المنشورات

تصنيفات نظريات العلاقات الدولية النسوية

كما هو الحال بالنسبة إلى تخصص العلاقات الدولية بشكل عام، هنالك ايضا تشكيلة واسعة من الرؤى النظرية النسوية. ويبني عديد منها على بعض من منظورات تخصص العلاقات الدولية، لا بل يذهب إلى ما هو أبعد من هذه المنظورات، والتي نوقشت في الفصول الأخرى، كالليبرالية، والبنائية، والنظرية النقدية، وما بعد البنيوية، وما بعد الاستعمارية [ما بعد الكولونيالية] وفيما قد تختلف في ما بينها حول أسباب تبعية المرأة، فإنها جميعا تحاول أن تفهم هذه التبعية. ويتشارك ويو تخصص العلاقات الدولية في اهتمامهم بالمساواة الجندرية، أو ما يفضلون أن يطلقوا عليه مصطلح الإعتاق الجندري (gender emancipation) (التحرر الجندري). لكن ما يعنيه النسويون بمصطلح الإعتاق الجندري يتباين كثيرا، وكذلك الحال بالنسبة إلى فهمهم للسبل المناسبة للوصول إليه، وسنحدد الآن بإيجاز الخطوط العريضة للافتراضات والاختبارات المنهجية لبعض هذه المقاربات، وسنستشهد ببعض الكتابات الممثلة لكل واحدة منها. وننوه إلى أن هناك تداخلا واضحا بين هذه الرؤي، وإلى أن تصنيفنا هو أقرب ما يكون إلى التبسيط، لكنه مفيد للتحليل.
النسوية الليبرالية
لفت النسوية الليبرالية (liberal feminism) الانتباه إلى المكانة التابعة للمرأة في السياسة العالمية، لكنها تبقى ملتزمة بالتحقيق في أسباب تلك التبعية ضمن إطار وضعي (positivist). وتتحدى النسوية الليبرالية محتوى تخصص العلاقات الدولية التقليدي، لكنها لا تتعارض مع الافتراضات المعرفية الخاصة به، ويوثق النسويون الليبراليون جوانب متعددة التبعية المرأة. فقد أجروا على سبيل المثال، تحقيقات في المشكلات المتعلقة بالنساء اللاجئات، وبانعدام المساواة في الدخول والأجور بين الرجال والنساء، وبانتهاكات حقوق الإنسان التي تلحق بالنساء بشكل بالغ کالاتجار بالبشر والاغتصاب أثناء الحروب. ويبحثون عن النساء في مؤسسات السياسة العالمية وممارساتها، ويرصدون كيف يؤثر وجودهن (أو عدمه) في صناعة السياسات الدولية، ويتأثر بها. ويتساءلون كيف سيبدو العالم إذا احتل عدد أكبر من النساء مناصب ذات سلطة. ويؤمن النسويون الليبراليون بأن مساواة المرأة يمكن أن تحقق من خلال إزالة العوائق القانونية والعوائق الأخرى التي حرمته الحقوق والفرص ذاتها التي تمنح للرجال. 

يستخدم النسويون الليبراليون الجندر أيضا متغيرا توضيحيا في تحليل السياسات الخارجية. فالباحثان ماري کابريولي Mary Caprioli) ومارك بوير (1) (Mark Boyer)، ومن خلال استخدامهما أساليب علمية اجتماعية، يوظفان بيانات كمية علم - اجتماعية ومقاييس إحصائية للتحقيق في منغير متعلق بفرضية السلام الديمقراطي (democratic peace hypothesis)؛ أي ما إذا كانت ثمة علاقة بين المساواة الجندرية محليا واستخدام الدولة للعنف دوليا. ووفقا لقياساتهما لعدم المساواة الجندرية، تشير نتائجهما إلى أن حدة العنف الذي تستخدمه الدول في الأزمات الدولية، تقل مع زيادة المساواة الجندرية داخليا. وتستخدم کابريولي و بوير الجندر متغيرا لتفسير سياسات معينة ونتائج سياسات معينة.
هنالك العديد من نسويي ما بعد الوضعية في تخصص العلاقات الدولية ممن ينتقدون النسوية الليبرالية. فهم يرون مشکلات في قياس اللامساواة الجندرية باستخدام مؤشرات إحصائية. وتستخدم کابريولي وبوير (12) مؤشرات محلية كأعداد النساء في المجالس النيابية، ومنذ الفترة التي حصلت فيها المرأة على حق التصويت من أجل قياس المساواة الجندرية، ويزعم نسوير ما بعد الوضعية بأن مثل هذه المقاييس غير دقيقة لفهم اللامساواة الجندرية التي ترتبط بتوقعات الدور الجندري والتي تبقي النساء خارج مناصب السلطة؛ فكما ذكرنا سالفا، فإن التقسيمات ذات السمة الجندرية بين المجالين العام والخاص، وكل إلى النساء أدوارا معينة مقبولة اجتماعيا، ويشير نسويو بعد الوضعية إلى أن اللامساواة بين الجنسين لا تزال موجودة في مجتمعات حققت المساواة الرسمية منذ مدة طويلة، لذا علينا أن نغوص بعمق أكبر في تحقيقاتنا عن التسلسلات الهرمية الجندرية إذا ما أردنا تفسير أشكال اللامساواة هذه. ويستخدم جميع هؤلاء النسويين الجندر (كما عرفناه سابقا) بوصفه فئة للتحليل لتساعدهم في فهم أوجه انعدام المساواة هذه ومضامينها في السياسة العالمية. 

النسوية النقدية
تذهب النسوية النقدية (critical feminism) إلى ما هو أبعد من استخدام النسوية الليبرالية للجندر كعامل متغير. فهي تستكشف التجليات الأفكارية والمادية للهويات المحددة جندريا والسلطات المحددة جندريا في السياسة العالمية. ويبني عديد من النسويين التقديين على أعمال روبرت کوکس Robert) (Con، الباحث في تخصص العلاقات الدولية، لكنهم يذهبون إلى ما هو أبعد من أعماله. ويصور کوکس (1) العالم من حيث البني التاريخية المكونة من ثلاث فئات من القوى المتفاعلة تبادليا، وهي: الظروف المادية، والأفكار، والمؤسسات. وتتفاعل هذه القوى على ثلاثة مستويات مختلفة، وهي: علاقات الإنتاج، وتركيبة الدولة والمجتمع، والأنظمة العالمية المعرفة تاريخيا. وبما أن الأفكار مهمة في إعطاء الشرعية لمؤسسات معينة، فالأفكار هي نتاج أفراد من البشر، وبذلك فإن إمكان التغيير موجود دوما. والنظرية النقدية ملتزمة بفهم العالم كي تحاول تغييره،
ساندرا ويتوورث (Sandra Whiteworth) هي منظرة نقدية نسوية تبني على إطار کوکس، وتزعم ويتوورث في كتابها النسوية والعلاقات الدولية (14) (Feminism and International Relations)، أن أشكال الفهم المختلفة المتعلقة بالجندر تعتمد، جزئيا فقط، على الظروف المادية الواقعية للنساء والرجال في مواقف معينة، وتقترح بأن الجندر [النوع الاجتماعيا بتشكل ايضا من خلال المعنى الذي يعطي لذلك الواقع، أي الأفكار التي تكون عند الرجال والنساء عن العلاقات في ما بينهم. ويدرس بحثها الطرائق المختلفة التي تم من خلالها فهم الجندر عبر الزمن في الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة (International Planned Parenthood Federation
(IPPE
)، ومنظمة العمل الدولية (international Labor Organization
(Lo
)، وتأثيرات هذه الأشكال المتغيرة
Robert Cox, Social Forces, Sales and World Orders: Beyond Internaticaal Relations (13) Theories, in: Robert Keohane, ed., Neorealism and is Critics (New York: Columbia University Press, 1986). Sandra Whitworth, Feminium and International Relationu: Towards a Political Economy of (14) Gender in Interstate and Non-governmental Institutions (Basingstoke: Macmillian, 1994). 

من الفهم على السياسات السكانية لكلتا المؤسستين في أوقات مختلفة من تاريخيهما
ويستخدم کتاب کريستين تشن (Christine Chin)، عن الخدمة المنزلية والاستعباد 1) (In Service and Servirude)، مقاربة نسوية نقدية أيضا في دراسة العاملات في المنازل. وتدرس تشن الانتشار المتزايد للنساء الأجنبيات اللواتي يعملن عاملات في المنازل بأجور متدنية، واللاتي غالبا ما يكن مستغلات، وذلك في ماليزيا في حقبة السبعينيات، وهو وقت كانت فيه الدولة تعمل على تحديث الاقتصاد. وترفض تشن التفسير الاقتصادي التقليدي المتعلق بتفاوت الأجور لتفسير استقدام العمالة المنزلية من النساء الفيليبينيات والإندونيسيات،
لأن النظرية الاقتصادية، في هذه الحالة، لا تفتر مشاركة الدولة، أو الديناميات الاجتماعية التي تحيط بتوظيف العمالة المنزلية الأجنبية. ومن خلال تبنيها المقاربة نقدية، تجادل تشن بأن الدولة الماليزية دعمت استقدام وتوظيف النساء الأجنبيات العاملات في المنازل، واللاتي كن يعملن غالبا في ظروف ليست أفضل بكثير من العبودية، وذلك كجزء من استراتيجية لضم عائلات الطبقة الوسطى وکسب تاييدهم، والتخفيف من التوترات العرقية. وتظهر دراستها أن الدولة الماليزية، مثلها مثل دول أخرى، ليست محايدة، وإنما هي تعبير عن قوة قائمة على الطبقات الاجتماعية، والأعراق، والجندر، وهي دولة فازت بتأييد مواطنيها من خلال استمالة مواطنين معينين بينما قمعت مواطنين آخرين. ومن خلال توافقها مع النظرية النقدية عموما، تري تشن أن دراستها إعتاقية لتحريرية، لأنها تسعى للتعرف إلى علاقات القوة القائمة بهدف تغييرها.
البنائية النسوية
دعا البنائيون الاجتماعيون في تخصص العلاقات الدولية إلى إعادة النظر في الطرائق التي من خلالها نرى السياسة الدولية ونفهمها، وذلك من خلال إضافة بعد اجتماعي لتحليلات تخصص العلاقات الدولية. وهم يشددون على العناصر الأفكارية بدلا من العناصر المادية للسياسية العالمية. وتتنوع المقاربات البنائية بشكل كبير من الأشكال الوضعية التي تعامل الأفكار وكانها مسيات، إلى التركيز بعد الوضع على اللغة. وتتفق جميعها على أن الحياة الدولية اجتماعية، وأن الوكلاء والهياكل تشكل بطريقة تشاركية. ويهاجمون الافتراضات الواقعية المتعلقة بالدول بوصفها جهات فاعلة وحدوية، وبدلا من ذلك يرون أن الدول هي النتائج الدينامية للعمليات الاجتماعية التي شكل وجودها. أما رؤي الدول والجهات الفاعلة الدولية الأخرى لهوياتها الخاصة بها وهويات الآخرين، فثشكل سلوكها في السياسة العالمية.
تركز النسوية البنائية (constructivist feminism) على الطرائق التي تقوم من خلالها الأفكار المتعلقة بالجندر بتشكيل السياسة العالمية والتشكل منها، ويلجا كتاب إليزابث بروغل (Elisabeth Prough البناء العولمي للجندر (19) The Global) (Construction of Gender، إلى استخدام منظور بناني نسوي مبني على أساس الغوي لتحليل معالجة مسألة العمل من المنزل في المفاوضات الدولية والقانون الدولي، وبما أن معظم من يعملون من منازلهم هن من النساء، فإن الجدال حول ضبط هذا النوع من التوظيف هو جدال مهم من وجهة النظر النسوية. فغالبا ما يتم تبرير الأجور المتدنية وظروف العمل السيئة على أساس أن العمل من المنزل لا بعد «عملا حقيقيا»، ذلك أنه يحدث داخل المجال الإنتاجي الخاص والمتعلق بالمنزل، وليس في المجال العام ذي القيمة الأكبر، والمتعلق بالإنتاج المعتمد على الأجور. وتبين بروغل كيف أن الأفكار المتعلقة بالصفة النسوية وبالأنوثة قد ساهمت في جدالات المجتمع الدولي حول مأسسة حقوق هؤلاء العاملين والعاملات، وهو جدال بلغ أوجه أخيرا من خلال تمرير اتفاق منظمة العمل الدولية للعمل من المنزل (
Lo ' s Homework Convention) وذلك في عام 1996، والسبب في ذلك يعود، في جزء كبير منه إلى الضغوط التي قامت بها مجموعة متنوعة من المنظمات النسائية غير الحكومية. وتري بروغل أن الجندر هو مؤسسة تعبر عن تشريع القوة على كل مستوى للسياسة العولمية، من المنزل إلى الدولة إلى النظام الدولي. وتحاج بأن السياسة الجندرية تتغلغل في السياسة العالمية، مكونة مجموعة من القواعد المبنية لغويا عن كيفية تفاعل الدول بعضها مع بعضها الآخر ومع مواطنيها. وندرس بروغل ونسويون بنائيون آخرون، العمليات التي تؤثر من خلالها الأفكار المتعلقة بالجندر في السياسة العالمية، إضافة إلى الطرائق التي شكل من خلالها السياسية العالمية الأفكار المتعلقة بالجندر. النسوية بعد البنيوية
پركز المنظرون بعد البنيويين (poststructuralists) على المعنى كما هو مرئز في اللغة. ويزعمون بأن فهمنا للحقيقة ينتقل بوساطة استخدامنا للغة. وهم مهتمون تحديدا بالعلاقة بين المعرفة والقوة؛ أي إن أولئك الذين يبنون المعنى ويكونون المعرفة يحصلون بالتالي على قدر كبير من القوة، ويشير النسويون إلى أنه ينظر عموما إلى الرجال على أنهم هم العارفون؛ فما كان يعد أنه معرفة مشروعة في العلوم الاجتماعية كان يعتمد عموما على المعرفة المتعلقة بحياة الرجال في المجال العام، وقد همشت النساء بوصفهن عارفات، وموضوعات معرفة، على حد سواء.
وتعني النسوية بعد البنيوية (poststructuralist feminism) بالطريقة التي تسهم فيها البنى اللغوية ثنائية التقسيم [المتضادين، مثل قوي مقابل ضعيف، وعقلاني مقابل عاطفي، وعام مقابل خاص، في إعطاء سلطة للذكر على المؤنث. وفي العلاقات الدولية، كانت البني کالمنحضر مقابل غير المتحضر، والنظام مقابل الفوضى، والمتطور مقابل المتخلف، مهمة في كيفية تقسيمنا للعالم بطريقة لغوية. ويؤمن منظرو بعد البنيوية بأن لهذه الفروق نتائج في العالم الواقعي. فالبني المنقسمة ثنائيا كهذه تحمل دلالات دونية وخطرة في ما يتعلق باولئك الذين هم في الخارج، كما أنها متحيزة جنسيا ولها مضامين عنصرية، ويسعي منظر و بعد البنيوية النسويون إلى الكشف عن هذه الهرميات وهدمها، غالبا من خلال تحليل للنصوص ومعانيها، كما أنهم يرون أن الجندر هو بناء اجتماعي مرکب، ويؤكدون أن المعنى المحكي للجندر يتطور ويتغير باستمرار مع السياق. وإن تفكيك التسلسلات الهرمية هذه ضروري حتى نتمكن من رؤيتها بوضوح ومن بناء رؤية أقل هرمية عن الواقع.
کتاب شارلوت هوبر (Charlotte Hooper) بعنوان الدول الرجولية (17) Manly) (States هو مثال للتحليل النصي بعد البنيوي. ومن الأسئلة المركزية التي تطرحها هوبر السؤال عن الدور الذي تؤديه نظرية العلاقات الدولية وتطبيقاتها في تشكيل الخصائص الرجولية، وتعريفها، وتشريعها. وتزعم هوبر باننا لا نستطيع أن نفهم العلاقات الدولية إلا إذا فهمنا مضامين حقيقة أن معظم العلاقات الدولية يتولاها الرجال، ونسأل هوبر كيف يمكن العلاقات الدولية أن تضبط الرجال بقدر ما يقوم الرجال بتشكيل العلاقات الدولية. وتشرع هوبر في الإجابة عن هذا السؤال من خلال تحليل للنظريات المتعلقة بالذكورة إلى جانب تحليل نصي لصحيفة الاقتصادي (The Economist)، وهي صحيفة أسبوعية بريطانية مرموقة تغطي موضوعات اقتصادية وسياسية. وتتبع هوبر أسلوب التناص (intertextuality) النصية البينية، وهي العملية التي يتم من خلالها تداول المعاني بين النصوص من طريق استخدام رموز وتوافقات مرئية وأدبية مختلفة (10). ومن خلال تفحص النصوص، والرسوم التوضيحية، والصور، والمواد الإعلانية، تستنتج هوبر أن صحيفة الاقتصادي مشبعة بدلالات الذكورة المهيمنة، وأن الرسالات الجندرية مرمزة في الصحيفة بغض النظر عن نوايا ناشريها أو كتابها. وتصبو هوبر إلى إظهار أن السياسة الجندرية تتخلل السياسة العالمية، وأن الجندر هو بناء اجتماعي پنجم عن الممارسات التي تربط الجدالات على جميع مستويات السياسة والمجتمع بما فيها المستوى الدولي. 

Security : Discourse as Practice، بالتحقيق في القرار رقم 1325 لمجلس الأمن، والذي تم تمريره في عام 2000 لمعالجة القضايا المتعلقة بالجندر في مناطق النزاع، وذلك من وجهة نظر نسوية بعد بنيوية، وتجادل شيبرد بأن لغة القرار لا تعكس الواقع فحسب، وإنما هي مكونة لهذا الواقع، وتعطي تفصيلا للطرائق التي أدى بها البناء الخطابي للقرار إلى التأثير في تطبيقه، ما قاد في النهاية إلى فشله المحتوم. فعلى سبيل المثال، شير شيبرد إلى نشيء إتجسيد) التوقعات المبنية على الجندر والمتعلقة بكون المرأة مسالمة سلبية، وذلك في التبريرات التي وضعها القرار لاشتمال النساء ضمن العمليات السلمية، حيث حاجت المؤلفة بأن هذا التأويل الذي لا يزال جندريا، حتى وإن كان موجودا في قانون دولي يسعي ظاهريا إلى الإعتاق الجندري، في إمكانه أن يفتر عدم مقدرة الأمم المتحدة، وبشكل متواصل، على اشتمال المرأة بشكل كاف في عملياتها السلمية، وكذلك عدم قدرتها على إحداث تحول لتلك العمليات بحيث تراعي الجندر. ويصل تحليل شيبرد الخطابي النظري للقرار رقم 1325 إلى الاستنتاج بأن إعادة صوغ مفهوم العنف الجندري (gendered violence)، جنبا إلى جنب مع الأمن، ضرورية لتجنب تكرار أشكال الفهم الجزئي ذات الإشكاليات الكبيرة، والتي تتعلق بعلاقة أشكال الفهم هذه في القرار رقم 1325، و (تاليا) في تطبيق الفرار.
النسوية بعد الاستعمارية
إن عديدا من كتاب بعد الاستعمارية هم من منظري بعد البنيوية. وينصب اهتمامهم تحديدا على العلاقات الاستعمارية المتعلقة بالسيطرة التسلط والتبعية التي أنشئت في ظل الإمبريالية. ويزعمون بأن علاقات السيطرة هذه قد استمرت حتى بعد منح الاستقلال للدول التي كانت مستعمرة سابقا، وبأنها مبنية على الطريقة التي تمر فيها الشعوب المستعمرة في المعارف الغربية. ومن خلال جدالهم بأنه ينبغي للمستعمرين أن يصوروا أنفسهم، يسعي مفکرو بعد الاستعمارية إلى الرد بالكلام، وهي مهمة أصبحت أصعب بسبب محو تاريخهم وثقافتهم. ويحاج علماء بعد الاستعمارية، وهم في ذلك يشابهون مفكري ما بعد البنيوية عموما، بأن بني الذات والآخره في العلاقات الدولية تتبنى الصور النمطية العرقية والثقافية التي نعي دلالات دونية عن الآخر، والذي هو في حالتهم الشعوب الخاضعة [الرعية التي كانت تقع تحت الاستعمار في
ما مضى
تصوغ النسوية بعد الاستعمارية (postcolonial feminism) مزاعم مشابهة حول الطريقة التي قام من خلالها النويون في الغرب ببناء المعرفة المتعلقة بالنساء غير الغربيات. فكما انتقد النسويون المعرفة الغربية على افتراضاتها الخاطئة المتعلقة بالعمومية الشمولية (universalism)، بينما كانت في الواقع معرفة تم غالبا بناؤها من حياة الرجال، كذلك فإن نسويي ما بعد البنيوية رأوا مزاعم خاطئة تتعلق بالعمومية الشمولية تنبع من المعرفة المبنية بشكل كبير على تجارب النساء العربيات اللاتي يتمتعن نسبيا بامتيازات. وتنتقد شاندرا موهانتي (20) (Chandra Mohanty) بعض نسوبي الغرب لأنهم يعاملون النساء وكأنهن فئة واحدة متجانسة، لا تعترف باختلافاتهن وفقا لثقافتهن، وطبقتهن الاجتماعية، وعرقهن، وموقعهن الجغرافي. هذه العمومية الشمولية المتمركزة حول اليرق تسلب النساء قوة إرادتهن التاريخية والسياسية. ويخشي نسويو بعد البنيوية، أمثال موهانتي، من أن يكون نسويو الغرب يفترضون أن جميع النساء لديهن حاجات متشابهة في ما يتعلق بالإعتاق، حيث إن واقعهن مختلف تماما، ويعارض نسويو بعد البنيوية التصويرات الغربية للمرأة في العالم الثالث في كونها فقيرة، وغير حاصلة على التعليم، وبأنها ضحية، وليست لديها قوة إرادة، وقد قامت الأعمال الأخيرة في تخصص العلاقات الدولية النسوي بعد الاستعماري، بما فيها أعمال ليلي لينغ (Lily Ling) وآنا أغاثانجيلو") (Anna Agathangelow) بتحليل التبعية الجندرية في كونها تجلس على التقاطع ما بين الجندر، والعرق، والثقافة، وفي كونها غشي الحدود بين السياسة، والاقتصاد السياسي، والعلاقات الأخرى المتعلقة بالسيطرة التبعية. ومن خلال تعرفها إلى هذا الأمر، تسعى هذه الأعمال إلى إصلاح هذه التبعيات ضمن سباتها الثقافي الخاص بها، وليس من خلال فهم عمومي شمولي معين لاحتياجات المرأة. 













مصادر و المراجع :

١- نظرية العلاقات الدولية

المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث

المترجم: ديما الخضرا

الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت

الطبعة: الأولى

تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید