.
جون ماكميلان (1998)، حول السلام الليبرالي: الديمقراطية، والحرب، والنظام الدولي
السلمية الليبرالية بوصفها نظاما فكريا سياسيا ناشئا.
Russet, Bruce, Grayping the Democratic Peke: Principles for a Past- . Cold War World. Princeton, NJ: Princeton University Press, 1993.
بروس راسيت (1993)، استيعاب السلام الديمقراطي: مبادئ العالم ما بعد الحرب الباردة.
السلام الديمقراطي في العالم المعاصر، والدولة الإغريقية القديمة، والأنثروبولوجيا.
Roussenu, David, Democracy and Har: Institutions, Norms, and whe 1 Evolution of International Conflict. Stanford, CA: Stanford University Press, 2005.
دايفد روشو (2005)، الديمقراطية والحرب: المؤسسات، والمعايير، ونشوء الصراع الدولي.
مناقشة واسعة في شأن المؤسسات لكونها أكثر أهمية من المعايير.
Schultz, Kenneth, Democracy and Coercive Diplomacy. Stanford, CA: : Stanford University Press, 2001. 

کينيث شولتز (2001)، الديمقراطية والدبلوماسية القسرية.
إن التهديد الذي تقوم به الديمقراطيات ليس بذي أهمية إلا عندما تتحد الديمقراطيات بعضها مع بعض
مواقع إلكترونية مهمة باللغة الإنكليزية • مشروع التقرير الأمني البشري، تقرير الأمن البشري لعام 2007،
< http://www.humansecuritybrief.info
• مشروع نظام الحكم الرابع: خصائص نظام الحكم السياسي وتحولاته
< http://www.systemicpeace.org/polity/polity 4.htm> ،(2007 - 1800)
• بيانات التبادل التجاري والناتج المحلي الإجمالي، کريستيان غليديتش
http://privatewww.essex.ac.uk-ksg/exptradegdp.html> ،(Kristian Greditsch)
: متلازمات المشروع الحربي، <
http : / / www . correlatesofwar . org
/>
قم بزيارة مركز المصادر الإلكتروني المرافق لهذا الكتاب للمزيد من المواد الإضائية الفائقة </
http : / / www . oxfordtextbooks . co . uk / orc / dunne 2 e













مصادر و المراجع :

١- نظرية العلاقات الدولية

المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث

المترجم: ديما الخضرا

الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت

الطبعة: الأولى

تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید