المنشورات

دراسة حالة: محور الأزمات الإنسانية

بوصفها مقاربة تتبنى موقفا نقديا في ما يتعلق بالأشياء التي تهتم بهاء فإن ما بعد البنيوية تختلف عن المنظورات النظرية الأخرى في العلاقات الدولية. ولأنها لا تسعى إلى صوغ نظرية في العلاقات الدولية، فإنها لا تقدم خطة مفصلة للسياسية الدولية التي تعطي فيها بعض الجهات الفاعلة والقضايا، والعلاقات امتيازات على حساب جهات فاعلة، وقضايا، وعلاقات أخرى، وعلى هذا النحو إدا، تستطيع ما بعد البنيوية أن تشغل نفسها بطائفة غير محدودة تقريبا من الجهات الفاعلة، والقضايا، والحوادث. أما الخيار بشان الجهة الفاعلة، أو القضية، أو الحدث، فيعود إلى المحلل الذي يقوم بالتحليل بعد البنيوي، ولذلك لا توجد مجموعة واحدة من الجهات الفاعلة، أو القضايا، أو الحوادث التي توضح ما بعد البنيوية أفضل من غيرها. و أما دراسة الحالة التي تم اختيارها هنا لتوضيح ما بعد البنيوية فتختص بالصور المرئية للكوارث الإنسانية، وخصوصا المجاعة. ويمكن مقاربة التصوير المرئي من خلال نطاق واسع من المواقف النظرية، لكنها - بما لديها من طرائق تثير الانتباه إلى مسائل التأويل، والمنظور، وتأثيراتها السياسية - مناسبة جدا لتوضيح جوانب من التصورات بعد البنيوية. وهي تذكرنا أيضا بأن الخطاب يجب أن لا يكون محصورا في ما هو لغوي).
وللصور البصرية أهمية خاصة في السياسة الدولية لأنها واحدة من الطرق الرئيسة التي تصل من خلالها الأخبار إلى منازلنا من أماكن بعيدة. وفي الحقيقة، منذ أن كان المستكشفون الأوائل قد تعودوا على حمل كاميرات في أسفارهم، زودتنا الصور الفوتوغرافية بكثير من المعلومات الأساسية عن الناس والأماكن التي واجهوها في أسفارهم. وهي تشبه كثيرا فن رسم الخرائط، حيث ساهمت هذه الصور في تطوير جغرافيا متخيلة، برزت فيها ازدواجيات الغرب/ الشرق، والمدني/ المتوحش، والشمال الجنوب، والمتقدم/ غير المتقدمة. ومنذ ظهور تكنولوجيا الصور المتحركة (كالفيلم، والتلفاز، والفيديو)، ركز معظم الأخبار التي تأتي من الخارج على الكوارث، حيث سيطر على المشهد العام كثير من القصص التي تتعلق بالأمراض، والمجاعات، والحروب، والموت". وفي
حقبة ما بعد الحرب الباردة، أصبحت الأخبار عن الطوارئ الإنسانية بارزة بشكل متزايد.
إن حالات الطوارئ الإنسانية هي مسائل تخص الحياة والموت، لكنها بالنسبة إلى أغلبية الناس في العالم غير موجودة إلا إذا تم تشكيلها كحدث. وهذا التشكيل الذي يجسد ماديا هذه القضايا المتعلقة بالحياة والموت بطرائق محددة، يتحقق غالبا من خلال تغطية وسائل الإعلام هذه التجسيدات المادية الإعلامية تخلق مجالا من الهويات - مثل نحن هم، والضحية/ المنقذ - وهي ضرورية من أجل أن يتم تنظيم اي استجابة. وتتسق هذه الحاجة مع إعادة توجه تحليل ما بعد البنيوية من افتراض الأشخاص التابعين المحددين مسبقا إلى إشكالية الذاتية لأنها تؤكد أن الحدث (الحالة الطارئة أو الكارثة) وهويات أولئك المشمولين بالحدث هي تأثيرات للممارسات الخطابية التي من خلالها يتم إحياؤها. وكما بحاج مستشار التنمية جوناثان بنتال (Jonathan Benthall):
إن تغطية الصحافة ووسائل الإعلام للكوارث مي انتقائية وتعسفية إلى حد ... أنها اتخلق كارثة عندما تقرر أن تتعرف إلى الكارثة. ولنكون أكثر دقة، فإنها (الصحافة ووسائل الإعلام تعطي مصادقة مؤسسية أو برهاا مؤسسيا على الحوادث السيئة التي، لولا وسائل الإعلام، سيكون لها واقع محصور بدائرة محلية من الضحايا. وهذا الشكل من المصادقة هو متطلب مسبق لحشد الإغاثة الخارجية وجهد إعادة الإعمار» (2).
إن الصور، خصوصا تلك التي تطبع فوتوغرافيا أو على شكل لقطات فيلمية، مناسبة جدا للتحليل بعد البنيوي لأنها تطرح أسئلة حول التمثيل (representation). ومثل تلك الصور كانت قد أنتجت ثقافيا كوثائق موثوقة تشهد على الفظائع والظلم، وذلك بشكل رئيس لأنها مقبولة كنوافذ شفافة مفتوحة على عالم قائم مسبقا، وقد قيل إننا من خلال الصور الفوتوغرافية في إمكاننا أن نرى الأشياء كما هي. وعلى الرغم من ذلك، فالصور التي يتم توليدها تكنولوجيا هي قطعا ليست سجلات موضوعية لواقع خارجي، بل هي حتما بناءات يقوم من خلالها موقع المصور، واختيار الموضوع، وتأطير المحتوى، والاستثناء من السياق، والقيود المفروضة على النشر والتوزيع، لا محالة، بخلق شعور معين عن مكان يسكنه نوع معين من الناس. |
تبقى صور المجاعة قوية ومؤثرة في عصر الحداثة لأنها تذكر بوجود قبل حداثي مزعزع، يزعم بأن المجتمع الصناعي قد تجاوزه. وإذا ما نظرنا إلى المجاعة التي تفهم على أنها كارثة طبيعية تتضمن أزمة في الإمدادات الغذائية، فإن المجاعة ينظر إليها على أنها أعراض لانعدام التقدم الذي يؤدي إلى موت الأبرياء. ولهذا السبب بالذات تكون صور المجاعة في الأغلب الأعم هي للنساء والأطفال الذين بالكاد تكسوهم الثياب، والذين يحدقون بسكون في عدسة الكاميرا، والذباب يتطاير على وجوههم (الشكل
3 - 11). إن تحليل محتوى صور الصحف خلال المجاعة الإثيوبية في عام 1984 (والتي أدت إلى بروز ظاهرة المساعدات الحيوية لمساعدات الحياة] (*)) وجد أنه قد تم تصوير الأمهات والأطفال أكثر من أي موضوع آخر (الشكل 11 - 4). وكما أشارت إحدى الدراسات:
(73)
Edkins, Whose Hunger Concepts of Famine, Practices of Aid.
(0) مساعدات الحياة (Live Aid) هي حفل موسيقي أقيم في عام 1995 في كل من ستاد ويمبلي في لندن و ستاد جون كينيدي في فيلادلفيا (بنسلفانيا) لجمع تبرعات لمصلحة ضحايا المجاعة في إثيوبيا وقد حرکت مشاعر فرق موسيقية اخرى في دول أخرى للغرض نفه. وكان المبادر إليها المغني بوب غيلدوف الذي كان قد جمع للمجاعة الأفريقية قبل ذلك مبلغ 4 ملايين جنيه استرليني في عام 1984 من اغنية «? Do They Know It ' s Cristmas»، ما جعله بالتعاون مع المنتج الموسيقي هارفي غولدسميث پرنب الحفل الموسيقي في عام 1995 والذي حقق 150 مليون جنيه استرليني. وقد حفز هذا الأسلوب حركات كثيرة في أنحاء العالم لجمع التبرعات لفقراء العالم، وخصوصا النشاط الذي شي الحياة 18 (8 Live) عام 2005 والذي أدى إلى التزام الدول الثماني الكبرى بمضاعفة دعمها لفقراء العالم، إضافة إلى ريع الحفلات التي انتشرت في دول عدة [المترجمة الشكل 11 - 3 ضحايا المجاعة مع عامل الإغاثة، متطقة إدانتها
ماموس، شالى إثيوبيا، 1984
الفنز
apnix
دا سي
و هالقد أظهرت كل هذه الصور، بلاء اساء، بأن هؤلاء الناس يحتاجون إلى چي شنفتنا، لكونهم ضحايا سلبيين، وقد تم هذا من خلال تركيرا تروح من
السياق، اللقطات الثقطت من قريب أو من مسافات ليست بعيدة، بحيث أبرزت. لغة الجنسمند و تعابير الوجوه وقد ننا أن الصور قد التقطت غاليا من زاوية عالية
من دون وجود تواصل يصري، بما يعزز شعور الناظر بقوته مقارن بعدم الشعور وتقدمان الأمل الدي الضحايا، وقد تمت تحديدا محاكاة صورة السيدة العدراء والطفال» (نان ite 3 adinah
: Awad (hild ' insia
) يغليفة عاطفية مرناهم حميدي التصوير الإنجيلي. وقد منحت الماء التفاصطفت والتمجيد قي آن را
إن تحليلات محتوى الصور الإخبارية على مر الزمن، يظهر أن الصور الشكل 11 - 4 محمد أمين ومايکل بورك يصؤران في إثيوبيا، 1984
المشاهدا، بغض النظر عن السياق، أو الزمن، أو المكان الذي تم فيه رصد المجاعة، تتكرر في ذاتها. وهي تتكرر لأنها رموز الرواية كارثية، يتم فيها تأويل الظروف السياسية المعقدة من خلال إطار مرجعي صحفي قائم، وفي هذا التشكيل الخطابي، يأتي الغرياء من بعيد لمنح الصدقة إلى ضحايا كارثة طبيعية، والذين هم [الضحايا أوهن من أن يساعدوا أنفسهم (44)، وبدلا من أن يعاد تفسير هذا التشكيل الخطابي کاملا في كل مرة، فإن تكرار الصورة الرمزية للطفل الذي يتضور جوعا يستشير هذا الفهم العام والقائم عن المجاعة، ما يضبط أي غموض يحيل بما يحدث في مناطق الممناهات.
و لهادا التشكيل الخطابي تأثيرات علينا انحن في الوقت نفسه الذي الشكل 511 صورة غلاف صحيفة دايلي ميرو (Paidy Miran)
12 أيار/ مايو 2002 ء أفريقيا تموت مجددا -
p ror

Rias
وال
از 1987
1 - پايه
بندي به بعد

HOK FE: Rs
المصدر: Mirmorpv
يقوم فيه، بإعطاء معنى لهم الهما، وهو يقوم حتما بتشكيل سلسلة من علاقات الهوية التي تنتج وتؤكد مقاهيم تتعلق بالذات الأخوة والمتطور غير المنطوره والشمال الحبوب، والده فكر / المؤتمش، والسيادة / الفمو فضي وما شابهها، وبالنظر إلى أن معظم حمدير المجاعات المعاصرة تأتي من قارة وأحابة، فإن هذه الصور تعيد إنتاج الجغرافيا الشنخلة لقارة أفريقيا بحيث تسيخ القارة التي تنجوي 200 مليون شخص في سبع او نوسين دولة، متجانسة في كيان واجد يمل من خلال طفل يموت جوعا (الشكل
5 - 11). وبقيامها بذلك، فإن الصورة النمطية للمجاعه لا تخلق شيئا من العدم، وإنما هي تستفيد من أساليب تمثلية قاتمة، تجلب إلى الحاضر شيت كان على مدى التاريخ مهما للهوية الأوروبية، وهو أنه منذ المواجهات الاستعمارية الأولى، تم فهم أفريقيا، على أنها موقع للاختلاف الثقافي، والأخلاقي والمكاني، والذي يسكنه الهمج، والوثنيون»، و «البدائيون»، والبرابرة». وهذا الانتباه للانبثاق التاريخي لأنماط معينة من التمثيل هو خاصية من خصائص التحليل بعد البنيوي. وهذا الاهتمام بالتاريخ، والذي يفهم على أنه علم أنساب (أي الأنساب بين الأفكار، أو علاقات التماثل والتقارب بين الأفكار والعقائدي، يستغني عن البحث عن الأصول، ويتعامل مع كيف أصبحت طرائق الفهم السائدة تعمل في الوقت الحاضر.
وكما تم تفصيله آنفا، فإن منطق التأويل الذي يميز التحليل بعد البنيوي، يعني بالعواقب السياسية الواضحة الناجمة عن اعتماد اسلوب واحد من التمثيل والاستغناء عن الأساليب الأخرى. وفي ما يتعلق بدراسة الحالة هذه، فإن هذا التركيز سيشير إلى تأثيرين اثنين. الأول، هو أن الإنتاج الخطابي د «افريقياه يعني أن أغلبية الغرباء الذين هم من الخارج (أكثر من 80 في المئة من البريطانيين الذين شاركوا في دراسة استطلاعية)، برون القارة من منظور سلبي تماما على أنها مكان للأمراض، والضيق، وعدم الاستقرار، والتأثير الثاني هو أن مثل هذه التمثيلات تشكل الظروف الإمكان أن تقوم الدول والجهات الفاعلة الأخرى باتخاذ إجراءات تتعلق بالأزمات الإنسانية، خصوصا حيث إنها تتزع الصفة السياسية عن القضايا وتجعل أفضل طريقة لمعالجتها هي من خلال المساعدات الإنسانية. ويضم منطق التأويل هذا بشكل ملحوظ مفهوما في السبيية. ولكن بدلا من زعمه بوجود علاقة اسبية مباشرة للمسبب بالأثر بين الصورة والسياسة (كما تدعي بعض المحاجات حول «أثر قناة سي إن إن» (CNN effect) في السياسة الدولية)، فإن هذا التركيز على ظروف الإمكان الاحتمال يفرض اسببية متحركة [نامية]» (emergent causality) نتشر من خلالها العناصر ويدوي صداها عبر الميادين الثقافية والاجتماعية، مكونة بذلك تأثيرات حقيقية من دون أن تكون قادرة على تحديد رابط سببي مباشر
إن الغرض العام للتحليل بعد البنيوي هو اخلاقي و سياسي. فتشديده على كيفية إنتاج الأشياء عبر الزمن يسعى إلى نزع صفة الطبيعية عن التمثيلات التقليدية من أجل أن يجادل بأنه كان يمكنها أن تكون مختلفة. ومن خلال إعادة تسييس التمثيلات السائدة، توجه التحليلات بعد البنيوية الاهتمام إلى الاشتمالات والإقصاءات التي تشترك في إنتاج ذلك الذي يبدو أنه طبيعي، وثابت، وصالح لكل زمان، وتحاج بأن العمل السياسي الذي ياتي تاليا الأشكال الفهم المطبعة [التي تتناول الأمور بوصفها مسلمات طبيعية يمكن تنفيذه بطريقة مختلفة. وفي سياق الأزمات الإنسانية، ولا سيما المجاعات فإن هذا سيؤسس للنتائج الآتية: أن الفهم الحديث للمجاعة على أنها الموت جوعا قد تم تثبيته من طريق التمثيلات المرئية للنسوة والأطفال باعتبارهم ضحايا أبرياء، مهمشة في تلك الأثناء المفاهيم الأصلية [المحلية للمجاعة بوصفها كارثة اجتماعية). إن فهم المجاعة على أنها الموت جوقا يقود إلى التحرك الدولي كالمساعدات الإنسانية الموجهة إلى حالة الأفراد، في
حين أن فهم المجاعة على أنها كارثة اجتماعية قد يقود إلى تحرك دولي كحل الصراع، والموجه إلى حالة المجتمع. وإذا ما تم اتباع ذلك انهم المجاعة ككارثة إنسانية، فإن نتائجه ستكون إصلاحا شاملا للتحرك الإنساني في عالم ما بعد الحرب الباردة 


الاستنتاج
يعد التأويل والتمثيل، من المنظور بعد البنيوي، ضروريين ولا يمكن تجنبهما عندما يتعلق الأمر بإشراك كل من مجال السياسة الدولية وحفل تخصص العلاقات الدولية. إن هذا الادعاء مدعوم بالتطورات في الفلسفة والعلم التي قوضت التصورات الإمبيريقية والوضعية حول المعرفة والنظرية. ومن خلال تأكيده أهمية اللغة، والثقافة، والتاريخ، فإن السياق متعدد التخصصات، والذي جعل المنظورات النقدية مثل ما بعد البنيوية ممكنة، قد تحدى افتراضات الفهم الشائع، والمعطيات المسلم بهاء المتعلقة بالحقيقة والتي اعتمد عليها كثير من النظريات التقليدية في تخصص العلاقات الدولية.
في تقويم ما بعد البنيوية، من المهم أن نكون واضحين بشان هدف مجموعة الفكر هذه. فما بعد البنيوية تختلف عن معظم المقاربات الأخرى في السياسة الدولية لأنها لا تنظر إلى نفسها كنظرية، أو مدرسة، أو نموذج معياري ابرادايما ينتج تحليلا منفردا لموضوع دراسته؛ بل هي مقاربة، وتوجه لموقف]، أو روح أخلاقية تسعى إلى إجراء النقد بطرائق خاصة. ولأنها تفهم النقد على أنه عملية تتخلص من الافتراضات التي أصبحت من خلالها أشكال الفهم التقليدية والسائدة كما هي عليه (والتي تقوم في تلك الأثناء بقمع أو تهميش التصورات البديلة)، فإن ما بعد البنيوية ترى أن النقد هو ممارسة إيجابية جوهريا تؤسس الظروف لإمكان متابعة الأبدال المختلفة. إن هذا هو السياق الذي تقوم من خلاله ما بعد البنيوية بجعل النظريات الأخرى في تخصص العلاقات الدولية أحد موضوعات تحليلاتها، وتقارب ما بعد البنيوية تلك النماذج المعيارية من خلال أسئلة في النظرية الشارحة (
mela - theoretical questions) مصممة للكشف عن الطريقة التي تمت بها هيكلة تلك النماذج المعيارية
وعلى الرغم من أن ما بعد البنيوية لا ترسم خطوطا عريضة لنظرية محددة في العلاقات الدولية، إلا أنها تقدم عددا من الحاجات العامة والبناءة التي يمكن استخدامها لمقارية دراسة السياسة الدولية بطريقة مختلفة. إن ما بعد البنيوية تعيد توجيه التحليل بعيدا من الافتراضات المسبقة المتعلقة بالتابعين المحددين مسبقا وتتجه إلى تحليل إشكالية الذاتية (problematic of subjectivity) . وهذا يتطلب إعادة التفكير في مسألة القوة والهوية، بحيث تفهم جميع الهويات بأنها تأثيرات آنتائج لعملية القوة، ومتجسدة ماديا من خلال الخطاب. وبينما ترفض ما بعد البنيوية أشكال الفهم الإمبيريقية للمعرفة، فإن مقاربتها النقدية هي غالبا إمبيريقية، حيث تستخدم الأرشيفات، والصور، وبيانات الاستطلاعات، وتحليل المحتوى، وما شابه ذلك، أدلة في فهم العلاقة بين القوة والمعرفة. وإن نتيجة أي تحليل بعد بنيوي هي في حد ذاتها تأويل للسياسة الدولية، ولكونها كذلك ففي إمكانها (ويجب عليها أن تتأثر بالروح الأخلاقية النقدية نفسها التي أدت إلى نشأتها.
لقد وجدت ما بعد البنيوية نفسها غالبا مهمشة داخل تخصص العلاقات الدولية. وهذا ناتج بشكل رئيس عن أن الذين انتقدوها قد أساؤوا فهم كثير من ادعاءاتها المركزية (ولا سيما في ما يخص العلاقة بين اللغة والحقيقة) وكانوا قلقين بشان تأثير متابعة تساؤلاتها المنبثقة عن النظرية الشارحة للوصول إلى استنتاجاتها المنطقية. وقد سعى آخرون إلى مواجهة ما بعد البنيوية بنقديات أسست على مواقف كانت ما بعد البنيوية قد شككت فيها؛ كتلك التي جادلت، على سبيل المثال، بأن ما بعد البنيوية لا تقبل وجود حقيقة مادية
واقع ماديا عندما شككت في ازدواجية المثالية الواقعية التي يعتمد عليها ذلك الاعتراض). وكسائر المنظورات الأخرى، فإن ما بعد البنيوية ترحب بخضوعها للمساءلة. لكن من أجل أن تكون النقديات فعالة، عليها أن تتعاطي مع ما بعد البنيوية وفقا لشروطها الخاصة لشروط ما بعد البنيوية. ونقطة البداية النقد فعال لما بعد البنيوية يتضمن إدراك أنها تتضمن توجها أخلاقيا وسياسيا مدفوعا بالرغبة في أن تحول كل إيماءة من سهلة إلى صعبة، بدلا من سعيها إلى تأسيس علم اجتماعي. 

أسئلة 1. ما الذي يعنيه أن نقول إن التجريد، والتأويل، والتمثيل، أفعال لا غنى عنها
ولا يمكن تجنبها؟ 2. كيف يقوم تخصص العلاقات الدولية برسم خريطة العالم؟ 3. كيف ترتبط القوة بالمعرفة؟ وما الذي يعنيه أن نقول إنهما مرتبطتان وليستا
مترادفتين؟. ما هي الخصائص الرئيسة للخطاب الوضعي لنظرية النظرية - positivist meta)
(theoretical discourse الذي شكل اساسا للمقاربات التقليدية في السياسة
الدولية، وكيف تحدت التطورات في فلسفة العلم هذه الخصائص؟ د. ما هي بعض الأمثلة عن الفكر الأساسياتي (foundational thought) في تخصص
العلاقات الدولية، وما هي الانتقادات التي تم توجيهها إلى الفكر الأساسياتي
عموما؟ 6. ما هي العلاقة بين الحداثة (modemity) وما بعد الحداثة (postmodernity)، وبين
الحداثية (modernism) وما بعد الحداثية (postmodemism)، ولماذا يعبر عديد من المفكرين عن قلقهم بشأن ما يطلقون عليه (خطا) اسم «ما بعد الحداثية
في تخصص العلاقات الدولية؟. ما هو التوجه النقدي لما بعد البنيوية كما هو معبر عنه في اعمال ميشال
فوکو، وكيف يختلف عن المفاهيم التقليدية للنظرية العلم اجتماعية؟ | و ما المقصود بالزعم أن ما بعد البنيوية تعيد توجيه التحليل من التابعين [الأفراد
المكونين] (subjects) والمحددين مسبقا إلى إشكالية الذاتية problematic of) (subjectivity؟ 9. ما هي الخصائص الرئيسة لمفهوم فوكو عن القوة وكيف يختلف عن
المنظورات التقليدية في تخصص العلاقات الدولية؟ 

10. إذا لم يكن هناك شيء خارج الخطاب، فهل يعني ذلك أن اللغة هي كل
ما هنالك، وأن الواقع هو مجرد منتج للخيال العقلي؟ 11. كيف يمكن الاهتمام ما بعد البنيوية بالذاتية، والهوية، والقوة، والخطاب،
أن يكون مرتبطا بفئات تخصص العلاقات الدولية واهتماماته؟ 12. هل ينبغي أن ترى ما بعد البنيوية نموذجا معياريا ابرادايما في تخصص
العلاقات الدولية؟ كيف يمكننا أن نقيم تأثيرها على التخصص؟ مزيد من القراءات باللغة الإنكليزية]
Bleiker, Roland. Popular Dissent, Human Agency and Global Politics, . Cambridge, MA: Cambridge University Press, 2000.
رولاند بلايكر (2000)، المعارضة الشعبية، والفاعلية البشرية والسياسة العالمية
توضيح متطور نظريا وإمبيريقيا يبين كيف أن البحث في المسائل المتعلقة بالهوية، والفاعلية، والذاتية، يوشع فهم السياسة ويتيح لمفهوم في المقاومة.
Campbell, David. Writing Security: United States Foreign Policy and the Politics of Identity, 24 ed. Minneapolis, MN: University of Minnesota Press, 1998.
دايفد کامبل (1998)، كتابات أمنية: السياسة الخارجية الأميركية وسياسة الهوية.
إحدى أوائل الدراسات التي هي بحجم کتاب، والتي تعمل مع توجه ما بعد بنيوي من أجل إعادة التفكير في السياسة الدولية، وتتضمن الدراسة خاتمة في النسخة المنقحة تستعرض حوارات التخصص المتعلقة بالهوية.
Der Derinn, James and Michael J. Shapin (eds). International/Interfertual : Relations: Postmodern Readings of World Politics. Lexington, KY: Lexington Books, 1989,
جيمس در ديريان، ومايکل شابيرو (1989)، العلاقات الدولية عبر النصية: قراءات بعد حداثية للسياسة العالمية. 

أول مجموعة مختارة لأعمال ما بعد البنيوية أصر الناشر على أن يتضمن عنوانها عبارة ما بعد الحداثة.
ا - Der Derian
, James , Virtuous War : Mapping the Military - Industrial - Media
Entertainment Network Boulder, CO; Westview Press, 2001.
جيمس در ديريان (2001)، الحرب الفاضلة: رسم خريطة الشبكة العسكرية - الصناعية - الإعلامية - الترفيهية.
هذه الرسالة العلمية التي تنفرد بدراسة حقل معرفي واحد، والمبنية على قراءات نظرية وأعمال ميدانية إمبيريقية، والتي تبت قبل الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، تقدم إعادة صوغ منبرة لطبيعة الحرب المعاصرة.
Edkins, Jenny, Poststructuralism and International Relations: Bringing the Political Back In. Boulder, CO: Lynne Reinner, 1999.
جيني إدينز (1999)، ما بعد البنيوية والعلاقات الدولية: استعادة السياسي من جديد.
بزودنا هذا الكتاب بتعريف جيد لأعمال دريدا (Demida) وفوكو (Foucault)، إضافة إلى آخرين، مشددا على مسائل تتعلق بالذاتية والسياسة.
Edkins, Jenny, Veronique Pin-Fat and Michael J. Shapin (eds.). Sovereign Lives: Power in Global Politics, New York: Routledge, 2004.
جيني إدينز، وفيرونيك بن فات، ومايكل شابيرو (2004)، اشكال الحياة السيادية: القوة في السياسة العالمية. |
يستعرض هذا الكتاب الأعمال الأخيرة التي تركز على مسألة السيادة، ويقدم فكرة السياسة الحيوية (biopolitics) لتخصص العلاقات الدولية.
George, Jimm, Discourses of Global Politics: A Critical (Re) Introduction lo | International Relations. Boulder, CO: Lynne Reinner, 1994.
جيم جورج (1994)، خطابات في السياسة العالمية. 

مناقشة مهمة في الحوارات متعددة التخصصات في العلوم الاجتماعية والتي تجعل التصور بعد البنيوي ممكنا.
Shapiro, Michael J. and Hayward R. Alker (eds). Challenging Boundaries: : Global Flows, Territorial Identities. Minneapolis, MN: University of Minnesota Press, 1996,
مايکل شابيرو، وهاورد ألكر (1996)، تحدي الحدود: التدفقات العالمية والهويات الإقليمية.
مجموعة مختارة توضح التنوع الواسع في الحوادث، والقضايا، والموضوعات التي تتعلق بمفهوم الهوية الذي يمكن دراسته بروح أخلاقية نقدية: Political ک ه گ
Walker , R , B , J . , Inside / Outside : International Relation
Theory, Cambridge, MA: Cambridge University Press, 1993,
روب ووكر (1993)، الداخل والخارج: تخصص العلاقات الدولية بوصفه نظرية سياسية
مناقشة تعد بذرة أساس ترس نقديا تخصص العلاقات الدولية باعتباره نظرية سياسية، متيحة بذلك المجال لتحليلات ما بعد بنيوية.
مواقع إلكترونية مهمة باللغة الإنكليزية)
على الرغم من أن أيا من هذه المواقع الإلكترونية لا بعد ما بعد بنيوي في حد ذاته، فإن المقاربات النقدية للموضوعات التي تعنى بها تتضمن الروح الأخلاقية النقدية المشار إليها أعلاه:
• مشروع تصوير المجاعة (The Imaging Farmine project)، يتفحص التغطية الإعلامية للمجاعة من القرن التاسع عشر إلى يومنا الحالي. وعلى الرغم من تركيزه على الصور الفوتوغرافية، فإنه يحتوي على وثائق داعمة، وتقارير، إضافة إلى مقالات صورية تاريخية ومعاصرة <
http : / / www . imaging - famine . org 

• مشروع تكنولوجيا المعلومات، والحرب والسلام The Information) (
Technology , War and Peace Project في معهد واتسون (Watson Institute) لدى جامعة براون (Brown University)، يغطي تأثير تكنولوجيا المعلومات على إدارة شؤون الدولة والأشكال الجديدة للسياسة العالمية الشبكاتية،. htp
: / / www >
Watsoninstitute.org/infopeace/index 2.cfm>
قم بزيارة مركز المصادر الإلكتروني المرافق لهذا الكتاب للمزيد من المواد الإضافية الشائقة، <
http : / / www . oxfordtextbooks . co . uk / ore / dunne 2 ef














مصادر و المراجع :

١- نظرية العلاقات الدولية

المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث

المترجم: ديما الخضرا

الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت

الطبعة: الأولى

تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید